الميتافيرس.. طيف سيشكل ملامح الجيل المقبل رقمياً

يعيش الجيل الحالي تطوراً تكنولوجياً قد يفضي إلى عالم افتراضي مشترك، يجمع بين العالمين الرقمي والمادي لخلق فرص غير مسبوقة قد تحدد طريقة عيشنا على صعيد العمل والاجتماع، حتى اللعب.

ومما لا شك فيه، أن العقد المقبل سيتسم بتقدم تكنولوجي سيشهد الجمع بين أحدث الابتكارات في مجال البرمجيات واشباه الموصلات وإنترنت الأشياء والواقع الافتراضي والواقع المعزز والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، قد تؤدي إلى إنشاء مساحة رقمية ثورية.

ما هو الـميتافيرس؟

استناداً الى ما سبق، يصبح الحديث عن الميتافيرس Metavers، ضرورة لمعرفة تفاصيل هذه التقنية التي تعدّ مجالاً افتراضياً ثلاثي الأبعاد، تفاعلية يمكنها محاكاة ظروف العالم الحقيقي من خلال الجمع بين العديد من وظائف الانترنت. وبمعنى آخر، فإن الميتافيرس هو طيف من العوالم ونماذج الأعمال المعززة رقمياً، إذ يمكن للأشخاص فيه استخدام الرموز الشخصية لتنفيذ جميع أنواع الأنشطة، من العمل الى الترفيه بسلاسة، وفي بيئة رقمية صرفة.

وعلى الرغم من الجدل الدائر حول تعريف Metaverse، فإنه ليس هناك أدنى شك في الكيفية التي ستقود بها هذه التكنولوجيا تطور الإنترنت في المستقبل.

وفقاً لشركة الأبحاث والاستشارات التكنولوجية غارتنر، فإنه في حلول العام 2026، سيقضي 25 في المئة من الأشخاص ساعة واحدة على الأقل يومياً في العمل والتعلم والتواصل الاجتماعي والترفيه والتسوق الالكتروني. ومع مرور الوقت، سترتفع المشاركة حيث يصبح Metaverse مستقلاً عن الأجهزة ويتجاوز حدود موقع معين، بحيث لا يظل مرتبطاً بشبكة Wi-Fi أو اتصالات سلكية، بل قد ينمو إلى كيان شامل، ما سيؤدي إلى تحقيقه لفوائد مذهلة. فالـ Metaverse سيلغي المسافات الجغرافية، ويقود المستخدمين في تجارب فريدة، ويعزز التفاعل الاجتماعي، ويحسن الرعاية الصحية والتعليم والألعاب، ويولد فرص عمل جديدة من خلال إنشاء اقتصادات مختلفة.

وفي هذا الإطار، تشير أحدث التقديرات إلى أن إجمالي سوق الـ Metaverse يمكن أن ينمو إلى ما بين 8 تريليونات و 13 تريليون دولار في حلول العام 2030، ويتوقع أن يعيد الميتافيرس تشكيل سلوك المستهلك والإنتاج الصناعي، كما سيكون له أيضاً تأثير إيجابي كبير على ممارسات الاستدامة.

سيظهر Metaverse باتجاهين، التعزيز البشري ودمج الرقمي والمادي، وسيتوسع بشكل أكبر في حلول العام 2030، وتتمثل الأهداف الأساسية للتعزيز البشري في تحسين واجهات التفاعل بين الإنسان والكمبيوتر، وستتيح الإضافات مثل نظارات الواقع الافتراضي وردود الفعل التي يتم التحكم فيها عن بُعد وواجهات الدماغ والآلة للمستخدمين التفاعل في Metaverse.

وفي حين أن العديد من جوانب Metaverse لا تزال محاطة بالكثير من الغموض، فإن مجموعتي التكنولوجيا الرئيسيتين اللتين توفران الدعم الأساسي للـ Metaverse هما Web3 والسحابة.

وتشكل تقنية السحابة حجر الأساس للتحول الرقمي عبر جميع القطاعات، وينصب التركيز بشكل متزايد على جعل البنية التحتية للشبكة أصلية بالكامل في السحابة ومجهزة للاستفادة من البنية السحابية الموزعة.

ميتافيرسات عدة

تعتقد شركة نوكيا أنه سيكون هناك العديد من شبكات ميتافيرس يمكنها أن تلبي احتياجات العملاء والشركات والمجتمعات المختلفة، وهي تندرج تحت ثلاث فئات واسعة: الصناعية، والمؤسسات، والمستهلكون. وستكون لهذه الميتافيرسات قواسم مشتركة، تتصل ببعضها بعضاً بدرجات متفاوتة وتتشارك التقنيات والأجهزة والواجهات، لكنها على الرغم من ذلك، فإنها ستختلف عندما يتعلق الأمر بالتطبيقات ونماذج الأعمال.

شبكة للقيادة

لا يمكن أن يزدهر Metaverse بكل إمكاناته الهائلة من دون بنية اتصال قوية وموجودة في كل مكان. فالشبكة ستكون عامل التمكين الحاسم للفرص التي نتوقع أن يقدمها Metaverse، ويقول رئيس الاستراتيجيات والتكنولوجيا في نوكيا نيشانت باترا: "نحتاج إلى شبكات قوية ومرنة وقوية للغاية. نحن بحاجة إلى تطورات كبيرة في زمن الانتقال وعرض النطاق الترددي والسرعة". ويضيف: "لقد وضعنا بالفعل أساس الاتصال مع 5G، لكننا بحاجة إلى تطور مستمر للشبكة على مدى السنوات العشر المقبلة من أجل ازدهار نظام Metaverse الكامل". ويفهم من هذا الكلام أن شبكات العقد المقبل ستحتاج إلى توفير الاتصال الأمثل والسعة الهائلة لتلبية الطلبات المتزايدة للميتافيرس، وربما هذا ما قد يتحقق من خلال شبكات الأجيال المقبلة التي ستدعم Metaverse أثناء توسعه في جميع القطاعات والاتجاهات.

تعاون في سبيل النجاح

إن ما سبق يقود إلى التأكد أن الـ Metaverse لا يمكن أن يكون حصرياً، بل هو مهمة ضخمة تتطلب جهداً عالمياً وتعاوناً على مستوى النظام الإيكولوجي. ولكي يكون الـ Metaverse ناجحاً يجب أن يكون مفتوحاً وآمناً ومستداماً بيئياً وشاملاً للجميع، ويدعو لاعبين متنوعين إلى مجتمع رقمي يشجع الابتكار ويترجم إلى المزيد من القيمة لجميع المعنيين، وهذا ما عبّرت عنه بيكا لوندمارك الرئيسة والمديرة التنفيذية لنوكيا حين قالت: "لن يتمكن أي شخص من امتلاك Metaverse، نحن بحاجة إلى التعاون من أجل بنائه لضمان تحقيق إمكاناته الكاملة".