المصارف السعودية في 2022: نتائج قياسية على خلفية تسارع النمو الاقتصادي

حققت المصارف السعودية المدرجة في البورصة السعودية "تداول" ارباحاً قياسية في العام 2022. وسجلت هذه الارباح نمواً بنسبة 28 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى حدود 63 مليار ريال سعودي (16.6 مليار دولار أميركي) بفعل نمو ايرادات الفوائد مع ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة الطلب على التمويل ولا سيما من قبل القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع الاستثمارية الضخمة ضمن رؤية 2030.

واستفادت المصارف السعودية من تسارع النمو الاقتصادي الذي تجاوز نسبة 8.8 في المئة نتيجة ارتفاع اسعار النفط وزيادة الانفاق على المشاريع العملاقة وغيرها من المشاريع من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي والقطاع الخاص، بالاضافة الى تسريع المصارف للرقمنة في العمليات والخدمات لخدمة شرائح اوسع من العملاء بطريقة افضل وتكاليف اقل.

اقرأ أيضاً:

ترتيب "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" لأكبر المصارف السعودية: "الأهلي" يتصدر بالأرباح و"ساب" الأسرع نمواً

في موازاة ذلك، شهدت أسهم المصارف السعودية إقبالاً كثيفاً من قبل المستثمرين، ونمت القيمة المتداولة بنحو 47 في المئة إلى 372 مليار ريال في العام 2022. ومثّل هذا الرقم نحو 23 في المئة من إجمالي القيمة المتداولة على الأسهم السعودية كافة. وفي المقابل تراجع مؤشر القطاع المصرفي بنحو 5.6 في المئة خلال العام الماضي متأثراً بالأداء العام للأسهم محلياً وعالمياً نتيجة ارتفاع عوامل المخاطرة وهو ما انعكس سلباً على أساسيات التقييم. وعليه، تراجعت القيمة السوقية الإجمالية لأسهم المصارف السعودية المدرجة إلى 945 مليار ريال في نهاية العام 2022 من 998 مليار ريال في العام 2021، فيما بلغ مكرر الربحية 15.1 ضعف مقارنة بنحو 20.5 ضعف في العام الذي سبقه. كذلك، بلغ مكرر القيمة الدفترية 2.03 ضعف مقارنة بنحو 2.21 ضعف في العام 2021. ومن المتوقع أن يؤدي تراجع مكررات التقييم بالتوازي مع ارتفاع الأرباح إلى زيادة جاذبية القطاع أمام المستثمرين.

وأظهرت النتائج السنوية سيولة جيدة ومتانة مالية مرتفعة وهو ما يساعد المصارف السعودية للحفاظ على تصنيف ائتماني مرتفع ولا سيما في ظل الأزمات والتحديات التي تواجهها هذه المصارف في عدد من الدول الصناعية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية واوروبا نتيجة الارتفاع المتواصل لأسعار الفائدة وتشدد السياسات النقدية وسحب السيولة من الاسواق والتي ادت جميعها الى تراجع اسعار اسهم هذه المصارف وارتفاع كلفة التأمين على ديونها وموجات سحوبات في بعض الحالات.

قد يهمك:

قطار بكين السريع: اتصال شي وبن سلمان واتفاق الرياض وطهران

نمو الطلب على الإقراض

ارتفع إجمالي ايرادات الفوائد بنحو 37 في المئة ليبلغ 121 مليار ريال نتيجة ارتفاع متوسط أسعار الفائدة وزيادة الطلب على التمويل. وقد نمت محفظة القروض والسلف بنحو 14.5 في المئة الى رقم قياسي يبلغ 2.21 تريليون ريال مدفوعاً بزيادة الطلب على القروض الشخصية بنحو 14 في المئة إلى 1.16 تريليون ريال وعلى القروض الممنوحة للمؤسسات الحكومية غير المالية بنسبة 34 في المئة إلى 128 مليار ريال.

الى ذلك، شهد العام 2022 نمواً في ودائع العملاء بنسبة 26 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 2.67 تريليون ريال، مستفيدة من ارتفاع الودائع الزمنية والإدخارية بنحو 32 في المئة،  وهي أعلى وتيرة منذ 16 سنة، إلى 655 مليار ريال، فضلاً عن نمو الودائع الحكومية 10 في المئة إلى 594 مليار ريال. وقد رافق ذلك ارتفاع في صافي ايرادات الفوائد بنسبة 21 في المئة ليسجل 101 مليار ريال، ولكن انعكس ارتفاع تكلفة التمويل تراجعاً في هامش صافي ايرادات الفوائد بنحو 11 نقطة مئوية ليبلغ 84 في المئة.

البنك المركزي السعودي يدعم في السيولة... وتراجع ملحوظ بالمخصصات

تظهر النتائج المالية تراجع نسبة القروض الى الودائع بمقدار 9 نقاط مئوية إلى 83 في المئة، إذ استفادت البنوك السعودية من السيولة التي ضخها البنك المركزي السعودي استجابة لشح مرحلي واجهته السوق في فترات قصيرة انعكس في ارتفاع في نسبة الفائدة بين المصارف (سيبور).

كذلك، أظهرت النتائج السنوية تراجعاً في قيمة المخصصات المجنبة بنحو 22 في المئة لتبلغ 9.6 مليارات ريال في العام 2022 مع تراجع مخاطر الائتمان إذ استفادت البنوك السعودية من الإجراءت التحفيزية التي اتخذها البنك المركزي السعودي لدعم القطاع ومواجهة التضخم وتعزيز النمو الإقتصادي. كذلك، واصلت المصارف تقديم الحلول التمويلية المبتكرة للشركات الناشئة فضلاً عن تطوير المعاملات المصرفية والمالية عن طريق زيادة استخدام التقنيات المالية (Fintech) والاعتماد على الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الرقمية بما فيها "البلوك تشاين" في سبيل تقديم الخدمة الأفضل والأسرع للعملاء بما يتماشى مع رؤيتها في مجال التحول الرقمي.

توقعات ببداية مرحلة المصارف الرقمية

وارتكازاً على هذه النتائج ومؤشرات العام الحالي، يتوقع ان تكون المصارف السعودية في وضع جيد لتحقيق نتائج قياسية في العام الحالي مع استمرار النمو في الطلب على التمويل والخدمات الاخرى ومحافظة الاقتصاد على اداء مستقر. ويتوقع ان يشهد العام الحالي بداية مرحلة المصارف الرقمية بعد حصول ثلاثة مصارف جديدة على تراخيص لتقديم الخدمات عبر منصات رقمية وهو ما يتوقع ان يزيد من درجة المنافسة في السوق وان يدفع المصارف القائمة على زيادة الاستثمار في تطوير حلولها ومنصاتها الرقمية. هذا، بالاضافة الى الدور المتزايد الذي بدأت تلعبه شركات التقنيات المالية والذي يتزايد عدد الشركات المرخص لها بشكل ملحوظ.