"أسواق الكربون" تحجز مكانها في تمويل المشاريع الخضراء في الدول الخليجية
"أسواق الكربون" تحجز مكانها في تمويل المشاريع الخضراء في الدول الخليجية
- "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"
سريعاً بدأت دول المنطقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بتطبيق أحد أهم مقررات مؤتمر قمة غلاسكو 2021 للمناخ "COP26"، المتعلق بإنشاء "أسواق الكربون". فهذه الأسواق الطوعية تلبّي أهداف اتفاقية باريس البيئية، وتساعد على خفض إنبعاثات الكربون تدريجياً، للوصول في المستقبل إلى الحياد الصفري. وبحسب البنك الدولي فإن "تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ سياسات مكافحة تغير المناخ بنحو 250 مليار دولار في حلول العام 2030".
دول رائدة
وبالفعل كانت المملكة العربية السعودية أكدت في قمة شرم الشيخ 2022 للمناخ "COP27" أنه سيكون لمشروع أسواق الكربون دور فاعل في تمكين المملكة من تخفيض 278 مليون طن من مكافئ غازات الاحتباس الحراري في حلول العام 2030. والمشروع يعتبر جزءاً أساسياً من استراتيجية الوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2060.
من جهتها، أعلنت الإمارات العربية المتحدة وفرنسا اليوم الثلاثاء، عن برنامج مشترك يجمع خبرات الدولتين لتطوير فرص تجارية مستدامة للاستثمار بهدف تسريع حلول الطاقة النظيفة، ولاسيما في مجال إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب فيها الحدّ من الانبعاثات، والتي تشمل استخدام حلول الهيدروجين النظيفة في مجال التنقل. ومن المقرر أن يتم الإطلاق الرسمي لعمليات البرنامج التشغيلية خلال الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" التي ستقام في مدينة إكسبو دبي خلال شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وكانت أبوظبي أطلقت في العام الماضي بورصة الكربون بالتعاون مع "أير كربون إكستشينج"، لتنظيم تجارة أرصدة الكربون وتعويضات الانبعاثات، بما يسمح للشركات بتداول وتمويل تجارة على غرار تداول الأصول المالية التقليدية، بالإضافة إلى فتح مقر للمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه في الشرق الأوسط في أبوظبي.
أسواق الكربون وأرصدتها
إنشاء أسواق الكربون، بشكل ملزم أو طوعي ومبادلة أرصدة الكربون بيعاً وشراء، سيكون المحرك الفعلي للاقتصادات في المستقبل. فهذه السوق "نمت خلال العام 2021 على الصعيد العالمي بنسبة 164 في المئة ووصل حجمها إلى 851 مليار دولار"، وفق تقديرات "ستاتيستا" الألمانية، ويقدر أن يكون حجمها قد أصبح هذا العام بالمليارات.
وتتشكل أرصدة الكربون، من الأنشطة التي تقلل انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي مثل زراعة الأشجار واستصلاح الأراضي، وإنشاء مدن الطاقة النظيفة التي تعتمد على الطاقة الشمسية أو الهوائية بعد المصادقة عليها من طرف متخصص. وتشتري شركات كبرى هذه الأرصدة مباشرة من مطوري المشاريع أو الوسطاء، أو تحصل عليها مقابل تمويل المشاريع. ويمكن للشركات بعد ذلك استخدام هذه الأرصدة لتقليل صافي انبعاثاتها الكربونية، وتتجه شركات عدة إلى هذه التعويضات للوفاء بتعهداتها لتحقيق "صافي الصفر" من انبعاثات الكربون.
وتعتبر أرصدة الكربون بشكلها النهائي، نوعاً من أنواع التصاريح التي تقاس بوحدة "الطن" من ثاني أوكسيد الكربون، الذي يمكن إزالته من الغلاف الجوي، الأمر الذي يعزز الاقتصاد الأخضر.
التمويل الأخضر
آليات التمويل الأخضر هذه تعتبر "منهجاً استراتيجياً يربط القطاع المالي بعملية التحوّل نحو اقتصادات منخفضة الكربون وذات كفاءة في استخدام الموارد"، بحسب ما صرّح اليوم المدير العام، رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، مشيراً إلى أن هذا التمويل "يدعم انتقال تدفقات رؤوس الأموال إلى الشركات، وتعزيز الاستثمار في المشاريع الخضراء والمستدامة، واستخدام التقنيات التي تساعد على انخفاض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون".
وأضاف الحميدي، على هامش ورشة عمل عن بُعد حول "تعزيز التمويل الأخضر في الدول العربية"، أن قيمة المنتجات الاستثمارية ذات طابع الاستدامة في الأسواق المالية العالمية بلغت 5.2 تريليونات دولار في نهاية العام 2021، بزيادة قدرها 63 في المئة عن العام 2020، وتشمل هذه المنتجات الصناديق المستدامة التي بلغ عددها 5932 صندوقاً في نهاية العام 2021، بزيادة 61 في المئة عن العام 2020. وبلغ إجمالي الأصول الخاضعة للإدارة لهذه الصناديق مستوى قياسياً بقيمة 2.7 تريليون دولار، بزيادة قدرها 53 في المئة مقارنة بالعام السابق".
وذكر الحميدي أن "التّمويل الأخضر يشمل مجموعة واسعة من الخدمات المالية، تتوزع بين خدمات مصرفية، واستثمارية، وتأمينية، ويشمل ذلك، السّندات الخضراء، والصكوك الخضراء، والقروض ذات الآثار الخضراء، وصناديق الاستثمار الخضراء والتأمين ضدّ مخاطر تغيّر المناخ، والمشتقات الخاصّة بمخاطر الطقس وتغيّر المناخ"، مشيراً إلى أن "مبادرات تعزيز التّمويل الأخضر والمستدام، بدأت تتجسّد في شكل تشريعات وتنظيمات".
وأشار الحميدي إلى أن "العديد من الدول العربية تبذل جهوداً معتبرة في مجال التمويل الأخضر والمستدام، حيث قطعت أشواطاً مهمّة في سياق عملية تطوير سوق وأدوات التمويل الأخضر والمستدام. وهناك جهود في تطوير أسواق لتداول شهادات الكربون، موضحاً أن "صندوق النّقد العربي يُولي اهتماماً بالغاً بمواضيع تداعيّات تغيّرات المناخ على القطاع المالي وتطبيق المعايير البيئيّة والمجتمعيّة والحوكمة في الأنشطة الماليّة، والسياسات الاستثماريّة في الدول العربيّة، حيث أعدّ العديد من الأدلّة الإرشاديّة، والبحوث والدّراسات المتخصِّصة في الموضوع، بالتعاون مع الدول العربيّة، والهيئات الدوليّة والمؤسّسات الماليّة الدوليّة، ولاسيّما صندوق النّقد الدوّلي، والبنك الدّولي، وبنك التسويّات الدوليّة".
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال