جرعة أمل في مواجهة كورونا
جرعة أمل في مواجهة كورونا
- سليمان عوده
لم ينجح العلم حتى الساعة في إيجاد لقاح أو دواء فعال يحد من التفشي السريع لفيروس "كورونا المستجد". لكن بالرغم من الفترة القصيرة نسبياً للتعرف على المرض، والتي لا تزيد عن بضعة أسابيع، تمكن الخبراء من تكوين قاعدة معلومات واسعة عنه. ستفيد هذه المعلومات في إيجاد الدواء الشافي منه أو اللقاح المانع لانتشاره. وبالفعل، سجل حتى الآن أكثر من اختراق مهم على جبهة التصدي لهذا الفيروس الفتاك.
ويستمر فيروس كورونا المستجد، الذي يُعرف علمياً باسم "كوفيد - 19"، والذي يمكن أن يتسبب في حدوث حمى، وسعال، ومشاكل في التنفس، في الانتشار، ويكاد عدد الإصابات به يلامس عتبة المئتي ألف شخص. لكن بارقة أمل منحتها مدينة سياتل للعالم، بإعلانها عن انطلاق التجارب الأولى على البشر لإنتاج لقاح يهدف إلى الحماية من الفيروس. أتى هذا النبأ في خضم موجات ارتدادية هائلة، اقتصادية واجتماعية ومالية وصحية، تسبب بها الفيروس الشديد العدوى، وقادت إلى إعلانات متتالية عن اتخاذ إجراءات حمائية صارمة في مختلف بلدان العالم.
تأتي هذه الإجراءات، وتتضمن غلق الحدود وتعليق السفر ومنع التجول، في ظل ارتفاع حاد في عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس خلال نهاية الأسبوع الماضي، لا سيما في أوروبا، وبالتحديد في إيطاليا وإسبانيا. في إيطاليا، لقي 368 شخصاً حتفهم في 24 ساعة. وفي إسبانيا، قفزت حصيلة الوفيات إلى 288. ودفع الانتشار السريع للوباء ألمانيا إلى إقفال حدودها بشكل جزئي، تلتها بلدان أخرى عديدة في القارة. كذلك، أدت المخاوف من المرض في فرنسا إلى تسجيل نسبة مشاركة منخفضة في الانتخابات المحلية، ليخرج بعدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويعلن عن سلسلة إجراءات مشددة للحد من تفشي الفيروس في البلاد، تتضمن منع التنقل إلا للأمور الضرورية، وإرجاء الدورة الثانية من الانتخابات البلدية، ووضع جميع الإمكانيات البشرية والمادية في خدمة قطاع الصحة لمواجهة الوضع المتأزم.
لقاح أميركي
في سياتل، تموّل الحكومة الأميركية التجربة الجديدة، التي بدأت باختبارات على 45 متطوعاً من الشباب الأصحاء. ومن غير المحتمل إطلاقاً أن تنتقل عدوى كورونا المستجد إلى هؤلاء المتطوعين، إذ أن اللقاح الذي جرى حقنهم به لا يحتوي على الفيروس. وسيتم حقن المشاركين في التجربة بجرعات متنوعة من اللقاح الذي يقوم بصورة أساسية على دفع الخلايا البشرية لإنتاج بروتينات قد تجنّب الإصابة بالفيروس أو تعالجه. وفي المرحلة الأولى من التجربة، ستختبر الجرعة اللازمة لاستنفار الجهاز المناعي لدى المتطوعين. ويعرف اللقاح الخاضع للتجربة باسم " mRNA-1273"، وانتجته شركة "مودرنا". لكن الخبراء يقولون منذ الآن إن الأمر سيستغرق شهوراً لمعرفة ما إذا كان هذا اللقاح فعالاً أم لا.
..وآخر صيني
بدورها، أعلنت الصين عن “تقدم كبير” في تركيب لقاح يقي من فيروس كورونا المستجد، بحسب ما أعلن التلفزيون الصيني. وانطلقت الاختبارات السريرية لأول لقاح محلي ضد الفيروس “بعد منح إذن رسمي لفريق من الباحثين”، بحسب ما ذكر التقرير المتلفز الذي أشار إلى أن التجارب الأولية أكدت أن اللقاح يعد آمناً وفعالاً. ووصل فريق من الخبراء بقيادة الأكاديمية تشين واي، وهي عضو في الأكاديمية العسكرية الطبية الصينية وتحمل رتبة لواء في جيش التحرير الشعبي الصيني، كما تعمل مديرة لمعهد الهندسة البيولوجية التابع للجيش الصيني، إلى مدينة ووهان مطلع الشهر الماضي، حيث أطلق ورشة العمل واسعة النطاق كان هدفها دراسة المرض عن كثب، وإيجاد وسائل لاحتوائه. وتترأس العالمة الصينية البارزة في الوقت الراهن مختبراً يعمل في نظام المستوى الأعلى للحماية البيولوجية يقع في ووهان، ويجري تجارب اللقاح الذي تم تصميمه من قبل فريق الأكاديمية الصينية.
تفكيك الشيفرة المناعية
وأعلنت أستراليا أنها توصلت إلى التعرف على الطريقة التي يحارب بها جهاز المناعة في جسم الإنسان فيروس كورونا المستجد. يأتي هذا الاكتشاف بعد متابعة حالة سيدة صينية تبلغ من العمر ٤٧ عاماً، قدمت من ووهان، بؤرة انتشار الفيروس في الصين، إلى أستراليا، وأخضعت للعلاج في مستشفى محلي قبل أن تتعافى في غضون ١٤ يوماً. وأظهرت نتائج البحث الذي نشر في دورية علمية مرموقة أن المصابين يتعافون من الفيروس بالطريقة ذاتها التي يتعافى بها من يصاب بالأنفلونزا العادية. وتكمن أهمية البحث الجديد في أن تحديد الخلايا المناعية المسؤولة عن مقاومة المرض سوف يساعد في نهاية المطاف في تطوير اللقاح المقاوم للفيروس. وقال معدو البحث إن تعافي العديد من الأشخاص من الإصابة يعني أن الجهاز المناعي البشري يعمل بكفاءة في مقاومة الفيروس بنجاح. أما أبرز ما توصل الباحثون إلى اكتشافه فهو أن ثمة أربعة أنواع من الخلايا المناعية التي تقاوم الفيروس، ما قد يساعد الأطباء مستقبلاً على تحديد الطريقة الأمثل لعلاج الإصابات، لا سيما المعتدلة منها.
الطباعة ثلاثية الأبعاد تتدخل
وبدأت إيطاليا بإدخال الطباعة الثلاثية الأبعاد بنجاح في خطط مكافحة تفشي المرض. فقد نجحت شركة "إيسينوفا" في تصميم وإنتاج مئات القطع من جهاز خاص لمساعدة المرضى على التنفس لصالح مستشفى في إيطاليا، وذلك بعد نفاذ مخزونها من هذه الأدوات الطبية. وتستخدم الأجهزة المذكورة في توصيل أجهزة التنفس داخل غرف العناية المركزة، وتعد أساسية لإبقاء المرضى على قيد الحياة. ولم تتطلب طباعة كمية كافية من أجهزة التنفس باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد سوى 24 ساعة فقط، ما ينقذ 250 مصاباً بالفيروس كانوا مهددين بالوفاة داخل غرف الرعاية المركزة في المستشفى الكائن في مدينة بريشا الإيطالية. ولم تزد تكلفة إنتاج الجهاز الواحد عن دولار أميركي، فيما استغرق تصميم النسخة التجريبية منه ثلاث ساعات. وليست الطباعة ثلاثية الأبعاد بجديدة على عالم المنتجات الطبية، وتمتاز هذه التقنية بكلفتها الزهيدة.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال