"معهد التمويل الدولي": تفاؤل بالحكومة اللبنانية وعدم يقين بالمفاوضات مع صندوق النقد

  • 2021-09-17
  • 14:03

"معهد التمويل الدولي": تفاؤل بالحكومة اللبنانية وعدم يقين بالمفاوضات مع صندوق النقد

إعتبر "معهد التمويل الدولي" أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة التكنو سياسية هي أفضل الحلول الممكنة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، آملاً بأن تتخذ هذه الحكومة مزيداً من الخطوات لوقف التدهور ووضع الأسس اللازمة للانتعاش الاقتصادي، لافتاً النظر إلى أن قيمة الليرة اللبنانية ارتفعت بنسبة 18 في المئة مقابل الدولار في السوق الموازية بعد الاعلان عن التشكيلة الحكومية.

عدم يقين حول إمكانية التوصّل الى اتفاق مع صندوق النقد

وعلى الرغم من المسحة التفاؤلية التي عبّر عنها المعهد حول تشكيل الحكومة، حذّر في تقرير أصدره تحت عنوان "لبنان: تفاؤل حذر وتحديات رهيبة" من أن هناك الكثير من عدم اليقين حول إمكانية التوصّل إلى اتفاق مع "صندوق النقد الدولي" لانتشال الاقتصاد من أزمته الحالية، مشيراً إلى أن الحكومة قد تفشل في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية الأساسية، متوقعاً استئناف المفاوضات مع الصندوق في وقت قريب.

إصلاح شامل لمعالجة الاختلالات

وشدّد على أن هناك حاجة إلى برنامج إصلاح شامل لمعالجة اختلالات الاقتصاد الكلي والاختناقات الهيكلية للخروج من الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن الحكومة السابقة أقرّت خطة للتعافي المالي في نيسان/أبريل 2020 وتمت الموافقة عليها من صندوق النقد والمجتمع الدولي، موضحاً أن إطار الاقتصاد الكلي في الخطة المذكورة وإعادة الهيكلة المقترحة للميزانيات العمومية للبنوك التجارية ومصرف لبنان، بما في ذلك توزيع الخسائر، بحاجة إلى إعادة نظر وتوصل إلى اتفاق بين الحكومة و"المركزي" حول الأرقام قبل استئناف المفاوضات مع صندوق النقد.

وقال إن التوقعات في خطة التعافي الاقتصادي استندت إلى متوسط سعر صرف قدره 3400 ليرة لبنانية لكل دولار، مشيراً إلى أنه على افتراض أن معدلات التغيير السابق المتعددة الحالية موحدة عند نحو 12000 ليرة لبنانية بحلول نهاية العام 2021، فإن الدين الحكومي المتوقع سيرتفع إلى نحو 300 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأضاف ان تضخم مؤشر أسعار المستهلكين لعامي 2020 و 2021 يتجاوز بكثير التوقعات في  الخطة، موضحاً أن من شأن ذلك تغيير الناتج المحلي الإجمالي المقدر بالليرة اللبنانية والدولار، وبالتالي فإن معظم مؤشرات الاقتصاد الكلي من حيث الناتج المحلي الإجمالي بحاجة إلى مراجعة، ولم يرجح أن تتم معالجة وضع الديون بالعملات الأجنبية إلا من خلال إعادة الجدولة، لافتاً النظر إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى شكل من أشكال إعادة الهيكلة والإعفاء لرفع الدين إلى مستويات أكثر استدامة.

الإصلاحات الرئيسية

وذكر أن الإصلاحات الرئيسية التي يتوقعها صندوق النقد والمجتمع الدوليين تشمل إجراء تدقيق كامل لحسابات البنك المركزي والمؤسسات العامة لتحسين الشفافية والمساءلة، اعتماد تشريعات لإضفاء الطابع الرسمي على ضوابط رأس المال، ضمان استقلالية الهيئة القضائية للحدّ من الفساد وتحسين المسائلة، توحيد أسعار الصرف المتعددة، إصلاح "كهرباء لبنان" والقضاء على الخسائر، تحقيق فائض مالي أولي كبير ابتداءً من العام 2022 لوضع الدين الحكومي على مسار تراجعي ثابت، إعادة هيكلة النظام المالي الذي سيشمل إعادة الرسملة ودمج المصارف وإنشاء شبكة أمان اجتماعي موسعة لحماية الأشخاص الأكثر ضعفاً.

جهود حكومية قد تكون مقيّدة

وأشار إلى أن جهود حكومة ميقاتي قد تكون مقيّدة بفعل الطبقة السياسية الحالية على اعتبار أن الازمة الاقتصادية والمالية الحالية هي نتيجة الفشل الطويل في تنفيذ سياسة اقتصادية ذات مصداقية، حيث قد يعمد بعض النواب إلى عرقلة تنفيذ الإصلاحات الرئيسية بما في ذلك التدقيق الجنائي للبنك المركزي وإصلاح قطاع الكهرباء.

إعادة الهيكلة

وتوقع المعهد أن تبدأ الحكومة قريباً في تنفيذ إعادة الهيكلة، بما في ذلك قيامها بخطوات جريئة للقضاء على مجموعة واسعة من الاضطرابات في الاقتصاد، وفي الوقت نفسه إدارة الغضب العام والتوترات الناتجة عن رفع الدعم في نهاية أيلول/سبتمبر الحالي، ولفت النظر إلى أنه ستترافق هذه الخطوات بتوزيع البطاقات التمويلية على أكثر من 600 ألف من الأسر الفقيرة، معتبراً أن هناك فرصة بنسبة 50 في المئة بأن تكون الحكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والبدء في معالجة ملاءة المالية العامة وسلامة البنوك، مشيراً إلى أن التفاوض مع صندوق النقد قد يكون صعباً وطويلاً.

إنكماش الاقتصاد

كما توقع انكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة 8 في المئة خلال العام الحالي وبنسبة 26 في المئة خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن هذا الانكماش قد أدى الى تقليص الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمقدار أكبر. وقال إن الأجور انخفضت بشكل حاد حيث تسبّب في تسارع التضخم الى 123 في المئة في تموز/يوليو الماضي، متوقعاً مزيداً من التسارع في التضخم الى 204 في المئة بحلول نهاية 2021، وذكر أن الواردات انخفضت بمقدار أكثر من 60 في المئة  بالدولار خلال الـ 18 شهراً الماضية.

وأشار إلى أنه في حال فشل إجراء الإصلاحات والتوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فإن معدل التغيير الاقتصادي سيواصل انخفاضه الى أكثر من 25 ألف ليرة مما سيؤدي إلى تضخم أعلى بكثير في العام المقبل.

وقال إن استعادة عافية النظام المصرفي ستكون عملية طويلة، مرجحاً ان يحتاج العديد من البنوك إلى التصفية  يليها دمج عدد قليل من البنوك الميسرة.

ما هي توقعات معهد التمويل الدولي للبنان؟

توقع المعهد سيناريوهين محتملين حيث افترض السيناريو الأول المتفائل (احتمالية بنسبة 50 في المئة) بأن يُسمح للحكومة الجديدة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية العاجلة، والتي سيتم إقرارها بالكامل من قبل البرلمان وستؤدي إلى اتفاقية مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية هذا العام، ومن شأن مثل هذا السيناريو أن يسهّل الوصول إلى المساعدات الإضافية التي تمس الحاجة إليها من مصادر أخرى متعددة الأطراف.

وقال إنه يمكن لبرنامج "صندوق النقد الدولي" أيضاً وضع الدين العام المرتفع للغاية على مسار هبوطي ثابت من خلال تنفيذ تدابير مالية، مرجحاً أن يصاحب برنامج الصندوق شكل أو مزيج من إعادة الجدولة وإعادة الهيكلة.

أما السيناريو المتشائم (فرصة بنسبة 50 في المئة) فيفترض إعادة تشكيل الحكومة جزئياً أو استقالتها، وعدم وجود اتفاق مع "صندوق النقد"، ونقص التمويل الخارجي الكافي.