"نيسان" المتعثّرة تبحث عن "غصن" تحتمي بظلّه
"نيسان" المتعثّرة تبحث عن "غصن" تحتمي بظلّه
- خطار زيدان
يظهر أن "لعنة" كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "نيسان" ولتحالف "رينو، نيسان وميتسوبيشي" لا تزال تلاحق "نيسان" التي تراجعت في مبيعاتها وفي نتائجها المالية ولم تتمكن من التعافي منذ توقيف غصن في مطار هانيدا في طوكيو في نوفمبر 2019، وما تبعها من إجراءات في ابعاد المحسوبين عليه في الإدارات العليا ومن المراكز الحساسة كافة في الشركة وخروج البعض طواعية، وما حصل بعدها من تخبط في الإدارات العليا، والتنصل رويداً رويداً من تحالف "رينو، نيسان وميتسوبيشي"، إضافة إلى الخسائر الكبيرة التي لحقت بالقطاع بشكل عام نتيجة جائحة كورونا، وتداعياتها، وبروز المارد الصيني في السنوات الأخيرة بقدراته الهائلة، وسيطرته في سوقه المحلية، وتوسعه بشكل مقلق في أبرز الأسواق الدولية، لتصل "نيسان" اليوم إلى مأزق كبير قد يهدد مصيرها إذا لم تتدارك الأمور، وهي الآن تبحث عن منقذ ينشلها من وضعها المتعثر، وتجري مفاوضات مع شركة "هوندا" اليابانية، حول إمكانية تعزيز الشراكة القائمة بينهما في مجال السيارات الكهربائية والقيادة الذاتية، وجمع جهودهما للتوصل إلى تحالف ما أو ربما إلى عملية اندماج، ليشكلا معاً ثالث أكبر شركة مصنّعة للسيارات في العالم، بعد "تويوتا" و"فولكس واجن".
معالجات لم تؤت ثمارها
هذا الوضع الذي وصلت إليه "نيسان" جاء بعد محاولات عدة قام بها ماكوتو أوشيدا، الذي يتولى رئاسة مجلس إدارتها ورئاستها التنفيذية، منذ توقيف غصن، تهدف إلى عودة العافية إلى الشركة اليابانية الشهيرة، وأطلق استراتيجيات عدة، كان آخرها الإعلان عن خفض القوة العاملة لدى "نيسان" بنسبة 6 في المئة وإلغاء 9,000 وظيفة من أصل 133,000، وكذلك خفض طاقتها الانتاجية بنسبة 20 في المئة، كما كانت "نيسان" قد اعلنت عن إعادة النظر في خطتها الاستراتيجية "ذا آرك"، من خلال تعزيز طرح السيارات العاملة بالطاقة الجديدة في الصين، والسيارات الهجينة القابلة للشحن والسيارات العاملة بنظام الدفع الكهربائي e-POWER في الولايات المتحدة، مع زيادة المبيعات لكل طراز لتعزيز كفاءته.
كما أعلنت أيضاً نيتها تقليص فترة تطوير السيارات إلى 30 شهراً وتعزيز التعاون مع مجموعة "رينو" وشركة "ميتسوبيشي موتورز" وشركة "هوندا موتور" المحدودة، مع استكشاف المزيد من الشراكات الاستراتيجية في مجالات التقنيات وخدمات البرمجيات.
واعتبر أوشيدا في حينه، الذي خفض راتبه طوعياً بنسبة 50 في المئة من شهر نوفمبر الماضي، أن هذه الإجراءات تهدف إلى إعادة هيكلة أعمال الشركة لتصبح أكثر رشاقة ومرونة مع إعادة تنظيم الإدارة وتعزيز استجابتها بسرعة ومرونة لمتغيرات بيئة الأعمال، إضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية لمنتجاتها، وإعادة الشركة إلى مسارها الصحيح نحو النمو، وذلك بعد أن انخفضت مبيعاتها في الربع الثاني من السنة المالية (1 يوليو- 30 سبتمبر) بنسبة 5 في المئة، من 3146 مليار ين إلى نحو 3000 مليار ين (19.7 مليار دولار)، وانخفض صافي الأرباح التشغيلية بنسبة 85 في المئة إلى نحو 32 مليار ين (نحو 210.4 ملايين دولار)، وحققت الشركة خسائر بقيمة 9.3 مليارات ينّ (نحو 61.1 مليون دولار). كما انخفض هامش التشغيل إلى 1.1 في المئة فقط ، مقارنة بـ 6.6 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي. وفي الولايات المتحدة الأميركية، فإن تباطؤ نمو مبيعات السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة، وتوجه المستهلكين المتزايد إلى اختيار السيارات الهجينة ساهم في تراجع مبيعات وحصة "نيسان" السوقية كونها تفتقر إلى عروض مماثلة.
اشتداد المنافسة الصينية وتغير مشهد الصناعة
كل هذه الاستراتيجيات والاجراءات والوعود لم تحقق النتائج المأمولة منها، ولم تتمكن "نيسان" من النهوض والتوازن بعد كل هذه السنوات، وهي اليوم تمر في مرحلة صعبة، بانتظار مستثمر أو مغامر جديد ينقذها من وضعها، وذلك بعد أن عادت إلى هويتها اليابانية بقراراتها واستراتيجياتها، من خلال التقلص التدريجي لحصة "رينو" في الشركة إلى 15 في المئة من 43 في المئة، في ظل المشهد الجديد الذي يُعاد رسمه لقطاع السيارات عالمياً وتقدم الصناعة الصينية بسرعة كبيرة، مخلّفة وراءها ضحايا كثر، سواء من الشركات الأميركية أو الأوروبية أو اليابانية، ومن بينها "نيسان" طبعاً، وأيضاً في ظل التحول الحاصل في الصناعة من محركات الاحتراق الداخلي إلى المحركات الكهربائية. وفي السوق الصينية التي تُعد الأكبر في العالم أصبحت نسبة السيارات الجديدة العاملة على الطاقة الكهربائية، الهجينة والكهربائية بالكامل، تشكل أكثر من نصف السيارات المباعة، ونصيب الشركات المحلية نحو 60 في المئة من إجمالي سوق السيارات، بعد سيطرة لعقود من قبل الشركات الأوروبية والأميركية واليابانية. كما تشهد في السنوات الأخيرة صادرات السيارات الصينية من سيارات الركاب نمواً كبيراً، حيث تضاعفت بمعدل خمس مرات بين عامي 2020 و 2023، لتصل إلى 4.1 ملايين سيارة في العام الماضي، وتشكل قلقاً لأبرز المصنعين مثل "ستيلانتيس"، "فولكس واجن"، "جنرال موتورز"، "فورد"، "نيسان"، "هوندا"، في الأسواق العالمية عموماً وأيضاً في أسواقهم المحلية.
نيسان- هوندا، هل ينجه الرهان؟
في ظل هذا الوضع هناك شك بجدوى عملية الاندماج بين "نيسان" و"هوندا" إن تمت، لأن الفريقان يعانيان معاً من تصاعد المنافسة الصينية، ولن يتمكنا من النجاح من دون تسجيل خروقات ناجعة في مجال تقنيات السيارات الكهربائية أو الذاتية القيادة، التي تشكل العنوان العريض لمستقبل صناعة السيارات، كما إن منتجات الفريقين تنافس بعضها ولا تعتبر مكملة، سواء في التصاميم أو الفئات وأيضاً في الأسواق التي تتواجد فيها، كما إن هيكلية شركة "نيسان" المتداخلة في شراكاتها وملكيتها مع شركة "رينو" الفرنسية، وشركة "ميتسوبيشي" قد تصعّب وصول المفاوضات إلى حل قريب. وقد يكون من الصعب أيضاً إيجاد شركاء من خارج اليابان، بسبب ما تشكله "نيسان" من رمز اقتصادي ياباني، لا يمكن التفريط به وباستقلاليته، والتجربة مع "رينو" خير برهان، كما إن أبرز شركات السيارات الأخرى تعاني من مشاكل وتبحث عن حلول لنفسها، في ظل تراجع مبيعاتها وإيراداتها لأسباب عدة أبرزها اشتداد المنافسة الصينية. إذاً ربما قد يكون الحل بإيجاد "غصن" جديد تحتمي الشركة بظلّه ليخرجها من كبوتها وتعود إلى بريقها السابق، فأين هو؟
الأكثر قراءة
-
الصين: توقعات بتجاوز سوق صناعة إعادة تدوير بطاريات الطاقة الـ 138 مليار دولار
-
ساعة Tradition Chronographe Indépendant 7077: قياس دقيق للوقت بلون العلامة "الأزرق المكثّف"
-
Aqua Di Parma تفتتح أول بوتيك لها في المملكة العربية السعودية
-
"طلبات" الإماراتية تجمع ملياري دولار من عوائد طرحها العام الأولي في سوق دبي
-
"قطر للطاقة" ترسي عقود تأجير وتشغيل ناقلات غاز طبيعي مسال على "ميتسوي" اليابانية و"كوسكو" الصينية