نظام عالمي جديد للنفط سيغيّر منظمة اوبك بلس
نظام عالمي جديد للنفط سيغيّر منظمة اوبك بلس
- أحمد عياش
للمرة الأولى يجري فيه الحديث عن نظام عالمي جديد يضبط اسواق الطاقة، ولاسيما النفط. واول المتأثرين بمثل هذا النظام ستكون منظمة أوبك بلس، التي كانت ثمرة اتفاق ضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة عضواً في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وقد جرى التوصل لهذا الاتفاق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 بهدف خفض إنتاج البترول لتحسين أسعار النفط في الأسواق.
ما هي قصة هذا النظام وتأثيراته التي بدأت تظهر؟ في اول شهر حزيران/ يونيو كتب كليفورد كراوس، تحت عنوان "حظر النفط الروسي في أوروبا قد يعني نظاماً عالمياً جديداً للطاقة " في النيويورك تايمز، قائلاً إنه يمكن لمثل هذا النظام أن يضرّ بروسيا، العضو البارز في منظمة أوبك بلس، "لكنه قد يساعد أيضاً في رفع أسعار النفط المرتفعة بالفعل، ما يضرّ بالاقتصاد العالمي ويثري شركات الطاقة،" على حد تعبير الكاتب.
وفي اليوم نفسه، خرجت صحيفة الفايننشال تايمز بتقرير تحت عنوان "السعودية مستعدة لضخ المزيد من النفط إذا انخفض الإنتاج الروسي الواقع تحت الحظر"، مضيفة ان الرياض تدرك أنها يجب ألا "تفقد السيطرة" على أسعار النفط مع فرض عقوبات على الطاقة التي تضرب موسكو.
وكما يقال "لا دخان بلا نار،" فقد ارتفعت أسعار النفط اول هذا الشهر، بعدما وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي وتدريجي للنفط الروسي، وبعدما أنهت الصين إغلاقاً لمكافحة كوفيد-19 في مدينة شنغهاي. فقد ارتفع خام برنت تسليم شهر آب أغسطس 35 سنتاً أو 0.3 في المئة إلى 115.95 دولار للبرميل. وأغلقت عقود تسليم تموز/ يوليو عند 122.84 دولار للبرميل، بزيادة واحد في المئة.
وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 37 سنتاً أو 0.3 في المئة إلى 115.04 دولار للبرميل.
بالعودة الى النيويورك تايمز، فقد ذكرت أن الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على أغلب واردات النفط الروسية من شأنه أن يحدث هزة جديدة للإقتصاد العالمي، الأمر الذي من شأنه أن يدفع إلى إعادة تنظيم تجارة الطاقة العالمية التي تترك روسيا أضعف اقتصادياً، وتمنح الصين والهند قوة تفاوضية، وتثري المنتجين مثل المملكة العربية السعودية. ورأت الصحيفة ان أوروبا والولايات المتحدة ومعظم بقية العالم قد تعاني، لأن أسعار النفط، التي تسير في ارتفاعات منذ أشهر، يمكن أن ترتفع أكثر مع شراء أوروبا للطاقة من موردين بعيدين. وسيتعيّن على الشركات الأوروبية أن تجوب العالم بحثاً عن درجات النفط التي يمكن لمصافيها معالجتها بسهولة مثل النفط الروسي. وقد يكون هناك نقص متقطع في بعض أنواع الوقود مثل الديزل، وهو أمر بالغ الأهمية للشاحنات والمعدات الزراعية.
وقال خبراء الطاقة إن بحث أوروبا عن إمدادات نفطية جديدة - وسعي روسيا للعثور على مشترين جدد لنفطها - لن يترك أي جزء من العالم دون مساس، لكن معرفة التأثير على كل بلد أو عمل تجاري أمر صعب لأن القادة والمديرين التنفيذيين للطاقة والتجار سوف يستجيبون بطرق مختلفة.
ويمكن حماية الصين والهند من بعض أعباء ارتفاع أسعار النفط لأن روسيا تقدم لهما نفطاً مخفضاً. ففي الشهرين الماضيين، أصبحت روسيا ثاني أكبر مورد للنفط إلى الهند، متجاوزة منتجين كبار آخرين مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولدى الهند العديد من المصافي الكبيرة التي يمكن أن تحقق أرباحاً غنية عن طريق تكرير النفط الروسي إلى ديزل وأنواع وقود أخرى في ارتفاع الطلب في جميع أنحاء العالم.
في سياق متصل، ووفقاً للفايننشال تايمز، أشارت المملكة العربية السعودية إلى حلفائها الغربيين إلى أنها مستعدة لزيادة إنتاج النفط إذا انخفض إنتاج روسيا بشكل كبير تحت وطأة العقوبات، وذلك استناداً إلى خمسة أشخاص مطلعين على المناقشات. وقاومت المملكة دعوات من البيت الأبيض لتسريع زيادات الإنتاج على الرغم من تداول أسعار النفط بالقرب من 120 دولاراً للبرميل وهو أعلى مستوى في عشر سنوات لأن أزمة الطاقة قد تزداد سوءاً هذا العام. وتعتقد المملكة العربية السعودية أنها بحاجة إلى الاحتفاظ بالطاقة الإنتاجية الفائضة في الاحتياطي. لكن المخاوف من نقص تام في الإمدادات زادت بعد أن أطلق الاتحاد الأوروبي جولة أخرى من العقوبات ضد موسكو، بما في ذلك حظر استيراد شحنات النفط الروسي المنقولة بحراً إلى التكتل، كما وافق الاتحاد الأوروبي على اتفاق مع المملكة المتحدة لمنع التأمين على السفن التي تحمل النفط الروسي في وقت لاحق من هذا العام، وهي خطوة، قال محللون إنها من المرجح أن تحد بشدة من قدرة موسكو على إعادة توجيه النفط إلى مناطق أخرى.
وكانت روسيا تنتج أكثر من 10 في المئة من الخام العالمي قبل غزوها لأوكرانيا. كما كانت هناك توترات بين الولايات المتحدة والقيادة السعودية، لكن زيارات عدة قام بها وفد أميركي رفيع المستوى في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك بريت ماكغورك، منسق البيت الأبيض لسياسة الشرق الأوسط، وعاموس هوكشتاين، مبعوث البيت الأبيض لشؤون الطاقة، ساعدت في تحسين العلاقة، والعمل على تهدئة الأسعار كجزء من التقارب مع إدارة الرئيس جو بايدن، كما قدمت الرياض تطمينات بأنها سترد في نهاية المطاف بزيادة الإنتاج إذا ضربت أزمة الإمدادات سوق النفط.
وذكرت الصحيفة البريطانية، إن زيادات الإنتاج المقررة في أيلول/ سبتمبر ستقدم إلى تموز/ يوليو وآب/أغسطس المقبليّن، برغم أنه سيتعين على المجموعة (اوبك بلس) الموافقة على التغيير.
وأتت هذه التطورات، في وقت كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يزور الرياض، حيث التقى بنظيريه السعودي والإماراتي. وأكدت الدول الثلاث مجدداً اتفاقها على مواصلة التعاون في أوبك+. وقالت أمريتا سين في Energy Aspects، وهي شركة استشارية انه "حتى مع تحرك العلاقات السعودية الأميركية نحو التقارب، فإن المملكة لن تدير ظهرها لروسيا". وقال لافروف، خلال وجوده في السعودية، آخر محطات زيارته للشرق الأوسط، إن التعاون من خلال أوبك بلس، لا يزال مهماً بالنسبة لروسيا. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف التقى بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان وأشادا بمستوى التعاون داخل أوبك بلس، كما قالت الخارجية الروسية إن وزيري خارجية روسيا والإمارات أشارا إلى التعاون الوثيق في تجمع أوبك بلس النفطي من أجل استقرار أسعار الطاقة العالمية والقدرة على التنبؤ بها. وفي سياق موازٍ، أعلن الكرملين أن روسيا تتخذ إجراءات من شأنها أن "تقلل"من تأثير الحظر على النفط الروسي الذي قرره الاتحاد الأوروبي لمعاقبة موسكو على غزوها أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "سيكون لهذه العقوبات تأثير سلبي على أوروبا، وعلينا، وعلى أسواق الطاقة العالمية بأسرها. لكن هناك إعادة توجيه (للاقتصاد الروسي) ستسمح لنا بتقليل العواقب السلبية".
وكان قادة الاتحاد الأوروبي، قد اتفقوا من حيث المبدأ في 30 حزيران يونيو الماضي، على خفض واردات النفط الروسي 90 في المئة بحلول نهاية العام. وبمجرد إقرار العقوبات على النفط الخام بالكامل، سيتم تنفيذها على مراحل على مدى ستة أشهر بالنسبة الى الخام على مدى ثمانية أشهر للمنتجات المكررة. ويستثني الحظر النفط الروسي عبر خط أنابيب؛ في تنازل لهنغاريا ودولتين أخريين غير ساحليتين في وسط أوروبا.
مرة أخرى، ماذا يعني ان يولد "نظام عالمي جديد" يقود أسواق النفط؟ على ما يبدو، وفق المعطيات المتوافرة حتى الآن، فإن مثل هكذا نظام، هو تجسيد للمثل القائل "الحاجة أم الاختراع." في نهاية المطاف، ان العالم يكيّف نفسه مع تداعيات حرب أوكرانيا، التي ستكون لها الكلمة إذا ما استمرت أو انتهت.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال