رئيس "غلف كرافت": نبني شركة جديدة للـ40 سنة المقبلة
رئيس "غلف كرافت": نبني شركة جديدة للـ40 سنة المقبلة
- برت دكاش
إلى ما يشبه الظاهرة تحوّل إقبال الأثرياء إلى شراء اليخوت والقوارب الفخمة أخيراً، مما ساهم في استعادة سوق اليخوت العالمية والإقليمية شيئاً من حركتها، بعد جمود أصاب القطاع، صناعة وتجارة، بسبب انتشار وباء كورونا. و"للسبب نفسه، يقبل هؤلاء إلى تملّك يخت أو قارب فاخر، في ظلّ الخوف من السفر والإقامة في الفنادق التي قد تتسبب في انتقال الفيروس، وبالتالي يختار بعضهم حجر ذاته وعائلته في مكان منعزل، والاستجمام بأمان برفقة أصدقاء مختارين في الوقت نفسه"، كما يقول رئيس مجلس إدارة شركة الخليج لصناعة القوارب "غلف كرافت" محمد حسين الشعالي في حوار خاص مع موقع "أولاً- الاقتصاد والأعمال"، وإذ يؤكّد الشعالي أن تأثير "كوفيد-19" في البداية كان سلبياً جداً، يشير إلى أنه "بدأت تلوح بشائر نور في نهاية النفق، وهذه ظاهرة عالمية استشففتها من خلال تواصلي مع أشخاص كثر في الولايات المتحدة على سبيل المثال، وأوروبا وشرق آسيا".
استعادة السوق بعض عافيتها
استعادة سوق اليخوت جزءاً من حيويتها، لا يعني تعافيها سريعاً، يوضح الشعالي. ويقول: "إن سوق اليخوت مرتبطة بالاقتصاد العالمي الذي تأثر كثيراً بأزمة كورونا. فالأخيرة أعاقت حركة الانتقال والإنفاق وأدت إلى حال من عدم اليقين بالمستقبل"، ويضيف: "مما لا شكّ فيه أن العامل النفسي كان له دور كبير، أكثر من العامل المادي في جمود المبيعات في سوق اليخوت، لذلك، لا أتوقع تعافياً سريعاً للقطاع". ويقدّم الشعالي مثالاً بمثابة برهان على ذلك، قائلاً: "في أيلول/ سبتمبر الحالي ينعقد معرض اليخوت في مدينة "كان" الفرنسية. في ما مضى، كنا نفكّر بالزوار، وبالزبائن وكيفية انتقالهم لزيارة المعرض، في حين أن موظفينا ونحن أنفسنا الآن، غير قادرين على الذهاب والمشاركة في المعرض، فهذه هي إحدى الصعوبات الموجودة، وبلا شكّ ستنعكس على المعرض وعلينا نحن كعارضين. لذلك، أعتقد أن السوق تحتاج إلى عامين أو ثلاثة أعوام لتتكيّف مع واقع جديد فرضه "كوفيد-19"، والوضع القديم، أي كما كان قبل الوباء، انتهى إلى غير رجعة".
حاجة لدعم الحكومات وشركات الاستثمار
يستبعد الشعالي أن تتمكن الشركات، بمفردها، من الخروج من أزمة الوباء، "بل إنها تحتاج إلى دعم الحكومات وشركات الاستثمار التي هي في الغالب شركات شبه حكومية"، يلفت رئيس مجلس إدارة الشركة. ويخبر عن "غلف كرافت" في هذا السياق، فيقول: "نحن كشركة، نحاول التعايش مع الظروف الراهنة بإعادة النظر بهيكلية الشركة، سواء من ناحية العمالة، أو المصاريف الزائدة، أو طريقة العمل، وحتى مراجعة المنتج نفسه لنتمكن من التأقلم مع الأوضاع السيئة الحالية في السوق، علماً بأن النجاح غير مضمون، ولاسيما إذا طالت الأزمة الاقتصادية". ويكمل: "من حسن حظنا أن لدينا سوقاً عالمية متنوعة، وأعمالنا غير مركّزة في سوق واحدة مثل الإمارات أو الخليج كوننا نملك شبكة توزيع في أميركا، وأستراليا، ودول أخرى، مما قد يساعدنا إلى حد ما، لكن هنالك حاجة إلى تدخل الحكومات، أقلّه لتمويل المرحلة الصعبة هذه، أو توفير قروض مصرفية بشروط ائتمانية ميسّرة أو شيء من هذا القبيل لأنه من دون هذا الدعم، أعتقد أن كل الشركات، وليس الصناعية وحدها، ستتمكن بسهولة من الخروج من الأزمة".
السوق تحتاج إلى عامين أو ثلاثة أعوام
لتتكيّف مع واقع جديد فرضه "كوفيد-19"
وماذا عن حزمة الدعم التي قدّمتها حكومة الإمارات في هذا السياق؟ يجيب الشعالي: "معظمها وجهت إلى البنوك لدعم ديون الشركات والأفراد سواء عبر تأجيل السداد أو تخفيض الفوائد على هذه الديون، لكن الشركات التي لا ديون عليها لدى البنوك، ونحن منها، لم تستفد من هذه الحزمة، كما لم يحصل أي إعفاء من الضرائب أو الرسوم"، ولا يتوقّع الشعالي زيادة الضريبة على القيمة المضافة في الإمارات، إذ إن أي خطوة في هذا الاتجاه برأيه ستؤدي إلى "انهيار الاقتصاد، بل على العكس هنالك مطالبات بتخفيضها في ظل الظروف المالية والصحية الحالية"، كما يقول.
تجربة "غلف كرافت" وأزمة كورونا
لكن، كيف تعايشت "غلف كرافت" مع الوباء خلال مرحلة الحجر؟ "منذ بدء الوباء، وحتى قبل فترة الإغلاق وما رافقها من توجيهات حكومية في هذا الإطار، بدأنا باعتماد إجراءات السلامة في الشركة مثل فحص العمال والموظفين يومياً، ومراقبة حركة انتقالهم بين السكن والمصنع، وخفّضنا عدد العاملين من أجل التباعد الاجتماعي إلى 50 في المئة في البداية، من ثم إلى 30 في المئة، وبالتالي كنا نعمل بطاقة هي 30 في المئة من قدرتنا الإنتاجية. حصلت عندنا بعض الإصابات، إنما كانت خفيفة ولم تؤثر على دورة العمل، وعلى الرغم من انخفاض الإنتاج بشكل كبير، لكنه أمر طبيعي في ظل جمود السوق نفسها".
وفي المقابل، وفي خضمّ الأزمة، تمكّنت الشركة من تسليم يختين أخيراً هما: "ماجستي 100 هارموني" و"ماجستي 100 إيسلا" إلى عميلين في أوروبا، مما يعدّ إنجازاً للشركة، ويشدّد الشعالي على أن "ذلك يعطي مصداقية للشركة"، مشيراً إلى "أننا لم نحاول استغلال المرض أو الظروف العالمية لنؤخر التسليم أو نؤجّله، على الرغم من الصعاب الكثيرة التي واجهناها من ناحية التوريد. فغالبية شركات التوريد كانت مقفلة وكان بالتالي من الصعب نقل البضاعة منها، لكننا حاولنا أن نسدّ هذا النقص، ونسلّم يخوتنا وفق جدول التسليم المحدّد، مما يعكس قوة الشركة ومصداقيتها والتزامنا الدائم تجاه زبائننا، وتمّ ذلك بشكل أفضل من تسليم يخوت سابقة، علماً أن جميع الاختبارات على اليختين حصلت، كذلك وتدريب طاقميها أونلاين، كما إجراءات التسليم".
التجربة أكدت أخيراً، عدم صوابية الاعتماد على سوق توريد واحدة
ويكمل موضحاً في هذا السياق: "أكّدت التجربة أخيراً، عدم صوابية الاعتماد على سوق توريد واحدة، كما أظهرت هذه الأزمة لنا كشركة "غلف كرافت" من هم الموردون الذين يُعدّون شركاءنا في الأوقات الصعبة، ومن هم الذين يعملون فقط من أجل الكسب المادي، مما يمنحنا الفرصة لاختيار مورّدينا في المستقبل والذين يمكننا الاعتماد عليهم في وقت الضيق، وأيضاً على مستوى الدول المورّدة التي انقطع التواصل معها. كذلك اكتشفنا أنه لا بدّ لنا من أن نعتمد على موارد محلية، أي أن ننشئ شركات للتوريد محلياً حتى ولو ضحينا قليلاً من ناحية الكلفة أو النوعية، للحؤول دون انقطاع شبكة التوريد مستقبلاً، وهنالك تواصل حالياً مع شركات في الإمارات للتعاون معها في المستقبل".
"غلف كرافت جديدة"
صحيح أن أزمة كورونا دفعت بالشركة إلى إعادة النظر ببنيتها الهيكلية، كما يذكر الشعالي، إلا أنه، وفي تعليق سابق له، يقول "إننا نريد بناء غلف كرافت جديدة". فماذا يقصد بذلك؟ وما هي مقومات هذه الشركة الجديدة؟ يجيب الشعالي موضحاً: "بعد 38 سنة من العمل والتجربة، حققنا الكثير من الإنجازات، لكن خلّفت معها تراكمات ناجمة من طبيعة العمل التقليدي. وعندما تكبر الشركة، تترهّل، وقد حصل ترهّل في الشركة بفعل طريقة العمل التقليدية والأداء التقليدي للموظفين. اليوم، دخلنا في مرحلة عمل جديدة، ليس بسبب كورونا، إنما وجدنا من الضروري مراجعة تاريخنا كله، وأن نبدأ بأسلوب جديد لأننا أمام خيار من اثنين؛ إما أن نضعف حتى الموت، أو أن نجدد أنفسنا بما يمكننا من التعامل مع معطيات جديدة. فنحن اليوم نعيش في عالم مختلف، عالم جديد، ليس بسبب كورونا، إنما بحكم التطورات، وبالتالي علينا مقاربتها بطريقة تفكير جديدة، وبإستراتيجية جديدة، ومنتجات وإدارة وعقلية جديدة. زبائننا يتغيرون، فلم يعودوا أنفسهم الذين كنا نبيعهم قبل خمسة أو عشرة أعوام، وكذلك الموردون يتغيّرون، كما السوق وبيئة العمل نفسها وطبيعة الناس والحياة، كذلك مستهلك اليوم تغيّر مقارنة بما كان عليه قبل 10 أعوام أو 15 عاماً. لذلك، فإن "غلف كرافت" الجديدة ستكون للسوق الجديدة المستقبلية، بفكر جديد ومستقبلي، وتخطيط وإنتاج مستقبلي يعتمد على البساطة، والمتانة، والديمومة والمتعة".
ويضيف: "نحن نبيع منتجاً فاخراً وشخصياً، لذلك لا بدّ لنا من فهم نفسيات الأفراد، وطبيعة متطلباتهم لنتمكن من تلبيتها، وعندما أتكلم عن "غلف كرافت" جديدة، فأعني بذلك أن "غلف كرافت" التي عمرها 38 عاماً أدّت مهمتها، والآن نريد "غلف كرافت" جديدة للـ38 أو 40 سنة المقبلة".
التكنولوجيا الحديثة وعملية تحديث الشركة
ورداً على سؤال عن دور التكنولوجيا الحديثة في تصور"غلف كرافت" الجديد، يفيد الشعالي إنها "تدخل في صلب كل عملية التحديث". ويقول: "باتت البيئة عاملاً مهماً في حياة شباب اليوم خصوصاً بعد هذا المرض، وبدأ الناس يفكرون بالبيئة، علماً أننا نحن من اعتدى على البيئة وتسببنا في هذا المرض. فكيف نحمي البيئة إذاً؟ باعتماد الطاقة النظيفة، والطاقة الكهربائية والطاقة الشمسية. وفي العام 2019، بدأنا في "غلف كرافت" الاستثمار في الطاقة الشمسية والطاقة الكهربائية لإنتاج يخوت وقوارب تعمل بالطاقة الشمسية، وكذلك استثمرنا في يخوت تعمل بالطاقة الكهربائية. وهذا يشكل جزءاً من إستراتيجيتنا المستقبلية الماضون في تنفيذها، إليها يضاف استخدام التكنولوجيا في إدارة اليخت نفسه، وطريقة البحث عن يخت وصيانته عن بعد. جميع هذه الأمور نحاول تطويرها الآن مثلما نطوّر الشركة نفسها والأشخاص الذين يطوّرون المنتج، إذ يجب أن يتمتعوا بالعقلية الإلكترونية والحديثة للتعامل مع المنتج، هذا هو توجهنا وهذه هي "غلف كرافت" التي نتكلم عنها في المستقبل".
اقرأ أيضاً: "غلف كرافت": إعادة هيكلة
يخوت وقوارب على الطاقة الكهربائية والشمسية
وعن أحدث يخوت الشركة، يتحدّث الشعالي فيقول إن "أحدثها هو "ماجستي 120"، مشيراً إلى "تحديثات وتغييرات على مستوى التصميم الخارجي والداخلي والأجهزة الموجودة في اليخوت والقوارب"، ويكمل شارحاً: "صحيح أن بناء يخت يحتاج إلى عامين، إنما الكثير من الأفكار تتبلور في الوقت نفسه، وعلى مستوى التحديث، كما ذكرت، طرحنا يختاً وقارباً يعملان بالطاقة الشمسية، ثم إن العمل جارٍ على يخت يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية والشمسية والذي من المتوقع أن ندشّنه في معرض دبي لليخوت المزمع عقده في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل بعد تأجيله بسبب كوفيد-19".
المعارض الرقمية والخاصة
وبخصوص المعارض الرقمية التي تحولت إلى ظاهرة فرضتها جائحة كورونا كتعويض عن تأجيل بعض الأحداث أو إلغائها، ومدى قابلية اعتمادها في قطاع اليخوت، يلفت الشعالي إلى "أنها أمر حاصل بلا شكّ في المستقبل، لكنه صعب في الوقت الحالي، ولاسيما وأن عملية بيع يخت تتم خطوة بخطوة". ويضيف: "تنظيم معرض، وتصويره، وتحميله على الإنترنت لا يتقبله الناس بعد، إذ إنهم يريدون أن يشعروا باليخت الذي هو منتج شخصي، لكن المستقبل لهذا التوجه ولا نستطيع أن ننكره، وربما في غضون خمسة أعوام نجد أن جميع المعارض أصبحت رقمية".
ويجيب رداً على سؤال عن الحدث الخاص الذي نظمته الشركة في دبي لباقة مختارة من عملائها، وعن إمكانية أن تتحوّل هذه الأحداث الخاصة بدورها إلى ظاهرة، يشير الشعالي إلى أن "هذا الاتجاه حديث وقديم في آن، فقبل أن تكون هنالك معارض رسمية، كنا ننظم مثل هذه الأحداث الخاصة المتنقّلة بين بلد وآخر، وأعتقد أن المستقبل لمثل هذه الأحداث أيضاً كونها تمكننا من الرقابة، وتحديد الكلف، واستهداف زبائن محدّدين. والمعرض الذي نظمناه في دبي أخيراً، عرضنا فيه يختاً واحداً فقط، لكنه كان ناجحاً وأحدث أثراً إيجابياً كبيراً لدى العملاء".
شروط جديدة فرضها كورونا
ويؤكد الشعالي مرة أخرى، في معرض ردّه على الشروط الجديدة التي فرضها الوباء "ضرورة الاهتمام بالبيئة، وهو أمر في غاية الأهمية في صناعتنا، كون القوارب تستهلك كمية كبيرة من الزيوت وتخلّف وراءها كمية كبيرة من العوادم، بالإضافة إلى التباعد الاجتماعي وعدم القدرة على الاختلاط، مما أثر على العلاقات الاجتماعية. إلى ذلك، التغيرات التي فرضها على ظروف العمل نفسها، وهي كما ذكرت لناحية شبكة التوريد والأسواق التي بدورها يجب أن تتغير". ويتابع موضحاً: "أعتقد أنه بات من الضروري الآن معرفة السوق حيث تعمل الشركة، وتحدّد بناء عليها أولوياتها فيها وتبني منتجاتها بناء على حاجة هذه السوق. وعلى الرغم من إمكانية البيع في أي مكان في العالم، لكن، وبحسب تجربتي، يجب أن تكون لأي شركة سوق "رقم واحد" تركز جهدها عليها. فالأسواق تبدّلت، والحاجات كذلك، إذ إنه علينا الآن مثلاً أن ندخل تكنولوجيا الحماية إلى اليخت، كالتعقيم والتطهير في المطبخ وحتى في المكيّف، إذ إنها أصبحت جزءاً من الحياة اليومية في كل مكان".
ويضيف مستطرداً: "إن الأمر الجيد من تجربة كورونا، برأيي الشخصي هو الرسالة التي استلمناها وهي أننا جميعنا أبناء البشر واحد، فهذا المرض لم يفرق بين عربي وعجمي، وبين أسود وأبيض، وبين غني وفقير وبين رئيس ومرؤوس، بل تعامل مع الناس سواسية. وأرجو أن نتعلم جميعنا الدرس، وهو أنني عندما أعتني بك إنما أعتني بنفسي، وعندما أرتدي القناع الواقي فأنا لا أحمي نفسي، إنما الآخر والعكس صحيح. إذا تعلمنا كبشر هذا الدرس، فأعتقد أنه أهم درس بغض النظر عن كل الكلفة التي دفعناها".
زيادة أهمية الأسواق الخليجية بعد كورونا
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال