السعودية: "مبادرة السعودية الخضراء" الخطوة الأولى للوصول إلى الحياد الصفري في 2060
السعودية: "مبادرة السعودية الخضراء" الخطوة الأولى للوصول إلى الحياد الصفري في 2060
- برت دكاش
لم يكن منتدى السعودية الخضراء بنسخته الأولى في الرياض، عشية بدء العدّ التنازلي لانطلاق مؤتمر الأطراف COP26 المعوّل عليه لإيجاد حلول جذرية للتغير المناخي، مجرد مؤتمر ينعقد في المملكة العربية السعودية، إنه رسالة إلى العالم أجمع عن تصميم المملكة على إحداث تأثير عالمي دائم في مواجهة ظاهرة التغير المناخي وحماية البيئة والعمل على قيادة الحقبة الخضراء المقبلة.
هذا التوجه عكسه كلام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في افتتاحه أعمال المنتدى- المبادرة التي كان أطلقها في آذار/ مارس الماضي، وذلك بإعلانه عن إستراتيجية صفر انبعاثات كربونية بحلول العام 2060.
تخفيض الانبعاثات بمعدل الضعف
تناول بن سلمان إطلاق المملكة مبادرات في مجال الطاقة من شأنها تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن بحلول العام 2030، أي ما يعادل تخفيضاً بأكثر من ضعف مستهدفات بلاده المعلنة في ما يخص تخفيض الانبعاثات، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة بحسب أهداف المبادرة.
وذكر ولي العهد بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل ثمانية ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراض محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20 في المئة من إجمالي مساحتها.
وتشمل المبادرات، من ضمن أهداف "مبادرة السعودية الخضراء"، زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود المقبلة، أي ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة المساحة الحالية المغطاة بالأشجار إلى 12 ضعفاً، تمثل مساهمة المملكة بأكثر من 4 في المئة في تحقيق أهداف المبادرة العالمية للحدّ من تدهور الأراضي والموائل الفطرية و1 في المئة من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى مشروع تأسيس العلا أول بنك بذور لرعاية 600 ألف بذرة بحلول العام 2023، بحسب الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا عمرو مدني، موضحاً أن العلا تهدف إلى تقليل الانبعاثات من خلال مبادرات تجري حالياً، وشدّد مدني على أن التحول الأخضر بالعلا سيسهم في إعادة ونمو غطائها النباتي وإعادة توليد ما يجب توليده وتجديده.
خطط "طموحة"
مبادرة السعودية الخضراء صورة للخطط "الطموحة" للمملكة كما وصفها وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إذ تعتزم المملكة أن تصبح أكبر مصدر للهيدروجين بلا منازع، وتخطط لتصنيع سيارات كهربائية.
وكان ولي العهد الامير محمد بن سلمان قال في افتتاح المنتدى إن لدى المملكة مشاريع في مجال الهيدروكربون النظيف والتي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من انبعاثات الكربون، وإلى زيادة نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94 في المئة، مشيراً إلى عزمه تحويل مدينة الرياض إلى واحدة من أكثر المدن العالمية استدامة.
وفي حين ذكر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي سلطان بن أحمد الجابر في جلسة الافتتاح أن "الموارد الهيدروكربونية تشكل حالياً أكثر من 80 في المئة من نظام الطاقة العالمي، ويمثل النفط والغاز تحديداً نحو 55 في المئة من هذه الموارد"، أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن هدف المملكة هو إنتاج 29 مليون طن من الهيدروجين الأزرق والأخضر بحلول العام 2030.
وتستثمر المملكة بقوة في الهيدروجين الذي ينظر إليه حالياً كوقود بديل حيوي للتحول من الغاز والنفط. وتخطط أرامكو، أكبر منتج للنفط في العالم، لإنتاج الهيدروجين الأزرق الذي يتم الحصول عليه من خلال تحويل الغاز والتقاط انبعاثات الكربون، في حين تعتزم مصانع أخرى تصدير الهيدروجين الأخضر المصنوع من الطاقة المتجددة بما فيها مصنع يتم بناؤه في مدينة نيوم الجديدة، اعتباراً من العام 2025، علماً بأن أرامكو ومعهد اقتصادات الطاقة الياباني (IEEJ) بالشراكة مع "سابك"، نجحت قبل عام تقريباً، بإنتاج وتصدير أول شحنة مكونة من 40 طناً من الأمونيا الزرقاء العالية الجودة إلى اليابان لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون.
ثلاثة أهداف شاملة
تهدف مبادرة السعودية الخضراء إلى رفع مستوى جودة الحياة وحماية الأجيال المقبلة في المملكة العربية السعودية، وهي تجمع بين حماية البيئة، وتحقيق تحولات كبيرة في قطاع الطاقة، وبرامج الاستدامة للوصول إلى ثلاثة أهداف شاملة ترمي إلى بناء مستقبل مستدام للجميع، وتتمثل في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير المملكة العربية السعودية، وحماية المناطق البرية والبحرية. ووصول المملكة، وفق ما أعلن، إلى صفر انبعاثات، يعني انعكاس منحى اتجاه زيادة الانبعاثات بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، إذ تحل المملكة حالياً في المركز العاشر كأكثر مصدر لانبعاثات الكربون ضمن دول مجموعة العشرين.
عمل مشترك على مستوى المنطقة
لم يأتِ إعلان المملكة العربية السعودية عن الوصول إلى الحياد الصفري بحلول العام 2060 يتيماً، بل تبعه إعلان في اليوم التالي إعلان مملكة البحرين هدف الوصول إلى الحياد الصفري بحلول العام 2060 أيضاً، وسبقه قبل أيام إعلان الإمارات عن إستراتيجية الحياد المناخي 2050، مما يؤكد على توجّه شامل لدى دول المنطقة للاضطلاع بدور مؤثر في قضايا المناخ والبيئة، وربما يندرج في إطار "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" التي أعلنها كذلك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في آذار/ مارس الماضي تزامناً مع إعلان "مبادرة السعودية الخضراء"، وهذا ما أكّده الوزير الجابر في كلمته أيضاً خلال افتتاح المنتدى بقوله إن "مبادرة المملكة تمثل نقلة نوعية في جهود التصدي لتداعيات تغير المناخ، وتؤكد الدور الحيوي الذي يمكن أن تقوم به منطقتنا في إيجاد حلول عملية في هذا المجال"، مشدّداً "على استعداد الإمارات للتنسيق والعمل المشترك لتحقيق أهداف بلدينا الشقيقين ومنطقتنا".
واعتبر الجابر أن "النهج الشامل القائم على الشراكة والذي ينظر إلى التحول في قطاع الطاقة كفرصة اقتصادية، هو أفضل طريقة لتحقيق تقدم عالمي مستدام"، مضيفاً أنه "من خلال اتباع هذا النهج، يمكن للعالم أن يغتنم فرصة التحول في قطاع الطاقة والاستثمار في حلول منخفضة الكربون لتحقيق الازدهار الاقتصادي للجميع".
حلول مرنة ومقاربة مختلفة
لكن الجابر، وفي كلمته أيضاً، لم يلغِ الدور المهم للنفط والغاز في تلبية احتياجات الطاقة حالياً وخلال فترة التحول في قطاع الطاقة وفي المستقبل، مشيراً إلى "ضرورة تصميم الحلول المناخية بشكل مرن يتلاءم مع احتياجات مختلف الدول بحسب خصوصيات وظروف كل منها، وأن لا يتم فرض نموذج واحد على الجميع، وأن يكون العمل المناخي فرصة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للجميع".
ولاقى الجابر وزير الطاقة السعودي الذي اعتبر أن "مقاربة كل حكومة للحدّ من انبعاثات الكربون مختلفة، وأن السعودية ستواصل الدفع بالاستثمار في إنتاج الغاز والنفط"، وقال: "إن العالم لا يمكنه العمل من دون الوقود الأحفوري، والهيدروكربون. وليست هذه المصادر أو الطاقة المتجددة هي المنقذ، إنما يجب أن تكون عملية شاملة"، مضيفاً أن "محادثات COP26 يجب أن تكون بدورها شاملة، والشمولية تتطلب الانفتاح لقبول ما سيقوم به الجميع طالما أنه يساهم في خفض الانبعاثات"، وقال إن "الأدوات في جعبتك مختلفة تماماً عن تلك في جعبتي".
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال