تعثر شركات المقاولات الخليجية ..هل تسترجع البنوك أموالها؟

شكّلت الفترة الممتدة من 2004 الى 2015 عصرا ذهبيا لشركات المقاولات في الخليج نظراً إلى تنفيذ مشاريع قدّرت بأكثر من ترليون دولار في مختلف قطاعات البنى التحتية والنفط والغاز والعقار. وساهمت المصارف بتمويل الجزء الاكبر من هذه المشاريع وتقديم الاعتمادات المالية الهائلة لشركات المقاولات وهو ما أدى إلى انكشاف البنوك بشكل مؤثر على هذا القطاع.

وبحسب البيانات والمعطيات المتوفرة لدى "اولاً-الاقتصاد والأعمال" فإن حجم القروض الممنوحة من المصارف التجارية في بلدان الخليج إلى شركات التشييد والبناء يصل إلى 69 مليار دولار أميركي أو ما يمثل نحو 5.2 في المئة من إجمالي القروض المقدمة من قبل تلك المصارف، كما في أيلول/ سبتمبر 2019.

وقد مرّ الانفاق على هذه المشاريع بمراحل متغيرة فكان ينشط خلال فترة ارتفاع أسعار النفط ويخمد عند انخفاضه. كذلك، فإن بعض شركات المقاولات عانى من صعوبات في عملية تحصيل أمواله من الزبائن على الرغم من إنهاء المشاريع المتفق عليها وهو ما أدى إلى تذبذب أداءها المالي لا سيما في السنوات الأخيرة التي تلت تراجع اسعار النفط عن مستوياتها القياسية بين 2014و 2016. كما ان تراجع الانفاق الحكومي والمشاريع الجديدة المطروحة للتنفيذ والتأخر الحاصل في الدفع هي عوامل أدت الى تعثر عدد من شركات المقاولات الرئيسية في المنطقة وتخلفها عن خدمة ديونها للمصارف.

أثر ذلك كان واضحا على المصارف إذ ارتفعت القروض المتعثرة بشكل ملحوظ، ما دفع ببعض البنوك إلى الحد من قيمة التسهيلات المقدمة لهذا القطاع. وعلى صعيد المثال، تراجع حجم القروض المقدمة من المصارف السعودية لشركات التشييد والبناء من 28.5 مليار دولار في العام 2015 إلى 26.3 مليار عام 2019، وذلك على الرغم من ارتفاع إجمالي القروض الممنوحة إلى باقي القطاعات بنحو 11 في المئة.

واضطرت المصارف الى تجنيب مخصصات كبيرة لتغطية المتعثر من القروض الممنوحة لشركات المقاولات. وقد وصلت هذه التغطية إلى أكثر من 100 في المئة لقروض بعض الشركات.

وقد بدأ بعض المصارف أخيراً ببيع بعض أصول شركات المقاولات المتعثرة المرهونة لديه.

ففي الإمارات مثلاً، بدأت المصارف بوضع يدها على بعض أصول مجموعة الجابر المتعثرة. فقد نظّم بنك أبو ظبي الأول مزاداً علنياً لبيع فندق "شانغريلا" في دبي المملوك من شركة الجابر للإنشاءات وبقيمة تقارب 191 مليون دولار. وتأتي هذه الخطوة بعد تأجيل اتفاق إعادة هيكلة ديون بقيمة 5.9 مليار دولار العام الماضي.

بدوره يسعى بنك الإمارات دبي الوطني إلى الاستحواذ على قطعة أرض في مركز دبي المالي العالمي أو بيعها، بعد تخلف شركة الرحاب العقارية، إحدى الشركات التابعة للجابر، عن سداد رهن يتعلق بالأرض. وتبلغ قيمة الأرض نحو 70 مليون دولار.

أما في المملكة العربية السعودية، وبعد إقرار قانون الإفلاس الجديد، وافقت المحكمة على مطالبات قاربت 14 مليار دولار من دائنين من مجموعة سعد ومجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه. ويطال هذا الإجراء مطالبات أكثر من 70 مؤسسة مالية بما في ذلك بنوك سعودية وإقليمية ودولية.

ويتوقع ان يكون هناك  اثر مالي إيجابي بالنسبة لمساهمي هذه المصارف والتي قد تتمكن  باسترداد بعض من أموالها وبالتالي تحرير جزء مهم من مخصصاتها الحالية أو خفض قيمة المخصصات التي تكونها المصارف بشكل دوري على كامل محفظتها التمويلية والتي تقارب 10 مليار دولار سنوياً، وهو ما قد يساهم بدعم أرباحها المستقبلية.