محافظة العلا: خطط لاستقبال مليوني زائر في 2035

تؤكد "الهيئة الملكية لمحافظة العلا" مواصلة العمل على مشاريع تطوير المنطقة، لتستقبل مليوني زائر بحلول العام 2035. "أولاً-الاقتصاد والأعمال" التقى المتحدث الرسمي باسم الهيئة سعد المطرفي، وأجرى معه هذا الحوار الخاص على هامش مشاركة الهيئة في "المنتدى الحضري العاشر" في العاصمة الإماراتية أبوظبي. 

إذا شئنا أن ندرك الأهمية الاستثمارية لمحافظة العلا، يتوجب أن نعرف أهميتها التاريخية. ماذا عنها؟ 

تمثل العلا نقطة التقاء بين حضارات الشرق الأدنى القديم وحاضرة التجارة القديمة، لوقوعها على طريق البن والبخور والتوابل. وتقع المدينة التاريخية على بعد 300 كيلومتر شمال المدينة المنورة، بالإضافة إلى قربها من حدود الشام. وهي باتت تمثل نقطة جذب سياحية رئيسية في شمال غرب المملكة. وتهدف الهيئة الملكية لمحافظة العلا إلى المحافظة على التراث الغني والعريق الذي تتمتع به هذه المنطقة. لقد جمعت العلا تاريخياً العديد من الحضارات، من الأنباط إلى دادان ولحيان ومعين، وكانت مركزاً عالمياً للتجارة، يجمع ما بين الشرق والغرب. إننا نتكلم هنا عن طريق البخور التاريخي، وعن طريق الحرير التاريخي، وكانا يجتمعان في العلا. ولو تلاحظ فإن المناطق التاريخية لانتشار الأنباط تمتد إلى مدينة البتراء في الأردن، وهي منطقة تجمعها بالعلا المعالم والتضاريس نفسها، بل وأيضاً الحجارة الرملية ذاتها. 

بل وتمتد مناطق تأثيرهم التاريخي إلى لبنان أيضاً، وهناك مدينة باسمهم في جنوب لبنان…

بالضبط، فمناطق انتشار الأنباط امتدت إلى منطقة الشام. وتتمثل أهداف الهيئة في حماية هذا الإرث العريق والغني، وفي الوقت نفسه تطوير المنطقة اقتصادياً وسياحياً واستثمارياً. لهذا الغرض، وضعت الهيئة مجموعة من المبادىء التي ترعى التراث وتصونه وتحفظ البيئة والزراعة، ونفخر بأن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) أدرجت العلا في قائمة مواقع التراث العالمي، لتكون أول موقع سعودي على هذه اللائحة. 

تطوير المنطقة

ما دور الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وما الذي ستقوم بتطويره بالضبط؟ 

يتمثل دور الهيئة في حمایة وصون المواقع الثقافیة والتاریخیة والطبیعیة الاستثنائیة لمحافظة العلا، وذلك لتهيئتها لاستقبال الزوار من شتى أنحاء العالم. كذلك، تولى الهيئة عناية خاصة لتمكين وتطوير المجتمع المدني في العلا. والعمل جارٍ حالياً على تطوير مرافق وبنية تحتية قوية تتناسب مع المكانة التاريخية والثقافية اللائقة بهذه المنطقة، ولتوفير تجربة سياحية تراثية متميزة للزوار في المستقبل، تماشياً مع أهداف رؤية 2030 الرامية إلى دعم جهود بناء اقتصاد مزدهر. كما تسعى الهيئة إلى تطوير الكفاءات وبناء القدرات والكوادر الوطنية المؤهلة، لقيادة حركة التطور المستقبلية في المحافظة، وتحقيق التحول الاقتصادي المستدام. ومن المفيد أن نذكر هنا أننا أوقفنا البناء في العلا، وحددنا منطقة مخصصة يسمح فيها لأبناء العلا بتشييد المباني التجارية والسكنية، وذلك حفاظاً على هذه المنطقة.  

