الصناعة المصرية: تحويل المحنة إلى منحة
الصناعة المصرية: تحويل المحنة إلى منحة
رئيس الحكومة: "كورونا" فرصة ذهبية لن تُعوّض
- مروان النمر
خريطة طريق ما بعد كورونا:
تعميق الصناعة، إحلال الواردات،
جذب سلاسل إمداد عالمية للتوطين،
زيادة القيمة المضافة، رفع التنافسية،
فتح أسواق جديدة
لم تكتفِ القيادة المصرية بالاستجابة السريعة لاستغاثة القطاع الصناعي الوطني ودعمه للتصدي لجائحة كورونا، بل تعدّت ذلك نحو التخطيط والمباشرة في اتخاذ الخطوات العملية لانتهاز الظروف التي ولّدها الفيروس لتحقيق أهداف استراتيجية، فاعتبر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي أن "المحنة الحالية تشكل فرصة ذهبية للصناعة المصرية لن تُعوّض، تستوجب الاعتماد على أنفسنا في جميع الصناعات وتشجيع التصنيع المحلي وتحقيق رؤية الدولة للنهوض بهذا القطاع". مُعلناً أن "المُكوّن المحلي للصناعة الوطنية أصبح مسألة حياة أو موت".
مرحلة ما بعد كورونا
ترى وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع أن أزمة كورونا "تمثل فرصة كبيرة للإعتماد على الصناعة الوطنية، والحدّ من الاستيراد عبر تصنيع المدخلات والمستلزمات الإنتاجية اللازمة للصناعات المختلفة"، مُشيرةً إلى أن الحكومة تركز أيضاً على دراسة مرحلة ما بعد كورونا، لناحية تعميق التصنيع المحلي، وتقليل الواردات، وإزالة العوائق الجمركية، وتوفير الكثير من الحوافز للصناعة المصرية"، لافتةً إلى أن "عدداً من المصدرين المصريين نجح في خضم الجائحة بفتح أسواق جديدة في دول تباطأ إنتاجها نتيجة الأزمة العالمية".
في حين تؤكد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد أنه "على الرغم من شدة الأزمة الحالية إلاّ أنها في الوقت ذاته تخلق فرصاً يمكن الاستفادة منها، تتمثل في إمكانية النهوض بقطاع الصناعة، حيث يُعدُّ الوقت الحالي مثالياً لتوطين الصناعة في ضوء انخفاض الواردات لتأثر سلاسل التوريد العالمية، في موازاة وجود فرص كذلك لنفاذ الصادرات المصرية لبعض الأسواق التي لم تدخلها من قبل".
بدوره، يعتبر عضو مجلس الشعب المصري ومؤسس مجموعة كليوباترا الصناعية محمد أبو العينين أن "أزمة كورونا خلقت العديد من الفرص وعلينا تحويل هذه المحنة الى منحة واستغلال هذه الفرص، وأهمها أنها زادت الوعي لدى الدول حول خطورة الاعتماد على مصدر وحيد للسلع الأساسية والوسيطة وأنه يجب تنويع هذه المصادر، وهو ما يفتح لنا الباب على مصراعيه لجذب جزء من سلاسل الإمداد العالمية لتتوطن في مصر، مما يخلق فرصاً هائلة للصناعات الصغيرة القائمة والجديدة لتكون مغذية ومكملة للصناعات الكبيرة وهو ما يوفر ملايين فرص العمل ويرفع من تنافسية الصناعة المصرية".
استجابة عاجلة
في ضوء هذه الرؤى، ما هي الإجراءات المتخذة من قِبل الحكومة المصرية لدعم الصناعة الوطنية، وما الخطوات المرتقبة، وما هي أبرز التحديات؟
منذ الأيام الأولى لتفشي فيروس كورونا، دأبت الحكومة المصرية على إطلاق العديد من المبادرات دعماً للقطاع الصناعي، حتى وصلت قيمة هذه المبادرات إلى نحو 830 مليون دولار، أي ما يوازي 14 في المئة من إجمالي مبلغ الـ 100 مليار جنيه (6.33 مليارات دولار) الذي أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي لمواجهة كورونا.
وتتمثل أهم إجراءات الحكومة المصرية لدعم الصناعة بالآتي:
- خفض وتوحيد سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4.5 دولارات/مليون وحدة حرارية، بينما كان السعر 6 دولارات لصناعة الاسمنت و5.5 دولارات للحديد والصلب.
- مراجعة أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي لأول مرة منذ تعويم الجنيه، وإقرار خفض للأنشطة الصناعية من 1.18 إلى 1.08 جنيه للكيلوواط/ساعة.
- استهداف الإبقاء على أسعار الكهرباء للصناعة عند مستوياتها الحالية لمدة 3 إلى 5 أعوام.
- تأجيل دفع الضريبة العقارية المستحقة على المصانع لمدة 3 أشهر، مع أرجحية تمديدها لثلاثة أشهر إضافية.
- توفير 126.7 مليون دولار حتى حزيران/يونيو 2020 لتسديد 10 في المئة من مستحقات المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات، ولدفع مستحقات المصدرين كافة التي تقل مستحقاتهم لدى الصندوق عن 300 ألف دولار، وتأمين الدفعة الأولى من مبادرة الاستثمار الموقعة مع 80 مصدراً حتى الآن.
- إنجاز بروتوكول التسوية مع 40 مصدراً جديداً بقيمة تسويات تبلغ 209 ملايين دولار، واستهداف سداد الدفعة الأولى المستحقة لهم في حزيران/يونيو 2020.
- تسجيل العمالة غير المنتظمة ومنحهم دعماً بقيمة 500 جنيه لمرة واحدة (الدفعة الأولى 500 ألف عامل، بينما يتم الحديث عن وجود 11.7 مليون عامل غير منتظم في مصر).
- استمرار تنفيذ مبادرة البنك المركزي لإتاحة 6.33 مليارات دولار كتمويل للشركات العاملة في القطاع الصناعي بعائد سنوي متناقص (8 في المئة).
- استمرار مبادرة إسقاط الفوائد المتراكمة على المصانع المتعثرة كافة والبالغ عددها 5184 مصنعاً، عبر عمل تسويات لها مع دفع 50 في المئة من أصل الدين، بما يتيح إزالة هذه المصانع من القوائم السلبية لدى البنك المركزي.
والآتي أهم...
إلى هذه الإجراءات، تكشف مصادر إلى "أولاً – الاقتصاد والأعمال" أن الحكومة المصرية تدرس حزمة من المقترحات، تتجاوب في معظمها مع التوصيات التي تقدم بها اتحاد الصناعات المصرية برئاسة محمد السويدي لمواجهة تداعيات كورونا، والذي طالب خلال اجتماع الصناعيين مع رئيس الوزراء بضرورة تطبيق قانون تفضيل المنتج المحلي في المشتريات الحكومية. مُركزاً على أهمية الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لمواجهة تبعات كورونا؛ "إذ يجب أن يعي الجميع أننا في ظرف دقيق، وهذا التوقيت هو توقيت حرب، وأننا في مركب واحد".
وتتلخص المبادرات الجديدة قيد الدرس من قِبل الحكومة لدعم الصناعة بالمحاور الآتية:
- الاستفادة من ضعف حركة التجارة الدولية عبر التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات المحلية وإحلال الواردات.
- الانتهاء من وضع قاعدة بيانات وخريطة الموردين المصريين للسلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج.
- سرعة التوجه لتوطين الصناعة وتصنيع السلع الوسيطة محلياً من خلال الحوافز المالية وغير المالية.
- تحديد الأسواق والفرص التصديرية للمنتجات المصرية في ظل تأثر سلاسل الامداد العالمية خصوصاً من الصين.
- حصر الطاقات الإنتاجية المعطلة في الصناعات المختلفة، وطرح برنامج متكامل لتشغيل وتطوير الطاقات الإنتاجية غير المستغلة وتحديثها بتمويل ميسر من القطاع المصرفي.
- إلغاء الضريبة العقارية على المنشآت الصناعية.
- تفعيل القرار الخاص بعدم تحصيل ضريبة القيمة المضافة على الآلات الصناعية وقطع الغيار والمواد الأولية.
- إعفاء الشركات الصناعية كافة من ضريبة كسب العمل والتأمينات الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر لتوفير السيولة لها للوفاء بالتزاماتها التشغيلية ولاسيما أجور العمالة.
- العمل على استدامة التمويل الميسر لدعم قطاع الصناعة.
ثغرات للمعالجة
على الرغم من الآثار الإيجابية للإجراءات المتخذة، والآمال المعقودة على المبادرات الجديدة في الفترة القريبة المقبلة، إلاّ أن جُملة من التحديات الآنية والهيكلية تقف في سبيل خروج الصناعة المصرية من إرهاصات كورونا من دون "ندوب"، والتأسيس للإستفادة من مرحلة ما بعد كورونا. وأهم هذه التحديات والخطوات الإضافية المطلوبة من الحكومة والقطاع الخاص؛ بحسب مصادر مواكبة لهواجس الصناعيين إلى "أولاً – الاقتصاد والأعمال": "من الضروري وجود خطوات استباقية لتلافي تأثير الأزمة الناجمة عن كورونا على مخزون السلع الاستراتيجية، ولاسيما أن آثارها التجارية العنيفة يُتوقع أن تظهر خلال الأسابيع المقبلة، كما من المتوقع أن تعاني كل من الصادرات والواردات والصادرات المصرية من تباطؤ، وعلى اعتبار أن نحو 40 في المئة من الواردات السلعية المصرية تتركز في 5 أسواق عالمية، أهمها الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وهي من أكثر الأسواق تأثراً، فإنه من الضروري رفع مستوى التنسيق إلى أعلى مستوى بين الحكومة واتحاد الصناعات والمصانع والشركات لإعداد قاعدة بيانات ترصد احتياجات المصانع من الآلات وقطع الغيار ومستلزمات ومدخلات الإنتاج الضرورية للأشهر الثلاثة المقبلة، كذلك يجب دراسة هيكل التكاليف في كل قطاع صناعي ومتابعة مردود خفض أسعار الطاقة على خفض تكاليف الإنتاج، وعدم إتاحة الفرصة للتلاعب بالأسعار أو ارتفاعها خلال الفترة المقبلة".
830 مليون دولار كلفة دعم الصناعة لشهرين
و5 مبادرات جديدة على الطريق
إلى ذلك، يجب على الحكومة مساندة المصانع، ولاسيما التي تستورد أكثر من 60 في المئة من مستلزمات إنتاجها، للوصول إلى بدائل محلية أو من أسواق عالمية بديلة للأسواق التقليدية المتأثرة بشدّة، وأن تكون هناك أوامر شراء مجمعة لكل قطاع، بدل أن يقوم كل مصنع بمفرده بذلك، مما يخفض التكاليف ويسهل سلاسل الإمداد، كما يجب أن تكون الأولوية من حيث الدعم والحوافز والمتابعة للقطاعات الصناعية الأكثر تضرراً وذات الكثافة العالية من حيث العمالة، كالصناعات الغذائية والملابس الجاهزة والأثاث، كذلك من الضروري متابعة أهم المعوقات المستجدة والتي تؤثر حالياً على القدرات التصديرية والإنتاجية للشركات، كعدم توفر الحاويات بالشكل الكافي نظراً الى تقليص عدد كبير من الخطوط الملاحية للرحلات، والارتفاع الكبير في أسعار الحاويات، والسعي إلى خفض تكاليف النقل والمناولة، وتحديد البدائل الاحترازية لمواجهة الارتفاع المحتمل في أسعار مدخلات الإنتاج ومواد التعبئة والتغليف المستوردة، فضلاً عن أهمية وضع استراتيجية شاملة للنهوض بصناعة الدواء المصرية ومستلزمات المستشفيات في ظل ارتفاع العجز التجاري في المنتجات الطبية إلى 3.5 مليارات دولار.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال