5G ثورة في عالم الاتصالات دونها تحديات أبرزها الأمان والخصوصية

يشهد عصر تكنولوجيا الاتصالات تحوّلاً كبيراً مع ظهور شبكات الجيل الخامس "5G" التي تعدّ نقلة نوعية في مجال الاتصالات، فهي أسرع وأكثر استقراراً وقدرة وفعالية، وتعتبر متفوقة على الجيل السابق من خلال التغييرات التي قد تحدثها في عالم الاتصالات.

ولا شك أن السرعة الفائقة تعد أبرز التحسينات التي تقدمها تقنية "5G" بفضل قدرتها على نقل كميات ضخمة من البيانات بسرعة قياسية، وبالتالي تصل سرعة الانترنت في الهواتف المحمولة إلى مستويات لم تكن ممكنة سابقاً، بمعنى أنه يمكن للأفراد تحميل ومشاركة الملفات الكبيرة ومشاهدة مقاطع الفيديو عالية الدقة وتجربة تطبيقات الواقع الافتراضي بشكل أسرع. ويتفرع عن هذه السرعة الجانب المتعلق بزمن الاستجابة المنخفض لهذه التقنية وهو الوقت الذي يستغرقه إرسال البيانات من الجهاز إلى الخادم والعودة، والذي يسمح بتحسين تجربة الاتصالات التفاعلية، مثل الألعاب وتطبيقات الواقع الافتراضي، كما يمكن استخدامه في تحسين الأتمتة في بعض الصناعات منها الطبية والرعاية الصحية عن بعد، والتي يكون فيها الزمن عاملاً حاسماً لضمان الاستجابة الفورية. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل تقنية 5G على تحسين كفاءة استخدام الطاقة في الشبكات اللاسلكية، ما يساهم في تحقيق استدامة الاتصالات، إذ تستخدم تقنية الجيل الخامس تقنيات مثل تقنية MIMO (Multiple-Input Multiple-Output) وتقنيات توجيه الشبكة الذكية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل استهلاك البطارية في الأجهزة المتصلة.

إقرأ أيضاً:

دراسة: 51% من العاملين في التسويق يستخدمون الذكاء الاصطناعي

ومن التحسينات التي يمكن أن تدخلها تقنية 5G على عالم الاتصالات هي توسيع انترنت الأشياء (IoT) إذ يمكن لها أن توفر القدرة على توصيل عدد هائل من الأجهزة المتصلة بشبكة واحدة. وهذا يعني أنه يمكن ربط أجهزة الاستشعار والأجهزة الذكية في المنازل والمدن والصناعات بشكل متسق، ما يسهم في تحسين الأتمتة والإنتاجية وتحسين استدامة العمليات.

وأيضاً تعتبر تقنية 5G حلاً فعالاً لتحسين الاتصال في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، إذ تستطيع التعامل مع عدد كبير من المستخدمين في الوقت نفسه، ما يقلل من التداخل ويحسن جودة الاتصال في المناطق المزدحمة مثل المدن والمطارات والمراكز التجارية. وكذلك يمكن لهذه التقنية تحفيز الابتكار، ذلك أنه من المتوقع أن تفتح تقنية 5G الباب أمام تطوير تطبيقات جديدة وخدمات مبتكرة أهمها في مجال الرعاية الصحية عن بعد وذلك على أساس أن الاتصال الفوري والاستجابة السريعة يعدان أمراً حاسماً في مجال الطب بحيث يمكن للأطباء الاستفادة من هذه التقنية لإجراء المشاورات عن بُعد وتقديم التشخيص والعلاج عن طريق الفيديو بجودة عالية ومن دون تأخير. كما يمكن استخدام تقنية الواقع الافتراضي لتدريب الأطباء والطلاب الطبيين على المهارات الجراحية المعقدة. كذلك يمكن لتقنية 5G  أن تحدث ثورة في صناعة السيارات بحيث ستمكن من تطوير السيارات الذكية وقيادتها، وذلك من خلال اتاحة هذه الشبكة للتواصل المباشر بين السيارات والبنية التحتية والمشاركة في الوقت الحقيقي للمعلومات المرورية والتنبيهات الأمانية. وبذلك ستساعد تقنية 5G في تحسين السلامة على الطرق وتقديم تجربة قيادة متصلة ومبتكرة. كذلك ستلعب تقنية 5G دوراً مهماً كمحرك قوي لتطوير تطبيقات الواقع المعزز والافتراضي، وسيمتد ذلك الدور إلى قطاعات مهمة أخرى كالتعليم، والتصنيع الذكي والتجارة الالكترونية، وسواها من القطاعات.

ماذا عن التحديات؟

وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لتقنية 5G والتغييرات التي قد تحدثها في عالم الاتصالات، إلا أنه هناك بعض التحديات التي قد تواجه استخدام هذه التقنية أهمها:

أولاً- التغطية: تعتمد تقنية 5G  على شبكات مكونة من مجموعة من الأبراج اللاسلكية الصغيرة والمتوسطة الحجم بشكل متكرر. ومع ذلك، قد تواجه تحديات في توفير تغطية متساوية وموثوقة في جميع المناطق، بما في ذلك المناطق الريفية والمناطق النائية. إذ قد تكون هناك صعوبات في تثبيت الأبراج وتأمين الترددات اللازمة لتوفير تغطية قوية في جميع المناطق.

ثانياً- العامل التجاري: أمام تقنية 5G وقتاً قبل أن تصبح متاحة على نطاق واسع وبأسعار معقولة. وعليه قد تكون هناك تحديات في توفير البنية التحتية اللازمة وتحديث الشبكات الحالية لدعم هذه التقنية. كذلك إن توفير الأجهزة المتوافقة مع تقنية 5G بأسعار معقولة للمستخدمين قد يكون تحديًا في المرحلة الأولى.

قد يهمك:

"هواوي" في مؤتمر "موبايل 360 - أوراسيا": الأمن السيبراني مسؤولية عالمية مشتركة

ثالثاً- استهلاك الطاقة: على الرغم من أن شبكات الجيل الخامس ستعزز كتقنية كفاءة الطاقة في الأجهزة المستخدمة، إلا انها قد تتطلب الكثير من البنية التحتية والمعدات الإضافية مثل الأبراج اللاسلكية والمحطات القائمة على الألياف البصرية. وهذا قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة. لذا يجب اتخاذ التدابير اللازمة لتطوير حلول فعالة من حيث التكلفة واستدامة الطاقة للتقليل من تأثير استهلاك الطاقة لهذه التقنية.

رابعاً- الأمان والخصوصية: مع زيادة عدد الأجهزة المتصلة وكمية البيانات المرسلة والمستقبلة عبر شبكة 5G، يصبح الأمان والخصوصية قضية حاسمة. وبالتالي يجب ضمان حماية البيانات الشخصية والتأكد من أن الشبكات والأجهزة محمية بشكل صحيح من التهديدات السيبرانية، وذلك يتطلب تطوير تقنيات الأمان المتقدمة والتدابير القانونية الملائمة للحفاظ على أمان استخدام 5G.

شبكات الجيل الخامس مستقبل الاتصالات

وختاماً، يمكن القول إن شبكات الجيل الخامس تمثل قفزة نوعية في مجال الاتصالات اللاسلكية، فهي توفر سرعات بيانات فائقة واستقرار اتصال لا نظير له. كذلك فمن خلال انترنت الأشياء، فإن 5G تتيح إمكانية ربط الملايين من الأجهزة والأشياء بشبكة متكاملة، ما يفتح الأبواب أمام طفرة تكنولوجية هائلة.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه تقنية 5G، مثل تكلفة التحديث والأمان، إلا أن الفوائد والإمكانيات التي تقدمها تبرر بالتأكيد الجهود المبذولة للتغلب على هذه التحديات. ذلك أننا نشهد تزايد الاعتماد على التكنولوجيا المحمولة في مختلف المجالات، بدءًا من الصناعة والنقل وصولاً إلى الرعاية الصحية والتعليم. وبفضل تقنية 5G، ستتسنى لنا تجربة عالم متصل بشكل لم نشهده من قبل، مع تحسين الكفاءة وتعزيز التنافسية العالمية.

وباختصار، فإن تقنية 5G تمثل الصورة المستقبلية للاتصالات والتي قد يؤدي الاعتماد عليها إلى تحقيق مزيد من التقدم والتنمية.