تعثر الشركات الصغيرة والمتوسطة يهدد التحول الاقتصادي في الكويت

  • 2021-08-12
  • 11:57

تعثر الشركات الصغيرة والمتوسطة يهدد التحول الاقتصادي في الكويت

  • "أولاً- الاقتصاد والأعمال"، رويترز

ألحقت جائحة كورونا ضرراً بالغاً بآلاف الشركات الصغيرة والمتوسّطة في الكويت مما قد يعرّضها لشبح الانهيار ويوجّه ضربة كبيرة لقطاع يشكّل ركيزة في مساعي البلاد لإعادة صياغة اقتصادها التقليدي المعتمد على النفط.

وكانت الحكومة الكويتية، التي تنفق أكثر من نصف ميزانيتها السنوية على رواتب الكويتيين الذين يعمل أغلبهم في وظائف حكومية،  قد عملت على تشجيع مواطنيها على إقامة مشاريعهم الخاصة خلال العقد الماضي، وذلك في محاولة منها لخلق قطاع خاص قوي في الكويت، بهدف تخفيف العبء على الميزانية العامة للدولة وتقليل الاعتماد على العمّال الوافدين الذين يشكّلون غالبية السكان، بالإضافة إلى مساعدة الكويت على تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط الذي يوفّر 90 في المئة من إيرادات الدولة، ولكنّه يبقى غير مستقر بشكل متزايد في عالم يبتعد عن الوقود الأحفوري.

إقرأ: 
"نفط الكويت" ترسي عقدين بقيمة 221 مليون دولار

أما اليوم، فتبدو كل الجهود التي بذلتها الحكومة طوال العقد الماضي لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسّطة والتي تضمّنت إنفاق نحو 500 مليون دولار من التمويل الحكومي على هذه الشركات، عرضة للضياع بسبب جائحة كورونا، وذلك بحسب العديد من خبراء هذا القطاع.

 

"المركز المالي": جزء كبير من قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة تأثر من الجائحة

 

وفي هذا السياق، أشارت شركة "المركز المالي" الكويتية إلى أن غالبية الشركات الصغيرة والمتوسّطة التي يتراوح عددها ما بين 25 و30 ألف شركة كانت تعمل باحتياطات نقدية محدودة، لافتة النظر إلى أنه ومع انتشار الجائحة تأثر جزء كبير من القطاع لأنه لم يكن مستعداً للتعامل مع توقّف العمليات الناتج عن الإغلاق العام لمكافحة انتشار الوباء.

 

مسؤولون في القطاع: الأزمة تهدّد برفع معدلات البطالة في الكويت

 

 

من ناحيتهم، رأى مسؤولون في القطاع ومحلّلون أن الأزمة تهدّد برفع معدّلات البطالة وسط تسريح العمالة وخصوصاً الكويتية منها، من المشاريع التي تعاني من مصاعب جمّة، مما سيؤدّي إلى إجهاض مساعي الحكومة الكويتية لإحلال المواطنين مكان العمالة الوافدة في الكثير من الوظائف التي يعتمد عليها الاقتصاد في القطاع الخاص.

وأشاروا إلى أن الجزء الأكبر من الشركات الصغيرة والمتوسّطة والتي تساهم بنحو 11.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالقيمة المضافة الإجمالية، يتركّز في تجارة الجملة، والتجزئة، والضيافة، والأغذية، والمشروبات، فضلاً عن قطاعي البناء والصناعة.

 

البلوشي: الجائحة كبّدتني خسائر كبيرة

 

بدوره، قال مالك أحد المشاريع الصغيرة المتخصصة في البناء الذكي وتجهيز عربات الطعام محمد البلوشي إنه تكبّد خسائر كبيرة خلال فترة الوباء مشيراً إلى أنه اضطر لتسريح معظم موظفيه.

وأضاف البلوشي في حديث إلى "رويترز" أن المشروع كلفه 800 ألف دينار (أي نحو 2.66 مليون دولار)، نصفها كان تمويلاً ذاتياً ونصفها بتمويل من "الصندوق الكويتي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة"، مشيراً إلى انه مهدد في الوقت الحالي جراء رفع العديد من الدعاوى القضائية بحقه، بسبب عدم قدرته على سداد الالتزامات المالية لمشروعه الذي بدأ منذ 4 سنوات.

وطالب بوقف الأحكام القضائية ضده، مشيراً إلى أن ليس هناك من مساعدات حكومية أو من مجلس الأمة.

إقرأ أيضاً:
"إيزي" و"ماستركارد": تعاون بالعروض الرقمية للشركات الصغيرة والمتوسطة في البحرين

والبلوشي واحد من أصحاب المشاريع الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان، بسبب فرض إجراءات الإغلاق وحظر التجول ضمن قيود لمكافحة فيروس كورونا، في الوقت الذي كانوا مطالبين فيه بسداد رواتب الموظفين وإيجارات العقارات ومستحقات الموردين، وغيرها من الالتزامات التي لم يقدر كثير منهم على الوفاء بها.

 

صدمة مزدوجة

 

تعرّضت الكويت كغيرها من الدول المصدرة للنفط في المنطقة، لصدمة مزدوجة من انخفاض أسعار النفط وتفشي وباء "كوفيد-19"، مما أدى إلى انكماش اقتصادها بنسبة 8 في المئة خلال العام الماضي.

وواجهت البلاد أزمة سيولة مالية وتفاقمت بسبب الخلاف المستمر بين الحكومات والبرلمانات المتعاقبة، ولاسيما في شأن مشروع قانون الدين العام الذي سيسمح للحكومة بالاقتراض من الخارج.

وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة ساهم في التخفيف من حدّة الأزمة لكنها لا تزال قائمة وعرضة للتكرار حال انخفاض أسعار النفط مستقبلاً.

 

قانون لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة

 

وكان مجلس الأمة الكويتي قد أقرّ قانوناً لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في 30 آذار/مارس الماضي والذي يتيح للمتضررين من الوباء من أصحاب المشاريع الحصول على تمويل يصل إلى 250 ألف دينار تضمن الحكومة 80 في المئة منه.

في المقابل، شكا الكثير من المستفيدين من الشروط الصعبة التي فرضتها البنوك الكويتية للحصول على التمويل طبقاً للقانون، ومن بينها إثبات الكفاءة التشغيلية للمشاريع التي توقف بعضها منذ أكثر من عام.

 

مسؤول حكومي: أرباب المشاريع يعزفون عن الاستفادة من القانون

 

وفي هذا السياق، قال مسؤول حكومي كويتي إن ثمةً عزوفاً من أرباب المشاريع عن الاستفادة من القانون لأسباب عدة أهمها أن التمويل يُقدم كقرض وليس كتعويض مالي عن الأضرار، مشيراً إلى أن الحكومة تضمن 80 في المئة من التمويل فقط وليس المبلغ بالكامل بالإضافة إلى أن فترة السداد محدودة ولا تتجاوز 5 سنوات، وتؤدي إلى زيادة الالتزامات الشهرية، ما قد يعني مزيداً من التعثر.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة "رويترز" أن القانون يقصر استخدام التمويل على تغطية العجز في النفقات التشغيلية التعاقدية مثل الرواتب والإيجارات والالتزامات الأخرى لكنه لا يسمح بغير ذلك مثل استثمار جزء من المبلغ.

وحول إمكانية تعديل القانون، قال المصدر إن الحكومة ستتدخل لتعديل القانون في حال تطلب الأمر ذلك وسيكون بالاتجاه الذي سيدعم أصحاب الأعمال.

وحول إمكانية تقديم تعويضات لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة قال إن جميع الحلول متاحة أمام الحكومة لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة لما يتمتع به هذا القطاع من أهمية قصوى وكونه دعامة للاقتصاد الوطني.

 

المسلم: أصحاب المشاريع بحاجة إلى تعويضات

 

من ناحيته، قال مدير ومؤسس حاضنة أعمال محمد عدنان المسلم إن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليسوا بحاجة إلى قروض وإنما إلى تعويضات.

وأضاف المسلم أن القروض أهلكت الناس التي تريد تعويضاً عن فترة الجائحة، وهذا منصوص عليه في الدستور الكويتي.

وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، التقط أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بعضاً من أنفاسهم، إذ دخلت التعديلات التي أقرّها مجلس الأمة في أيلول/سبتمبر الماضي على قانون الإفلاس حيّز التنفيذ في 25 يوليو/ تموز، ما يعني إلغاء أحقية الجهات الدائنة في إجراء ضبط وإحضار بحق المدينين في دين مدني.

 

الخطيب: هناك مخاطر قائمة

 

وفي هذا السياق، قال الأستاذ المساعد في كلية القانون الكويتية العالمية فواز خالد الخطيب إن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من بين المستفيدين من نفاذ هذا القانون الذي يمنع صدور أوامر حبس ضد المدينين.

ورأى الخطيب أن ثمة مخاطر قائمة حيث يمكن اتخاذ إجراءات للحجز في حق شركاتهم وفي حقهم عبر التحفظ على الحسابات المصرفية والمنقولات والسيارات والعقار ومنع السفر، فضلاً عن إمكانية إشهار الإفلاس.

 

المبارك: 8600 من أصحاب المشاريع يتحوّلون للعمل في القطاع العام

 

أما رئيس "الاتحاد الكويتي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة" عبد العزيز المبارك فقال إن 8600 من أصحاب المشاريع البالغ عددهم 15 ألفاً يتحولون حالياً من العمل بالقطاع الخاص إلى الحكومي نتيجة لغياب الدعم لهذا القطاع.

وأضاف المبارك أن أرباب الأعمال استبشروا خيراً بقانون الضمان المالي الذي جاء بعد نحو سنة من الأزمة، وكان من المفترض أن يخرج قبل ذلك، محذراً من أن استمرار هذا الوضع سوف ينهي القطاع كله.