لماذا رفعت "موديز" التصنيف الائتماني للسعودية؟

  • 2023-03-20
  • 17:53

لماذا رفعت "موديز" التصنيف الائتماني للسعودية؟

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

 

يرتدي قرار وكالة "موديز" الأخير رفع التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية إلى درجة A1 (مع تغيير أفق الاقتصاد إلى "إيجابي") أهمية خاصة، ليس فقط بالنظر لما يحمله من شهادة على القوة المالية للمملكة، بل لأن "موديز" دعمت قرارها بعرض إيجابي شامل لأداء الاقتصاد السعودي أكدت فيه اقتناعها بأن حزم الإصلاحات المتوالية التي تبتها الحكومة السعودية منذ العام 2017، بدأت بالفعل تعطي ثمارها باتجاه تعزيز القوة المالية للمملكة وتخفيف دور النفط وتنمية الاقتصاد غير النفطي وتعزيز مناعة الاقتصاد للأنواء السياسية والاقتصادية، في وقت تعاني معظم الاقتصادات العالمية من احتمالات متزايدة للركود وارتفاع معدلات التضخم والدين.

 

قد يهمك:

رئيس التسويق بـ"الخطوط السعودية": المساهمة بتحويل المملكة لوجهة سياحية عالمية

 

وجاء في بيان "موديز" أن تبديل أفق الاقتصاد السعودي إلى "إيجابي" يعكس الاحتمال المتزايد بأن تتمكن المملكة من خلال الإصلاحات والاستثمارات في القطاعات غير النفطية من خفض اعتماد اقتصادها وماليتها على النفط، وهو ما سيقلل انكشافها على تقلبات على دورات سعر النفط، كما إنه سيعجل انتقال المملكة إلى مرحلة الحياد الكربوني ويعزز قدرتها على دعم العقد الاجتماعي في المملكة من دون الحاجة لزيادات كبيرة في الإنفاق الحكومي. 

وقال تقرير "موديز" إن الحكومة السعودية حققت تقدماً في تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية التي ستدعم الاستدامة والمزيد من التنويع في المديين المتوسط والبعيد. وأسند تقرير "موديز" تأكيد تصنيف A1 للقدرة الاقتراضية للمملكة إلى جملة من العوامل الإيجابية أهمها:

  1. الحجم المعتدل نسبياً للدين العام السعودي (نحو 25 في المئة من الناتج المحلي) وهو أقل بكثير من معدل الدين العام لدى معظم البلدان التي تقوم الوكالة بتصنيفها.
  2. إسهام الإصلاحات القانونية والقضائية والإجرائية في تعزيز "حكم القانون" وهو ما يعزز ثقة المستثمرين في المملكة كمقصد للعمل وتأسيس الشركات والاستثمار.
  3. توافر وسائل فعالة لامتصاص الصدمات الاقتصادية أبرزها الأصول المالية الكبيرة للحكومة والقوة الاقتصادية المستندة إلى القوة الاستثنائية للمملكة في سوق النقط العالمية.
  4. التوجه المتزايد لتنويع الاقتصاد والمكونات غير النفطية للاقتصاد المحلي.
  5. النمو المتواصل للاحتياطات المالية للمملكة والأصول المالية لصندوق الاستثمارات العامة وهو ما يسمح للمملكة باستيعاب الصدمات.

 

تقدّم في الإصلاحات 

 

وقالت الوكالة في تقريرها إن المملكة العربية السعودية أنجزت ولا تزال تنجز تقدماً ملموساً في عدد من المجالات أبرزها الإصلاحات الاجتماعية وإصلاح النظام القضائي ونظام التعليم وإصلاح الاقتصاد والإدارة الحكومية وكل هذه الإصلاحات باتت تشكل أرضية قوية لمزيد من الاستثمار من قبل القطاع الخاص في القطاعات غير النفطية. ونوّهت "موديز" بالإصلاحات الاجتماعية والتي فتحت الباب لفرص كبيرة جديدة في قطاعات السياحة المحلية والترفيه والتي تساهم بقدر كبير من تنويع الاقتصاد المحلي وتحسين جودة الحياة، كما إنها ستعزز في المدى الطويل قدرة المملكة على اجتذاب المهارات والكفاءات التي يمكنها دعم النمو واقتصاد المعرفة في المملكة.

 

إقرأ أيضاً:

ونوّه تقرير موديز بصورة خاصة بإصلاحات النظام القضائي وإنشاء المحاكم التجارية وهو ما يعزز دور القضاء في حل النزاعات وتنفيذ العقود، كما إن التطوير الشامل لأنظمة التعليم  في المدى الطويل بتوفير الكفاءات المحلية واجتذاب المهارات. وأبرز تقرير "موديز" الإصلاح المهم الذي تضمن رفع القيود على تملك المستثمرين الأجانب لـ 100% من المشاريع والشركات التي ينشئونها في السعودية وذلك في معظم القطاعات وكذلك إدخال نظام الإقراض بالرهن العقاري والقروض السكنية ونظام الإفلاس وتمكين المرأة في المجتمع وسوق العمل.

وكل هذه الإصلاحات تعزز حسب "موديز" بيئة الاستثمار وتأسيس الشركات في المملكة وتزيد بالتالي جاذبيتها كمقصد للاستثمارات الخاصة المحلية والخارجية، كما إن الإصلاحات ستعزز مسيرة السعودية لتنويع اقتصادها وزيادة القاعدة غير النفطية لموارد الميزانية والإنفاق الحكومي.

ولفتت موديز النظر إلى الدور المهم الذي يلعبه صندوق الاستثمارات العامة في دعم خطط الإنفاق على المشاريع العملاقة والتي تظهر التطورات أن تنفيذها بدأ بالفعل.

 

توقعات بتسارع وتيرة التنمية المحلية للمشاريع العملاقة بالسعودية

 

وتوقعت "موديز" أن تتسارع وتيرة التنمية المحلية للمشاريع العملاقة التي يقدر حجم الإنفاق المتوقع لتحقيقها بنحو 700 مليار دولار (نحو 65 في المئة من الناتج المحلي للعام 2022) مشيرة إلى أن الصندوق لم يستعمل بعد سوى نسبة بسيطة من موارده في تنفيذ تلك المشاريع. وتوقعت "موديز" أن تأتي نسبة متزايدة من التمويلات المطلوبة لهذه المشاريع من مساهمات القطاع الخاص في المراحل المقبلة وهو ما سيؤمن الجدوى وقدرة الاستمرار التجارية لهذه المشاريع في المدى الطويل. ولاحظت "موديز" في هذا المجال النمو الكبير في القيمة المضافة من القطاع الخاص إلى الاستثمارات غير النفطية في الفترة 2020-2021، كان لافتاً هبوط معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى من 10 في المئة خلال العام 2022 وذلك للمرة الأولى منذ 15 عاماً. وتوقعت الوكالة أن يصل معدل النمو السنوي للقطاع غير النفطي إلى 5 في المئة سنوياً في السنوات الخمس المقبلة.

وعرضت "موديز" في خاتمة التقرير جملة من المؤشرات الاقتصادية والمالية التي تؤكد قوة الاقتصاد السعودي ونجاح برنامج الإصلاحات الهيكلية التي بدأت الحكومة بتنفيذها منذ العام 2017. ومن أهم تلك المؤشرات بلوغ الناتج المحلي بالفرد في العام 2021 (بمعادل القوة الشرائية) PPP نحو 49,386 دولار.