كورونا يعصف بأسهم شركات النفط: ماذا بعد؟

  • 2020-04-28
  • 09:50

كورونا يعصف بأسهم شركات النفط: ماذا بعد؟

  • حنين سلّوم

شهدت أسعار أسهم شركات النفط هبوطاً حاداً هذا العام إثر التطورات في أسعار العقود الآجلة للنفط التي وصلت إلى السالب في ظاهرة هي الأولى من نوعها تاريخياً. فقد واجه قطاع الطاقة ضربات متتاليّة إثر تزامن تراجع الطلب على النفط من نحو 100 مليون الى حدود 70 مليون برميل يومياً، أي بنحو الثلث، بسبب التعبئة العامّة والإجراءات التي فرضها انتشار وباء كورونا من جهة، مع زيادة المعروض من النفط من جهة أخرى، نتيجة انهيار اتفاق اوبك + السابق وضخ المنتجين الرئيسيين كميات إضافية في الأسواق العائمة أصلاً بكميات كبيرة، وأدّت التطورات الأخيرة في أسعار النفط وبلوغه مرحلة السلبية إلى إحداث "بلبلة" ما دفع بعض المستثمرين في قطاع الطاقة إلى الهلع فعمدوا إلى بيع أسهمهم، ما ادى الى تراجع حاد في اسعار شركات النفط حول العالم.

 

 

سهم أرامكو السعوديّة من أقل المتضررين  

نتيجة الضغوطات التي واجهت قطاع الطاقة وهلع المستثمرين ولجوئهم إلى بيع أسهمهم، تراجعت أسعار أسهم شركات النفط العالميّة منذ بداية العام 2020 بشكل حاد وبنسب تراوحت ما بين 15 و62 في المئة مقارنةً بإغلاق 22 نيسان/أبريل.

نسبة تغيّر أسعار الأسهم منذ بداية العام مقارنة بإغلاق 22 نيسان/أبريل
Saudi Aramco -15%
Petrochina -31%
Total SA -39%
BP -40%
ExxonMobil -41%
Royal Dutch Shell -42%
Rosneft -43%
Petrobras -62%
المصدر: investing.com، أولاً-الاقتصاد والأعمال

وبخلاف أسعار أسهم شركات النفط العالميّة، تأثر سعر سهم شركة أرامكو السعوديّة بشكل أقل من غيره، إذ انخفض بنسبة 15 في المئة منذ بداية العام بينما تراوح انخفاض أسعار أسهم الشركات الأخرى ما بين 31 إلى 62 في المئة مقارنةً بأسعار إغلاق 22 نيسان/أبريل، وبذلك كرّست الشركة مكانتها على أنها الأضخم عالمياً وذلك بعد أشهر من الاكتتاب العام الذي يعتبر الاكبر حجماً في العالم حتى الآن، ومكانتها كالمنتج الاقل كلفة بين نظيراتها. وعلى الرغم من كل التطورات الأخيرة التي فرضتها حرب الإنتاج بالإضافة إلى ازمة كورونا، فإن الشركة أعلنت أنها لن تتراجع عن توزيع الأرباح النقدية للعام 2020 والبالغة 75 مليار دولار.

 

Petrobras المتضرّر الأكبر

وفي مقابل الخطوات التي اعتمدتها أرامكو السعودية، فإن شركة Petrobras البرازيلية اتخذت قرارات مختلفة كان أبرزها خفض الإنتاج وتقليص النفقات الرأسمالية، كما أرجأت توزيع أرباح بقيمة 336 مليون دولار مجدولة في 20 أيار/مايو إلى 15 كانون الأول/ديسمبر من العام الحالي وهو ما يكون قد قلّص شهيّة المستثمرين على الإقبال على أسهم الشركة، والسبب الأساسي هو أنّ الشركة تعاني من أزمة دين، وهذه القرارات كانت شبيهة بقرارات لجأت إليها شركات نظيرة ما أثر على أسهمها بشكل مباشر.

وفي التفاصيل، تواجه بتروبراس الديون الأعلى بين نظيراتها، فقد وصلت نسبة الدين إلى ما يعادل 2.41 ضعف أرباحها قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء (EBITDA) سنة 2019 وهو من بين الأعلى في القطاع. وكانت الشركة قد وضعت استراتيجيّة لخفض هذه النسبة إلى 1.5 ضعف مع نهاية سنة 2020 وذلك من خلال بيع بعض أصول الشركة (divestment) وهو ما أضحى في خطر الآن. فمع انخفاض أسعار النفط وتراجع أداء القطاع ككل، تخسر العديد من الأصول جزءاً كبيراً من قيمتها كما قد يتراجع بعض المستثمرين عن شراء هذه الأصول، وبالفعل، أرجأت الشركة بيع ثمانية من أصولها خلال شهر آذار/مارس الماضي لمدّة شهرين وهو ما قد يحول دون وصول الشركة إلى أهدافها ويضطرها إلى اتخاذ قرار تخفيض وليس فقط إرجاء توزيع الأرباح، وأدّى اجتماع هذه العوامل إلى تراجع أسهم الشركة بنسبة 62 في المئة منذ بداية سنة 2020 مقارنةً بإغلاق 22 نيسان/أبريل.

وفي المحصلة، فإنه يمكن القول إن انخفاض أسعار النفط كما حصل في الأيام الأخيرة، وتزامن هذا الواقع مع حرب الإنتاج وتفشي وباء كورونا، عوامل أدت إلى خلق حالة فريدة في السوق النفطية، فارتفاع المعروض في مقابل تراجع الطلب إلى أدنى مستوياته أربك شركات النفط العالمية وخلط أوراقها فاختل توازن أسهمها، لذا، فإن هذه الاحداث مجتمعة ربما تفرض نمطاً جديداً من طريقة عمل الشركات المعنية، وكذلك حراكاً مختلفاً على صعيد الدول المنتجة والتي قد تكون بحاجة إلى اتفاق جديد حول الإنتاج لجهة اتخاذ إجراءات خفض إضافية على أمل أن تعيد التوازن إلى العرض والطلب وتحسن الأسعار، فبقاء الأمور على هذه الحال ينذر بعواقب وخيمة على الشركات التي من الممكن أن تتدنى أسهمها إلى درجة تفوق التوقعات مع ما قد يشكله ذلك من مخاطر على وجودها.

كذلك، من المتوقّع أن تنخفض إيرادات وأرباح شركات النفط بشكل كبير نتيجة هبوط أسعار النفط وتراجع المبيع وهو ما قد يعيد سيناريو 2014-2016 حيث ارتفعت مديونيّة الشركات وهو ما قد يعرّضها في ظل الأوضاع الحاليّة إلى ارتفاع كلفة الاقتراض، وكان معظم الشركات أعلن عن اتخاذ اجراءات لخفض نفقاته خصوصاً لجهة الاستثمارات الرأسمالية (Capex) المخصصة لتطوير حقول وآبار وبنى تحتية جديدة، فقد تراوحت الانخفاضات في الاستثمارات الرأسمالية من 20 في المئة لكل من Total SA وChevron، إلى نحو 25 في المئة لكل من أرامكو السعودية، BP و Royal Dutch Shell وصولاً إلى نحو 30 في المئة لكل من Petrobras وExxonMobil. وفي الواقع، هذا ما يقلق المتابعين لأسواق النفط، اذ إنّه قد يؤدي الى نقص في الاستثمارات وبالتالي المعروض من النفط في السنوات المقبلة خصوصاً في حال تعافي الطلب والنمو الاقتصادي في وقت مقتضب مما قد يسبب موجة صعود جديدة في الاسعار.