في ظل كورونا: "الكمامة" قطعة جديدة تضاف إلى خزانة الملابس

  • 2020-05-22
  • 08:21

في ظل كورونا: "الكمامة" قطعة جديدة تضاف إلى خزانة الملابس

  • برت دكاش

لم تكد تخفف الحكومة الفرنسية إجراءات الحجر في الحادي عشر من أيار/ مايو، حتى استقل رئيس مجموعة الرفاهية الفرنسية كيرينغ فرنسوا-هنري بينو القطار من لندن إلى باريس، لتفقّد متاجر الدور التابعة لمجموعته في العاصمة الفرنسية، كما ذكرت صحيفة لو فيغارو.

ليس الخبر، على أهميته، في استقلال الرجل القطار، أو في تفقده أعمال علاماته، أو في ما قاله إن "المتاجر الباريسية خسرت نحو 50 في المئة من عملائها، وهم السياح، وإنه عليها أن تركّز الآن على زبائنها المحليين"، بل في وضعه قناعاً مزيّناً بشعار "بوتيغا فينيتا"، إحدى العلامات الراقية المملوكة من المجموعة، وقد صمم من قماش عضوي في مشاغل الدار الإيطالية في فيسينزالي، وهو قابل للغسل مئة مرّة.

الدور الراقية على خط الإنتاج

من المعروف أنه مع اجتياح وباء كورونا العالم، إنبرت غالبية الدور الراقية ودور أزياء أخرى لتحويل عدد من مصانعها إلى إنتاج أقنعة الوجه لسدّ النقص الحاصل عالمياً في الأقنعة الطبية. هذه المبادرات، سرعان ما تحوّلت إلى ظاهرة، لم تعد محصورة بالعلامات الراقية أو بدور الأزياء تلك وحدها، بل بدأت تظهر أقنعة للوجه بأشكال، وألوان، وتصاميم، وأقمشة مختلفة دخل على خط إنتاجها مصممون مستقلون وحتى أفراد، ولم تعد قطعة القماش هذه مجرّد وسيلة للحماية من انتقال العدوى من شخص إلى شخص آخر، أو شرطاً من شروط الاختلاط يصل إلى حدّ تغريم بعض الدول المخالفين له وحسب، بل أضحى القناع الواقي قطعة أساسية، وهو مرشح للتحول إلى أكسسوار يلازمنا، ونختاره بما يتناسب وملابسنا اليومية، ولاسيما في ضوء الترجيحات عن استمرار الفيروس لمدة قد تصل إلى عامين.

أقنعة محلية "على الموضة"

لبنان ليس بمنأى عن هذه الظاهرة، وسواء بدأ تصميم أقنعة الوجه الواقية غير الطبية بدافع إنساني كما هي حال مشغل "بقجة" Bokja، أم بهدف تأمين دخل يضمن استمرار الموظفين في عملهم كما هي الحال بالنسبة إلى مشغل "برجيس" Barjis، أو فرصة لمجال جديد من الأعمال، فإن هذه الأقنعة المزركشة والملونة تلقى رواجاً كبيراً "تخطى الطلب عليها السوق المحلية، وتعدّاها إلى أسواق عربية وعالمية"، كما تقول إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال" كل من رئيسة "برجيس" هلا حبيب والمديرة العامة لـ بقجة" غلاديس صليبا.

كيف ولدت فكرة تصميم وإنتاج الأقنعة لدى "بقجة" و"برجيس"؟ وما هي مزايا وخصائص هذه الأقنعة؟

"بقجة": دعم الجسم الطبي

تجيب صليبا معرّفة بداية بالمشغل قائلة:"شركة "بقجة" متخصصة في إنتاج الأثاث والملابس في مشغلها الخاص، وقد ولدت الفكرة في وقت شهدنا خلاله شحاً في المستلزمات الطبية، كما وجدنا في إنتاج أقنعة غير طبية مخصصة للتباعد الاجتماعي فرصة مناسبة للحفاظ على حرفيينا والحرف التي يتقنونها في ظل الإغلاق الشامل وتوقف الأعمال، وقدمنا هذه الأقنعة في البداية للجسم الطبي في مراكز طبية في بيروت، في لفتة من مؤسِّستي بقجة ومديرتي الإبداع فيها هدى بارودي وماريا هبري، وذلك عرفاناً منهما لجميل الجسم الطبي".

وتضيف صليبا: "نحن ماضون في ذلك الى حين انتهاء هذه المرحلة، وإننا حالياً في صدد تسليم 800 كمامة لمستشفى رفيق الحريري الحكومي بناء على طلب المستشفى، لوجود نقص لديه في الأقنعة الواقية المستخدمة لمرة واحدة فقط".

متاحة للجميع

لكن رواج الفكرة لم يبقَ محصوراً بالمستشفيات أو المراكز الطبية، بل تعدّاها إلى جعلها متاحة للجميع، على أن تقدم "بقجة" جزءاً من إيرادات كل قناع إلى قسم التمريض الخاص بفيروس كوفيد-19 في عدد من المراكز الطبية، ولاسيما مستشفى رفيق الحريري الحكومي.

وتتحدث عن الكمامات التي تنتجها الشركة والمتوفرة أونلاين مقابل 35 دولاراً للقناع الواحد، قائلة: "إنها مصممة من قماش الحرير الخاص بـ"بـقجة" والذي نستورده من إيطاليا ونستخدمه في الألبسة التي نصنّعها عادة، بعضه مزركش وبعضه من لون واحد. كل قناع هو مختلف عن الآخر، ويمكن ارتداؤه على الجهتين، وقابل للغسل بالماء والصابون وكيّه على درجة حرارة عالية لتعقيمه ويأتي ضمن كيس من القماش لوضعه داخل الحقيبة"، وتشير إلى أنه "أنتجنا لغاية الآن، أي في خلال شهر تقريباً، نحو 1500 قناع، كما تلقينا طلباً من إحدى الشركات المحلية لتأمين 500 قناع لموظفيها ومن اهتمام نقاط البيع العالمية التي نصدّر إليها الملابس التي ننتجها في باريس، ونيويورك، ولدينا حالياً طلب شراء من تايوان".  

وتختم صليبا مذكّرة بظروف الإغلاق وتقييدها حركة انتقال الحرفيين إلى المشغل، مما دفع الشركة إلى نقل المعدات إلى منازل الحرفيين لاستمرارهم في العمل، وتقول :نحاول قدر الإمكان أن نلبي جميع الطلبات"، مؤكدة "إنتاج موديلات جديدة لتلبية الحاجات اليومية للناس، وبالتالي تطوير هذه المبادرة على مستويي التصميم والإنتاج".

"برجيس": تأمين دخل الموظفين

بالنسبة إلى "برجيس"، تقول حبيب إنه "خلال فترة الإغلاق، كان هاجسها الأساسي الحفاظ على الموظفين وعلى دخلهم الشهري، فكانت فكرة إنتاج الأقنعة الواقية فرصة لتأمين رواتب الموظفين الذين رحبوا بالمشروع بدورهم، مستخدمة أقمشة البوبلين والساتان المستعملة في تصميم الأثاث المتخصص به مشغلها، كما وتجديد القديم منه والكلاسيكي، بالإضافة إلى بعض الكميات المصنوعة من القطن".

وتضيف: "إن القماش المستخدم في صناعتنا مطرّز ومزركش، ونعمل على الجمع بين القطع المختلفة في تصاميم فريدة ومختلفة تلبي ذوق أكبر شريحة ممكنة من الزبائن"، لافتة إلى أن هذه الأقنعة "يبدو انها ستتحول إلى "موضة" رائجة، في ظل الشح في الأقنعة الطبية، وفي ضوء التوقعات بطول الأزمة، وبالتالي وجوب وضعها للوقاية من الفيروس".

ارتفاع الطلب

على الرغم من عدم مرور وقت طويل على انخراط حبيب في هذا المجال، إنما قبل الإغلاق الأخير بقليل، فقد صرّفت كل إنتاج المجموعة الأولى، وهي في صدد وضع اللمسات الأخيرة على المجموعة الثانية، إذ إن "الطلب عليها مرتفع في لبنان والخارج"، كما تقول، مضيفة أنه "لدينا حالياً طلب من البحرين لشراء 100 قناع، ومن أميركا لشراء 1000 قناع موزعين على دفعتين".

وتنوّه حبيب بجهود الحرفيين والموظفين لدى "برجيس" الذين يظهرون متعة في إنتاج الكمامات، مشيرة إلى "السعي لتطوير الإنتاج والإبتكار في التصميم في المجموعة الثانية، على عكس الأولى التي اقتصرت على القماش وحسب". وتقول: "لقد أضفنا التطريز على القماش، وسنضيف قريباً الخرز، لمنحها لمسة فريدة وعصرية أكثر، وتلبي إلى حد ما أحدث صيحات الموضة، من دون المبالغة في ذلك كي لا يؤدي ذلك إلى زيادة سعر القناع الذي يبلغ حالياً 30 ألف ليرة لبنانية، وهو يستخدم على الجهتين وقابل للغسل والكي وللتعقيم، مع كيس للحقيبة"، وتتوفر أقنعة "برجيس" في متجر المشغل كما أونلاين مع خدمة التوصيل ضمن نطاق بيروت وخارجها.

تذكير بالتباعد الاجتماعي

ليست "برجيس" أو "بقجة" المؤسستين الوحيدتين المنتجتين للأقنعة الواقية في لبنان، بل إن مؤسسات أخرى بدأت تنتج مثل هذه الكمامات، إلا أن صليبا وحبيب تؤكدان على أن "هذه الأقنعة ليست طبية، إنما لتستخدم في التباعد الإجتماعي"، وأن استخدامها يذكّرنا بوجوب الانتباه للحفاظ على مسافة آمنة، وعدم لمس الوجه".