إنجازات قطر والفرق العربية في المونديال
إنجازات قطر والفرق العربية في المونديال
- "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"
أول وأهم المكاسب التي حققها العرب في مونديال قطر هو مونديال قطر نفسه، إذ سجل التاريخ الكروي لأول مرة في تاريخ اللعبة، أن بلداً عربياً نجح بشكل لافت للانتباه، في تنظيم المونديال وبمستوى غير مسبوق عن كل البلدان التي استضافت الحدث من قبل. وهذا إنجاز كبير، إذ لم يسبق أن أخذت دولة عربية على عاتقها تنظيم مثل هذا الحدث، مع كل ما يتطلبه من استثمارات كبيرة وتوفير للموقع والملاعب، وما يتبع ذلك من تنظيم وإدارة للجمهور ولوجيستيات وأمن، بل إن مونديال قطر تميز عن كل ما سبقه في أنه لم يقتصر على توفير الملاعب، بل أضاف إلى المناسبة فرصة عيش تجربة حية تتعدى الملاعب إلى الميادين والفضاءات والبنى التحتية، والخدمات والمرافق الترفيهية، بحيث عاش مشجعو اللعبة تجربة احتفالية ممتعة وفريدة جعلت من مونديال قطر سابقة لن يكون من السهل تكرارها في المستقبل.
صدّ الهجمة
تمكنت قطر من تقديم مونديال مفتوح للجميع لكن مع الإصرار على احترام الزائرين لثقافتها (وثقافة المنطقة) العربية والإسلامية. وأظهرت أنها تريد مونديال "صنع في قطر" تديره وفق قوانينها وتقاليدها، وهي لم تكترث لحملات التهويل والضغط النفسي والإعلامي، وقدمت بذلك خدمة لبلدان الخليج والمنطقة، إذ تحملت عبء صد الحملات الاعلامية والسياسية التي قادتها جهات معينة حاولت صرف النظر عن الحدث نفسه، ولم تجد في المونديال مناسبة لتشجيع الرياضة والتقارب المجتمعي، بقدر ما وجدت فيها فرصة لمواقف التحدي وفرض رؤيتها على الآخرين.
صعود الفرق العربية
تحول المونديال من حدث قطري إلى حدث عربي بفضل الانتصارات الكروية غير المسبوقة التي حققتها فرق عربية فاجأت العالم بالتغلب على بعض أكثر الفرق قوة وشهرة في تحقيق الانتصارات، إذ تغلب الفريق السعودي على الفريق الأرجنتيني ثم تغلب الفريق التونسي على الفريق الفرنسي، وأخيراً تغلب الفريق المغربي على المنتخب الإسباني ثم تغلب على فريق البرتغال ليصبح أول فريق عربي وأفريقي يصل إلى مرحلة نصف النهائي في مباريات المونديال.
لم تكن هذه الانتصارات لوحدها كافية لكي يفوز فريق عربي بكأس العالم، إذ أن تحقيق ذلك يجب أن تسبقه سنوات من التدرج ومن الاستثمارات السخية في اللاعبين وفي اللعبة وفي الأندية وفي الرياضة عموماً، وانتصار الأرجنتين مثلاً أو فرنسا هو ثمرة لثقافة كروية راسخة كما إنه ثمرة سنوات طويلة من التوظيف والاستثمار والدعم بحيث بات التفوّق في كرة القدم جزءاً أساسياً من التراث الشعبي لتلك البلدان بل ومن هويتها الوطنية.
لم نعد متفرّجين
لكن العرب اجتازوا في مونديال قطر حاجزاً نفسياً مهماً وهو أنهم باتوا للمرة الأولى لاعبين جديين ومنافسين حقيقيين بعد أن كانوا متفرجين على الفرق المتنافسة وأول الخارجين من المنافسات، وهذا تحول كبير ومؤشر على بلوغ الفرق العربية مستويات من الاحترافية والقدرة على الهجوم والدفاع وتسجيل الأهداف لم تصل إليها من قبل، وذلك نتيجة تزايد الاهتمام الحكومي والأهلي بتبني اللعبة والإنفاق السخي عليها وايضاً نتيجة بروز المواهب الكروية العربية في الملاعب، وانتقال العديد منها إلى اللعب في أندية أوروبية متقدمة ما أكسبها خبرة كبيرة ظهرت أثناء اللعب مع منتخبات بلادها.
