بعد أوكرانيا.. غزة تدفع أسعار النفط الى الأعلى
بعد أوكرانيا.. غزة تدفع أسعار النفط الى الأعلى
- أحمد عياش
أتت حرب غزة التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، لتصطف جنباً إلى جنب حرب أخرى لا تزال حرائقها مندلعة منذ 24 شباط/فبراير العام 2022. وفي الحرب الجديدة، كانت أسعار النفط تتجه صعوداً فيما كانت هي أصلاً بدأت تتجه إلى الارتفاع في الأسابيع الماضية لأسباب تتعلق بأسواق الطاقة نفسها.
ومن نماذج المرحلة الجديدة، ما أشارت إليه وكالة "رويترز" في 13 تشرين الأول/أكتوبر حول ارتفاع النفط بنسبة 6 في المئة تقريباً بعدما اشتد وطيس حرب غزة. ولفتت النظر الى تسجيل برنت أعلى مكاسبه الأسبوعية منذ شباط/ فبراير الماضي مع ترقب المستثمرين احتمال اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط. واستقرت العقود الآجلة لخام برنت على ارتفاع 4.89 دولارات، أو 5.7 في المئة، عند 90.89 دولار للبرميل. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 4.78 دولارات أو 5.8 في المئة إلى 87.69 دولار للبرميل، وسجل كلا المؤشرين أعلى مكاسبهما اليومية بالنسبة المئوية منذ نيسان/أبريل الماضي.
كما سجل برنت مكاسب أسبوعية بنسبة 7.5 في المئة، وهي أكبر زيادة من نوعها منذ شباط/فبراير، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 5.9 في المئة خلال الأسبوع.
وعزز الأسعار التحرك الأميركي يوم الخميس الماضي لفرض العقوبات الأولى على مالكي الناقلات التي تحمل نفطاً روسياً بسعر أعلى من الحد الأقصى لمجموعة السبع البالغ 60 دولاراً للبرميل، في محاولة لسد الثغرات في الآلية المصممة لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.
وروسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم ومصدر رئيسي وقد يؤدي تشديد الرقابة الأميركية على شحناتها إلى تقليص الإمدادات.
وقال أندرو ليبو، رئيس شركة Lipow Oil Associates. :"تتوقع سوق النفط أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات أكثر صرامة على كل من روسيا وإيران، وهذا سيؤدي إلى انخفاض في الإمدادات".
في موازاة ذلك، أبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، مشيرة إلى علامات على مرونة الاقتصاد العالمي حتى الآن هذا العام وتوقعت المزيد من مكاسب الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
وعلى صعيد الإمدادات الأميركية، أضاف الحفارون هذا الأسبوع أربع حفارات نفطية في أكبر زيادة أسبوعية منذ آذار/ مارس.
وفي وقت سابق، لفتت النيويورك تايمز الانتباه الى ان أسعار النفط كانت تنخفض مرة أخرى، ثم بدأت الحرب في الشرق الأوسط. بعد الاقتراب من 100 دولار للبرميل هذا الصيف، انخفضت أسعار النفط الخام بشكل كبير في الأسبوع الماضي على أمل تراجع الطلب. وكتب كليفورد كراوس في الصحيفة في التاسع من الشهر الجاري :"لا يتم إنتاج النفط في منطقة غزة، وتنتج إسرائيل كمية صغيرة فقط من النفط لاستخدامها الخاص، كما أشار محللو الطاقة. لكن الخبراء حذروا من أن الأسعار قد ترتفع إذا انتشر القتال في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط "، ولفت تقرير الصحيفة الأميركية الى ان "أي توسع في المعارك ستكون له تداعيات محتملة على أسواق النفط"، وفقاً لمذكرة أصدرها مركز "سيتي لأبحاث الاستثمار".
أسواق الطاقة في خطر؟
وأصبحت الآن أسواق الطاقة في خطر بعد حدث جيوسياسي مذهل، مثلما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي العام الماضي. كما قالت أيضا كليرفيو إنرجي بارتنرز ، وهي شركة تحليلات ، في مذكرة بحثية: "الحرب في الشرق الأوسط يمكن أن تكون صعودية بشكل عام للنفط الخام" ، خاصة إذا طال أمد الصراع.
وعلى الرغم من أن إنتاج النفط الأميركي والكندي والبرازيلي قد ارتفع في السنوات الأخيرة، إلا أن الخليج العربي لا يزال مصدراً رئيسيا ونقطة عبور لما يقرب من واحد من كل خمسة براميل من إمدادات النفط العالمية، وخصوصاً إلى آسيا.
وهنا لا بد من التوقف عند حدث نفطي، تمثل بأطلاق الأمانة العامة لـ"أوبك"، من العاصمة السعودية الرياض "رؤية النفط العالمي 2045" ، وذلك خلال افتتاحية إطلاق نشرة آفاق البترول العالمية السنوية 2023 للأمانة. وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، خلال افتتاحية الإطلاق، يوم في التاسع من الشهر الحالي إن أعضاء "أوبك بلس" يتقاسمون فاتورة تكلفة براميل النفط بشكل متساو. وسبق هذا الإعلان الاجتماع الذي عقده وزراء الطاقة والبترول لدول "أوبك بلس"، البحرين والعراق والكويت وعمان والسعودية والإمارات والأمين العام لمنظمة "أوبك"، في الرياض أيضاً. واتى هذا الاجتماع على هامش فعاليات أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2023.
صندوق النقد الدولي والاقتصاد العالمي
وفي أحدث تقرير من الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش، المغرب، قال الصندوق في بداية الأسبوع الماضي إن وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي تتباطأ في تحذير جاء في الوقت الذي تهدد فيه حرب جديدة في الشرق الأوسط بقلب الاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من عدة سنوات من الأزمات المتداخلة. ويواجه المسؤولون الذين خططوا للتعامل مع الآثار الاقتصادية المتبقية لوباء كورونا وحرب روسيا في أوكرانيا الآن أزمة جديدة. وقال أجاي بانغا، رئيس البنك الدولي: "الاقتصادات في حالة حساسة .إن شن الحرب ليس مفيدا حقا للبنوك المركزية التي تحاول أخيرا إيجاد طريقها إلى هبوط ناعم". وكان بانغا يشير إلى الجهود التي يبذلها صانعو السياسات في الغرب لمحاولة تهدئة التضخم السريع دون التسبب في الركود. لكن بانغا قال أيضاً إن تأثير الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي محدود حتى الآن أكثر من الحرب في أوكرانيا. وأدى هذا الصراع الروسي الاوكراني في البداية إلى ارتفاع أسعار النفط والغذاء ما عكر صفو الأسواق العالمية نظرا لدور روسيا كأكبر منتج للطاقة ووضع أوكرانيا كمصدر رئيسي للحبوب والأسمدة.
كيف تبدو آفاق هذه المرحلة نفطيا؟ تجيب لوكريزيا ريتشلين، الأستاذة في كلية لندن للأعمال والمديرة العامة السابقة للأبحاث في البنك المركزي الأوروبي بسؤال آخر: "السؤال الرئيسي هو ما الذي سيحدث لأسعار الطاقة". تشعر السيدة ريتشلين بالقلق من أن ارتفاعا آخر في أسعار النفط سيضغط على الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى لزيادة أسعار الفائدة، والتي قالت إنها ارتفعت بسرعة كبيرة جدا. وفيما يتعلق بأسعار الطاقة، قالت السيدة ريتشلين: "لدينا جبهتان، روسيا والآن الشرق الأوسط".
من ناحيته، قال بيير أوليفييه جورينشاس ، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي :"نرى اقتصادا عالميا يسير على قدم وساق ، وهو ليس يركض بعد". وأشار إلى التقلبات الأخيرة في أسعار السلع الأساسية كمشكلة. "الموضوع الأوسع هنا هو التفتت الجيواقتصادي، وهو أمر موجود معنا، ونرى علامات متزايدة على ذلك، ونحن قلقون من أنه قد يؤدي أيضا إلى إبطاء النشاط الاقتصادي العالمي."
كيف بدت أسعار النفط في بداية الأسبوع الثاني لنشوب حرب غزة؟ وفق رويترز استقرت العقود الآجلة لخام برنت فوق 90 دولارا للبرميل الاثنين في 16 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، بعد أن تجاوزت العتبة المقررة اليوم الجمعة السابق في الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون لمعرفة ما إذا كان الصراع سيجذب دولا أخرى. وقام المستثمرون بتسعير احتمال نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط. وتشكل الحرب الجارية حاليا في غزة أحد أهم المخاطر الجيوسياسية على أسواق النفط منذ الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي. وقال جون إيفانز المحلل في PVM"": "لا يزال الوضع مائعا وقبيحا بالنسبة للتنبؤ بالأسعار مع فرصة ضئيلة للعودة إلى سوق طبيعية نسبيا ، مهما كان ذلك بعد COVID / أوكرانيا".
انها حرب أخرى، بدأـ ترخي بثقلها على أسعار النفط. والامر المألوف في زمن الحروب، هو ان لا نتوقع انخفاض الأسعار. وهذا الامر ينطبق بدقة على سلعة النفط.
مؤسسات
الأكثر قراءة
-
تعاون بين "أدنوك" و"مصدر" و"مايكروسوفت" في مجالي الذكاء الاصطناعي والحلول منخفضة الكربون
-
المصارف المركزية الخليجية تخفّض أسعار الفائدة بعيد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
-
الأرباح المعدلة لـ"فيرتغلوب" تبلغ 496 مليون دولار في 9 أشهر
-
أرباح "أوراسكوم للتنمية مصر" ترتفع 25.7% خلال الربع الثالث 2024
-
منتجع وسبا فندق إنديغو الجبل الأخضر: أكثر من مجرّد وجهة للإقامة الفاخرة