الدردري لـ "أولاً- الاقتصاد والأعمال": وضعنا خطة للتعافي المبكر في غزة والقطاع يحتاج لـ 40 مليار دولار لإعادة إعماره
الدردري لـ "أولاً- الاقتصاد والأعمال": وضعنا خطة للتعافي المبكر في غزة والقطاع يحتاج لـ 40 مليار دولار لإعادة إعماره
مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للمنطقة العربية: على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه غزة
-
حاوره فيصل أبو زكي
تمرّ منطقة الشرق الأوسط في حالة من الغليان نتيجة الأحداث الأمنية والحرب الإسرائيلية على غزة مع ما يرافقها من تأثيرات كبيرة على اقتصادات دول المنطقة. وعلى الرغم من هذه التداعيات الخطيرة، تعمل الأمم المتحدة بأجهزتها ومنظماتها كافة تحت الخطر ووابل الصواريخ والغارات لمساعدة أهالي القطاع على الصمود وتخطط لليوم التالي لانتهاء الحرب من خلال مبادرات متعددة لإعادة الإعمار.
كما تعمل المنظمة الدولية على محاور عدة أخرى في المنطقة من خلال وضع خطط ومبادرات اقتصادية وانسانية لدعم والتخفيف عن السودانيين نتيجة الحرب الدائرة في بلادهم بالإضافة إلى خططها ومشاريعها في الدول الخليجية من خلال تعزيز قدراتها التخطيطية والتنفيذية عبر الرؤى الطموحة الخاصة بهذه الدول.
وكان لـ"أولاً – الاقتصاد والأعمال" مقابلة مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للمنطقة العربية عبدالله الدردري...
هناك حرب في غزة مستمرة منذ 6 أشهر ودمار كبير غير مسبوق ومآس إنسانية كبيرة والمنطقة على صفيح ساخن. كيف ترى الأمم المتحدة نهاية هذه الحرب وما بعدها وهي المرحلة الأهم؟
بالنسبة إلى "الأمم المتحدة" وبحسب قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي لا بدّ من وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية من دون عوائق والتحرك فوراً نحو حلّ الدولتين فلا يمكن للمنطقة أن تبقى رهينة في هذا الصراع، ذلك أن مستقبل المنطقة ونموها والاستثمار فيها وتحقيق استقرارها، كله مرتبط بالوضع في فلسطين، وبالتالي فإن الأمم المتحدة واضحة جداً في هذا الموضوع. نحن كنا ضحايا بحيث فقدنا عدداً كبيراً من الزملاء في "الأونروا" وفقدنا زميلاً لنا في UNDP مع 70 فرداً من عائلته بالكامل في غارة واحدة، بالإضافة إلى أن معظم ما بنيناه في غزة كبرنامج إنمائي قد دمر. الصندوق الكويتي والبنك الإسلامي للتنمية كانا قد موّلا أفضل محطة لمعالجة المياه في شرق المتوسط في منطقة خان يونس بتكلفة 55 مليون دولار بأفضل التقنيات والطاقة المستدامة وغيرها، وهذه دمرت بالكامل عبر القصف والتفجير، وعليه لا تستطيع المنطقة أن تستمر من دون حل الدولتين. وبالاضافة إلى ذلك، هناك ثقب أسود اسمه الاقتصاد الفلسطيني المنهار وآثاره على بقية المنطقة، نحن نظن أن بعضنا قد يكون معزولاً عما يجري في غزة، ولكن الواقع وبشكل فجائي أنه في ليل 13 نيسان/أبريل وجدنا أنفسنا تحت مرمى الصواريخ تسير وتطير فوق الشرق الأوسط وهذا لا يمكن الاستمرار به.
هل هناك تصور لدى الأمم المتحدة حول مرحلة ما بعد الحرب ومرحلة إعادة الإعمار خصوصاً إعادة الإعمار البشري؟
نحن كبرنامج الأمم المتحدة الانمائي نعمل باعتبارنا آلية تنسيق بين جميع المنظمات، وقد وضعنا خطة للتعافي المبكر في غزة. نحن نعمل في الوقت الحالي من خلال القوافل الإنسانية وغيرها. ويعمل البرنامج الإنمائي في 4 مجالات في القطاع تحت القصف وهي إدارة النفايات الصلبة، وإدارة الركام، وإنشاء محطات الطاقة الشمسية لمعالجة المياه وتأمينها للشرب، ودعم البلديات التي انهارت تماماً بالإضافة إلى دعم القطاع الصحي من خلال تقديم رواتب وأجور ومعدات طبية وأدوية للعاملين في هذا القطاع وللمستشفيات المتبقية. أعددنا خطة متكاملة للتعافي المبكر والتي تشمل تأمين السكن الكريم واللائق لنحو 300 ألف إلى نصف مليون فلسطيني والرقم ممكن أن يرتفع إلى مليون متضرر في غزة إذا توفرت الموارد المالية اللازمة، ولكن ضمن إنشاء مجمّعات سكنية للناس في مواطنهم الأصلية، إذ إننا لن نسمح ولا نساهم بتهجير الناس، وتشمل هذه المجمعات الخدمات الصحية والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي والطاقة إضافة إلى بعض الخدمات الحكومية الأساسية مثل إصدار شهادات الوفاة والولادة، وإصدار شهادات الملكية وشهادات الهوية وأن تعود الحياة وتستمر الإدارة، ودعم المجتمع المحلي ودعم الجمعيات الأهلية حيث قمنا بتقييم أثر الحرب على المجتمع المدني، ونحضّر ضمن برنامجنا لدعم المجتمع المدني، وهذا يدخل الآن ضمن إطار إدارة الأزمة واليوم اللاحق مباشرة.
هل أصبح هناك تصور عالمي لعملية إعادة الإعمار وهل هناك بداية مشروع يتكوّن؟
بالنسبة لمرحلة التعافي المبكر من 3 إلى 5 سنوات بعد وقف إطلاق النار، لدينا تصور تفصيلي بإطار التخطيط الذي أصبح متكاملاً وبتوزيع الأدوار الذي أصبح واضحاً وهذه المرحلة كلفتها ما بين مليارين و3 مليارات دولار أميركي، وتسمح على الأقل باستعادة الحياة الطبيعية لنحو مليون مواطن فلسطيني، وتتداخل معها مرحلة التخطيط وإعادة الإعمار الشامل والتي تكلّف بحسب تقديراتنا ما بين 30 إلى 40 مليار دولار أميركي وستستمر لفترة طويلة من الزمن، وبالتالي سنعمل على خطين، الأول ضمان بأن المؤقت هو لائق لدرجة يمكن أن يبقى كدائم وأن عملية الاستثمار في بناء غزة عملية جاذبة استثمارياً وفي الوقت نفسه تحفظ كرامة المواطن، إذ إن من فقد منزله وفقد معه كل شيء لا يمكن الطلب منه فوراً شراء منزل جديد، فلا بدّ من أن نوفر الآليات التمويلية منخفضة الكلفة والفعّالة ونحن نعمل على بناء كل ذلك الآن. لا يوجد تصور شامل وتفسيري لإعادة الإعمار حتى الآن بل للتعافي المبكر، ويجب أن نكون على الأرض أولاً وأن نستكمل المسوحات والدراسات التفصيلية.
ما هي مصادر التمويل لإعادة الإعمار بمرحلتيه الأولى والثانية وما بعدهما؟
نحن بحاجة إلى هندسة تمويلية معقّدة ومركّبة، وهنا لا بدّ أن تقدّم الدول المانحة على اختلافها منحاً لتشكل النواة الصلبة لعملية التمويل، ولكننا ندرك سلفاً أنه لا يمكن أن نطلب من المجتمع الدولي أن ينفق 40 مليار دولار لإعادة إعمار غزة، فهناك نزاعات أخرى في العالم وأولويات أخرى مثال ذلك، أوكرانيا التي تجتذب جزءاً كبيراً من التمويل في العالم. لا بدّ من نواة صلبة وتقديراتي بألا يجب أن تقل عن 5 إلى 10 مليارات دولار، ويتم البناء عليها عبر تطوير برامج تمويل واستخدامها لمضاعفة هذا المبلغ عن طريق آليات التمويل مثل الصناديق الدوارة وبرامج تمويل الإسكان منخفضة التكلفة وبرامج البنى التحتية على مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الاستثمار الخاص في السكن الأعلى كلفة، ولا بدّ من إحياء القطاع المصرفي الفلسطيني الذي يكاد ينهار ونحن نطلق هنا صرخة إنذار بأنه إذا انهار النظام المصرفي الفلسطيني فما هي الآليات التي نحتاجها لبناء نظام مصرفي من جديد، لذلك وضعنا خطة عمل لإنقاذ النظام المصرفي الفلسطيني. إذاً، من خلال التمويل المصرفي والاستثمارات ومن خلال تمويل المزيج ومن خلال خفض المخاطر، ما يعني هندسة مالية متكاملة تعتمد على نواة صلبة من المنح ثم تمتد وتتوسع من خلال آليات تمويلية.
ما هو حجم الدور العربي المتوقع في التمويل؟
المجتمع العربي والمؤسسات المالية العربية التي التقينا بها أعربت جميعها عن نقطة أساسية وهي أن غزة أولوية رئيسية، وهي تنتظر الوضع السياسي وهذا أمر طبيعي وقد أعجبت بما أعددناه حتى الآن من تخطيط متكامل وإطار متكامل من أجل التعافي المبكر والتحضير لإعادة الإعمار، وبالتالي عندما تحين اللحظة لا شك في أن الدول العربية ستتحمل مسؤولياتها، ولكن يجب أن نعلم أيضاً أن المجتمع الدولي مسؤول عما جرى ولا يمكنه التخلي عن هذه المسؤولية، ومن هنا المزج ما بين التمويل العربي الذي يجب أن يكون فعّالاً. فالدول العربية لا يجب أن تكون آلة لصرف الأموال وأن يعدّ الآخرون خططاً ويقدمونها لها للتمويل بل الدول العربية هي شريكة في التخطيط ورسم السياسات والبرامج. أرى نضجاً هائلاً في مستوى التفكير لدى مؤسسات التمويل في الدول العربية لأنه لم يعد مقبولاً أن تأتي إلينا وتطلب فقط المال، ونحن كبرنامج أمم متحدة إنمائي نأتي إلى هذه الصناديق لنقول إننا شركاء في التمويل والتخطيط وفي الإعداد وفي البرمجة وفي التنفيذ وفي الرقابة على التنفيذ.
إن توقف الحرب في غزة سيعطي عملية النشاط الاقتصادي في المنطقة دفعاً كبيراً، فهل هناك تأثيرات سلبية كبيرة على تدفق الاستثمار وهل يمكن أن نتوقع في المنطقة نوعاً من النهوض الاقتصادي في المنطقة بعد توقف الحرب في غزة؟
إذا توقفت الحرب في غزة واتجهنا نحو حل الدولتين سنجد أن مشروع إعمار القطاع في حدّ ذاته هو مشروع استثماري بكلفة 30 مليار إلى 40 مليار دولار وحتى 50 مليار دولار وهو فرصة إذا نظرنا لها وخططنا لها بشكل جيد هذا أولاً، وثانياً، فإن المنطقة ككل تشهد اكتئاباً في حالة الاستثمار وهذا أمر طبيعي، إذ إننا لا نعرف ماذا سيجري غداً، وهناك إحجام عن الاستهلاك حيث قدرنا في بعض الدول العربية حجم الانفاق في الاستهلاك بنسبة 30 في المئة، وبالتالي من أين يأتي النمو؟ من الاستثمار والاستهلاك والاستثمار شبه مجمّد والاستهلاك منكمش. وبيئة النقل وخطوط النقل واللوجيستيات في المنطقة تأثرت سلباً حيث نرى ماذا يجري في البحر الأحمر وتأثيره على قناة السويس. نأمل بأن يؤدي وقف الحرب في غزة وإعطاء إشارات نحو السير بحل الدولتين إلى إعطاء آفاق هائلة للمنطقة ويجب أن نستعد لها.
كيف يمكن للمنطقة أن تستعد لهذه المرحلة؟
ما بين منظومة الأمم المتحدة التي يجب أن تقدم الدعم الفني والمشورة والقدرة التنفيذية للدول العربية ولكن الرؤية يجب أن تكون عربية. البلدان العربية شريكة أساسية في مرحلة إعادة إعمار غزة وفي الرؤية الاقتصادية للمنطقة. عندما نبدأ هذا المسار يجب تخيّل مدى الانطلاقة الاضافية التي سنشهدها في المملكة العربية السعودية وفي مصر وفي الأردن ولدينا أيضاً خطط للتعافي المبكر في لبنان وفي سوريا والعراق والجزائر التي تطوق الآن نحو التنوّع الاقتصادي. لدى المنطقة موارد مالية والرغبة السياسية في أن تمتلك زمام تنميتها بيدها ونحن هنا للمساعدة..
كيف انعكست حرب غزة على الأمم المتحدة ودورها؟
الأمم المتحدة ما بعد غزة أصبح لها صوتاً أعلى وأصبح العالم يعرف أنه من دون هذه المنظمة لا نستطيع القيام بشيء في مناطق النزاعات مثل غزة. الأمم المتحدة أثبتت أنها جهة محايدة ورفعت الصوت الأخلاقي من دون تردد أو وجل وكانت سباقة في التخطيط من أجل غزة.
هل تجاوزت الأونروا الأزمة التي مرت فيها نتيجة توقف التمويل؟
التقرير الذي أعدّته السيدة كوتانا أصبح واضحاً ونحن نعرف الآن أن معظم الادعاءات لم يكن له أساس من الصحة والأونروا أبدت استعدادها من اليوم الأول أن تعالج بفعالية وكفاءة وسرعة أي شكاوى تثبت. استعادت الأونروا توازنها ولا يمكن لأي منظمة تابعة للأمم المتحدة أن تعمل دون الأونروا.
هناك حرب أخرى تدور في بلد عربي كبير وهو السودان وتتطور بشكل سلبي وهناك آفاق أزمة إنسانية تتفاقم، هل لديكم تصور لكيفية الحل في السودان والتعامل مع الأزمة الإنسانية وإعادة الإعمار؟
إن تصور الحل في السودان متروك لعملية سياسية يجب أن يقودها السودانيون بدعم من الأمم المتحدة والأطراف الأخرى، وقد شاركت أخيراً في مؤتمر باريس للمعونة الإنسانية في السودان حيث تم تجميع تعهّدات بملياري دولار أميركي، مع الإشارة إلى النداء الإنساني الذي أصدرته الامم المتحدة للسودان قيمته 2.7 مليار دولار حيث وصل منها حتى ما قبل مؤتمر باريس نحو 6 في المئة فقط. نأمل بأن تترجم هذه التعهدات إلى تمويل. السودان لا يحتاج فقط إلى معونات غذائية وإنسانية وهو ما زال يصدر ماشية إلى الدول الخليجية، وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي بدأ برنامجاً للاستثمار في الزراعة في هذا البلد عبر تشجيع صغار المزارعين وترميم البنى التحتية الزراعية وقنوات الري وغيرها ولتقديم الدعم المالي، بحيث نقوم مع برنامج الخليج العربي للتنمية وبنك الابداع الذي أسسوه في السودان على توسيع نطاق التمويل الصغير للفلاحين وتأمين حق التأمين لهم عبر برنامج للتكافل. الاستثمار في السودان يجب أن يبقى على الطاولة ولدى الـUNDP برنامج تنموي للسودان بـ100 مليون دولار ونريد أن نتوسع إلى 220 مليون دولار لخلق فرص العمل، ويجب ألا ننسى أن 40 في المئة من المزارعين السودانيين لم يبذروا الموسم وبالتالي نحن أمام مجاعة متضاعفة وأن 50 في المئة من أصحاب الرواتب والأجور فقدوها، وحتى لو توفر الغذاء عبر المعونات لا تتوفر الأموال لشرائها، فلا بدّ من حزمة تؤمن الدخل لأصحاب الرواتب والأجور ودعم المزارعين للإنتاج.
أصبح لدى الدول الخليجية رؤى اقتصادية طموحة وجريئة وتم تنفيذ جزء أساسي منها والدول الخليجية رافعة اقتصادية كبيرة للبلدان العربية الأخرى، كيف ترون الدور الخليجي بشكل إجمالي في المرحلة المقبلة؟
استطاع الخليج ان يضع رؤى غير تقليدية لنفسه وهي تتجاوز الحدود السابقة التقليدية في التفكير التنموي والاستثمار وفي التنمية البشرية وفي تمكين المواطن في الصحة والتعليم وغيرها وهذه الرؤى تقطع أشواطاً مهمة لكنها في المقابل تصطدم بالواقع الإقليمي، فلا يمكننا أن نتحدث عن أننا أوروبا الجديدة واليمن يحترق وسوريا ولبنان وفلسطين تحترق، والتوجه الذي رأيناه سياسياً من السعودية لتخفيض التوترات واستيعابها وإعادة فتح الأبواب أمام الجميع في المنطقة أمر مهم للغاية وهو مدخل لطمأنينة الناس ويعطي السعودية ودول الخليج دوراً قيادياً مهماً للغاية في المرحلة المقبلة، ولذلك نحن نعمل معها لتعزيز قدراتها التخطيطية والتنفيذية في دولها بحيث إن لدينا برنامجاً مهماً في السعودية ونعمل معها في اليمن وفي العراق والصومال، وبالتالي هناك إدراك القيادة تتطلب تهدئة الأوضاع وإطفاء الحرائق ودمج هؤلاء كلهم في هذا القطار النامي لأنه لا يمكن أن يسري بمفرده ونترك باقي المنطقة لوحدها.
أصبحت قضية التغير المناخي من الأولويات في العالم، ومعظم دول المنطقة وضع خططاً وبرامجاً لتخفيض الانبعاثات الكربونية والاستثمار في الطاقة المتجددة، وحصلت نقلة نوعية في مؤتمر "كوب 28" من ناحية الطموحات. كيف تقيمون التحول الطاقوي في المنطقة ودوره، وكيف يمكن مساعدة الدول العربية الأخرى غير القادرة على تأمين الأموال المطلوبة لهذا التحول؟
القيادة العربية لعملية المناخ أصبحت واضحة من خلال "كوب 27" في شرم الشيخ ثم في "كوب 28" في دبي والذي استطاع عبر القيادة الإماراتية أن يعالج قضية لم تتمكن كل الاجتماعات السابقة من حلها ألا وهي صندوق التعويضات والأضرار، ومن ثم إعلان الإمارات عن المساهمة بـ30 مليار دولار في هذا الصندوق غيّر البيئة العامة للمؤتمر، وقد دخلنا بداية هذا المؤتمر بنوع من التشاؤم ما بين الحوار المرير حول إلغاء إنتاج النفط الأحفوري أو التخفيف منه تدريجياً وتجاوزنا هذا الأمر واستطاع البيان الختامي أن يجد صيغة مناسبة، وفي نهاية المطاف ستزول الطاقة الأحفورية عبر الزمن ولكن لا نستطيع أن نطلب من الدول المنتجة للنفط اليوم أن تتخلى تماماً عن إنتاجها وبخاصة أن استهلاك هذا النفط ليس عندنا بل في باقي أنحاء العالم. من جهة ثانية، فإن الالتزام العربي بموضوع "كوب 28" وبالمناخ بشكل عام واضح إذ إن المنطقة بحاجة إلى استثمارات في المناخ بقيمة تريليون دولار حتى العام 2040، وهي فرصة استثمارية هائلة وهذه ليست عقبة بحيث إن الأموال متوفرة. برنامج الأمم الإنمائي أطلق منصة التمويل الأخضر للمنطقة العربية ودعا إليه شركاء من مؤسسات التمويل العربية والبنك الإسلامي للتنمية ومستثمرين عالميين وإقليميين للربط ما بين المشاريع ومصادر التمويل، وليس هناك نقص في التمويل بل نقص في المشاريع الجاهزة للتمويل. المنطقة لديها ما يكفي من الاستثمارات والأموال وهناك 500 تريليون دولار في الأسواق المالية العالمية ونحن نقوم بإعداد هذه المشاريع وتحضير الملفات وبناء القدرات في الدول التي ستتلقى هذه المشاريع ثم الربط بينها وبين مصادر التمويل. وسيكون هناك تمويلات ميسرة واستثمارات تأتي عن طريق الأسواق لأن هناك جزءاً عبارة عن منح مالية بحيث إننا ننفق سنوياً في المنطقة العربية نحو 400 مليون دولار للتغير المناخي وهذه المنح ضرورية ليأتي المستثمر. ومؤسساتنا لا تزال بحاجة إلى دعم في التخطيط لموضوع المناخ وفي الطاقة المؤسساتية وأصبحنا جاهزين لتقديم المشاريع ولتلقي التمويل وتنفيذها بشكل فعّال وسريع لأن المستثمر لا يستطيع الانتظار كما كنا ننتظر في مشاريع التمويل التقليدية. لكي نحقق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030 تشهد منطقتنا فجوة تمويل بقيمة 660 مليار دولار سنوياً.
الأكثر قراءة
-
"فيتش سوليوشنز" تتوقع تسارع النمو الاقتصادي في قطر إلى 2.6% خلال 2025
-
اتفاقية بين "طيران الإمارات" وهيئة السياحة في مالطا لتعزيز السياحة الوافدة
-
"طلبات" تستكمل استحواذها على "انستاشوب" بقيمة 32 مليون دولار أميركي
-
المغرب يوافق على مشروعات للهيدروجين الأخضر بـ32.5 مليار دولار
-
صافي أرباح مجموعة "يلا" يرتفع 9.7% خلال 2024