توقّع محافظ مصرف الإمارات المركزي عبد الحميد محمد سعيد الأحمدي أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً واضحاً خلال العام الحالي، ولا سيما مع مواصلة الحكومة تنويع مصادر الاقتصاد وتوفير المزيد من الإنفاق على البنية التحتية وتشجيع الاستثمار الخاص. جاء ذلك، في مقال تحت عنوان "موجز أحداث 2020 ونظرة مستقبلية"، وأوضح أن التوقعات تشير إلى تسجيل انخفاض يتراوح ما بين 3.5 في المئة و6 في المئة في الناتج المحلي لدولة الإمارات عن العام الماضي، نتيجة تداعيات جائحة كورونا، مشيراً إلى أن هناك تفاؤلاً باستعادة النمو خلال العام الحالي، وهو ما عكسته المؤشرات الإيجابية التي بدأت بالظهور في النصف الثاني من العام الماضي، مع عودة وتيرة انتعاش التجارة العالمية وتلاشي عوائق الحماية في التنقلات.
المصارف تتمتع بمعدل كفاءة رأس مال مرتفعة
وجنبت مستويات مطمئنة من المخصصات
نتائج المصارف مشجعة
أما في ما يتعلق بنتائج المصارف والمنتهية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2020، أوضح محافظ المصرف المركزي الاماراتي عبد الحميد محمد سعيد، أن البيانات المالية مشجعة للغاية وتعكس مرونة النظام المصرفي، مشيراً إلى نمو في إجمالي الأصول والودائع والإقراض للنظام المصرفي وإن كان ذلك بشكل طفيف، كما إن معدلات كفاية رأس المال أعلى من المستويات المطلوبة (18.2 في المئة ومعدل كفاية الشق الأول من رأس المال 17.1 في المئة)، فيما تبلغ نسبة السيولة 18.4 في المئة، مع وجود مستويات كافية من المخصصات تؤكد صلابة المصارف والمؤسسات المالية في مواجهة الأزمة، وأضاف أنه على الرغم من تسجيل أرباح بعض المصارف تراجعاً، إلا أن ذلك نتيجة طبيعية لعام استثنائي.
دور المركزي
كما تناول المحافظ دور المصرف المركزي في التأكيد على استقرار النظام النقدي والمالي والمصرفي خلال الأزمة عن طريق التدخل السريع في الوقت المناسب من خلال خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة والعديد من التسهيلات التنظيمية الأخرى التي وفّرت الدعم اللازم وساعدت المصارف على أداء دورها بشكل أكثر فعالية ومن دون ضغوطات خلال تلك الأزمة، كما اتخذت الحكومة عدداً من التدابير الناجحة لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية والتخفيف من الرسوم والتكاليف لضمان استمرار زخم النشاط التجاري.
وأوضح أن الاستفادة من خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة والتي انخفضت حالياً إلى نحو 50 في المئة مقارنة بمرحلة الذروة، تعد مؤشراً واضحاً على أن المصارف تعود الآن تدريجياً إلى إمكاناتها وقدرتها لإدارة محافظها الائتمانية وتحديد أهدافها المستقبلية.
توزيعات المصارف توفر سيولة مهمة للمساهمين
15 مليار درهم توزيعات
وأضاف أن المصرف المركزي تسلم طلبات من المصارف للموافقة على توزيعات أرباح بقيمة تزيد على 15 مليار درهم عن العام الماضي، ولفت النظر إلى أنه وبعد التأكد من التزام تلك المصارف بالمتطلبات الصادرة عن المصرف المركزي، جرت الموافقة على هذه التوزيعات الأرباح مما سيوفر سيولة نقدية في السوق لأصحاب الأسهم سواء كانوا هيئات ومؤسسات حكومية وخاصة أو أفراداً، وبالتالي تحفيز المزيد من الاستثمارات وزيادة دورة الإنفاق في الدولة.
مؤشرات إيجابية
وفي السياق نفسه، أشار محافظ مصرف الامارات المركزي إلى أنه جرى تسجيل مؤشرات مشجعة وإيجابية عدة في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر، تمثلت في عودة أسواق الأسهم تدريجياً إلى طبيعتها، كما كان هناك عدد من إصدارات السندات والصكوك مع عودة النشاط في أسواق رأس المال.
وفي حين ظل التضخم في النطاق السلبي، إلا أنه كان هناك المزيد من ثقة المستهلك وبدأ الإنفاق يعود إلى مستوياته الطبيعية، كما تمّ التحقق من علامات الانتعاش في الربع الرابع من العام 2020 من خلال عدد من المؤشرات والتي توضح ارتفاع مؤشر المشتريات أعلى من 50 نقطة، كما أظهرت أسعار مبيعات العقارات، التي كانت متوقفة بالنسبة الى البعض، زيادة على أساس شهري من حيث التقييمات وعوائد الإيجار.
مقاربة جديدة
ودعا الأحمدي مجتمع الاعمال والمصارف إلى اعتماد مقاربة جديدة في ظل التطورات الحاصلة الناتجة عن حل العديد من القضايا الجيوسياسية وظهور فرص تجارية واستثمارية جديدة، والتي لم تكن متاحة من قبل، مشيراً إلى أهمية زيادة القدرة الائتمانية لدى المصارف استعداداً لبدء دورة استثمار جديدة وصياغة خريطة طريق مختلفة عما سبق، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار التحول الحاصل في الاقتصاد العالمي نحو استخدام التكنولوجيا الرقمية في أعماله كافة، ووجهات تجارية جديدة ومستهلكين يطالبون بأفضل الخدمات.