وأخيراً لبنان يتوصّل إلى اتفاق مبدئي مع "صندوق النقد الدولي"

  • 2022-04-07
  • 20:00

وأخيراً لبنان يتوصّل إلى اتفاق مبدئي مع "صندوق النقد الدولي"

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

أعلن "صندوق النقد الدولي" عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على مستوى الموظفين في شأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها من خلال ترتيب تمويل مدّته 46 شهراً مع طلب الحصول على 2173.9 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل نحو 3 مليارات دولار أميركي).

وأشار الصندوق في بيان إلى أن هذه الاتفاقية تخضع لموافقة إدارة "صندوق النقد الدولي" والمجلس التنفيذي بعد تنفيذ جميع الإجراءات السابقة في الوقت المناسب وتأكيد الدعم المالي للشركاء الدوليين، لافتاً النظر إلى أن الاتفاقية تهدف إلى دعم استراتيجية إصلاح السلطات لاستعادة النمو والاستدامة المالية وتعزيز الحوكمة والشفافية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار.

وشدد على ضرورة استكمال ذلك بإعادة هيكلة الدين العام الخارجي الذي سينتج عنه مشاركة كافية من الدائنين لاستعادة القدرة على تحمّل الديون وسد فجوات التمويل.

انكماش اقتصادي دراماتيكي

وذكر أن لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة أدت إلى انكماش اقتصادي دراماتيكي وزيادة كبيرة في معدلات الفقر والبطالة والهجرة، مشيراً إلى أن هذه الأزمة هي مظهر من مظاهر الضعف العميقة والمستمرة الناتجة عن سنوات عديدة من سياسات الاقتصاد الكلي غير المستدامة التي تغذي عجزاً مزدوجاً كبيراً مالياً وخارجياً، ودعم سعر صرف مبالغ فيه، وقطاع مالي متضخم، إلى جانب مشاكل شديدة في المساءلة والشفافية ونقص في إصلاحات هيكلية. واعتبر أن كل ذلك وصل إلى ذروته في أواخر العام 2019 مع تسارع تدفقات رأس المال الخارجة التي أدت إلى التخلف عن السداد السيادي في آذار/مارس 2020 ، تلاه ركود عميق، وهبوط دراماتيكي في قيمة العملة اللبنانية، وتضخم ثلاثي الأرقام.

"كوفيد-19" وانفجار مرفأ بيروت وحرب أوكرانيا

ولفت النظر إلى أن الأزمة تفاقمت بسبب جائحة "كوفيد-19" وانفجار مرفأ بيروت في آب/أغسطس 2020، مشيراً إلى أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تفاقم الضغوط على الحساب الجاري والتضخم وإرهاق المزيد من إمدادات الغذاء والوقود، مضيفاً أن الأحوال المعيشية للسكان، ولاسيما الأكثر ضعفاً تدهورت بشكل كبير، مرجعاً ذلك جزئياً إلى نقص الموارد وشبكة الحماية الاجتماعية القوية.

خطة من 5 ركائز

وذكر أن السلطات اللبنانية تدرك الحاجة الملحّة لبدء برنامج إصلاح متعدد الجوانب لمواجهة هذه التحديات، وإعادة الثقة، وإعادة الاقتصاد إلى مسار النمو المستدام، مع نشاط أقوى للقطاع الخاص وخلق فرص عمل، كاشفاً أن الخطة ترتكز على 5 ركائز أساسية:

1 - إعادة هيكلة القطاع المالي لاستعادة قدرة البنوك على البقاء وقدرتها على تخصيص الموارد بكفاءة لدعم الانتعاش

2 - تنفيذ الإصلاحات المالية التي تقترن بإعادة الهيكلة المقترحة للدين العام الخارجي سيضمن القدرة على تحمل الديون وخلق مساحة للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار والبنية التحتية

3 - إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، وخصوصاً في قطاع الطاقة، لتقديم خدمات عالية الجودة دون استنزاف الموارد العامة

4 - تعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد وغسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب لتعزيز الشفافية والمساءلة، بما في ذلك تحديث الإطار القانوني للبنك المركزي وترتيبات الحوكمة والمساءلة

5 - إنشاء نظام نقدي وشفاف يتسم بالمصداقية والشفافية.

سياسات وإصلاحات ضرورية

وشدّد الصندوق على أن السياسات والإصلاحات الحاسمة في هذه المجالات، إلى جانب التمويل الخارجي، ضرورية لتحقيق أهداف السلطات خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن ذلك يشمل تحسين المالية العامة وخفض الدين العام من خلال تدابير مدرة للدخل وإصلاح إداري لضمان توزيع أكثر عدالة وشفافية للعبء الضريبي.

عجز بنسبة 4 في المئة

وذكر أن ميزانية 2022 هي الخطوة الأولى الحاسمة في هذا الاتجاه، موضحاً أن ذلك يهدف إلى تحقيق عجز أولي بنسبة 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مدعوماً بتغيير في تقييم الواردات للأغراض الجمركية والضريبية التي يتم إجراؤها بسعر صرف موحد، لافتاً النظر إلى أن هذا من شأنه أن يسمح بزيادة البدلات لموظفي القطاع العام لإعادة بدء عمل الإدارة العامة وزيادة الإنفاق الاجتماعي بهدف حماية الفئات الأكثر ضعفاً، مشيراً إلى أنه سيتم تمويل عجز الميزانية من الخارج، وإلغاء ممارسة تمويل البنك المركزي.

نظام نقدي جديد

ولفت الانتباه إلى أن "مصرف لبنان" سيسترشد بالأهداف الشاملة المتمثلة في تهيئة الظروف للحد من التضخم، بما في ذلك الانتقال إلى نظام نقدي جديد، وسيركز على إعادة بناء احتياطاته من العملات الأجنبية والحفاظ على سعر صرف موحد يحدده السوق، مما سيساعد على أداء القطاع المالي، ويسهم في تخصيص الموارد بشكل أفضل في الاقتصاد، ويسمح بامتصاص الصدمات الخارجية، مشيراً إلى أنه سيتم تعزيز تفويض "مصرف لبنان" وهيكل إدارته من خلال تبني إصلاحات واسعة النطاق للتشريعات اللازمة.

القطاع المالي

وأكد الصندوق ضرورة استعادة صحة واستمرارية القطاع المالي للبنان ليكون قادراً على رفع حالة عدم اليقين الحالية وتوفير الظروف لنمو اقتصادي قوي، مشيراً إلى أن إجمالي احتياجات إعادة الرسملة في النظام المصرفي كبير جداً، وسيتعين الاعتراف بالخسائر مقدماً وتخصيصها، مع حماية صغار المودعين، مضيفاً أنه تم تصميم استراتيجية مناسبة لكن تنفيذها يتطلب عدداً من التغييرات التشريعية لدعمها.

توسيع القاعدة الضريبية

ورأى أن هذه الخطوات الأولية ستتبعها إصلاحات أخرى، مشيراً إلى أن إصلاحات السياسة الضريبية وإدارة الإيرادات ستعمل على توسيع القاعدة الضريبية وتقوية مدخول الإيرادات، مبيّناً أن الخطط الشاملة لاسترداد التكلفة في قطاع الطاقة وإدخال إطار عمل جديد للمؤسسات المملوكة للدولة لتحسين إدارتها ومراقبتها ستساعد على تقليل نزيف الموارد الحكومية الشحيحة.

زيادة الشفافية وكفاءة الإنفاق

وأكد أن تحديث إطار إدارة المالية العامة، وتنفيذ قانون المشتريات المعتمد أخيراً، وإقرار قانون المنافسة، وإصلاح الخدمة المدنية وأنظمة التقاعد والتقاعد ستؤدي إلى زيادة الشفافية وكفاءة الإنفاق، مضيفاً أنه سيتم استخدام الحيز المالي الذي أوجدته هذه الجهود لتحسين الحماية الاجتماعية والمساواة بين السكان اللبنانيين وكذلك لتطوير البنية التحتية ورأس المال البشري، لافتاً النظر إلى أنه سيتم تعزيز أطر الإشراف المصرفي، وقرار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك أنظمة التأمين على الودائع وإعلان الأصول، وسيتم تفعيل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد بشكل كامل.

وكشف أنه سيتم استكمال هذه الجهود بإصلاحات جارية بالفعل أو ستتم مناقشتها مع مؤسسات مالية أخرى متعددة الأطراف وإقليمية، مع جلب خبراتها وتمويلها الأساسيين، ومساعدة جهود السلطات لوضع الأسس لاقتصاد أقوى وأكثر استدامة.

تحديات كبيرة

ولفت الانتباه إلى أن السلطات اللبنانية تدرك التحديات التي تواجهها في تنفيذ هذه الأجندة الطموحة، مشيراً إلى أنها شددت على أن برنامج الإصلاح هذا ضروري لإنهاء الأزمة الحالية ويحظى بدعم القيادة السياسية العريضة، مضيفةً أن هذه السلطات أكدت التزامها القوي بتنفيذ البرنامج الإصلاحي ومواصلة التنفيذ الحاسم خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، وتكثيف جهودها لإيصال وشرح خططها الإصلاحية للجمهور.

إجراءات على لبنان القيام بها

وقال الصندوق إن السلطات اللبنانية تدرك الحاجة إلى الشروع في الإصلاحات في أقرب وقت ممكن، مشيراً إلى أنها وافقت على استكمال الإجراءات التالية قبل نظر مجلس إدارة الصندوق:

- موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية إعادة هيكلة البنوك التي تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها، مع حماية صغار المودعين والحد من اللجوء إلى الموارد العامة.

- موافقة البرلمان على تشريع قرار مصرفي طارئ مناسب وضروري لتنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة المصارف وبدء عملية إعادة القطاع المالي إلى حالته الصحية، وهو أمر أساسي لدعم النمو.

- الشروع في تقييم مصرف تلو الآخر بمساعدة خارجية لأكبر 14 مصرفاً من خلال توقيع الشروط المرجعية مع شركة دولية مرموقة.

- موافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية لمواءمته مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد وإزالة العوائق أمام إعادة هيكلة القطاع المصرفي والإشراف عليه، وإدارة الضرائب، وكذلك الكشف عن الجرائم المالية والتحقيق فيها، واسترداد الأصول.

- الانتهاء من تدقيق الغرض الخاص لوضع الأصول الأجنبية لمصرف لبنان، للبدء في تحسين شفافية هذه المؤسسة الرئيسية.

- موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية متوسطة المدى لإعادة هيكلة المالية العامة والدين، وهو أمر ضروري لاستعادة القدرة على تحمل الديون، وغرس المصداقية في السياسات الاقتصادية، وخلق حيز مالي للإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار الإضافي.

- موافقة مجلس النواب على موازنة 2022 ، للبدء في استعادة المساءلة المالية.

- قيام مصرف لبنان بتوحيد أسعار الصرف لمعاملات الحساب الجاري المصرح بها، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي، واستعادة المصداقية والجدوى الخارجية، وسيتم دعمه من خلال تنفيذ ضوابط رسمية على رأس المال.