صناعة الرفاهية تتطلع إلى الصين إلكترونياً وواقعياً
صناعة الرفاهية تتطلع إلى الصين إلكترونياً وواقعياً
- برت دكاش
هل تنقذ الصين صناعة الرفاهية العالمية فتعوّض عليها ما تكبّدته من خسائر سببها انتشار وباء كوفيد-19؟ وهل يساهم نهوض قطاع الرفاهية بدوره في الصين في إعطاء دفع لعملية تعافي الاقتصاد الصيني بالرغم من التحديات التي فرضها الوباء؟ سؤالان تنقسم حولهما أجوبة المحللين وخبراء الصناعة الصينيين والعالميين.
ففي حين يتوقع الرأي الأول تهافتاً على متاجر العلامات الكبرى للشراء، يرى الرأي الثاني أن تأخر علامات الرفاهية، وتحديداً الغربية منها في الانخراط في البيع أونلاين، سيخسرها شريحة لا بأس من العملاء الصينيين، لاسيما اليافعين منهم المتقدمين على أقرانهم العالميين في العالم الرقمي.
تركيز على الصين
لطالما علّقت العلامات الراقية أهمية على المستهلكين الصينيين الذين يمثّلون ثلث الاستهلاك العالمي من منتجات الرفاهية سواء في السوق المحلية أم خارجها حيث يتبضعون معظم مشترياتهم الفاخرة. غير أن وباء كورونا المستجد، أجبر هذه العلامات الكبرى على إغلاق متاجرها مدة من الزمن في الصين والعالم. كما وعطّل حركة السياحة العالمية، مما أدى إلى هبوط حاد في مبيعات هذه العلامات عكستها أرقام الربع الأول، وعزّز توقعات شركات الاستشارات العالمية في مجال الرفاهية والموضة السلبية للقطاع.
فقد ذكرت دراسة لمجموعة بوسطن الاستشارية أن كوفيد-19 ضرب صناعة الموضة والرفاهية بقوة، متوقعة انخفاض المبيعات العالمية في هذين القطاعين بنسبة تتراوح ما بين 25 و30 في المئة هذا العام، مقارنة بالعام 2019.
وتشير بدورها شركة Bain & Company إلى تراجع مبيعات منتجات الرفاهية العالمية بنحو 100 مليار دولار هذا العام، من نحو 300 مليار العام 2019 إلى نحو 200 مليار هذا العام. ولا تتوقع الشركة أن تتعافى المبيعات وتعود إلى مستويات العام 2019 قبل العامين 2022 أو 2023.
وذكرت Bain & Company أن المستهلكين في المرحلة المقبلة سينفقون في بلدانهم وبجوار منازلهم، أكثر منه في السفر. ففي أوروبا مثلاً حيث متاجر التجزئة غالباً ما تكون مزدحمة بالسياح الصينيين، بات معظم عملائها محليين. وهذا الاتجاه السائد حالياً، باتت تدركه العلامات الراقية وتكيّف إستراتيجياتها على أساسه لمرحلة ما بعد كورونا. وتلفت الشركة كذلك إلى أن التوقعات تشير إلى أن جيل Y سيتقدم على سواه من الفئات العمرية في الإنفاق في الصين، كونه يتسوق أونلاين.
التوسع الرقمي
إزاء الظروف المستجدة التي فرضها كوفيد-19، واستدراكاً للخسائر الناجمة عن إغلاق المتاجر، سرّع عدد أكبر من العلامات الراقية عملية تحوّله الرقمي وتوسيع حضوره على الانترنت وفق عاملين في القطاع. وفي وقت ذكر مصدر لموقع أولاً- الاقتصاد والأعمال تركيز صانع المجوهرات الإيطالي في هذه المرحلة على البيع أونلاين أكثر من أي شيء آخر، ذكر الرئيس التنفيذي للدار جان- كريستوف بابان في حوار مع صحية شاينا دايلي الصينية أخيراً أن مبيعات الدار حققت نهضة قوية في منتصف آذار/ مارس الماضي. وكذلك دور أخرى مثل مجموعة الرفاهية الفرنسية LVMH التي ذكرت أن علاماتها الراقية بما فيها Louis Vuitton زادت مبيعاتها في الصين بنسبة تزيد على 50 في المئة على مستوى سنوي مطلع نيسان/ أبريل. وفي نيسان/ أبريل أيضاً، أعادت Hermés فتح متجرها الرئيس في غوانزهو وحققت إيرادات بقيمة 2.7 مليون دولار في نهار واحد.
وتذكر الشريكة في Bain & Co. كلوديا داربيزيو أن عدداً كبيراً من العلامات الراقية في الصين تشهد عودة سريعة للمبيعات بعد إعادة فتح متاجرها في البلاد. وتتوقع أن ينهي عدد كبير من العلامات الكبرى العام 2020 بنتائج إيجابية في الصين، وذلك بعد تراجع وانخفاض مفاجئ في الربع الأول.
ويقول في هذا السياق رئيس التسويق في دار Breitling للساعات تيم سايلر إلى أولا- الاقتصاد والأعمال "إنه في الصين حيث أعيد فتح المتاجر نرى الناس يقصدونها، ربما ليس بأعداد كبيرة، لكنهم يشترون. يقصدون المتاجر بنية الشراء أكثر من مجرد النظر".
أهمية المتاجر
يضيف سايلر "أننا ندرك تماماً أن عودة الحركة داخل المتاجر التي لا تزال حيوية بالنسبة إلى العلامة إلى طبيعتها تحتاج إلى بعض الوقت".
ويؤكد بابان بدوره وفق صحيفة شاينا دايلي "أن المتاجر لا تزال مهمة جداً بالنسبة إلى علامات الرفاهية، بخاصة علامات المجوهرات الراقية، وذلك للتواصل مع العملاء، في حين أن الرقمنة أيضاً أساسية. فقد طرحنا منصة التسوق أونلاين الرسمية الخاصة بالعلامة منذ وقت طويل ونحقق نتائج عظيمة، ونأمل بأن نوفر تجارب قيمة، وملائمة وغنية للمستهلكين من خلال الرقمنة"، مشدداً على أهمية السوق الصينية "ألحيوية جداً والقوية، لذلك سنكيف إستراتيجياتنا وفق طلب السوق في عملية توسيع أعمالنا".
وفي حديث إلى موقع أولاً الاقتصاد والأعمال يقول الرئيس الشريك في دار Chopard كارل- فريدريك شويفوليه إن "مبيعات الدار أونلاين نمت بنسبة لا بأس بها، حالها حال عدد كبير من اللاعبين في قطاع الرفاهية بسبب انتشار وباء كورونا"، مشدداً على "الحاجة إلى تدعيم إستراتيجيتنا الرقمية، وتقديم نماذج جديدة من التفاعل مع عملائنا، إلى جانب تعزيز تجربة التسوق في متاجرنا التي تبقى في غاية الأهمية بالنسبة إلى الزبائن ليلمسوا المنتج ويحسوا به، ولاسيما الساعات والمجوهرات، وهما عنصران لا يوفرهما البيع أونلاين". ويختم شويفوليه مؤكداً تلازم "الأونلاين والتجزئة في المتاجر"، مشدّداً على "أننا في Chopard لا نؤمن أن تجزئة الإنترنت ستغير عملنا بشكل كامل، لكنها ستكمّله بطريقة هادفة".
مراكز التسوق الإلكترونية
في الموازاة، برز اتجاه لافت في الصين منذ ظهور كوفيد-19، تمثّل بإقبال هذه العلامات إلى التعاون مع منصات التجارة الإلكترونية، وذلك في ظل إقبال المستهلكين الصينيين على التسوق عبر قنوات التسوق الرقمية المحليّة لشراء منتجات الرفاهية نتيجة القيود المفروضة على السفر وإغلاق المتاجر على نطاق واسع.
فمنذ مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، فتحت نحو 20 علامة راقية متاجر لها على سوق عملاق التجارة الإلكترونية الصيني JD، مثل صانع الجلديات العالمي Delvaux، وصانع المجوهرات Goossens والجلديات البريطاني Smythson.
وانضمت دار الموضة Balenciaga من ضمن آخر العلامات التي تنضم إلى موقع Tmall للتجارة الإلكترونية التابع لمجموعة علي بابا. وقد افتتحت العلامة متجراً على Tmall، وهي العلامة الباريسية الوحيدة التي تفتتح متجراً رئيسياً على منصة طرف ثالث للبيع الإلكتروني. وبسبب وباء كورونا أيضاً، اتجهت علامة Michael Kors مثلاُ إلى Tmall لطرح خدمة تخصيص جديدة قبل طرحها على نطاق عالمي. وأطلقت Super Brand Day ضمن برنامج خاص منTmall يسمح للعلامات فيه بتقديم عروض مفاجئة وخاصة.
مضاعفة الإنفاق الصيني
اهتمام العلامات المتنامي بالسوق الصينية يأتي في ضوء تقديرات لماكينزي تتوقع من خلالها أن يتضاعف الإنفاق الصيني ليصل إلى 169.7 مليون دولار العام 2025 في الصين، ما يمثل نحو 65 في المئة من نمو السوق عالمياً.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل علامات الرفاهية للتوسع أكثر فأكثر في العالم الرقمي وتطلّعها إلى مواقع التجارة الإلكترونية الصينية لإعطاء دفع لمبيعاتها كون أعمالها تعاني في باقي أنحاء العالم بسبب وباء كوفيد-19، يجمع خبراء في الصناعة أن العلامات الغربية غير جاهزة بعد للنجاح رقمياً في الصين، أهم سوق رفاهية في العالم، إذ تعتمد هذه العلامات بشكل كبير على المتاجر وهي غير ملمّة بشكل كاف بالتجزئة الرقمية.
وتشير شركة Bain & company إلى أن العلامات الفاخرة أنفقت ثروات في الأعوام الأخيرة لخلق متاجر سخية وتقديم ما يشبه "احتفالات الشراء" Buying Ceremonies داخل المتجر لتشجيع الزبائن وحثّهم على الشراء. وفي ظل التحول إلى الإنفاق الأونلاين، قد تحتاج العلامات إلى تقليص عدد متاجرها والتكيف مع عدد مستهلكي تجزئة أقل.
وفي وقت تتوقع شركة إدارة الاستشارات Equité نهوض قطاع الرفاهية في الصين بسرعة، تلفت إلى ضرورة إعادة العلامات الفاخرة تموضعها مع مستهلكي الرفاهية الصينيين. فهؤلاء يمثلون نحو 40 في المئة من سوق الرفاهية العالمية، ومن المتوقع أن يصلوا إلى 50 في المئة بحلول العام 2030.
الأكثر قراءة
-
تعاون بين "أدنوك" و"مصدر" و"مايكروسوفت" في مجالي الذكاء الاصطناعي والحلول منخفضة الكربون
-
المصارف المركزية الخليجية تخفّض أسعار الفائدة بعيد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
-
الأرباح المعدلة لـ"فيرتغلوب" تبلغ 496 مليون دولار في 9 أشهر
-
أرباح "أوراسكوم للتنمية مصر" ترتفع 25.7% خلال الربع الثالث 2024
-
منتجع وسبا فندق إنديغو الجبل الأخضر: أكثر من مجرّد وجهة للإقامة الفاخرة