هل سينال لبنان الدعم الدولي بعد العقوبات الأميركية على باسيل؟

  • 2020-11-09
  • 15:37

هل سينال لبنان الدعم الدولي بعد العقوبات الأميركية على باسيل؟

  • أحمد عياش

لم يتأثر سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي إطلاقاً بعد صدور العقوبات الأميركية بحق رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل يوم الجمعة في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي. فالتأثير الوحيد الذي حدث في الأيام الماضية على سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملة الخضراء في لبنان، نجم عن التأخير في تشكيل حكومة جديدة على يد الرئيس سعد الحريري، في حين أنه عندما جرى تكليف الحريري مهمة تأليف الحكومة الجديدة في 22 تشرين الأول/ اكتوبر الماضي تحسن فوراً سعر صرف الليرة، لكن هذا التحسن تلاشى بعد تعثر محاولات التشكيل بعد مرور نحو نصف شهر على سعيه لإنجاز مهمته، ما يعني أن المؤشر الأساسي إلى تطور الأوضاع في لبنان سيكون مرتبطاً بخروج لبنان من مرحلة الشلل على مستوى السلطة التنفيذية بعد استقالة الحكومة التي تصرّف الأعمال الآن منذ ما بعد إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي.

 

قد يهمك:
بعد الدعوى الجديدة ضد شقير والجراح.. قضية مبنى تاتش إلى اين؟

 

قراءة في العقوبات الأميركية على باسيل

 

في قراءة خبراء إقتصاديين للعقوبات الأميركية التي صدرت بحق رئيس أكبر كتلة في البرلمان اللبناني، أن الأصل في هذه العقوبات وفق البيان الصادر عن وزارة الخزانة الاميركية هو مكافحة الفساد. فقد قال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة، في بيان يوم الجمعة الماضي أن قرار العقوبات بحق باسيل يستند إلى" قانون ماغنيتسكي الذي يستهدف محاربة الفساد والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم". وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، في البيان: "لقد ساعد الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني على تآكل أسس حكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني"،  لكن ردة فعل باسيل في مؤتمر صحفي عقده لاحقاً، ربطت العقوبات الأميركية بحقه بالعلاقات التي تربطه بـ "حزب الله". وسأل: "لو قبلت بقطع العلاقة مع حزب الله، هل تزال عني تهمة الفساد؟".
السؤال الآن: هل كانت الدفعة الجديدة من العقوبات الاميركية في مصلحة تأليف حكومة جديدة، أم انها ستسبب بعرقلة ولادتها؟

قبل الاجابة على هذا السؤال، يجب العودة إلى موقف أطلقه الرئيس الحريري في حديث تلفزيوني عشية تكليفه، وفيه أنه عازم على تأليف حكومة من غير الحزبيين تنفيذاً للمبادرة الفرنسية التي أطلقها بعد انفجار بيروت، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لكن المحاولة الأولى لملاقاة هذه المبادرة والتي تمثلت بتكليف سفير لبنان في المانيا مصطفى أديب باءت بالفشل لأنه اصطدم بجدار المطالب التي طرحتها القوى السياسية الرئيسية في البلد. وأتى تكليف الحريري لاحقاً في سياق محاولة ثانية ما زالت مستمرة حتى الآن من دون معرفة المصير الذي ستؤول اليه.

 

الحريري لم يتوصل حتى الآن

إلى إعداد تشكيلة حكومية تلاقي المبادرة الفرنسية

 

وفق المعلومات التي توافرت لـ "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" من أوساط وثيقة الصلة بتأليف الحكومة أن الحريري لم يصل بعد مع رئيس الجمهورية ميشال عون بعد نصف دزينة من اجتماعات العمل بينهما الى إعداد تشكيلة حكومية تلاقي المبادرة الفرنسية وتالياً المجتمع العربي والدولي لجهة قيام حكومة مستقلة تسعى إلى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي كفاتحة للسعي للحصول على مساعدات خارجية تنتشل لبنان من ازماته المالية والاقتصادية العميقة.

في العودة مجدداً إلى بيان وزارة الخزانة الأميركية الأخير، هناك فقرة وردت على خلفية شرح أحوال لبنان على مستويات عدة. وجاء فيها: "لا يزال لبنان يعاني من أزمة نفايات غير مسبوقة ناجمة عن سوء الإدارة، والفساد الذي يؤدي باستمرار إلى صب النفايات السامة في البحر الأبيض المتوسط​​، ما يؤدي إلى تلويث المياه، وتعريض صحة مواطنيه في نهاية المطاف للخطر. وتعاني البلاد أيضاً من أزمة طاقة تترك الناس من دون كهرباء لساعات أو حتى أيام في كل مرة، ويطرح المسؤولون الحكوميون ادعاءات مستمرة عن أنهم يعملون على حل المشكلة، فقط لإنفاق مليارات الدولارات، ما يؤدي إلى عدم حدوث تحسن للمواطنين اللبنانيين. وقد ساهم هذا الخلل السياسي بشكل مأساوي في الانفجار الكارثي في ​​مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الذي عدّه كثيرون مثالاً آخر على الإهمال والفساد اللذين يلحقان الأذى بالمواطنين اللبنانيين، ويثريان النخبة السياسية".

 

إقرأ أيضاً:
هل يتجاوز لبنان "عقبة" القطاع العام بنزع "الأقنعة الشعبوية"؟

 

أزمة القطاع المصرفي في لبنان مستمرة

 

في موازاة ذلك، تستمر أزمة القطاع المصرفي الشاهد الابرز على محنة لبنان، وما "زاد الطين بلة "، كما يقال، التصريح الذي أدلى به قبل أيام الرئيس السوري بشار الاسد وفيه أن ودائع لسوريين تتراوح ما بين 20 و40 مليار دولار علقت في مصارف لبنان هي وراء أزمة بلاده الاقتصادية، وتوالت ردود الفعل في لبنان على هذا التصريح لجهة تفنيد الأرقام أو لجهة القاء اللوم على مصارف لبنان وتحميلها المسؤولية عن الأزمة في البلد المجاور.

في حلقة مناقشة نظّمها اخيراً مجلس العلاقات البريطانية-العربية عبر وسائل التواصل في لندن، رأت الخبيرة المالية عليا مبيّض أن عجز النظام السياسي في لبنان هو وراء أزمات هذا البلد المالية. ولفتت الانتباه إلى أن مديونية لبنان غير مسبوقة، فيما بلغت ديون المصارف التي جرى تسليفها للبنك المركزي لقاء فوائد مرتفعة أكثر من 120 مليار دولار، وقد بات البنك عاجزاً عن سدادها الآن.

على صعيد متصل، يقول النائب السابق لحاكم مصرف لبنان غسان العياش إن جوهر أزمة المصرف، أي البنك المركزي، منذ اعوام هو أن الطبقة السياسية في لبنان طلبت من هذه المؤسسة المالية الرسمية أمريّن: الأول، تمويل عجز الخزينة والثاني، المحافظة على سعر صرف الليرة، فكانت النتيجة أن مليارات المركزي والمصارف الخاصة تبخّرت على هذيّن المستويين.

بالعودة إلى عنوان هذا المقال: ماذا يبقى من الدعم الدولي للبنان بعد العقوبات الاميركية على باسيل؟ وفق معطيات أوساط سياسية بارزة تحدث إليها "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"، ورفضت الكشف عن هويتها، فإن لبنان دخل متاهة تعقيدات لا يبدو معها أن ولادة حكومة واردة قريباً، وتالياً فإن الدعم الدولي المرتجى لإنقاذ لبنان ما زال بعيد المنال حالياً.

 
المزيد من القضايا اللبنانية:
لبنان: "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" يعيد هيكلة مجلس إدارته