السلطة النقدية تخضع مصارف لبنانية للإدارة المؤقتة
السلطة النقدية تخضع مصارف لبنانية للإدارة المؤقتة
سلامة يؤكد عدم استهداف "الافلاس" وامكانية نجاح المحاولة
- علي زين الدين
شرعت السلطة النقدية اللبنانية، ممثلة بالهيئة المصرفية العليا في البنك المركزي، باتخاذ تدابير بحق عدد من المصارف التي تواجه صعوبات بنيوية او تصنفها "متعثرة" او غير مستجيبة لمقتضيات التعاميم التنظيمية، بينما تستمر السلطات التنفيذية والتشريعية بتأخير اقرار حزمة القوانين الطارئة ومعها خطة الانقاذ والتعافي غير مكترثة بحقيقة مرور زمن قياسي دخل للتو عامه الرابع من التدهور المالي والنقدي والذي أفضى عملياً الى انهيار النموذج الاقتصادي المثقل بتقلص حاد للناتج المحلي تعدت نسبته التراكمية 60 في المئة منذ خريف العام 2019.
واتخذ التدخل المفصلي صيغة قرارات بحل مجلسي ادارة مصرفين وتعيين مديرين مؤقتين وتوجيه تنبيهات صارمة لعدد آخر يرجّح شموله لمصرفين آخرين، في ما تواصل الهيئة المصرفية التحقق من ملفات بنوك اضافية تعاني بنيوياً من مشكلتي السيولة و/ أو الملاءة، وتعهدت اداراتها بضخ اموال خاصة تفي باستعادة التوازن والالتزام بمقتضيات التعاميم الصادرة عن البنك المركزي ذات الصلة بتلبية السحوبات لصالح المودعين بالدولار وبالليرة ضمن نطاق السقوف والحصص المحددة.
واوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان تعيين مدير مؤقت على اي بنك ليس بهدف إفلاسه، و"نأمل ان يتمكن المدير المؤقت من تأمين التوازنات وأن تكون هذه المحاولة ناجحة"، ليؤكد في المقابل، ان "المطلوب هو تطبيق تعاميم مصرف لبنان والمصارف التي لا تطبق التعاميم تحال الى الهيئة المصرفية العليا وهي هيئة مستقلة عن مصرف لبنان وقراراتها غير قابلة للمراجعة".
وبالتوازي، يؤكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، ان التطورات الجديدة تقع في صلب مهمات البنك المركزي وصلاحياته سنداً الى التشريعات السارية المفاعيل، وفي مقدمها قانون النقد والتسليف والذي يتيح للسلطة النقدية تعيين ادارة مؤقتة من قبله للبنوك التي يتيقن من تعثرها عبر تسجيل قصور واضح في السيولة او الملاءة او في البندين معاً، وبحيث يتم التحقق من ان اجمالي موجوداتها (الاصول) لا يكافيء اجمالي المطلوبات (الخصوم).
وبموجب هذا التعيين، يوضح حمود في حديث خاص لموقع " أولاً-الاقتصاد والأعمال"، يتم نقل صلاحيات مجلس الادارة ورئيسه والجمعية العمومية للبنك المتعثر الى المدير المؤقت الذي يدير كامل المهمات تحت رقابة ومتابعة الهيئة المصرفية العليا، كذلك يمكن للبنك المركزي الاستناد الى القانون الرقم 110\91، والذي ينص في المادة 17 على تمكين المصرف المعني بتقرير تصفيته الذاتية، انما عليه أن يعرض على مصرف لبنان تمليكه موجوداته والتفرغ عن حقوقه كلياً أو جزئياً مقابل تأمين السيولة اللازمة لايفاء التزاماته ومطلوباته، علماً ان العجز المحقق يبقى قيد الملاحقة القانونية بحق المساهمين ومجلس الادارة، وبالأخص منهم حملة الاسهم. بالاضافة الى امكانية الاستناد الى مندرجات القانون الرقم 2\ 67 الذي يتيح للمودع وللسلطة النقدية طلب احالة البنك المتعثر الى محكمة الافلاس.
ومع انطلاق التدابير التنظيمية التي بدأت بالبنوك التي تعاني من ثغرات جدية في السيولة والملاءة، يتوقع الرئيس السابق للرقابة المصرفية توسع العملية في المرحلة المقبلة، وليس شرطاً ان تنحصر بالبنوك الصغيرة كما بدأت، فمن المرجح ان تصيب بنوك متوسطة او كبيرة حتى، في حال كشف التدقيق في بياناتها وجود ثغرات بنيوية يتعذر تلافيها. ومن المهم في هذا النطاق تقييم الآثار المترتبة على كل مصرف جراء القرار الاخير للبنك المركزي بخفض العوائد على ايداعات وتوظيفات البنوك لديه الى النصف وايفائها مناصفة بالليرة وبالدولار، وهو ما سيقلص تلقائياً حجم تدفقات السيولة التي تستخدمها البنوك حالياً.
ووفق منطوق المادة 208 من قانون النقد والتسليف، فإنه يحق للمصرف المركزي ان ينزل بالمصرف المخالف عقوبات ادارية تشمل بالتدرج او مباشرة التنبيه، وتخفيض تسهيلات التسليف المعطاة له او تعليقها، ومنعه من القيام ببعض العمليات او فرض اية تحديدات اخرى في ممارسته المهنة، وتعيين مراقب او مدير مؤقت، ووصولاً الى شطبه نهائياً من لائحة المصارف، فيما تنص المادة 209، قرار العقوبات يتم اتخاذه من قبل الهيئة المصرفية العليا المنشأة بموجب المادة 10 من القانون الرقم 28/67، علماً ان قرارات هذه الهيئة لا تقبل اي طريق من طرق المراجعة العادية وغير العادية الادارية او القضائية، وبالتالي تكون قرارات اللجنة غير قابلة الاستئناف.
البركة
في التداعيات، أدانت مجموعة البركة المصرفية بشدّة القرار الذي اتخذه مصرف لبنان المركزي ضد بنك البركة في لبنان، وهي وحدة مصرفية تابعة للمجموعة، كما اكدت رفضها تفسير مصرف لبنان للوضع وذلك استناداً إلى حقيقة أنّ مصرف لبنان قد أخفق في توفير خطة إعادة هيكلة ذات مصداقية وشاملة للقطاع المصرفي تراعي مصالح جميع الأطراف المعنية، كما إنّ مصرف لبنان رفض إتاحة المجال لبنك البركة لبنان وغيره من البنوك العاملة في لبنان للوصول إلى الأصول التي أودعتها لدى المصرف المركزي والتي من شأنها أن تمكّن هذه البنوك من استئناف الأنشطة المصرفية العادية.
وفي معرض تعليقه على القرار، أعرب حسام بن الحاج عمر الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة عن "الشعور بقلق وخيبة أمل شديدين من التوجه الذي اتخذه البنك المركزي في ما يتعلق بإعادة الهيكلة المطلوبة للقطاع المصرفي في لبنان وقراراته المجحفة بمعاقبة البنوك، بما فيها بنك البركة لبنان، لما يدعيه بعدم امتثالها لبعض التعاميم. ونحمّل مصرف لبنان كامل المسؤولية للأزمة الراهنة للقطاع المصرفي في لبنان وعدم قدرة البنوك على استئناف أنشطتها المصرفية بصورة اعتيادية". واضاف: "إنّ وضع بنك البركة لبنان تحت إدارة مصرف لبنان لا يعطي فقط مثالاً صارخاً لما ينتظر البنوك الأخرى، بل يقوّض كذلك الثقة المتهالكة للمستثمرين المحليين والأجانب خلال هذه الفترة الحرجة، والتي هي في أمس الحاجة إليها في الوقت الراهن. وفي الوقت الذي نتصرف فيه بمسؤولية عالية لحماية مصالح عملائنا خلال هذه الظروف الصعبة، فإنّ المجموعة ستبذل قصارى جهدها للوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء والحفاظ على السيطرة على عملياتها".
مؤسسات
أشخاص
الأكثر قراءة
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال
-
صندوق النقد الدولي يحذر من النمو المتسارع للديون العالمية: لإجراءات عاجلة تكبح نموها
-
"بيورهيلث القابضة" الإماراتية تسجل صافي أرباح بقيمة 1.4 مليار درهم في 9 أشهر