شركات النفط تعزز استثماراتها الرقمية: الأمن السيبراني أوّلاً

  • 2020-03-01
  • 05:50

شركات النفط تعزز استثماراتها الرقمية: الأمن السيبراني أوّلاً

بحسب تقرير أعدته "أكسنتشر" حول التوجهات الرقمية لشركات القطاع

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

لقد أصبح الأمن السيبراني من أهم المجالات التي تركز عليها الاستثمارات الرقمية لشركات التنقيب عن النفط والغاز. وذلك في ظل التهديدات المتزايدة التي تتعرض لها عمليات هذه الشركات.

هذه الخلاصة توصل إليها تقرير أعدته "أكسنتشر" المدرجة في بورصة نيويورك، حول التوجهات الرقمية في شركات التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما لعام 2019، وهو النسخة السابعة من تقرير أكسنتشر حول التقنيات الرقمية في قطاع التنقيب عن النفط والغاز. ويستند التقرير إلى استطلاع عالمي شمل 255 مهنياً ومتخصصاً في القطاع، من بينهم رؤساء تنفيذيون وقادة مهام ومهندسون. 

ارتفاع نسبة الاستثمار بالأمن السيبراني 5 أضعاف

يكشف التقرير أن 61 في المئة من العينة أشاروا لدى سؤالهم عن التقنيات الرقمية التي تستثمر فيها شركاتهم حالياً، إلى الأمن السيبراني أكثر من أي قضية أخرى، وهذه النسبة هي أعلى 5 مرات من استبيان جرى في العام 2017 وكانت نسبة الذين أشاروا إلى الأمن السيبراني فيه 12 في المئة فقط. وهذا يوحي بأن الأمن السيبراني بات وجهة استثمارية تحتل أهمية خاصة بالنسبة ليس لشركات التنقيب والنفط والغاز فحسب، بل لمعظم الشركات لتدارك أي مخاطر ناجمة عن الهجمات الالكترونية. وعليه ذكر التقرير أن التركيز على المرونة السيبرانية يزداد بشكل كبير في ظل سعي الشركات النفطية إلى حماية أصولها وسمعتها.

لم تعد مسألة الأمن السيبراني قضية عابرة بالنسبة للشركات، نظراً للأثر الكبير الذي قد يحدثه على أداء الأعمال، لذا كان بديهياً أن يذكر 16 في المئة من المستطلعين مسألة الأمن السيبراني لتتقدم لديهم على الحلول الرقمية الأخرى. وهذه نسبة أخرى تسجّل ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة مع 9 في المئة في استبيان 2017.

هولزمان: التركيز على المرونة الرقمية أصبح اكثر أهمية

ونظراً إلى ارتفاع الاستثمارات في الأمن السيبراني اليوم، قال 5 في المئة فقط من المشاركين إنهم يرون أن ازدياد قابلية التعرض لهجمات سيبرانية يشكل الخطر الأكبر الناجم عن نقص الاستثمارات الرقمية، أي أقل من ثلث نسبة 18 في المئة من المشاركين الذين صرحوا بالأمر نفسه في 2017. وهذا يفسر السبب الذي يدفع 35 في المئة فقط من المستطلعة آراؤهم إلى التخطيط للاستثمار في تعزيز الأمن السيبراني خلال الأعوام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة.

وعلّق الرئيس العالمي للأنظمة الرقمية في قطاع الطاقة لدى أكسنتشر ريتش هولزمان على هذه النتائج بالإشارة إلى أن التركيز على المرونة الرقمية أصبح أكثر أهمية بالنسبة إلى أصحاب المصلحة والمستهلكين والحكومات، في ظل التهديدات المتزايدة التي تتعرض لها عمليات الشركات الرقمية. ولفت الانتباه إلى أن إدارة الهجمات لا تهدف فقط إلى حماية السمعة وأسعار الأسهم والعمليات، بل هي جزء من مسؤولية أكبر تتمحور حول توفير الخدمات الوطنية والأمن، مشدداً أنه "يتعين على شركات التنقيب أن تواصل الاستثمار بشكل عقلاني وملموس في إجراءات الأمن السيبراني، خصوصاً أنها قد تستهين بحجم تعرضها لمثل هذه الهجمات التي تزداد تعقيداً من الناحية التقنية".

وبالعودة إلى الاستطلاع، ذكر التقرير ان التقنيات السحابية تعد ثاني أكبر مجال تركز عليه الاستثمارات الرقمية، وذلك وفقاً لأكثر من نصف الشركات (أي 53 في المئة). وفي الواقع، أشار 15 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إلى التقنيات السحابية بوصفها الحلول الرقمية التي لها أكبر الأثر على أداء الأعمال. وأوضح أن شركات النفط والغاز ما زالت تضخ استثمارات كبيرة في التقنيات السحابية لأنها تشكل أساس مسيرة التحول الرقمي وتسهم في تعزيز الأمن التشغيلي.

