البنك الدولي: اقتصادات المنطقة تواجه تراكماً سريعاً للدين العام
البنك الدولي: اقتصادات المنطقة تواجه تراكماً سريعاً للدين العام
تفاقمت التحديات الإنمائية القائمة منذ زمن طويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب جائحة كورونا، التي أسهمت في زيادة معدلات الفقر وتدهور أوضاع المالية العامة وزيادة الاقتراض واستمرار تآكل الثقة في الحكومات.
وارتفع حجم الديون الحكومية بشكل ملموس نظراً الى اضطرار حكومات المنطقة إلى الاقتراض بشدة لتمويل تدابير الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية الأساسية، ويجب على بلدان المنطقة مواصلة الإنفاق على الرعاية الصحية والتحويلات النقدية لذوي الدخل المحدود، وهو ما سيضيف عبئاً إلى أعباء الديون المتضخمة بالفعل، مما سيقودها إلى اتخاذ قرارات معقدة على مستوى السياسات بعد انحسار الجائحة.
وفي هذا السياق، أشار البنك الدولي إلى الأضرار الاقتصادية الجسيمة التي خلّفتها جائحة كورونا حتى الآن، والتداعيات الطويلة الأجل الناجمة عن الزيادة الهائلة في الدين العام، والخيارات الصعبة التي ستواجهها الحكومات، حتى مع انحسار هذه الأزمة التي ضربت الصحة العامة في البلدان كافة.
اقتصادات المنطقة ستنكمش بنسبة 3.8 في المئة
وأظهر البنك في تقرير أصدره حول أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحت عنوان "التعايش مع الديون: كيف يمكن للمؤسسات الحكومية أن ترسم مساراً للتعافي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟" أن اقتصادات المنطقة ستنكمش بنسبة 3.8 في المئة خلال العام 2020، بزيادة قدرها 1.3 نقطة مئوية عن توقعات البنك الدولي في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2020، لافتاً النظر إلى أن تقديرات النمو في المنطقة تقلّ بمقدار 6.4 نقاط مئوية عن توقعات النمو قبل تفشي الجائحة والتي نُشرت في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019.
خسائر إجمالي الناتج المحلي تبلغ 227 مليار دولار في 2021
وقدّر البنك الدولي التكلفة المتراكمة للجائحة من حيث خسائر إجمالي الناتج المحلي في نهاية العام 2021 بـ227 مليار دولار، متوقّعاً ألا تتعافى اقتصادات المنطقة إلا بشكل جزئي في العام الحالي وبنسبة 2.2 في المئة، مشيراً إلى أن هذا التعافي يعتمد في بعض جوانبه على توزيع اللقاحات على نحو عادل ومنصف.
زيادة حجم الدين الحكومي
وذكر أن الاقتراض الضخم الذي كان على حكومات المنطقة تحمّله لتمويل الإجراءات الأساسية للرعاية الصحية والحماية الاجتماعية قد زاد من حجم الدين الحكومي زيادة كبيرة، متوقعاً أن يرتفع متوسط الدين العام في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 8 نقاط مئوية، من نحو 46 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2019 إلى 54 في المئة في العام 2021.
كما توقّع أن يبلغ الدين بين البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المتوسط نحو 93 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2021.
الحاجة ستبقى قوية لمواصلة الإنفاق والاقتراض
وأوضح أن الحاجة ستظل قوية لمواصلة الإنفاق والاقتراض في المستقبل القريب حيث لا تمتلك بلدان المنطقة خياراً آخر سوى مواصلة الإنفاق على الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية ما دامت الجائحة باقية، مشيراً إلى أنه في عالم ما بعد الجائحة، قد تجد معظم بلدان المنطقة نفسها عالقة مع مدفوعات خدمة الدين التي تتطلب موارد مالية كان يمكن استغلالها في التنمية الاقتصادية.
أولويات الإنفاق وبرامج التحفيز المالي
وفي إطار عرضه لما يمكن لبلدان المنطقة أن تقوم به لحل معضلة التعارض بين الأهداف القصيرة الأجل والمخاطر الطويلة الأجل لارتفاع الدين العام، طرح البنك الدولي خيارات السياسات في 3 مراحل متميزة من التعافي الاقتصادي، والتي شملت أولويات الإنفاق خلال الجائحة، برامج التحفيز المالي مع انحسار الجائحة وتخفيف التكلفة المحتملة لمتأخرات الديون في الأجل المتوسط حيث تبرز مسائل الحوكمة والشفافية بوصفها العناصر المركزية في جميع المراحل.
جاتي: تسريع وتيرة التعافي عبر اللجوء للشفافية في إتاحة المعلومات العامة
وفي هذا السياق، قالت رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي روبرتا جاتي إن الشفافية ستلعب دوراً مهماً في مساعدة بلدان المنطقة على دراسة أوجه المفاضلة بين الاحتياجات القصيرة الأجل ومخاطر الدين العام على المدى الطويل، مشيرةً إلى أنه يمكن تسريع وتيرة التعافي باللجوء للشفافية في إتاحة المعلومات العامة وتداولها في شأن انتشار فيروس كورونا وبرامج التحصين.
وأضافت جاتي أنه يمكن تنفيذ الإصلاحات التي تحسن من شفافية الديون وجودة الاستثمارات العامة على الفور، مما يؤدي إلى خفض تكلفة الاقتراض وزيادة النمو الطويل الأجل، مؤكدة أنه يمكن للشفافية أن تساعد على رسم مسارٍ للتعافي الدائم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بلحاج: حكومات المنطقة اضطرت إلى زيادة حجم اقتراضها لمواجهة الجائحة
من جانبه، قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج إن حكومات المنطقة اضطرت الى زيادة حجم اقتراضها في مواجهتها لجائحة كورونا، مشيراً إلى أن ذلك مكّنها من إنقاذ حياة المواطنين وحماية سبل عيشهم وهذا يعدّ استثماراً في رأس المال البشري.
وأضاف بلحاج أنه على الرغم من ظهور بوادر أمل خصوصاً بعد إطلاق حملات التطعيم ضد فيروس كورونا، فإن الأزمة التي تعيشها المنطقة لا تزال مستمرة، مؤكداً أن بلدان المنطقة تحتاج إلى مؤسسات قوية حتى تتمكن من استيعاب هذه الأزمة وإعادة إطلاق و بناء اقتصادات أقوى وأكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات مستقبلاً.
استجابة مجموعة البنك الدولي لجائحة كورونا
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة البنك الدولي، وهي واحدة من أكبر المصادر العالمية للتمويل والمعارف للبلدان النامية، تنفّذ حالياً تدابير سريعة وواسعة النطاق لمساعدة هذه البلدان على تدعيم تصديها للجائحة.
وتدعم المجموعة تدخلات الصحة العامة، وتعمل على ضمان تدفّق المستلزمات والأجهزة الحيوية، ومساعدة مؤسسات القطاع الخاص على مواصلة عملها والحفاظ على موظفيها.
كما تتيح ما يصل إلى 160 مليار دولار من الموارد المالية على مدى 15 شهراً تنتهي في شهر حزيران/يونيو 2021 لمساعدة أكثر من 100 بلدٍ على حماية الفئات الفقيرة والأولى بالرعاية، ودعم منشآت الأعمال، وتعزيز التعافي الاقتصادي. ويشمل ذلك إتاحة 50 مليار دولار من الموارد الجديدة من المؤسسة الدولية للتنمية في شكل منح وقروض بشروط ميسرة للغاية و12 مليار دولار للبلدان النامية لتمويل شراء اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وتوزيعها على المواطنين.
مؤسسات
أشخاص
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال