محمد التويجري ينافس بقوة لرئاسة منظمة التجارة الدولية

  • 2020-09-14
  • 14:17

محمد التويجري ينافس بقوة لرئاسة منظمة التجارة الدولية

أسبوع حاسم قد يشهد تصفية المرشحين الثمانية إلى اثنين

  • رشيد حسن

 

اقتربت ساعة الفصل في اختيار مدير عام جديد لمنظمة التجارة العالمية، فهل سيتم التوافق على أحد المرشحين الثمانية؟ وما هي حظوظ مرشح المملكة العربية السعودية محمد التويجري؟

رسمياً تنتهي اليوم المرحلة الأولى من السباق على المنصب وتبدأ المرحلة الثانية. ومن حيث المبدأ، فقد قام جميع المرشحين خلال الفترة التي تبعت إغلاق باب الترشيح بجهود كبيرة لتعريف ممثلي الدول الأعضاء الـ 164 برؤيتهم وخططهم الإصلاحية، وبذل المرشح السعودي محمد التويجري مجهوداً منسقاً من خلال الإعلان عن برنامجه لتطوير المنظمة والسياسات التي يقترح الأخذ بها للخروج من المأزق الحالي، وهو شرح برنامجه عبر التواصل المباشر مع ممثلي الدول الأعضاء واللقاءات الصحفية، وكذلك من خلال موقع إنترنت تفاعلي يستهدف تعميم رؤيته والأفكار التي سيحملها إلى المنظمة في حال اختياره مديراً لها.

 

 

إقرأ:

السعودية تدخل المنافسة القوية لاختيار مدير منظمة التجارة العالمية

 

 

أما الآن، وبعد أن أعطي المرشحون الفرصة للتعريف بأنفسهم والإجابة على أسئلة أعضاء المنظمة، فقد بدأت مرحلة "غربلة" الأسماء وذلك أولاً بتسمية خمسة ممن حظوا بأكبر قدر من التوافق على أن يتم لاحقاً اختيار اثنين من أصل المرشحين الخمسة، ثم يتم أخيراً الإعلان عن اسم المرشح الفائز بالمنصب وهذه المرحلة قد تتطلب جولات سبر آراء عدة مع احتمال أن يتم اختيار المدير العام الجديد في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، علماً أن العملية يمكن أن تمتد حتى مطلع العام المقبل، وفي حال فشلت المساعي للإتفاق على مدير جديد، فإن اللجوء إلى التصويت يصبح خياراً لا مفرّ منه، إلا أنه سيعكس عندها حالة التفرق والاختلاف التي تغرق فيها المنظمة وبالتالي سبب أساسي لتراجع فعاليتها. 

 

موازين وحسابات وتسريبات

 

هناك رأي يقول بأن المرشح البريطاني والمرشحة الكورية لا يمتلكان حظاً حقيقياً بسبب قرب موقف بلديهما من الموقف الأميركي في الخلافات التجارية، بينما اعتبر محللون أن موقف المرشح المولدوفي أيضاً ضعيف ما يعني أن اختيار المرشحين الخمسة من أصل الثمانية قد لا يلاقي صعوبة فيبقى المرشح السعودي مع المرشحين الأربعة الباقين (الكينية والنيجيرية والمصري والمكسيكي) في السباق.

لكن في ما يتم الاستعداد لاستخلاص آراء الدول الأعضاء في اختيار المدير العام الجديد، لفت الاهتمام ترويج وسائل الإعلام الغربية لاعتبار اثنين من المرشحين لمنصب المدير العام هما الكينية أمينة محمود والنيجيرية أوكونجو أيوالا "الأكثر حظاً" في الحصول على المنصب، وذلك بسبب وجود "توجّه" لإسناد المنصب لشخصية أفريقية مع تفضيل أن تكون تلك الشخصية سيدة، وبالطبع مثل هذه التكهنات لا أساس واقعياً لها خصوصاً أن المنظمة تواجه أزمة وجود ودور لا تترك مجالاً لترف الأخذ ببعض التفضيلات الجغرافية أو المستندة إلى جنس المرشح، وتفرض بالتالي إيجاد شخصية على درجة عالية من الكفاءة وقادرة على التعامل السلس وتذليل الصعوبات التي أضعفت دور المنظمة في السنوات الماضية.

 

دور الولايات المتحدة

 

الولايات المتحدة هي أكبر قوة تجارية في العالم، كما إنها المساهم الأكبر في تمويل منظمة التجارة الدولية، علماً أن مساهمة كل دولة تحتسب على أساس حصتها النسبية من التجارة الدولية خلال السنوات الخمس الأخيرة، ولهذا السبب، فإن من المهم أن يكون أي مرشح لمنصب المدير العام للمنظمة مؤهلاً للتعامل مع إدارة الرئيس الأميركي المقبل وفريقه التجاري، وقد عرف عن الرئيس ترامب نفور طبيعي من المنظمة نتيجة لنفوره من منظمات العولمة كافة التي يعتبر أنها أضعفت الولايات المتحدة وقيّدت حريتها في الدفاع عن مصالحها التجارية، وهذا فضلاً عن التكلفة الكبيرة لتلك المنظمات وأجهزتها البيروقراطية، بل إن ترامب هدد مراراً بالخروج من منظمة التجارة الدولية واتهم لجان التحكيم فيها بموقف متحيز ضد بلاده في النزاعات التجارية، وانتهى الأمر به إلى تجميد عمل المنظمة من خلال التوقف عن تعيين محكمين أو قضاة في لجان فضّ النزاعات التجارية.

الموقف الأميركي، الذي يلقى تعاطفاً من الاتحاد الأوروبي ومن اليابان أيضاً، يشير إلى أن واشنطن سيكون لها الكلمة العليا في اختيار المدير العام الجديد والذي تريد منه أن يعدل سياسات المنظمة بعيداً عما تعتبره غض النظر عن التغلغل التجاري الصيني في العالم والتزام موقف متوازن في الخلافات التجارية.

لهذا السبب، فإن إيجاد صيغة للتعاون مع دورة جديدة من رئاسة دونالد ترامب سيكون أمراً في غاية الصعوبة وسيتطلب الأمر مديراً قوياً قادراً على التوفيق بين المواقف الأميركية المتصلبة من الصين ومن الحاجة لتحديث أنظمة التجارة الدولية وبين المواقف المغايرة المتمثلة بالصين وعدد من دول العالم النامي وبعض الدول الأوروبية.

 

المهمة الصعبة

 

لذلك، يتفق المحللون على أن مهمة المدير العام الجديد لمنظمة التجارة الدولية ستكون محكومة إلى حدّ كبير بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن وبغض النظر عن النتائج المتوقعة، فإن مهمة المدير العام للمنظمة ستكون صعبة جداً لأنه، وفي جميع الأحوال، سيجد نفسه وسط صراع جبابرة لا يمتلك الوسائل للتخفيف منه ولا السلطة الكافية لاقتراح الحلول أو التسويات بشأنه، وبينما يستمر هذا الصراع ويستمر النزوع نحو العودة إلى السياسات الحمائية والحدود الوطنية، فإن المدير الجديد قد يصبح شاهداً على وضع لا يعود فيه للمنظمة الدور الذي أعطي لها عند تأسيسها كإطار شامل لتنمية التجارة الدولية ورفع الحواجز من أمام التدفق الحرّ للسلع والخدمات.

ومن أجل إدراك الصعوبات التي تنتظره يكفي للمدير العام الجديد أن يراجع مع المدير العام المستقيل البرازيلي أزفيدو تجربته الصعبة خلال السنوات الأخيرة والتي دفعته لتقصير ولايته والاستقالة قبل انتهائها بسنة، علماً أن المدير العام السابق يعتبر كفاءة عالية في مجال عمله وهو بذل جهوداً كبيرة خلال السنوات السبع، تمكن بفضلها من إقناع الدول الصناعية المتقدمة بالتوقف عن دعم الصادرات الزراعية، كما تمكن من بلورة الاتفاق العالمي حول إعفاء منتجات المعلومات والبيانات عبر الإنترنت من الرسوم والتعرفات، لكنه وبسبب التراجع المستمر في مناخ التجارة الحرة وتزايد الملفات الخلافية بين الدول الأعضاء، لم يتمكن من القيام بأهم ثلاث وظائف منوطة بمنظمة التجارة الدولية وهي: رعاية المفاوضات التجارية بين الدول الأعضاء، وتقييم تدفقات التجارة والمشاكل التي تواجهها، وأخيراً حل النزاعات والخلافات التجارية بين الدول الأعضاء، وانكشف ضعف المنظمة والتهميش المستمر لدورها بصورة خاصة خلال الحرب التجارية التي اندلعت بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وهما يمثلان مجتمعين أكثر من 24 في المئة من حجم التجارة الدولية ولا بدّ بالتالي لأي نزاع تجاري مستعص بينهما أن يؤدي إلى اضطراب شامل في حركة التجارة على المستوى الكوني.

يبقى القول إن تقديم المملكة العربية السعودية لمرشح منها في المنافسة على منصب المدير العام، يعتبر خطوة جريئة تظهر طموحها للعب دورها في المنظمات الدولية المختلفة، كما تظهر ثقة متزايدة بوزنها الاقتصادي بين دول مجموعة العشرين (التي ترأس دورتها لهذا العام) وبتجربة التحول الاقتصادي الجارية وفق رؤية 2030 وحجم الكفاءات القيادية التي تجمعت لها عبر عقود من التطور الاقتصادي والحكومي، وقد أفسح التطور الشامل للمملكة في المجال لبروز جيل من الكفاءات القيادية المجرّبة في العمل العام وفي التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية، ومن هنا يمكن القول إن المستشار في الديوان الملكي محمد التويجري، الذي شغل سابقاً منصب وزير الاقتصاد والتخطيط، يعتبر من المنافسين الأقوياء على منصب المدير العام لمنظمة التجارة الدولية، وهو ما قد يظهر تأكيد له خلال الأيام المقبلة.