كيف تواجه المصارف السعودية تبعات كورونا؟

  • 2020-03-24
  • 12:26

كيف تواجه المصارف السعودية تبعات كورونا؟

  • دائرة الأبحاث

شكّل تفشي فيروس كورونا تحدياً غير متوقع في وجه القطاع المصرفي السعودي الطامح إلى مواصلة تحقيق النتائج الإيجابية بعد الأداء المميز في العام الماضي إذ سجّل الأرباح الأعلى في تاريخه والتي فاقت الـ 50 مليار ريال سعودي (13 مليار دولار) قبل احتساب الزكاة والضريبة. لكن على الرغم من ذلك فإن أمام المصارف فرصاً مهمة يمكن لها الاستفادة منها خصوصاً مع تلقيها الدعم اللازم من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" لمواجهة انعكاسات انتشار فيروس كورونا. لذا، فإن أداء المصارف ستحدده طريقة تعاملها مع متغيرات المرحلة الحالية، وهي التي نجحت سابقاً وبدعم من الحكومة في تجاوز تبعات مراحل مفصلية اعترضت طريقها خلال العقود الماضية.

أبرز التحديات

اليوم، تواجه المصارف السعودية ثلاثة أنواع مختلفة من التحديات المرتبطة مباشرة بوباء كورونا، الأول يتمثل بانخفاض الفوائد وهو ما يؤدي إلى تراجع هوامش الربحية، إذ إنه من المتوقع أن تتقلص الفجوة بين الفوائد التي تحصل عليها المصارف من القروض وتلك التي تقدمها للمودعين، علماً أن العام الماضي كان قد شهد تراجع هامش دخل الفوائد للبنوك المدرجة بنحو 168 نقطة أساس إلى 78.9 في المئة. أمّا الثاني فيتعلق بقدرة المصارف في المحافظة على النمو في حجم الأعمال خصوصاً بعد أن كانت القروض والودائع قد نمت بنسبة 7 و 6 في المئة خلال العام الماضي.

فمن ناحية القروض، يتوقع أن ينخفض الإنفاق الاستثماري للشركات في العام الحالي نتيجة تغير الخطط التوسعية بعد تفشي فيروس كورونا، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الطلب على التمويل الطويل الأجل، كما يتوقع أن ينخفض الطلب على التمويل الشخصي من قبل الأفراد.  أما من ناحية الودائع، فقد يشهد العام الحالي تراجعاً في قيمتها لا سيما مع تدني أسعار النفط إلى مستويات تقارب 25 دولاراً للبرميل ولجوء بعض الجهات الحكومية بها إلى سحب جزء من ودائعها في المصارف والبالغة نحو 394 مليار ريال، أي ما يشكل 22 في المئة من إجمالي ودائع المصارف المحلية.

وبالنسبة إلى التحدي الثالث فيتعلق في المحافظة على المتانة المالية في ظل اضطرار بعض العملاء، من أفراد وشركات، إلى تأجيل بعض الأقساط المستحقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع القروض غير العاملة والمخصصات.

زمن الكورونا لا يخلو من الفرص

 في المقابل، قد يرتفع الطلب على التمويل القصير الأجل عبر لجوء المؤسسات الخاصة إلى المصارف لتأمين جزء من احتياجاتها التشغيلية الأساسية، ومن شأن هذا أن يساعد المصارف في تقليص الفجوة بين مدة الودائع والقروض وهو ما قد يساهم بتخفيف حدة المخاطرة المرتبطة بها.

كذلك، من المتوقّع أن يزداد الطلب على القروض من قبل القطاع العام ويكون ذلك إما من خلال قروض قصيرة الأجل إلى الجهات الرسمية أو من خلال الاستثمار في السندات الحكومية، وهنا يشار إلى أن إجمالي استثمار المصارف المحلية في السندات الحكومية بلغ نحو 387 مليار ريال نهاية كانون الثاني/ يناير الفائت، مرتفعاً بنحو أربعة مليارات عن الشهر الذي سبقه، وفقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي.

لا خوف على متانة المصارف

تبلغ نسبة القروض غير العاملة للمصارف السعودية نحو 2 في المئة وهي تعتبر من الأدنى عالمياً. وبالرغم من ذلك، فإن هذه المصارف تتخذ مخصصات مرتفعة باستمرار ضمن استراتيجيتها القائمة على تجنيب ما يكفي لمواجهة أي تحديات غير مرتقبة. فخلال العام الماضي، ارتفعت مخصصات القطاع بنحو 51 في المئة إلى 11.9 مليار ريال والتي يمكن اعتبارها خطوة احترازية للمحافظة على نسبة تغطية مرتفعة للقروض غير العاملة. إلى ذلك، يبلغ معدل كفاية رأس المال للقطاع نحو 19 في المئة وهو يتخطى متطلبات الجهات الدولية والمحلية كما ويعتبر من الأفضل عالمياً.

 وعليه، حتى لو ارتفعت قيمة القروض غير العاملة، فإن وضع المصارف الحالي يعدّ مريحاً ولن يؤثر ذلك على متانتها المالية.

خطوات استباقية من الحكومة والبنك المركزي

وكانت الحكومة السعودية أعلنت عن برنامج بقيمة 70 مليار ريال بهدف دعم القطاع الخاص وهو ما يتوقع ان ينعكس ايجاباً، وبطريقة غير مباشرة، على القطاع المصرفي، كما أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي من جهتها عن برنامج تصل قيمته إلى نحو 50 مليار ريال، يستهدف تعزيز الاستقرار المالي من خلال تفعيل أدوات السياسة النقدية. ويتضمن البرنامج إيداع 30 مليار ريال لصالح البنوك وشركات التمويل مقابل تأجيل دفع مستحقات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمدة ستة أشهر. كذلك، سيتم التنسيق مع البنوك وشركات التمويل لتسهيل المدفوعات المتعلقة بتمويل المنشآت المتأثرة جرّاء التدابير الاحترازية المرتبطة بفيروس كورونا. ومن شأن هذه الخطوات السباقة أن تحول في الحد من ارتفاع القروض غير العاملة للمصارف.

 

مؤشرات مختارة للمصارف السعودية منذ الأزمة المالية العالمية
نسية مئوية معدل كفاية رأس المال نسبة القروض المتعثرة إلى الإجمالي العائد على الأصول نسبة الأصول السائلة إلى الإجمالي نسبة الأصول السائلة إلى المطلوبات القصيرة الأجل
 2009 16.9 3.3 1.9 25.3 36.5
2010 17.6 3.0 2.0 24.8 37.2
2011 17.6 2.2 2.1 23.7 37.0
2012 18.2 1.7 2.1 23.7 36.4
2013 17.9 1.3 2.0 21.6 33.2
2014 17.9 1.1 2.0 22.3 33.6
2015 18.1 1.2 2.0 17.5 27.3
2016 19.5 1.4 1.8 20.3 31.8
2017 20.4 1.6 2.0 21.6 34.6
2018 20.3 2.0 2.1 22.3 35.5
الربع الثالث 2019 19.4 1.9 1.9 24.3 39.6
المصدر: مؤسسة النقد العربي السعودي