جيف بيزوس: مؤسس إمبراطورية هزّت العالم

جيف بيزوس اسم شكّل علامة فارقة في عالم التجارة الإلكترونية حول العالم خلال السنوات الماضية حيث أسّس شركة "أمازون" العملاقة في تسعينات القرن الماضي والتي ساهمت في تعزيز التجارة الإلكترونية عبر شبكة الانترنت وتوسيعها وتطويرها على مدى عقود.

خطط بيزوس للوصول إلى كل الأهداف التي رسمها منذ بداية مسيرته المهنية بشكل واضح ومدروس حتى بات رقماً صعباً في عالم الأعمال وهو يسعى اليوم إلى تطوير أعماله بشكل مستمر يتلاءم مع التطورات التكنولوجية والتقنية الحديثة. عمل بيزوس في عدد من الشركات في الولايات المتحدة الأميركية حيث اكتسب خبرة واسعة مكّنته من التفوّق على نفسه وعلى الآخرين ومنحته القدرة على المنافسة في عالم الأعمال.

من مبرمج ومحلل في النرويج إلى تطوير

برنامج خاص بشركة "IBM" في كاليفورنيا

ولد جيف بيزوس في مدينة البوكيركي في ولاية نيومكسيكو الأميركية في 12 كانون الثاني/يناير 1964 وتلقى علومه الابتدائية والثانوية في كل من مدرسة "River Oaks Elementary School" في هيوستن ومدرسة "Miami Palmetto Senior High School" في ولاية فلوريدا، وتابع برنامجاً لتدريب العلوم في جامعة فلوريدا حيث حصل على جائزة الفارس الفضي. في العام 1982، دخل بيزوس إلى جامعة برينستون الأميركية حيث تخصص في مجال الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر وتخرّج منها في العام 1986. خلال فترة دراسته الجامعية، عمل بيزوس كمبرمج ومحلل في النرويج وقام بتطوير برنامج خاص بشركة "IBM" في كاليفورنيا خلال فترات الصيف.

بدأ حياته العملية من خلال دخوله إلى شركة "Fitel" ومن ثم انضمامه إلى شركة " Bankers Trust" في العام 1990، وانتقل بعدها إلى شركة "D.E. Shaw" حيث عمل كمحلل مالي لمدة 4 سنوات، قبل أن يستقيل وينتقل إلى "سيليكون فالي" للعمل على تأسيس موقع "أمازون"، كما حصل على عروض عمل من شركات مهمة مثل "إنتل" و"بيل لابز" وغيرهما.

واجه بيزوس صعوبات كثيرة خلال فترة تأسيس موقع "أمازون" خصوصاً لناحية إقناع كبار المستثمرين باستثمار مليون دولار كرأس مال في شركة لم يكن لها أي مثيل من قبل. وبدأ عمله برأس مال بلغ 300 ألف دولار حصل عليه من والديه كنقطة انطلاق وعمل على توظيف عدد من الأشخاص لتصميم الموقع الذي خصصه لبيع الكتب عبر الانترنت، وبدأ بالعمل في موقف سيارته بالقرب من منزله في العام 1994 وافتتح موقعه رسمياً في العام 1997، وسط توقعات لكبار المستثمرين بفشل هذه التجربة الجديدة. وبعد 3 سنوات على إطلاق الشركة، استطاع بيزوس أن يطرح "أمازون" للاكتتاب العام كطرح أولي في "ناسداك".

كانت فكرة تنويع البضائع المعروضة على موقع "أمازون" تراود جيف بيزوس كثيراً حيث قام بتوسيع مجالات عمله انطلاقاً من طرحه فيديوهات وأقراصاً مدمجة للبيع عبر متجره الالكتروني منذ العام 1998 وأضاف إليها بيع الملابس في العام 2002.

مؤسس محرك البحث "A9" المتخصص بالمواقع الالكترونية في 2003

كما أسّس بيزوس في العام 2003 محرك البحث "A9" المتخصص بالمواقع الالكترونية التي تعمل في مجال التجارة الالكترونية، كما أطلق متجراً خاصاً ببيع المنتجات الرياضية ضم نحو 3 آلاف علامة تجارية عالمية.

ومع تطور التكنولوجيا وأدواتها، قرّر مؤسس "أمازون" الدخول في عالم اللوائح الحاسوبية حيث أطلق جهاز "Kindle" المخصص لقراءة الكتب الالكترونية (E-Books) والذي يستخدم حبراً الكترونياً مع ميزة تعديل الخط مما يسهل عملية القراءة للمستخدمين. وكان هذا الطرح نقلة نوعية للشركة من خلال تسهيلها بيع وقراءة الكتب والترويج للكتب الالكترونية بشكل واسع، كما وقعت "أمازون" اتفاقية مع "The Wylie Agency" في العام 2010 حصلت من خلالها على الحقوق الرقمية لأعمال المؤلفين، مما أثار غضبهم كونه لم يتم أخذ رأيهم في تلك الاتفاقية، لكن زيادة نسبة القراء والمبيعات للكتب والذي عاد بالفائدة عليهم جعلهم يغيرون رأيهم. قدّم بيزوس إلى رواد موقعه جهاز "Kindle Fire" اللوحي الذي تميّز بشاشات لمس مضيئة أتاحت للمستخدمين ميزة القراءة المريحة في الظلام.

ولم تغب فكرة بث برامج تلفزيونية عبر الانترنت عن بال بيزوس الذي عمل على إطلاق خدمة "أمازون ستوديوز" بالإضافة إلى خدمات أخرى مثل "ليفينغ سوشال" و"أمازون ويب سرفيسز"، كما اشترى في العام 2013 صحيفة "The Washington Post" الأميركية  والمطبوعات التابعة لها مقابل 250 مليون دولار.

وأطلق خدمة "أمازون برايم إير" في العام 2013 التي تعتمد على طائرات صغيرة من دون طيار قادرة على حمل أوزان صغيرة وتطير لمسافة تصل إلى 10 أميال بهدف توصيل الطلبيات للزبائن بشكل أسرع، بعد أن أسس شركة "بلو أوريجينن" للطيران في العام 2004 والتي عملت على تطوير تقنيات لتوفير رحلات فضائية للزبائن.

حاول بيزوس الاستثمار في عالم الهواتف الذكية حيث سعى في العام 2014 الى اطلاق هاتف "فاير فون" الذكي إلا أن المشروع فشل وخسرت شركته نحو 170 مليون دولار أميركي، كما استحوذ على شركة "تويتش" لألعاب الفيديو مقابل 970 مليون دولار.

مع توسّع شركة "علي بابا" للتجارة الالكترونية في الصين، أبدى بيزوس رغبته في توسيع مروحة أعماله في الهند خلال العام 2018  حيث أرسل نائب الرئيس العالمي الأول لشركة "أمازون" أميت أغورال لتوطين العمليات عبر مسارات سلسلة التوريد الخاصة بالشركة بنحو 5.5 مليارات دولار.

كسب بيزوس ثورة طائلة خلال مسيرته المهنية بلغت قيمتها بنحو 183.8 مليار دولار في العام 2020 مع تحقيق شركته أرباحاً طائلة خلال السنوات الماضية ومن المحتمل أي يحمل لقب التريليونير في العام 2026.

حاز بيزوس على دكتوراه فخرية في العلوم والتكنولوجيا من جامعة "كارنيغي ميلون" في العام 2008 ، كما تمّ اختياره من قبل "U.S. News & World Report" كواحد من أفضل قادة أميركا.

وفي العام 2012، منح الاتحاد الوطني لمتاجر التجزئة "أمازون" الميدالية الذهبية ولقب أفضل متاجر التجزئة في العام نظراً الى اسهاماتها في هذا المجال.

في المحصّلة، استطاع جيف بيزوس من موقف سيارته أن يبني امبراطورية للتجارة الإلكترونية نافس بها الشركات العالمية كافة وحقّق من خلالها نجاحات غير متوقعة، ولم توقفه توقعات المستثمرين بفشل مشروعه من تأسيسه والاستمرار به حتى يومنا هذا.