ما هي أبرز المشاريع التي نفذت في العلا حتى الآن؟

هناك مشاريع ثابتة، منها مشروع المطار، الذي سيسهل وصول الزوار إلى المنطقة، ونقوم بتوسيعه حالياً، ومنها مسرح المرايا، الذي يعتبر أكبر مسرح للمرايا في العالم وقد دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية على هذا الأساس، وهو يتميز بأنه يتيح للداخل إلى المنطقة رؤية الجبال خلفه، فيما يعكس لمن يغادرها المعالم الرائعة التي تختزنها العلا. وتكمن أهمية العلا بأنها قريبة جغرافياً من مدينة نيوم المستقبلية، ومن مشروع البحر الأحمر، ولا تبعد عن الرياض سوى ساعة ونصف تقريباً، ومثلها عن جدة. وهناك أنشطة مصاحبة تقام في المنطقة، وأهمها مهرجانات شتاء طنطورة، كما أقمنا أيضاً سباق الفرسان، وهو سباق للتحمل، ومعرض "صحراء إكس العلا”، وغيرها من النشاطات الأخرى الموسمية. ونتطلع إلى استقبال مليوني زائر بحلول العام 2035. 

جان نوفيل في العلا

وماذا عن مشاريع الضيافة؟  

شرعنا في بناء منتجعات عديدة، شرط بنائها الأساس أن تحافظ على الطبيعة البكر. من أبرزها منتجع شرعان، الذي يقدم جميع الميزات التي توفر للزوار تجربة متطورة ومستويات خدمة عالمية، وفي الوقت ذاته سيسمح أيضاً للضيوف بتجربة الهدوء والعزلة في بيئة صحراوية طبيعية والتعرف إلى موادها الخام وجمالها المتفرد. ويقع المنتجع في قلب وادٍ داخل محمية شرعان الطبيعية التي تم إنشاؤها حديثاً، والتي تم اختيارها خصيصاً لتكوينها الطبيعي المثير والمتكون من الهضاب والمنحدرات الصخرية العالية والكثبان الرملية الرائعة. 

متى يُتوقع أن يكتمل بناء المنتجع؟ 

يكتمل البناء في 2023، وهو يتألف من أجنحة وفيلات فندقية ومطاعم وغيرها من المرافق، تمثل جزءاً من المخطط الرئيسي الأوسع لتطوير المنطقة، بحيث ستضم عند اكتمالها منطقة كاملة التجهيز ومخصصة لاستضافة الاجتماعات والمنتديات والفعاليات الدولية ولقاءات قياديي الأعمال والرؤساء التنفيذيين وغيرهم. وسيضم المنتجع 40 وحدة تقريباً، تشمل 25جناحاً و10 أجنحة مخيمة فاخرة وخمس فلل فندقية كبيرة. وقد اختير المعماري الفرنسي جان نوفيل وفريقه لقيادة تصميم المشروع، وذلك نتيجة مسابقة للتصميم الدولي، بإشراف لجنة من الخبراء العالميين في التخصصات ذات الصلة. وقد حرص المعماري الفرنسي من خلال التصميم الذي وضعه على تحقيق التكامل التام مع المحيط الطبيعي والإرث التراثي والثقافي للمنطقة. 

من يمول المشروع، وكيف يساعد في تحقيق أهداف رؤية ٢٠٣٠؟

من المقرر أن يتم تمويل المشروع في إطار "شركة ذات أهداف خاصة "مع مستثمرين خارجيين، وهو يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز القطاع السياحي. كما أن باب الاستثمار متاح أمام الاستثمار الأجنبي، بما يتماشى مع رؤية 2030. 

طلب قوي ومستدام

كم عدد الفنادق والمنتجعات القائمة في العلا، وهل يتوافق العرض مع الطلب خصوصاً في موسم الشتاء؟  

هناك نقص في المعروض من الفنادق في المنطقة، ونجاح مهرجان شتاء طنطورة على مدى الأشهر الماضية يقدم مؤشراً واضحاً على حجم الطلب الكامن في العلا. ويوجد منتجع فاخر آخر قيد التشييد حالياً من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا في (عشار) وقد تم شغله بالكامل خلال فعاليات مهرجان شتاء طنطورة. 

تشاركون بجناح خاص في “المنتدى الحضري العالمي” الذي ينعقد حتى ١٣ شباط/فبراير في أبوظبي، فما أهمية هذه المشاركة وما الهدف منها؟ 

هدف المشاركة أن نعلن على الملأ التحولات الحضرية التي تصيب العلا، بالتوازي مع المحافظ على التراث والتاريخ كشرط لازم. ومشاركتنا في هذا المعرض تنطلق من سعينا إلى التعريف بالعلا كمدينة سياحية وتاريخية وأثرية جاذبة لكل الأنشطة، من دون أن نمس بجوهرها وبتاريخها وعراقتها.