مصر ما بعد الكورونا

  • 2020-03-29
  • 08:45

مصر ما بعد الكورونا

  • محسن عادل

يُنعِش الكلام الأخير للرئيس دونالد ترامب في خصوص السعي إلى فتح الاقتصاد الأميركي مجدداً، الآمال الخاصة في إمكانية الخروج من "المأزق الكبير" قريباً، ولأن كان ذلك يخالف التوقعّات العالمية، فإن مصر هي اليوم بحاجة ماسة إلى ضرورة صوغ استراتيجية جديدة لجذب الاستثمارات إليها في مرحلة ما بعد الكورونا، ويمكن أن تعتمد على ما يلي:

أوّلاً: ضرورة تشكيل اللجنة الوطنية لتوحيد وتنسيق جهود جذب وتسويق الاستثمارات في مصر داخلياً وخارجياً، فهذا الموقف يواجه أزمة متكررة في أغلب البلدان النامية حالياً، فكل جهة تعمل بنشاط وقوة في سبيل جذب الاستثمارات ولكن من دون تنسيق فعلي أو فعّال مع باقي الجهات، ما يتسبب دائماً في ضعف المردود مع استبعاد جهات مؤثرة كالبورصة وبنوك الاستثمار والوحدات المصرفية والمؤسسات المالية غير المصرفية، لذا، يجب أن تتضمن اللجنة بالإضافة إلى ما سبق، الوزارات، والهيئات، والمراكز والبرامج الحكومية لمحاولة وضع آليات لانتظام جهود الجهات الحكومية على صعيد توحيد الرسائل الاتصالية والنشاطات التسويقية، وجذب وتسويق الفرص الاستثمارية بصورة متكاملة، ويستدعي ذلك، تشكيل لجنة في الهيئة العامة للاستثمار تعمل على إيضاح أدوار الجهات ذات العلاقة ومسؤولياتها، من خلال توزيع المهام المنوطة بكل جهة، والخروج بنموذج حوكمة محدد وواضح.

ثانياً: إطلاق منصة "استثمر في مصر" كهوية استثمارية وطنية موحّدة لتسويق وجذب الاستثمارات يتمّ من خلالها التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لاستخدام هذه الهوية في جميع أعمالها المتعلقة بجذب وتسويق الفرص الاستثمارية، والعمل على إعداد المحتوى والرسائل التسويقية، ما سيسهم في تعزيز الدعم والتنوع في النمو الاقتصادي خصوصاً في القطاعات المستهدفة.

ثالثاً: تشكيل مجلس جديد للتجارة الإلكترونية في مصر ليتواكب مع الزخم الكبير في التفاعل التجاري عبر الانترنت في البلاد.

رابعاً: إنشاء وحدة مركزية تتبع مجلس الوزراء أو إحدى وحداته التابعة لكي تتولى عمليات المتابعة والتقييم والتنسيق في ما يخص عمليات الاستثمار كافة بالاضافة الى تحليل المتغيرات الاستثمارية كافة محلياً وعالمياً، وتتضمن هذه الوحدة بالاضافة إلى ادارتها التنفيذية، مركزاً لمعلومات الاستثمار وبياناته على أن يكون المركز أداة استراتيجية توظّف الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة ورفع جودة مخرجات عمليات الهيئة العامة للاستثمار.

خامساً: وضع برنامج زمني متكامل لربط الجهات المعنية كافة بالاستثمار إلكترونياً بحيث يتم إصدار التراخيص بصورة موحدة من خلال منظومة رقمية متكاملة من دون الحاجة إلى التوسع في إنشاء مراكز جديدة لخدمات المستثمرين.

 سادساً: ضم الجهات الاستثمارية إلى تبعية الهيئة العامة للاستثمار حتى يتسنى توحيد الإجراءات والآليات المطلوبة لإدارة المنظومة بالاضافة الى تكوين وحدات من خلال الهيئة أسوة بالمتبع في أغلب دول العالم للترويج الاستثماري تتبع هيئة الاستثمار إشرافياً للترويج لأنشطة الوزارات أو الهيئات أو الجهات.

سابعاً: من المهم إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار لكي يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالاستثمار في الأنشطة والمجالات كافة، الأمر الذي يعطي ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية في منظومة الاستثمار، وهو ما سينعكس إيجاباً على معدلات الاستثمار داخل السوق المصرية، كما إن القرارات التي ستصدر عن المجلس ستلتزم بها الوزارات الموجودة خصوصاً من ناحية الاستراتيجية الاستثمارية ومتابعة التغيرات فيها وعرض المشكلات غير التنفيذية وسبل معالجتها ما سيساهم في تسريع الجهود المبذولة لعودة مصر كدولة رائدة وجاذبة للاستثمار، كما سيساهم تفعيل المجلس في دعم توسيع القطاع الخاص والاستثمار في الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البنية التحتية الاقتصادية الأساسية، وتعزيز القطاع المالي من أجل زيادة نسبة وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة والأعمال التجارية إلى التمويل.

ثامناً: التوسع في انشاء المناطق الحرة العامة بهدف جذب المستثمرين عبر توفير مزايا تنافسية، خصوصاً بعد أن باتت تشكّل عنصراً أساسياً في المنظومة الاقتصادية الشاملة التي تساهم في نمو الناتج الإجمالي.

تاسعاً: ضرورة البدء على الفور في المرحلة الثالثة من خريطة الاستثمار لتتضمن فرصاً متعددة مطروحة بشكل متكامل، من خلال دراسات جدوى مبدئية، على القطاع الخاص المحلي والعالمي ضمن منظومة أكثر دقة لتفعيل آليات الجذب الاستثماري، كما يمكن البدء بهذه المرحلة في طرح فرص أكبر تخص القطاع المصري وشركات قطاع الأعمال العامة وشركات التأمين، بصورة تتيح زيادة عملية التنويع الاستثماري المطروح، وتحقيق هدف التنوع لجذب الاستثمارات، وتوسيع قاعدة المشاركة في القاعدة الاستثمارية، كما يجب التوسع في إنشاء خرائط قطاعية (زراعة – دواجن – استثمار عقاري – تعدين – تكنولوجيا معلومات –تعليم – صحة - صناعات غذائية ) مع إقراض خريطة خاصة للترويج لمشروعات البحث العلمي كواحدة من الفرص التي يمكن العمل عليها.

عاشراً: إطلاق بطاقة المستثمر العربي والاجنبي أسوة بالتجارب العربية، حيث تمنح بطاقة المستثمر للمستثمرين وأفراد عائلاتهم من الجنسيات كافة، على أن يوفر المستثمر شروط الحصول على البطاقة. وتعتبر هذه البطاقة بمثابة كتاب توصية صادر عن الحكومة ومعتمدة للوزارات والجهات الحكومية كافة، كما تمنح  حاملها الحق في تسريع إجراءات تملّك العقار وإصدار رخص قيادة السيارات وشراء مركبات معفاة من الرسوم الجمركية وإدخال مركبات بلد المستثمر (إدخال مؤقت) إضافة الى تسهيل الخروج والدخول إلى مصر لرجال الأعمال، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى رفع قيمة الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرية ويساهم في تعزيز الناتج المحلي، كما يؤمن مئات إن لم نقل آلاف الوظائف وفرص العمل للمصريين.

 

نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الخبرة