تسييل دولارات المودعين في لبنان قيد القرار ... يا كمّون
تسييل دولارات المودعين في لبنان قيد القرار ... يا كمّون
- علي زين الدين
مجدداً، خابت آمال المودعين في البنوك اللبنانية بصدور قرار رسمي، يقضي بتقليص هامش الاقتطاع الكبير الذي يتكبدونه في سحوباتهم الشهرية من حساباتهم الدولارية، مستبدلة بسعر 15 الف ليرة لكل دولار، بينما استقرت مجمل المدفوعات العامة والخاصة على السعر الساري البالغ 89.5 الف ليرة.
وبدت مواقف الأطراف المعنية وتقاذف مسؤولية حمل القرار، أشبه بسجال بيزنطي لا يسمن بشيء عن وضوح مرجعية السلطة التنفيذية بالقرار النافذ او بالمبادرة الى اقتراح مشروع قانون معجّل مكرر ريثما يتم التنظيم الأشمل عبر قانون "الكابيتال كونترول" الموعود بلا آمال ايضاً، وبالمثل لا يغني حتماً عن العوز الحقيقي الذي يعانيه عشرات الآلاف من المتقاعدين ومدخري "القرش الأبيض"، في ظل الاختلالات الحادة لقدرات الاستجابة للاحتياجات المعيشية، والتي تتطلب مداخيل نقدية لا تقل عن 50 مليون ليرة بالحد الأدنى شهرياً.
ومن البديهي في ظل هذه المعطيات، أن يرتفع منسوب التوجس في اوساط المودعين من التمادي في تأخير الترجمة العملانية لوعد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي برفع سعر الدولار المصرفي بنهاية شهر أيار/مايو، ولاسيما بعد "تغييب" الموضوع عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وبالتالي سقوط المخرج المرجّح عبر الارتكاز الى قرار حكومي جامع بناء لعرض مرفق بالاسباب الموجبة تتقدم به وزارة المال، وبما يكفل تغطية تردّد الوزير يوسف الخليل باتخاذ القرار المنشود بالانفراد.
ويفترض، حسب المعلومات المتداولة، أن يجري اعتماد سعر 25 الف ليرة للدولار الواحد بديلاً من 15 الف ليرة الساري حالياً من دون سند قانوني، بعد انتهاء صلاحية التعميم الخاص الرقم 151 أوائل العام الحالي واستبداله بإتاحة الحصول على 150 دولاراً نقدياً ( بنكنوت)، مما يقتضي بالترابط تحديد سقف جديد للسحوبات المحددة بما يصل الى 1600 دولار من القيود الدفترية لحسابات المودعين، أي ما يماثل 24 مليون ليرة شهرياً.
ومع تعميم "التطنيش" وتعذّر الحصول على اجوبة شافية لدى المرجعيات المعنية، ولاسيما وزارة المال والسلطة النقدية والمصارف المعنيّة بتأمين السيولة، تصرّ حاكمية البنك المركزي على عدم حمل تبعات إقرار اي سعر صرف جديد يختلف عن السعر الساري في ميزانيته وميزانيات القطاع المالي، وهو ذاته السعر السوقي البالغ 89.5 الف ليرة لكل دولار.
وبدورها، تنتظر المصارف حسم الموضوع من قبل الحكومة مباشرة أو باتفاق مفترض بين وزارة المالية ومصرف لبنان، سنداً الى المادة 229 من قانون النقد والتسليف التي تنصّ على أنه على وزارة المالية تحديد سعر الصرف القانوني للدولار بالتشاور مع السلطة النقدية.
وبالتوازي، تم رصد اشارات مهمة وذات صلة مباشرة بقرب اعتماد سعر معدّل للدولار المصرفي، حيث تبيّن، ووفق معلومات خاصة، أن إدارة مؤسسة عامة لديها وفرة بالليرة، عمدت إلى إجراء عمليات هندسة مالية مع عدد من البنوك، تمّ من خلالها شراء دولارات مصرفية مقابل ضخّ سيولة بالليرة بسعر أعلى بنحو 30 في المئة، أي نحو 20 الف ليرة للدولار "المصرفي" من حسابات الأموال الخاصة للبنوك المشاركة.
وفي إجراء تحوّطي لتحقيق عوائد اضافية مرتقبة بعد الرفع الرسمي لسعر الصرف الخاص بالمودعين، ترافق تنفيذ هذه العمليات مع إنشاء حسابات جديدة بالدولار المصرفي ومنتجة لفوائد تصل الى 7 في المئة سنوياً لصالح المؤسسة المعنية، مقابل تكفّلها بضخّ مبالغ مساوية رقمياً بالدولار المصرفي في الحساب عينه ولآجال محددة، يجري بعدها تحويل المبالغ إلى أرصدتها لدى البنك المركزي.
كما لوحظ أن البنك المركزي طلب من المصارف تزويده باللوائح البيانية لعمليات السحوبات المنفّذة من الحسابات الدولارية بسعر 15 الف ليرة خلال الشهر الماضي، مما أثار تكهنات في الأوساط المصرفية بقرب اتخاذ القرار الرسمي لرفع السعر التبادلي، وبحيث يتيح تحييد المبالغ الدولارية المشتراة عن تحقيق فوارق ربحية فورية.
وعلى مستوى أشمل يستهدف توسيع اوجه الانفاق من شرائح الودائع المحتجزة، يرتقب تضمين مشروع قانون موازنة العام المقبل مادة خاصة تسمح للمودعين سداد مستحقات ضريبية ورسوم خدمات عامة عبر البطاقات المصرفية المربوطة بحسابات الادخار، ومن دون التأثير على سقوف السحوبات النقدية المحددة حالياً بمبالغ 400 و300 دولار للمستفيدين من التعميم 158، والمتاح لأصحاب الحسابات الدولارية القائمة ما قبل منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2019، و150 دولاراً لما بعد هذا التاريخ.
ويندرج في هذا النطاق، مبادرة النائب غسان حاصباني، باسم تكتل "الجمهورية القوية"، باقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى استيفاء الدولة أجزاء من الضرائب والرسوم المتوجبة على المكلّفين وفق سعر الصرف الفعلي في السوق بالنسبة للحسابات القائمة قبل انفجار الازمات المالية والنقدية.
ويتيح الاقتراح للمكلّف في حال إقراره بصيغته المرفوعة، دفع ضريبته من حسابه العالق في المصرف، بخاصة في ما يرتبط بضريبة الارباح والاملاك المبنية الى حدود تعادل 5 مليارات ليرة، على ان يتم تمكينه التحويل بسعر السوق من حسابه بالعملة الأجنبية.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال