اول الانباء السارة في 2023: الصين خرجت من عزلة كوفيد
اول الانباء السارة في 2023: الصين خرجت من عزلة كوفيد
- أحمد عياش
ما هو مألوف في مطلع كل سنة جديدة، ان تطل التوقعات سواء من قارئ الكف والابراج او من الخبراء. فكيف كانت هذه التوقعات الاقتصادية بالنسبة للعام 2023 الذي ما زال في مستهل اول أسبوعيّن منه؟
قبل الاجابة على هذا السؤال، لا بدّ من التوقف عند الحدث العالمي في بداية العام الجديد في بلد بلغ تعداد سكانه عند إعداد هذا المقال 1,453,310,953 (ما يزيد على مليار و453 مليون نسمة)، بناء على إعداد Worldometer لأحدث بيانات الأمم المتحدة. بالطبع، البلد المعني هنا هو الصين الذي لا يمثل البلد الاول في العالم من حيث تعداد السكان فحسب، وإنما هو ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية. أما الحدث المشار اليه، فهو وفق تقرير لوكالة رويترز في 10 كانون الثاني/يناير الحالي، ما ذكرته وسائل إعلام رسمية صينية من أن أجزاء كثيرة من الصين تجاوزت بالفعل ذروة الإصابات بفيروس كوفيد-19 مع تقليل المسؤولين من خطورة التفشي رغم المخاوف الدولية بشأن حجمه وتأثيره.
وقال ملخص لصحيفة هيلث تايمز، التي تديرها صحيفة الشعب اليومية، الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي، إن الإصابات آخذة في الانخفاض في العاصمة بكين والعديد من المقاطعات الصينية. ونقل عن مسؤول قوله إن نحو 90 مليون شخص أصيبوا بالفعل في إقليم خنان.
وينتشر الفيروس بحرية في الصين منذ تحول السياسة في أوائل كانون الأول/ ديسمبر بعد الاحتجاجات ضد نظام "صفر COVID" الذي تم فرضه بلا رحمة لمدة ثلاث سنوات، وقد أعادت الصين فتح حدودها يوم الأحد في الثامن من الشهر الحالي، وأزالت آخر القيود الرئيسية.
وتقول رويترز ان عمليات الإغلاق المتكررة والاختبارات التي لا هوادة فيها والمستويات المختلفة من القيود المفروضة على الحركة منذ أوائل العام 2020 أدت إلى وصول ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى واحد من أبطأ معدلات النمو منذ ما يقرب من نصف قرن وتسبب في ضائقة واسعة النطاق.
في سياق متصل، كتبت صحيفة النيويورك تايمز تحت عنوان "مع رفع الصين للضوابط الحدودية الوبائية، مشاعر مختلطة في الداخل والخارج"، تقول: "الأصدقاء والعائلات يخططون للم الشمل. السياح يحجزون الرحلات الجوية. ولكن وسط الترقب، هناك نفحة من القلق". واضافت ان "فتح الصين حدودها بالكامل لأول مرة منذ بدء جائحة الفيروس التاجي، سهّل على الأجانب الحصول على تأشيرات للعمل ولم الشمل والدراسة ومعالجة طلبات جوازات السفر الصينية وتصاريح هونغ كونغ، تماماً مع بدء فترة السفر للعام القمري الجديد، حيث عادة ما يكون الموسم الأكثر ازدحاماً..".
وتابعت الصحيفة الأميركية: "تحرص الدول في جميع أنحاء العالم على الترحيب بعودة السياح الصينيين الذين ينفقون 250 مليار دولار سنوياً في الخارج، لكن اختفاءهم المفاجئ في أوائل العام 2020، عندما علّقت الصين المجموعات السياحية وحزم السفر، أغرق العديد من المرشدين السياحيين ومنظمي السفر في الإفلاس. كان التأثير محسوساً بشكل حاد في أماكن مثل تايلاند واليابان وكوريا الجنوبية".
وتتوقع تايلاند استقبال نحو 300 ألف زائر صيني في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2023، حسبما قال يوثاساك سوباسورن، حاكم هيئة السياحة في البلاد. وقال: "لا يوجد سوى 15 رحلة في الأسبوع مقارنة بما قبل كوفيد، حيث يوجد نحو 400 رحلة في الأسبوع". قبل الوباء، كان ما يقرب من مليون سائح صيني يزورون كل شهر.
في المقابل، انتقد خبراء تحدثت اليهم صحيفة الشرق الأوسط التوقيت الذي اختارته الصين للتخلي عن سياسة "صفر كوفيد"، بالتزامن مع دخول فصل الشتاء، حيث تزيد فرصة انتشار الأمراض التنفسية، لكن القرار الذي اتخذ مؤخراً، بإلغاء آخر ضوابط تلك السياسة، وهو إلغاء الحجر الصحي الإلزامي للمسافرين الوافدين من الخارج، ربما يكشف عن اضطرار الصين لذلك تحت ضغط الأزمة الاقتصادية. وبدأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي تبلغ قيمته 17 تريليون دولار، في إظهار علامات على العودة إلى الحياة في اليوم التالي لقرار الحكومة تفكيك آخر اجراءات نظام "صفر كوفيد" القاسي الذي سعى للسيطرة على الفيروس على حساب إبقاء البلاد معزولة.