وبالإضافة إلى ما تقدّم فقد ارتفعت نسبة المشاركين الذين قالوا إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هي التي تولّد الأثر الأكبر على أداء الأعمال، إلى 9 في المئة في استطلاع العام الحالي، وذلك مقارنة بـ4 في المئة فقط في تقرير 2017.

توجه للاستثمار بالذكاء الاصطناعي

وعند سؤالهم عن طبيعة التقنيات الرقمية التي يخططون الاستثمار فيها على مدار السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، أشار 51 في المئة من المشاركين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وذلك مقارنة بنسبة 30 في المئة في 2017 . يتبعها الاستثمار في البيانات الضخمة والتحليلات (بنسبة 50 في المئة من المشاركين)، وإنترنت الأشياء (43 في المئة)، والأجهزة المحمولة والتقنيات القابلة للارتداء (38 في المئة). وقال نحو نصف المشاركين (أي 47 في المئة) إن انعدام الميزة التنافسية يشكل الخطر الأكبر الناجم عن نقص الاستثمارات الرقمية، في حين أشار 42% منهم إلى أن خفض التكاليف يمثل أهم تحديات الأعمال التي يمكن للتقنيات الرقمية أن تساعد في معالجتها.

وبشكل عام، حافظت الاستثمارات الرقمية لدى شركات التنقيب عن النفط والغاز على سويّتها تقريباً خلال الأعوام القليلة الماضية. فمثلاً، لم يشهد عدد المسؤولين التنفيذيين الذين قالوا إن شركاتهم تخطط لوضع استثمارات أكثر أو أكثر بكثير في التقنيات الرقمية خلال الثلاثة إلى الخمسة أعوام القادمة، تغيراً كبيراً عن عدد الذين طرحوا إجابة مماثلة للسؤال نفسه في استطلاع العام 2017، حيث بلغ المعدل 72 في المئة و71 في المئة على التوالي.

شركات التنقيب عن النفط والغاز وصعوبات التوسع

على صعيد آخر، كشف التقرير أن شركات التنقيب عن النفط والغاز تجد صعوبة في التوسع في مبادراتها الرقمية، إذ أشار 9% من المشاركين فقط إلى أن أقسامهم تمكنت من التوسع في نصف المفاهيم الرقمية القابلة للإثبات (على الأقل) التي قامت بتطويرها خلال العامين الماضيين. في حين قال واحد فقط من كل خمسة مشاركين (أي نسبة 20 في المئة) إنهم تمكنوا من التوسع في أكثر من 20 في المئة من المفاهيم التي اجتازت المرحلة التجريبية.

وفيما أوضح التقرير أن شركات التنقيب تحتاج إلى توسعة تقنياتها الرقمية للاستفادة من القيمة المحتبسة (أي توليد قيمة مضافة من الاستثمارات الرقمية)، أكد أنه ما زال هناك عوائق كبيرة أمام هذا الأمر. وعلى سبيل المثال فقد اشار ثلث المشاركين 34 في المئة إلى أنهم يعتقدون أن عدم وجود استراتيجية  واضحة يشكل العائق الأكبر، وذلك مقارنة بـ26 في المئة في استطلاع 2017. كما قال واحد فقط من كل سبعة مشاركين (أي نسبة 15 في المئة) إنهم يشهدون قيمة مضافة تتجاوز 50 مليون دولار من استثماراتهم الرقمية، وذكر واحد فقط من كل 20 مشاركاً (أي نسبة 5 في المئة) أن الاستثمارات الرقمية تولد 100 مليون دولار على الأقل كقيمة إضافية إلى أعمال التنقيب، وذلك انخفاضاً عن نسبة 12 في المئة من عامين فقط.

وأوضح هولزمان أنه على الرغم من أن شركات التنقيب عن النفط والغاز تستمر في زيادة استثماراتها الرقمية، فإن هذه الاستثمارات لا تُترجم إلى قيمة ملموسة، إذ يبدو أن قدرة تلك الشركات على تحقيق قيمة مضافة من الاستثمارات الرقمية تشهد تراجعاً، وهي تواجه عوائق مؤسسية وتجد صعوبة في التوسع بتلك التقنيات، الأمر الذي يعيق مسيرة تحول الأعمال وتحرر رأس المال. لذا فإن إعادة تنسيق الاستثمارات الرقمية وبناء النموذج التشغيلي الصحيح والقدرات الرقمية أمر ضروري لشركات النفط لكي تصبح أكثر مرونة وقدرة على التوسع وتوليد القيمة. وهذا يتطلب دعماً من الإدارة العليا ووجود منظومة أوسع للشراكات أيضاً.