اللبناني جورج الحديري رئيساً تنفيذياً لمجموعة HSBC العالمية

  • 2024-07-22
  • 14:45

اللبناني جورج الحديري رئيساً تنفيذياً لمجموعة HSBC العالمية

قائمة مهاجري البلد الصغير تلمع بالانجازات في أصقاع العالم

  • فيصل أبوزكي

 

الاطلاع بتأني على سجل جورج الحديري المهني يظهر بوضوح الدوافع التي كانت وراء اختيار بنك "اش اس بي سي" (HSBC) العالمي، هذا اللبناني الاصل والبالغ الخمسين من العمر، رئيساً تنفيذياً له خلفاً للرئيس السابق نويل كوين الذي قدم استقالته في نيسان/ابريل الماضي. ففي فترة قصيرة نسبياً تمكّن الحديري من الصعود سريعاً على سلم المناصب القيادية في هذا المصرف ذات الانتشار الواسع على خريطة العالم.

فقد كان الحديري يشغل منصب الرئيس المالي الأول للبنك منذ العام 2022، بعدما انضم اليه في 2005 كمتداول في أسواق المال، ثمّ تنقل في مناصب عدة في المؤسسة العريقة نفسها، من بينها الرئيس المشارك للخدمات المصرفية والاسواق العالمية، ومن ثم الرئيس الاقليمي للأسواق العالمية للشرق الاوسط وشمال افريقيا، وبعدها الرئيس التنفيذي للبنك في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتركيا.

ويعتبر "اش اس بي سي" سابع اكبر المصارف في العالم من حيث الموجودات التي بلغت اكثر من 2.9 تريليون دولار في نهاية 2023، في حين صنف في المرتبة الثامنة عالمياً من حيث القيمة السوقية في مطلع مايو 2024.

ويتميّز البنك بقوته الاستثنائية في الاسواق الآسيوية، ولاسيما في الصين بالمقارنة مع المصارف الغربية الرئيسية، الامر الذي بات يشكل له تحدياً متزايداً مع تصاعد التوتر الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، كما إن احد اكبر مساهمية وهو شركة التأمين الصينية "بينغ ان" سبق وقدمت اقتراحاً للمساهمين بفصل عمليات البنك في آسيا ضمن شركة مستقلة وهو ما تمّ رفضه قبل أشهر قليلة.

وفي الوقت الذي يعتبر الحديري فيه أول رئيس تنفيذي للبنك من أصل لبناني، الا ان البنك شهد صعود عدد من اللبنانيين الى مناصب عليا في هيكليته الادارية، من بينهم سمير عساف الذي عيّن في العام 2010، كرئيس تنفيذي للخدمات المصرفية والاسواق في البنك وكعضو منتدب لمجلس مدراء المجموعة وبقي في منصبه هذا حتى العام 2019، ثم اصبح بعدها مستشاراً رئيسياً لرئيس مجلس الادارة ورئيساً لمجلس ادارة البنك في الشرق الاوسط، اضافة الى وظائف وازنة  يتولاها في الوقت الحاضر في مؤسسات عالمية اخرى.

كما إن احد اللبنانيين وهو باتريك جورج عيّن في العام 2023 رئيساً للاسواق وخدمات الاوراق المالية خلفاً للحضري الذي رقي آنذاك لمنصب الرئيس التنفيذي المالي.

كذلك، سبق لاحد اللبنانيين وهو الراحل جورج نصر ان تولى مناصب قيادية عدة في "اش اس بي سي" كان بينها رئيساً تنفيذياً للبنك في كل من اميركا الشمالية وكندا والبرازيل في فترات مختلفة قبل ان يصبح رئيساً لمجلس الادارة والرئيس التنفيذي للبنك في الشرق الاوسط.

ويتوّج الحديري في منصبه الجديد، لائحة طويلة من المتحدرين من اصل لبناني ممن تولوا مناصب قيادية في مصارف وشركات عالمية، ومنهم جون ماك (مخول) الذي كان رئيساً لمجلس ادارة ورئيساً تنفيذياً لبنك مورغان ستانلي الاميركي ما بين العامين 2005 و 2009، فيما ترأس اللبناني وليد شماع بنك "مورغان ستانلي انترناشونال" خلال عمله فيه لمدة 19 عاماً وقبل تقاعده في العام 2012.

 وبرزت أيضاً شخصية مالية واقتصادية مرموقة لعبت دوراً مهماً في الولايات المتحدة، وهو ريتشارد دبس الذي كان من مؤسسي واعضاء لجنة "بريتون وودز" التي وضعت اسس النظام المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وتولى دبس مناصب قيادية في بنك الاحتياطي الفدرالي  لنيويورك ورئيساً مؤسساً لمورغان ستانلي انترناشونال.

اضافة الى المصارف، يتولى حالياً عدد من اللبنانيين مناصب قيادية في شركات عالمية منهم وائل صوان الذي عين رئيساً تنفيذياً لشركة شل النفطية قبل عامين.

وفي القائمة ايضاً، كارلوس غصن الذي امضى 19 عاماً كرئيس تنفيذي لشركة نيسان، و14 عاماً رئيساً لشركة رينو الفرنسية قبل ان يدخل في مشاكل قانونية مع نيسان والحكومة اليابانية انتهت بسجنه ومن ثم هروبه من السجن في عملية مثيرة.

كذلك، سبق وعين احد اللبنانيين وهو جاك نصر رئيساً تنفيذياً لشركة فورد ما بين العامين 1999 و 2001 بعد ان امضى عقوداً في الشركة. وكان هناك جورج شاهين الذي كان يعمل في "آرثر اندرسن" قبل اغلاقها، واسس فرعها الاستشاري اندرسن كونسلتنغ وبقي رئيساً لها من العام 1989 حتى 1999.

وهذه امثال محدودة من اللبنانيين الذين تبوأوا مناصب قيادية في مصارف ومؤسسات مالية وشركات عالمية او تملكوا شركات كبيرة مثال كارلوس سليم في المكسيك، و رودولف سعادة في فرنسا، مما يعكس في جانب من التجليّات الشخصية اللبنانية في الحاضر وعلى مدار عقود ماضية، والتي ساهمت بتكوينها حالة عدم الاستقرار والاحداث الجسيمة التي شهدها لبنان في تاريخة الحديث والتي دفعت الكثير من اللبنانيين الى الهجرة وكسب العلم لتأمين مستقبلهم.

وفي الوقت الذي يشكل هؤلاء وجهاً مشرقاً للبنان حول العالم ويعكسون الثقل الكبير للمهاجرين اللبنانيين، فإنهم يبرزون الفرصة التاريخية الضائعة التي يعيشها لبنان وغير القادر، في واقع عدم الاستقرار وتدهور اقتصاده وتفكّك بنية الدولة فيه وتحوله الى ساحة صراع اقليمية على توظيف التميز الكبير في موارده البشرية، علماً وشغفاً وطموحات، ولا على الاحتضان من قبل الوطن الأم والاستثمار الكفؤ في نجاحات وانفرادات أجيال متتالية صاروا علامات فارقة من اللبنانيين النافذين في ميادين السياسة والاقتصاد والعلوم والأعمال حول العالم.