لا جدال في ان عودة الصين الى العالم تعني فوراً انتعاش الطلب في سوق الطاقة باعتبار ان هذا البلد هو المستهلك الأول لمنتجات الطاقة على أنواعها والتي تمثل الرئتيّن اللتيّن يتنفس بهما هذا الاقتصاد العملاق، وهذا ما يقودنا الى التوقعات بشأن هذه السوق في العام الحالي.
تحت عنوان "العالم على مشارف 2023 " تقول مجلة "الايكونوميست" في عدد خاص ان هناك "نظام طاقة عالمياً جديداً بالكامل آخذاً في الظهور، لكنه ينطوي على بعض التنازلات غير المريحة".
وفي سياق متصل، وتحت عنوان "كان هذا العام بداية التحول الأخضر" كتب د. ليا سي ستوكس وهو أستاذ مشارك في العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا في النيويورك تايمز انه منذ ما يقرب من نصف قرن، تحدث العالم عن الإقلاع عن إدمانه على الوقود الأحفوري. ومع ذلك، عاماً بعد عام، ما زلنا عالقين مع نظام الطاقة القديم"، مضيفاً :"عواقب هذا التأخير تقع علينا الآن، مع أزمة المناخ التي تخترق بابنا الأمامي".
في الوقت نفسه، استمر الاهتمام بطاقة الاندماج التي شهدت تطوراً تاريخياً في نهاية سنة 2022. وتحت عنوان "نحن بحاجة إلى طاقة الاندماج لتعزيز نهاية اللعبة المناخية لدينا" كتبت د. سابين هوسنفيلدر، وهي فيزيائية ومؤلفة ومنتجة لقناة يوتيوب "العلوم بدون الهراء" في النيويورك تايمز أيضاً حول ما جرى في 5 كانون الاول /ديسمبر، حيث تم إطلاق 192 ليزر في منشأة الإشعال الوطنية في مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا، في طلقة متزامنة على أسطوانة ذهبية بحجم حبة الهلام. وقالت :"بدقة رائعة، ركزت الكبسولة ضوء الليزر على حبة من الهيدروجين المجمد. ولجزء من الثانية، تجاوزت درجة الحرارة في الهيدروجين تلك الموجودة في قلب شمسنا، ما أجبر نوى ذرات الهيدروجين على الاندماج مع بعضها بعضاً".
في موازاة ذلك، قال باتريك فوليس، محرر الشؤون التجارية، في الإيكونوميست :" عام 2022 تسببت صدمة الطاقة في حدوث فوضى في أوروبا ومعظم أنحاء العالم، ما أدى إلى تأجيج التضخم وجعل الركود أكثر احتمالاً. في العام 2023، سيظل العالم يتصارع مع أسواق النفط والغاز غير المستقرة، ولكنه سيضاعف أيضاً جهوده لإنشاء نظام طاقة أرخص وأنظف وأكثر أماناً. وقد تميّز عصر الوقود الأحفوري في القرن العشرين بالعديد من الصفقات في الطاقة الاحفورية، لكن في العام 2023، ستبرم معظم الدول اتفاقيتين جديدتين: على المدى القصير سيتبنون الاستثمار في الوقود الأحفوري في مقابل الأمن. وعلى المدى الطويل، سيتبنون سياسة صناعية تقودها الدولة في محاولة لتسريع بناء مصادر الطاقة المتجددة".
وبحسب تعبير فوليس، فإن الأزمة الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا كانت "مؤلمة"، مشيراً الى انه "بحلول أيلول سبتمبر 2022، كان ثلث معدل التضخم في العالم الغني البالغ 9 في المئة يعزى إلى الطاقة. وقد أجبر خنق الرئيس فلاديمير بوتين لإمدادات الغاز إلى أوروبا الشركات والمستهلكين على خفض الاستهلاك بنسبة 10 في المئة على أساس سنوي وأثار مخاوف من تراجع التصنيع".
وتوقع الكاتب انه في العام 2023، "ستظل أسواق الطاقة العالمية محمومة. ومن خلال استنفاد صهاريج تخزين الغاز، فإن أوروبا ستنجح في الوصول إلى الربيع. ولكن بحلول ذلك الوقت سيكون من الواضح أن سنوات من التقشف في مجال الطاقة تلوح في الأفق: فقد زودت روسيا 36 في المئة من الغاز في أوروبا. وحتى الوتيرة المتسارعة لواردات الغاز الطبيعي المسال في أواخر العام 2022 لم تعوّض سوى ثلث ذلك، وإذا انتعش الاقتصاد الصيني في العام 2023، فإن طلبها على النفط والغاز سيرتفع، ما يضغط على الأسواق العالمية أكثر. لذا سيتزايد الزخم لإنشاء نظام طاقة أفضل".
إذاً، التوقعات التي طالعتنا العام الماضي بما يعنيه انتعاش الاقتصادي الصيني، ها هي أنباء اكبر بلد في العالم سكانياً تبشر ان اقتصاده قد بدأ فعلاً مسيرة الانتعاش. انها إشارة واعدة يحتاج اليها العالم في بداية الـ 2023 والذي خرج من العام 2022 مثخناً بالجروح من حرب أوكرانيا التي ما زالت تنزف حتى الآن.
الأكثر قراءة
-
الملتقى الاقتصادي التركي - العربي الخامس عشر: لمزيد من التعاون المشترك بين تركيا والبلدان العربية
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال