تدني السعر يعصف بشركات النفط العالمية
تدني السعر يعصف بشركات النفط العالمية
الاستثمارات الجديدة الضحية الاكبر
- حنين سلّوم
كان معهوداً أن يكون انخفاض سعر النفط جرعة إيجابيّة للاقتصاد العالمي، إذ كان يؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك من خلال تعزيز الطلب وإلى ارتفاع الاستثمارات في القطاعات غير النفطيّة، غير إن ما نشهده إثر الانخفاض الأخير لأسعار الوقود مختلف هذه المرّة. فتفشّي فيروس كورونا لا يبشّر باندفاع المستهلكين إلى إنفاق المكاسب غير المتوقّعة التي سوف يحقّقونها من جرّاء تدنّي أسعار الوقود.
وفي هذا السياق، قال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية (EIA)، إنّ الوضع الذي نشهده اليوم ليس له مثيل في تاريخ سوق النفط وذلك بسبب التزامن في تدنّي الطلب على النفط وارتفاع المعروض في آن واحد.
على إثر ذلك، تدنّت أسعار أسهم شركات النفط التي سرعان ما أعلنت عن عزمها تخفيض النفقات الرأسماليّة خصوصاً أنها كانت تعاني من تراجع في الطلب منذ انتشار الفيروس، ومع تدنّي الأسعار باتت تواجه ضغوطات أكبر. فما هي حال أسهم شركات النفط وكيف سينعكس تدنّي سعر النفط على أرباحها؟
كيف انعكس تدنّي سعر النفط على أسعار أسهم الشركات؟
نتيجة تفشّي فيروس كورونا حول العالم، أوقفت معظم المصانع عن العمل خصوصاً في البلدان التي سجّلت النسب الأعلى من المصابين، ودخلت حركة الملاحة الجويّة في حالة من الشلل إلى حد التوقف شبه الكلي، وفرض حظر التنقل في العديد من البلدان بهدف محاولة السيطرة على تفشّي الوباء، وأدّت جميع هذه الأسباب إلى تدنّي الطلب على النفط. ولكي يزداد الأمر سوءاً، اندلعت حرب الحصّة السوقيّة (من النفط) بين المملكة العربيّة السعوديّة وروسيا ما أدّى إلى رفع كميّة المعروض. وبسبب تزامن هذه الأحداث، سجّل سعر النفط في التاسع من آذار/مارس الحالي التدنّي الأكبر له في يوم واحد منذ حرب الخليج سنة 1991 حيث انخفض بنسبة 30 في المئة قبل أن يرتفع خلال النهار ليتداول عند 20 في المئة ما دون سعر الافتتاح، ثمّ تابع مساره السلبي مسجّلاً السعر الأدنى في الثامن عشر من آذار/ مارس الحالي إذ أغلق عند 24.88 دولار للبرميل.
وأثّر ذلك على أسهم شركات النفط التي سارع حاملوها إلى بيعها، فسجّلت تدنّي في الأسعار وصل إلى أكثر من النصف لكل من Roseneft، BP، Royal Dutch Shell، وكانت Petrobras المتضرّر الأكبر مسجّلةً تدنّي بنسبة 64 في المئة مقارنة بأسعار إغلاق الثاني من آذار/مارس.
قرار خفض النفقات لم يكن مفاجئاً
إثر هذه الأحداث أعلن العديد من الشركات عزمه خفض النفقات الرأسماليّة وذلك للحفاظ على السيولة إثر شح الإيرادات، ومن بين هذه الشركات، كانت شركة توتال الفرنسيّة التي أعلنت خفض الإنفاق الرأسمالي للعام 2020 بنسبة 20 في المئة تقريباً عمّا كان مقرّراً سابقاً مكتفيةً بمبلغ 15 مليار دولار، ما أجبرها على تأخير خطط التوسع، كما تعتزم الشركة تحقيق وفورات في تكاليف التشغيل للعام الحالي أكثر من توقعاتها السابقة، وذلك من خلال استهداف توفير 800 مليون دولار بدلاً من 300 مليون التي كان قد تمّ الإعلان عنها سابقاً، وقد أوقفت الشركة أيضاً برنامج إعادة شراء الأسهم الذي تبلغ قيمته ملياري دولار.
توتال ليست الوحيدة، فقد أعلنت شركة Royal Dutch Shell، أنها ستخفض الإنفاق بنحو 5 مليارات دولار أي بنسبة 20 في المئة عمّا كان مقرّراً ، كذلك ستعلّق خطة إعادة شراء الأسهم.
وقد أعلنت كل من ExxonMobil و Chevronأنّهما سوف تقلّصان ميزانيّتهما، ووفق Goldman Sachs، تحتاج Chevron أن يكون سعر البرميل نحو 50 دولاراً لكي تستطيع الأخيرة تغطية الإنفاق وتوزيعات الأرباح، بينما ستحتاج ExxonMobil إلى أن يكون سعر البرميل نحو 70 دولاراً للإبقاء على الميزانيّة الحاليّة.
ماذا عن الأرباح؟
غالباً في أزمات النفطـ، يتدنّى سعر العقود الآجلة للخام إلى حدّ ملامسة السعر الكافي لتغطية نفقات التشغيل وضرائب الإنتاج للمنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، وهو يساوي 37 دولاراً في الوقت الراهن، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها شركة Bernstein لكن هذه المرّة وصلت العقود الآجلة لخام برنت إلى ما دون 30 دولاراً أي أنّها تخطّت العتبة المعتادة، ويعني ذلك أنّ الوضع هذه المرّة مختلف عن الأزمات السابقة، وذلك نتيجة تزامن تدنّي الطلب وارتفاع المعروض، وهنا من الصعب تحديد نسبة تدنّي الأرباح التي سوف تتكبّدها الشركات لكنّه من المجدي الاطلاع على ما حدث خلال أزمة 2014-2015.
على الرغم من تدني سعر النفط إلى النصف، خلال الأزمتين، فإن العامل الأبرز الذي يميّزهما (الأزمتان) هو التّالي: خلال أزمة 2014-2015، تدنّى سعر النفط من نحو 100 دولار للبرميل الواحد إلى نحو 50 دولاراً أي أنّه لم يصل أو يتخطّى العتبة اللازمة لتغطية نفقات التشغيل. في المقابل، خلال هذه الأزمة، تدنّى السعر من نحو 50 دولاراً للبرميل وصولاً إلى نحو 25 دولاراً قبل أن يتداول على نحو 27 دولاراً أي أنّه دون العتبة اللازمة لتغطية نفقات التشغيل وضرائب الإنتاج.
يبقى من الصعب تحديد نسبة تدنّي أرباح الشركات، لكن وفقاً للمعطيات، من المتوقّع أن تكون هذه الأزمة أكثر حدّةً على شركات النفط.
كيف تأثرت أرباح شركات النفط في أزمة 2014-2015 | ||
---|---|---|
نسبة التغير على أساس سنوي | Q4 14/ Q4 13 | Q1 15/ Q1 14 |
ExxonMobil | -21% | -46% |
Chevron | -30% | -43% |
BP | التحول إلى الخسارة | -26% |
Royal Dutch Shell | -57% | -2% |
Rosneft | -36% | -36% |
Total SA | التحول إلى الخسارة | -27% |
المصدر: النتائج الماليّة للشركات، أولاً |
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال