كيف تمكنت الجامعة اللبنانية من تصفير عجزها المالي؟
كيف تمكنت الجامعة اللبنانية من تصفير عجزها المالي؟
رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب في حوار شامل مع "اوّلاً- الاقتصاد والاعمال": أقفلنا مزاريب الهدر.. وتذبذب الدولار أوقف المناقصات واستدراج العروض
- أدهم جابر
مذ دخل البرفسور فؤاد أيوب إلى مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية، حتى بدأت التدخلات السياسية في شكلها "المعهود" بالخروج منه. فالدكتور القادم من عالم طب الأسنان كان قد أعد العدة لاقتلاع الفساد من جذوره وإن كان بعضه قد تحوّل إلى "ارمية" بفعل مرور الزمن، الأمر الذي أدى إلى تعرضه إلى هجمات امتدت إلى تناوله شخصياً لأنه تجاوز كل "تابو" في سبيل بناء صرح تعليمي يكون للكل لا لهذا الطرف أو ذاك..
رئيس الجامعة اللبنانية د. فؤاد أيوب إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال":
التعليم عن بُعد مغامرة مخيفة.. لكننا لم نتردد باللجوء إليه على الإطلاق
اليوم تعايش الجامعة اللبنانية أكبر أزمة يمر فيها لبنان في تاريخه، أزمة لم تترك قطاعاً إلا وأنهكته، يتحدث عنها رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" في حوار مباشر وصريح، بلغة الواثق الذي وضع حجر الأساس لمنظومة إدارية جنبت جامعة الوطن التداعيات السلبية للأزمة. يؤكد أيوب أن العام الدراسي 2019- 2020 بدأ بشكل غير مناسب إلى حد ما، وذلك بفعل انطلاق الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول/أكتوبر، ثم جاءت جائحة كورونا لتزيد الأمور تعقيداً، فعدم ارتباط الجائحة بموعد محدد لانتهائها، اضطر الجامعة إلى اللجوء إلى التعليم عن بُعد في سبيل إنهاء العام الدراسي، ويقول أيوب: "كنا سباقين على المستوى الوطني العام عندما طرحنا مسألة البدء بالتعليم عن بُعد. وبكل صراحة كنا نخوض مغامرة لأن التجربة كانت غير مسبوقة فنحن لم نعتمد هذا النوع من التعليم ولا مرة، وهنا لا ينفي أيوب انه كان هناك خوف، "لكننا لم نتردد على الإطلاق لأن هذه المسألة كانت قضية حياة أو موت بالنسبة إلينا.. كانت لدينا رغبة كبيرة في الانتصار على جائحة كورونا ولو بشكل جزئي وبالتالي يعود الطلاب إلى صفوفهم لإنهاء العام الدراسي، خصوصاً الطلاب الذين لديهم مواد تطبيقية. وفي الوقت نفسه كنّا نفكر في الطلّاب الذين لديهم معوّقات اقتصادية أو تقنية نظراً إلى وجودهم في مناطق نائية وتمنعهم من التعلم عن بُعد، وعليه كان لدينا هاجس يتمثل في كيفية استيعاب هؤلاء الطلّاب داخل الحرم الجامعي ومساعدتهم على تعويض الدروس واستكمال العام الدراسي.
لا ترفيع للطلاب ولا تخريج من دون امتحانات حضورية
لكن هل نجحت الجامعة في هذه التجربة؟ يرد أيوب بأنه كان هناك بعض العوائق منها ما يتعلق بالأساتذة والطلاب وأخرى بالجوانب التقنية والأخيرة تم تجاوزها في وقت قياسي، وبالتالي كانت النتيجة أن نحو 56 ألف طالب قاموا بالتسجيل أونلاين. لكن ماذا عن العام الدراسي هل تم إنهاءه باعتماد التعليم عن بُعد؟ يجيب أيوب نعم أنهينا العام في بعض الكليات باعتماد الـ "أونلاين" خصوصاً الكليات والمواد النظرية لكن بالنسبة إلى الكليات التطبيقية فلا يمكن ذلك. وماذا عن ترقية الطلّاب وتخريجهم باعتماد التعليم عن بُعد؟ يشدد أيوب على أن الجامعة اللبنانية لا تقوم بـ "الترفيع" أو تخريج الطلّاب باعتماد التعليم عن بُعد "فسياستنا واضحة، الأونلاين هو حل لنبقي الطلّاب في بيوتهم في سبيل المحافظة على الصحة العامة وفي الوقت نفسه، الإبقاء على ارتباطهم أكاديمياً بجامعتهم وأساتذتهم، لكن بالنسبة إلى الترفيع أو التخريج فعليهم أن يخضعوا لامتحانات حضورية. فنحن لا نؤمن بالامتحانات عن بُعد وهذا أمر واضح بالنسبة إلى كل اهل الجامعة".
الزيادة في أعداد طلاب الجامعة اللبنانية ليس كما يُشاع
وعن الزيادة المتوقعة في أعداد الطلّاب الذين قد ينضمون إلى الجامعة العام المقبل، يشير أيوب إلى أننا نتوقع زيادة في عدد الطلاب لكن ليس كما يقال، فنحن لدينا كل سنة نحو 20 ألف طالب من ناجحي البكالوريا، هذا معدلنا الوسطي تقريباً، لذا فإن الزيادة قد تكون ما بين 5 إلى 10 آلاف طالب. هل يمكن استيعابهم؟ يرد أيوب: نحاول إيجاد الحلول لكن المشكلة ستكون في الكليات المفتوحة، ونعمل بموجب خطة طوارئ، ومن الاقتراحات التي يتم بحثها اعتماد دوامين صباحي ومسائي. لكن كل ذلك يتوقف على الظروف الصحية لأن تكرار ما جرى خلال العام الحالي يعني أننا سنعاني من صعوبات كثيرة وكبيرة، فكلما زاد عدد الطلاب تزيد العقبات..
موازنة الجامعة: المشكلة بالقسم التشغيلي وهناك مفاوضات مع مصرف لبنان ومودعين
من أجل حل مشكلة تذبذب الدولار
لا تعتمد الجامعة اللبنانية في التمويل على الأقساط مثل الجامعات الخاصة، فالتسجيل فيها مقابل رسم رمزي، كذلك لا يأتيها دعم مالي مباشر، وإن على شكل مساعدات كبعض مؤسسات التعليم العالي في لبنان، وتتوزع موازنتها على شقين الأول هو الجزء المتعلق بالرواتب والأجور والثاني يتعلق بـ "التشغيل"، ويوضح أيوب أنه بالنسبة إلى الشق الأول فلا يمكن المس به وهو بالليرة اللبنانية وبالتالي لا مشكلة حوله، لكن المشكلة هي في ما يتعلق بالجزء التشغيلي ذلك أن هناك أجزاء كثيرة بالعملة الصعبة "ومشكلتنا أن الموردين لا يقومون بتسليمنا أي مواد نحتاجها ولا أي شيء لأن المفروض أن نستلم منهم على سعر 1507 ليرات للدولار، وهذا ما أدى إلى توقف كل المناقصات واستدراجات العروض في الجامعة". ويضيف أيوب أن هناك مفاوضات تجريها الجامعة مع مصرف لبنان ومودعين لحل هذه المعضلة.
دعوة الدولة إلى زيادة مساهمتها في الجامعة
دفعت هذه الأمور مجتمعة إلى البحث عن حلول لمسألة الدولار، يقول أيوب: نعمل حالياً مع مصرف لبنان ومودعين من أجل أن نصل إلى إجراء ما أو حل لهذه المسألة. ومنها على سبيل المثال قيام الشركات الموردة بالفصل بين المواد المستوردة والخدمات التي يمكن تقديمها بالعملة الوطنية (الليرة)، ويستطرد: لا نزال في إطار المفاوضات. وفي السياق نفسه، يدعو أيوب الدولة اللبنانية إلى النظر بطريقة أكثر انفتاحاً في خصوص المبالغ المتعلقة بالبنود التشغيلية من أجل استمرارية الجامعة، لذا فإن المفترض زيادة مساهمة الدولة بالبنود التشغيلية وقد قمنا بوضع "معادلة" حول هذه المساهمة، سنقوم بإرسالها إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب، وفي هذه المعادلة تم الأخذ في الاعتبار الأموال المرصودة التي نقوم بدفعها سنوياً وقسمناها على 1500 ليرة ثم ضربناها بـ 3200 ليرة وهو السعر الذي حدده مصرف لبنان والرائج، ولاحقاً ضربنا الرقم بـ 3800 ليرة وبذلك بات لدينا لكل يوم سعر، علماً أن الزيادة التي نطالب بها هي بسيطة مقارنة بما تقدمه الجامعة لخدمة الوطن إذ نقوم بخدمة 80 ألف طالب بمعدل 40 ألف عائلة سنوياً..
وإذا كانت الجامعة اللبنانية تعتمد في موازنتها على الدولة، والأخيرة شبه مفلسة، كيف يمكن أن يكون وضع الجامعة المالي؟ ربما قد تصدم الإجابة على هذا السؤال البعض، فما يلفت الانتباه هو أن الجامعة بحسب أيوب، توصلت في بداية العام الحالي إلى أمر غير مسبوق وهو تحقيق التوازن المالي بسبب الخطة الخمسية التي تمّ وضعها "وأنجزناها خلال ثلاث سنوات، وهذا منحنا قوة دفع كبيرة لنعمل على تطوير الجامعة تحديداً مختبراتها وأبنيتها"، وفي المحصلة فإن الجامعة التي كان العجز فيها يبلغ 98 مليار ليرة لبنانية سنة 2017 وكان من المتوقع أن يصل إلى 159 مليار ليرة ويتضاعف كل سنة بات صفراً! فكيف تمّ ذلك؟ يؤكد أيوب أن الفضل في نجاح الجامعة يعود إلى الإصلاح الذي مكننا من القضاء على العجز المالي وهذا تم التوصل إليه من خلال سد مزاريب الهدر.
ماذا عن التدخلات السياسية في شؤون الجامعة؟
ماذا عن السياسة؟ يقول رئيس الجامعة اللبنانية إن الجامعة جزء من هذا البلد، وكل مؤسسة موجودة في لبنان تتأثر بعوامل سياسية متداخلة، لكن التدخل السياسي في شؤون الجامعة حالياً أقل، واكبر دليل على ذلك عدم رضا الأفرقاء كلهم عن أدائنا وهذا خير دليل على أن السياسة بدأت بالخروج من "اللبنانية"، علماً أن الرؤساء الثلاثة فرحين بنجاحنا في وضع حد لكل ما له علاقة بالتدخلات السياسية.. ويختم أيوب: الإصلاح حاجة ليغير الإنسان ذاته، فكيف بالمؤسسات؟ الجامعة اللبنانية مؤسسة إنسانية تحتاج إلى إصلاح نفسها، فالإصلاح عملية مستمرة لا تتوقف أبداً من وجهة نظرنا..
النص الكامل لمقابلة رئيس الجامعة اللبنانية د. فؤاد أيوب مع "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"
من ملف: التعليم العالي في لبنان والأزمة الاقتصادية: قصة معاناة مفتوحة
الأكثر قراءة
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال
-
صندوق النقد الدولي يحذر من النمو المتسارع للديون العالمية: لإجراءات عاجلة تكبح نموها
-
"بيورهيلث القابضة" الإماراتية تسجل صافي أرباح بقيمة 1.4 مليار درهم في 9 أشهر