شكّلت جمعية مصارف البحرين باعتبارها المظلة الحاضنة للقطاع، إحدى ركائز تعامل حكومة البحرين مع تداعيات فيروس كورونا. وقادت الجمعية برئاسة رئيس مجلس إدارتها عدنان يوسف والرئيس التنفيذي د.وحيد القاسم جهوداً حثيثة للحد من تداعيات الجائحة على الأفراد والمؤسسات المقترضة.
وفي هذا السياق، يسلط الرئيس التنفيذي لجمعية مصارف البحرين د.وحيد القاسم في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والاعمال" الضوء على مبادرة الجمعية لتأجيل أقساط القروض حتى نهاية العام الحالي في ضوء توجيهات مصرف البحرين المركزي، لافتاً النظر إلى أن المصارف لم تنظر إلى حسابات الربح والخسارة عند إقرار التأجيل.
في المقابل، يتوقع القاسم أن تستمر تداعيات الجائحة على القطاع المصرفي خليجياً حتى نهاية العام الحالي أو خلال الربع الأول من العام 2022، مشيراً إلى أن المصارف مطالبة بمواجهة التحديات بتعزيز جهود الدمج لتعزيز السيولة في مواجهة الظروف السائدة.
يقول الرئيس التنفيذي في جمعية مصارف البحرين د.وحيد القاسم إن الحزمة المالية التي أطلقتها البحرين بقيمة 4.3 مليارات دينار، ساهمت في توفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص للتعامل مع آثار الفيروس، مشيراً إلى أن المصارف لعبت دوراً أساسياً خلال هذه الأزمة، ليس عبر تأجيلها أقساط القروض على الأفراد والشركات فقط، بل من خلال قدرتها على مواصلة تقديم خدماتها المصرفية كافة مستخدمة أحدث التقنيات الرقمية، ما وفّر الحماية للمجتمع خلال فترة الاغلاق الجزئي.
المصارف لا تنظر الى حزم الدعم كمكاسب مجانية
معايير تمديد حزم الدعم
أما في ما يتعلق بإمكانية تمديد العمل لحزمة الدعم، يلفت القاسم النظر إلى أن المؤسسات المالية والمصرفية تتصرف بمسؤولية، وهي على هذا الأساس لا تنظر إلى الدعم الحكومي على أنها مكاسب مجانية، ومرد ذلك إلى إدراك القطاع المصرفي أن نموه مرتبط بازدهار القطاعات الاقتصادية والإنتاجية. ويضيف أنه كلما كان الدعم الحكومي موجهاً ومدروساً، كلما انعكس ذلك إيجاباً على المؤسسات المالية والمصرفية، هذا بالإضافة إلى أن التصنيف الإئتماني للديون السيادية يؤثر مباشرة على المصارف، ويخلص إلى القول إن كل ذلك يؤكد أن تمديد الدعم الحكومي أو إيقافه أو إعادة توجيهه مسألة يمكن تفهمها ودعمها في إطار السياق الوطني العام للموارد والنفقات وفقاً لرؤية الحكومة والفريق الاقتصادي.
أولوية المصارف في تأجيل أقساط القروض دعم العملاء
بعيداً عن حسابات الربح والخسارة
تمديد أقساط القروض
إلى جانب المشاركة في حزم التحفيز المالي، عادت مصارف البحرين لتتخذ مبادرة بمواصلة دعم عملائها عبر تلقي طلبات تأجيل الأقساط المستحقة لغاية شهر كانون الأول/ديسمبر وفق ضوابط محددة. وحول أثر هذه الخطوة على الأداء المالي، يوضح القاسم أن المسألة بالنسبة إلى المصارف والمؤسسات المالية تتجاوز حسابات الربح والخسارة، وهي تستند إلى دور يتجاوز المسؤولية الاجتماعية إلى تلك الوطنية، عبر تعزيز صمود الدولة في وجه تداعيات الفيروس وضمان سير الحياة العامة للأفراد والمؤسسات. وفي السياق نفسه، يعرج القاسم على دور المصارف في دعم حملة "فينا خير" لتوفير دعم مادي للأفراد والمؤسسات الأكثر تضرراً من الجائحة، مشيراً إلى أن هذه التبرعات بلغت نحو 10 ملايين دينار من إجمالي نحو 37 مليون دينار جمعتها الحملة، ما يضع القطاع المصرفي في مقدمة القطاعات المتبرعة.
أولويتنا كانت دعم العملاء وتجنيبهم الإفلاس
.. وأولوية المصارف في تمديدها
ويتابع القاسم أن النتائج المالية لمصارف عدة عن فترة 9 أشهر من العام الحالي، أظهرت تراجعاً متفاوتاً بشكل عام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لافتاً الانتباه إلى أنه من الصعوبة بمكان وضع تقديرات دقيقة عن حجم تضرر المصارف من تأجيل القروض خلال النصف الأول من العام نظراً إلى اختلاف نشاطاتها التشغيلية وملاءتها المالية وتنوع منتجاتها. ويحرص القاسم على التأكيد على نقطتين أساسيتين: الأولى، أن تأجيل القروض أثَّر سلباً على أرباح المصارف، وهو أمر يمكن تحمله خصوصاً مع مبادرة مصرف البحرين المركزي لخفض معايير الالتزام بالسيولة والملاءة المالية، أما النقطة الثانية والأكثر أهمية فتكمن في أن مبادرة المصارف دعمت المقترضين على الصمود في وجه التداعيات السلبية للجائحة، ويرى أن العنصر الأهم بالنسبة إلى المصارف، يبقى في قدرة العميل على السداد حتى لو كان ذلك متأخراً أو مؤجلاً، وليس إشهار إفلاسه وخروجه من السوق.
ومع تأكيد القاسم على وجود أولويات المصارف في التعامل مع ملف تأجيل أقساط القروض، يوضح أن الأرباح المجمعة للمصارف تراجعت بالفعل خلال النصف الأول من العام الحالي، غير إن هذا التراجع يمكن وصفه بـالمتوقع، كما إنه لا يقتصر على مصارف البحرين، وهو يشمل المصارف العالمية كافة، ويتوقع القاسم أن تستعيد المصارف مستويات الربحية مع نهاية العام المقبل أو الربع الأول من العام 2022.
مصارف البحرين متفائلة تجاه إجراءات ميزانية العامين 2021-2022
مواجهة التحديات بالدمج
ويبني القاسم توقعاته على التحديات التي تواجه المصارف خليجياً، ومن بينها تراجع النشاط الاقتصادي نتيجة استمرار تداعيات الجائحة، وضرورة الإيفاء بمتطلبات السيولة، وهو ما تجلى في النتائج الفصلية، ويلفت النظر إلى أنه لا بدّ من اتخاذ إجراءات غير تقليدية لاجتياز هذه التحديات، من بينها التوجه نحو الاندماج الحقيقي بين مصرفين أو أكثر بهدف تعزيز الملاءة المالية ورفع التنافسية والقدرة على الدخول في مشاريع تمويل ضخمة داخل وخارج البحرين. ومن هذا المنطلق، جاءت الميزانية العامة لمملكة البحرين للسنتين الماليتين 2021-2022، لتظهر تسجيل عجز كلي يصل إلى 2.421 مليار دينار (6.43 مليارات دولار)، مع خفض الانفاق الحكومي والحفاظ على الدعم الاجتماعي للمواطنين الأكثر احتياجاً، إلى جانب استمرار تطوير كفاءة الخدمات الحكومية، وهذا يعكس السعي لإضفاء مرونة لتجاوز الآثار السلبية للجائحة بأقل التكاليف الممكنة، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي متفائل حيال الخطوات المتخذة.
وفي السياق نفسه، يعرّج القاسم على توقعات المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي حول تراجع النمو الاجمالي الحقيقي للبحرين والتي تجري مراجعتها باستمرار على أرض الواقع، معبراً عن أمله أن تعكس تلك التوقعات اتجاهها بناء على متانة ركائز الاقتصاد البحريني ومواصلة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية والمرونة، والتنوع الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط كمصدر أساسي شبه وحيد في الدخل الوطني.
واستناداً إلى مختلف هذه المعطيات، يعبّر القاسم عن الثقة بقدرة مصارف البحرين على استعادة تموضعها داخل المنظومة الاقتصادية في مملكة البحرين مستفيدة من عودة الحياة للنشاطات الاقتصادي.
الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس القطاع المصرفي
رسالة ثقة من القطاع رغم الظروف السائدة
جهود مستمرة للجمعية
أمام هذه المعطيات العامة الناتجة عن استمرار تداعيات الجائحة والتحديات، تبرز أهمية تعميق جمعية مصارف البحرين جهودها الموحدة خلال المرحلة المقبلة، ويقول القاسم إن الدور الأساسي للجمعية يكمن في تمثيل القطاع المصرفي ككل موحد أمام مختلف الجهات وأن تكون قناة فاعلة بين مؤسسات القطاع ومصرف البحرين المركزي، مشيراً إلى أن هذه الروحية تجلت منذ بدء الجائحة في الدور الموحد للقطاع المصرفي وبالتعاون مع الجهات الحكومية، ومن ثم في العمل على أهم الملفات أي تأجيل القروض، ودعم جهود مصرف البحرين المركزي في تنفيذ القرارات الحكومية ذات الصلة بتأجيل القروض والموازنة من جهة وبين ضمان قدرة المصارف على هذا التأجيل وتنفيذها بمرونة من جهة أخرى.
كذلك، يعرّج القاسم على مضامين إصرار الجمعية على الاحتفال بذكرى مرور مئة عام على تأسيس القطاع المصرفي البحريني رغم الظروف الاستثنائية للجائحة، مؤكداً أن الجمعية حريصة على الاستفادة من النقاشات الحاصلة في هذه المناسبة والمخرجات التي نتجت عنها لمواصلة العمل لتحقيق الأهداف التي وضعت لها، ومن بينها استكشاف أفق تطور القطاع المالي والمصرفي في مجال الاندماج، والخدمات الرقمية، والتكنولوجيا المالية، وتطوير الكوادر المصرفية الوطنية.
وفي السياق نفسه، يوضح القاسم أن الجائحة سرَّعت توجه المصارف نحو تقديم خدمات رقمية متقدمة، بما يمكن من إتمام معظم المعاملات المصرفية عن بعد، مشيراً إلى ان الاتجاهات الرقمية للمصارف البحرينية تجلت في معظمها في إطلاقها فروعاً رقمية، وتعزيز الميزات الرقمية للعملاء، فضلاً عن تقديم الخدمات المصرفية المفتوحة. ويعيد القاسم التأكيد على أن جمعية مصارف البحرين تدعم المحافظة على هذه السرعة في تبني الحلول الرقمية في القطاع المصرفي حتى بعد انتهاء الجائحة.
البحرين تبادر والأمم المتحدة تتنبى
4 ديسمبر يوم عالمي للمصارف
يوم عالمي للمصارف
وفي سياق الحديث عن مبادرات الجمعية، يكشف القاسم عن موافقة الأمم المتحدة على مبادرة تخصيص يوم عالمي للمصارف، مشيراً إلى أن الاقتراح حظي بدعم ومساع مهمة من قبل وزارة الخارجية إلى جانب جهود وزارة المالية والاقتصاد الوطني ومصرف البحرين المركزي، بما يعزز السمعة الدولية المرموقة للقطاع المصرفي في البحرين. ويضيف أن مبادرة تخصيص يوم عالمي للمصارف كمقترح صادر عن مملكة البحرين، تزامن مع الاحتفال بذكرى مرور 100 عام على تأسيس هذا القطاع، مشيراً إلى أن ذلك يعكس مكانة المملكة في مجال الأعمال والمال على الساحة الدولية، وقد جرى تحديد الرابع من ديسمبر من كل عام يوماً عالمياً للمصارف حول العالم، على أن يجري تنظيم فعاليات عدة مرتبطة بهذه المناسبة.