لبنان على المفترق ولا مستقبل بلا إصلاحات

  • 2020-08-12
  • 13:05

لبنان على المفترق ولا مستقبل بلا إصلاحات

توقعات المعهد الدولي للتمويل لما بعد انفجار مرفأ بيروت

  • رشيد حسن

أصدر المعهد الدولي للتمويل IIF الذي ترعاه مجموعة المصارف الدولية أول تقرير عن آفاق الاقتصاد اللبناني بعد انفجار المرفأ، متوقعاً أن يعمّق الدمار الكبير الذي نجم عنه انكماش الاقتصاد ما بين 15 إلى 24 في المئة هذا العام، وأشار التقرير إلى أنه، وحتى قبل الانفجار المدمّر، فإن الاقتصاد اللبناني كان في طريقه إلى الانهيار مع انفجار معدلات التضخم وتهالك سعر صرف الليرة، معتبراً أن السبب الأهم للمأساة اللبنانية، هو فشل الحكومة اللبنانية في تحقيق أي تقدم في مسار إصلاح الاقتصاد وعمل الإدارات الحكومية بما يمهد للحصول على المساعدات المنشودة من صندوق النقد الدولي، إلا أن التقرير حمل توقعات أكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى المستقبل القريب باعتبار أن زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون والضغوط المتصاعدة من الرأي العام والقوى السياسية اللبنانية، قد تفتح الطريق لقيام ميثاق سياسي جديد يرفع العقبات من أمام الإصلاحات الأساسية، ونظراً إلى عدم وضوح الآفاق الاقتصادية والسياسية للعام 2020 فقد أعدّ المعهد سيناريوهين اثنين لأفق الاقتصاد في العام الحالي.

 

لحكومة جديدة تنفذ برنامجاً إصلاحياً وتفك أسر المساعدات

وتعيد تكوين الإحتياط وتحسن سعر صرف الليرة

 

 

 

 

وتضمّن تقرير المعهد الدولي للتمويل إشارة لافتة للإنتباه في سياق تعليل الانفجار، إذ قال إنه لم تعرف حتى الآن أسباب الانفجار، إلا أنه ليس مستبعداً أن يكون السبب انفجار قنبلة أو صاروخ، لكن التقرير اعتبر الاحتفاظ بهذه الكمية الهائلة من المواد القابلة للانفجار لمدة في العاصمة مؤشراً على مدى تفشي ثقافة الإهمال والفساد في الإدارات الحكومية اللبنانية.

 

إقرأ:

ماذا يعني انفجار مرفأ بيروت؟

 

وقدر التقرير أن تبلغ الخسائر الناجمة عن الانفجار نحو 7 مليارات دولار أو ما يعادل 14 في المئة من الناتج المحلي للعام 2019 ، مشيراً إلى الخسائر البشرية الكبيرة والعدد الكبير من السكان (300,000) الذين تضررت منازلهم، ولحظ التقرير أن 75 في المئة من واردات لبنان كانت تمر عبر مرفأ بيروت الذي دُمِّر تماماً وهو ما سيضطر لبنان إلى الاعتماد بصورة تامة على مرفأي طرابلس وصيدا الأصغر حجماً وطاقة.

ونظراً إلى الانكماش الكبير في الإنتاج المحلي ومعدلات التضخم، فإن المعهد الدولي للتمويل يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي من 52 مليار دولار في العام 2019 إلى 33 ملياراً في العام 2020 ملاحظاً التراجع الكبير في القيمة الحقيقية للأجور وارتفاع معدل التضخم بنسبة 110 في المئة حتى شهر تموز/يوليو الماضي.

 

 

 

الانفجار يكلف لبنان 7 مليارات دولار ويعمق الانكماش 24%

 

ويتوقع التقرير أن يكون من بين النتائج المهمة لتدمير المرفأ وقسم من العاصمة بيروت تحسن الشروط للسير بإصلاحات فعلية تحرك المساعدات الدولية للبنان، مشيراً إلى استضافة باريس في التاسع من آب/أغسطس لمؤتمر على الإنترنت بهدف توفير الدعم المالي والغوث الإنساني للبنان.

 

إقرأ ايضاً:

بيروت تنتهي كعاصمة اقتصادية للبنان مل لم يعد مرفأها إلى الحياة

 

وأورد تقرير المعهد الدولي للتمويل سيناريوهين اثنين لتطور الاقتصادي اللبناني:

الأول، سيناريو إيجابي يفترض تشكيل حكومة مستقلة تتولى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي بما في ذلك خفض دور الدولة في الاقتصاد من خلال عمليات خصخصة لعدد من القطاعات المهمة مثل الاتصالات والكهرباء وربما عمليات إعادة إعمار المرفأ وإدارته في المستقبل، وتوقع التقرير أن يتحسن سعر صرف الليرة إلى معدل 6,000-6500 ليرة للدولار في مطلع العام 2021 الأمر الذي قد يمكن البنك المركزي من توحيد أسعار الصرف المختلفة لليرة في سعر واحد معتمد في التعاملات كافة، ومثل هذا التطور سيساهم في إعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني كما إنه سيفتح الطريق أمام تدفقات رأسمالية منها 11 مليار دولار مخصصة ضمن برنامج سيدر وهو ما سيساعد على إعادة تكوين احتياط لبنان من العملات وقد يساهم في خفض الدين العام إلى نحو 80 في المئة من الناتج المحلي.

 

 

إقرأ ايضاً:

مرفأ بيروت من الازدهار إلى الانهيار

 

وبحسب التقرير، فإن السيناريو الثاني السلبي يفترض عدم القيام بإصلاحات شاملة أو القيام بإصلاحات محدودة من دون تغيير أساسي في الإدارة السياسية وفي التحالفات الحاكمة للبلد، وفي هذه الحال، فإن الثقة بلبنان ستستمر في التراجع كما سيتسمر استنزاف الاحتياط إلى حد نفاده بالكامل في العام 2022، وفي هذه الحال، لن يشهد البلد تدفقات نقدية باستثناء التدفقات الإنسانية التي أقرّت في مؤتمر باريس في 8 آب/أغسطس 2020 ، كما إن التضخم سيستمر في التفاقم وكذلك التدهور في سعر صرف الليرة إزاء الدولار وفي معدلات البطالة، كما يتوقع أن يبقى الدين العام في حدود 120 في المئة من الناتج المحلي.