"كيبكو": قيادة جديدة.. واستمرارية

  • 2022-01-12
  • 17:28

"كيبكو": قيادة جديدة.. واستمرارية

صعود أدانا الصباح يعزّز صورة الكويت وحضور المرأة الخليجية في قيادة الشركات

  • كتب فيصل أبوزكي

يمثّل العام 2022 محطة تاريخية مهمة بالنسبة الى شركة مشاريع الكويت (كيبكو)، إذ شهد أول كانون الثاني/يناير الحالي صعود أول امرأة كويتية هي الشيخة أدانا ناصر صباح الأحمد الصباح إلى قيادة إحدى أكبر المجموعات الاستثمارية في المنطقة العربية، وفي الوقت نفسه، ترجّل الرئيس التنفيذي السابق فيصل العيار عن موقعه الذي احتله لمدة 30 عاماً، لعب خلالها دوراً أساسياً في تحول الشركة من مجموعة صغيرة بموجودات 220 مليون دولار العام 1990 إلى إمبراطورية استثمار عملاقة تقدّر موجوداتها بنحو 33.5 مليار دولار وتمتلك أكثر من 50 شركة تابعة وزميلة في 21 بلداً حول العالم ويعمل لديها أكثر من 8 آلاف شخص، وهي إضافة إلى ذلك شركة مساهمة مدرجة في السوق المالية الكويتية.

ويعتبر صعود الشيخة أدانا إلى موقع القيادة التنفيذية لشركة كيبكو خلفاً لـ العيار فصلاً من عملية انتقال طبيعية على صعيدين أساسيين:  

  1. الأول على صعيد المالكين، وهم عائلة امير الكويت السابق المرحوم الشيخ صباح الاحمد الصباح في الكويت، حيث نشهد صعود أبناء الجيل التالي من العائلة (عبر ولدي المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد أدانا وعبد الله). الشيخة أدانا اصبحت تتولى الرئاسة التنفيذية للمجموعة والشيخ عبدالله الذي يتولى منذ فترة رئاسة مجلس ادارة شركة كامكو التابعة للمجموعة، علماً أن كلاً منهما يشغل مناصب عضوية مجالس إدارة في عدد من الشركات المملوكة بأكثريتها من كيبكو، وهذا التطور مهم وطبيعي لأنه يؤشر إلى تقدم الجيل التالي من المالكين للأخذ بزمام كيبكو، لكن في الإطار نفسه، فإن استمرار الشيخ حمد صباح الأحمد في رئاسة مجلس الإدارة، وهو الذي يعتبر القوة الثابتة وراء كيبكو والذي لعب دوراً مركزياً في تطورها على مدى ثلاثة عقود يوفر عاملاً اساسياً في تأمين الاستمرارية للشركة والدعم للإدارة التنفيذية الجديدة،  كما يعزز ثقة السوق الذي ينظر إلى الشيخ حمد كعامل قوة واستقرار طويلي الأمد لإحدى أكبر المجموعات الاستثمارية في الخليج والعالم العربي.
  2. الثاني على صعيد القيادة التنفيذية، حيث شهدت كيبكو تسليم الرئيس التنفيذي فيصل العيّار لدفة القيادة للجيل التالي من المالكين الاساسيين بعد ثلاثة عقود من العمل المتواصل على بناء نشاطات واستثمارات المجموعة من اجزاء صغيرة غير مترابطة وتنميتها لتصبح احدى اكبر المجموعات الاستثمارية والاكثرها استقراراً وتنوعاً قطاعياً وجغرافياً في المنطقة، ويمكن القول إن فيصل العيار هو من بين أطول الرؤساء التنفيذيين للشركات ولاية في المنطقة، وهو واقع يشهد في حدّ ذاته على حجم النجاح الذي حققه للشركة وكذلك درجة الانسجام مع المالكين الأساسيين ولاسيما رئيس مجلس إدارة الشركة الشيخ حمد صباح الأحمد. ولهذا السبب ورغم تفهم المالكين للاسباب التي تدعو العيار لطلب الراحة من المسؤوليات الادارية فإنهم طلبوا منه البقاء كنائب رئيس مجلس ادارة.

 

بذلك، وبينما يعتبر تعيين الشيخة أدانا في موقع القيادة التنفيذية لشركة كيبكو رهاناً على عنصر الشباب والتجديد، فإن استمرار الشيخ حمد صباح الأحمد في رئاسة مجلس الإدارة يعتبر تأكيداً على أهمية الاستمرارية وعلى رغبة المالكين في صون الثوابت وسجل الأداء المتميّز الذي سجلته كيبكو عبر السنين، ثم نجاحها أيضاً في احتواء أزمة وباء كورونا والعودة إلى معدلات ربحية قوية خلال العام 2021، كما إن المالكين الاساسيين وبقية المساهمين اكدوا مجدداً على دعمهم للشركة عبر زيادة رأس المال الاخيرة التي حصلت في العام الماضي وتمت تغطيتها بالكامل.

كما إن تسلّم الشيخة أدانا لمقاليد شركة بموجودات تفوق الـ 33,5 مليار دولار يعتبر حدثاً ومؤشراً مهماً في الشركات الكبرى الخليجية على الصعود المتواصل للمرأة الخليجية إلى قيادة الشركات، علماً أن الكويت تعتبر حالة متقدمة على تبؤّ النساء مواقع بارزة في القطاعين العام والخاص والحياة العامة.

ما هي التغييرات المتوقعة في شركة كيبكو؟

إن إحدى أهم ميزات كيبكو هي أنها شركة قابضة لمجموعة كبيرة من الشركات والاستثمارات في عدد من البلدان والقطاعات، ولكل من تلك الشركات التابعة أو الزميلة والمدرج معظمها في بورصات مختلفة قياداتها واستراتيجيتها والأنظمة التي تحكم عملها، وهي لذلك تتميز بالثبات والاستقرار النسبي في مسارها وفي أدائها. ويتركز عمل كيبكو مثل أي شركة قابضة على وضع استراتيجيات عامة للشركات التابعة حيث تملك أكثرية الملكية بينما يتركز دورها في الشركات الزميلة حيث لا تتمتع بأكثرية الملكية على الاهتمام بتمثيلها في مجالس الإدارة والمشاركة عبر ممثليها في رسم سياسات الشركات ومراقبة الأداء وعمل الإدارات التنفيذية. وتتمتع شركة كيبكو تاريخياً بجهاز تنفيذي فعال وسجل ربحية مستقر وبثقافة مؤسساتية تمثلت في الجمع بين المبادرات الاستثمارية المدروسة واغتنام الفرص وبين التزام نهج محافظ يهتم بالاستثمار في شركات واعدة يمكنها أن تكون قائدة في قطاعاتها وأسواقها وأن توفر للشركة القابضة تنويعاً قطاعياً وجغرافياً في المداخيل وتدفقات نقدية على درجة من الاستقرار. وتتمتع شركات كيبكو التابعة جميعها بإدارات قوية وسجل تشغيل جيد، كما إنها باستثناء عدد قليل منها مدرجة في البورصة وتخضع لأنظمة الحوكمة ولتصنيف شركات التقويم المالي. 

هذا الإرث من النمو والربحية والقوة المالية يوفر لشركة كيبكو قاعدة آمنة لتحقيق النقلة إلى الجيل التالي من القيادة وفتح أفق نمو جديدة مع الاستمرار في ثوابت الشركة والتطوير اليومي لهذه الإمبراطورية الممتدة من الشرق الأوسط وحتى سواحل المحيط الأطلسي الأفريقية.