زمن جديد
إن في العالم العربي مستثمرين مستعدين للاستثمار في الفرق الكروية العالية الاحتراف، لكن لم يكن هناك من يريد الاستثمار في فريق خاسر أو غير مهيىء للفوز. أما الآن، فإن الانتصارات التي تحققت تخلق حوافز حقيقية لاهتمام الحكومات وكذلك لتقدم المستثمرين المحترفين لتبني فرق واعدة ودعم مسيرتها، وقد بدأ بعض هؤلاء وكذلك الصناديق السيادية منذ سنوات، الاستثمار في الأندية الكروية الأوروبية وحققوا في حالات عدة أرباحاً ضخمة بفضل تقدم فريقهم في المنافسات وتحقيقه لانتصارات ترفع تصنيفه وقيمته السوقية.
ومن المرجح أن أداء الفرق العربية في مونديال قطر، سيمثل قوة دفع كبيرة لاهتمام الحكومات، وكذلك لاهتمام الرعاة-المستثمرين باللعبة في الملاعب العربية وهو ما قد نرى نتائج ملموسة له في المنافسات الكروية المختلفة، ولاسيما منافسات المونديال القادم.
الكرة الجامعة
أظهرت تجربة كأس العالم في قطر أن العرب يجتمعون في إبداء الحماس والفرحة لانتصارات الفرق العربية بغض النظر عن بلدها وفي تجاهل تام لما قد تولده اختلافات السياسة من تباعد وعصبيات. وقد كانت مؤثرة فعلاً مشاهد الفرح والاحتفال العفوي بكل هدف أو انتصار يحققه فريق عربي، وهي مشاهد كانت تنتقل إلى ملايين المتابعين العرب الذيي يتابعون المونديال عبر الشاشات في بلدهم وفي الشوارع والساحات، وكان لافتاً للانتباه مثلاً أن يلف أمير قطر نفسه بالعلم السعودي وسط فورة الفرح العارمة بانتصار فريق المملكة على الأرجنتين، وأن يحتفل العالم العربي والمهاجرين العرب في كل مكان بانتصار الفريق المغربي وانتقاله إلى الدور نصف النهائي.
ولقد عانى العرب ولا يزالون من العنصرية والتمييز السلبي ولاسيما من قبل الدول الغربية على يدّ الدول الغربية لذلك هم تحولوا إلى مواجهات كرة القدم وحمّلوا فرقهم الشابة المسؤولية الجسيمة للفوز والعودة إلى الوطن بانتصارات تغذي روح الثقة الوطنية كما توفر الحوافز لتعميم روحية الإنجاز والفوز والتقدم في الميادين كافة.
وكما تحول جمهور المشجعين العرب إلى تظاهرات عفوية في دعم الفرق العربية، فإنه تحول في الوقت نفسه إلى تظاهرة تأييد عفوية في دعم فلسطين التي لم تتمثل بفريق كروي لكنها تمثلت بالمشجعين العرب الذين كانوا يلوحون بأعلام فلسطين في المدارج والساحات والأسواق المحيطة بالملاعب.
في انتظار المونديال المقبل
على سبيل الختام يمكن القول إن العرب الذين يستعدون لمتابعة المواجهة الحاسمة على كأس العالم اليوم الاحد، سيتابعون هذه المناسبة بعين جديدة ومشاعر جديدة. فهذا المونديال لم يعد مناسبة للآخرين تجري بعيداً عنهم يشاهدونها عبر الشاشات بل كمناسبة من مناسبات العرب، يشاركون فيها العالم كصانعين وكمساهمين أساسيين في نجاحها. لقد أصبحوا ببساطة شركاء في هذا الاحتفال الرياضي الكوني وهم سيسعون لنيل حصتهم من حصاده في المونديال القادم وما يتعداه.
الأكثر قراءة
-
منتجع وسبا فندق إنديغو الجبل الأخضر: أكثر من مجرّد وجهة للإقامة الفاخرة
-
صافي أرباح "لولو للتجزئة" الإماراتية يرتفع 126% خلال الربع الثالث 2024
-
"مبادلة" الإماراتية تعزز تعاونها مع "سافران" الفرنسية في صناعة الطيران
-
ساعة Tradition Chronographe Indépendant 7077: قياس دقيق للوقت بلون العلامة "الأزرق المكثّف"
-
"طلبات" الإماراتية تجمع ملياري دولار من عوائد طرحها العام الأولي في سوق دبي