ارتفاع استخدام الفحم والنفط يدفع بالوقود الأحفوري وانبعاثاته إلى مستويات قياسية في 2023

  • 2024-06-25
  • 09:23

ارتفاع استخدام الفحم والنفط يدفع بالوقود الأحفوري وانبعاثاته إلى مستويات قياسية في 2023

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

خلُصت النسخة الثالثة والسبعين من تقرير المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية الصادر أخيراً عن معهد الطاقة بالتعاون مع كل من "كيه بي إم جي" و"كيرني" والذي يقدم -لأول مرة- بيانات الطاقة العالمية الكاملة للعام 2023، إلى خمس نتائج رئيسية هي:

أولاً، وجود استهلاك عالمي عالي للطاقة مع ارتفاع استخدام الفحم والنفط اللذين دفعا بالوقود الأحفوري وانبعاثاته إلى مستويات قياسية. فقد شهد إجمالي استهلاك الطاقة الأولية في العالم أعلى مستوى قياسي على الإطلاق، إذ ارتفع بنسبة 2 في المئة مقارنةً بالعام 2022 إلى 620 إكساجول. ووصل استهلاك الوقود الأحفوري العالمي إلى مستوى قياسي جديد، مرتفعاً بنسبة 1.5 في المئة إلى 505 إكساجول، ويُعزى سبب ذلك إلى ارتفاع استخدام الفحم بنسبة 1.6 في المئة، والنفط بنسبة 2 في المئة إلى أعلى من 100 مليون برميل لأول مرّة، بينما استقرّ استهلاك الغاز. وبالنسبة إلى إجمالي الاستهلاك، انخفضت نسبته بشكل طفيف إلى 81.5 في المئة مقارنةً بـ 82 في المئة في العام الماضي، كما ولأول مرة، تجاوزت انبعاثات الطاقة 40 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، بعد ارتفاعها بنسبة 2 في المئة.

ثانياً، دفع الطاقة الشمسية والرياح توليد الكهرباء المتجددة عالمياً إلى مستوى قياسي جديد. فقد ارتفع إنتاج الكهرباء المتجدّدة، باستثناء الطاقة الكهرومائية، بنسبة 13 في المئة ليحقق رقماً قياسياً عالمياً بلغ 4748 تيراواط في الساعة. ويُعزى هذا النمو بالكامل تقريباً إلى الطاقة الشمسية والرياح ويمثل 74 في المئة من إجمالي صافي الكهرباء الإضافية المولَّدة. وكنسبة من إجمالي استخدام الطاقة الأولية، شكّلت المصادر المتجدّدة (باستثناء الطاقة الكهرومائية) 8 في المئة، أو 15 في المئة بما في ذلك الطاقة الكهرومائية.

ثالثاً، تعزيز الصراع الدائر في أوكرانيا إعادة توازن الغاز في أوروبا، حيث شهد الطلب الأوروبي على الغاز انخفاضاً بنسبة 7 في المئة بعد تراجعه بنسبة 13 في المئة  مقارنة بالعام 2022. وتراجعت حصة روسيا من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز إلى 15 في المئة، منخفضة من 45 في المئة في العام 2021، إذ تجاوزت واردات الغاز الطبيعي المُسال واردات الغاز المنقول عبر الأنابيب إلى أوروبا للعام الثاني على التوالي.

رابعاً، من المرجح أن يكون الاعتماد على الوقود الأحفوري في الاقتصادات المتقدّمة الرئيسية قد بلغ ذروته، فلأول مرة منذ الثورة الصناعية، انخفضت نسبة الوقود الأحفوري في أوروبا إلى ما دون الـ 70 في المئة من إجمالي مزيج الطاقة الأولية، ويرجع سبب ذلك إلى انخفاض الطلب ونمو الطاقة المتجدّدة. وشهد استهلاك الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة انخفاضاً بنسبة 80 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة الأولية.

خامساً، تعاني الاقتصادات النامية من صعوبة الحدّ من استهلاك الوقود الأحفوري، بينما تتسارع وتيرة الطاقة المتجدّدة في الصين. فقد شهد استهلاك الوقود الأحفوري في الهند ارتفاعاً بنسبة 8 في المئة، إذ شكّل الوقود الأحفوري الجزء الأكبر من إجمالي نمو الطلب، وبلغت حصته 89 في المئة من إجمالي الاستهلاك. ولأول مرة، استُخدم الفحم في الهند أكثر من أوروبا وأمركا الشمالية مجتمعتَين، كما تراجع استهلاك الطاقة الأولية في إفريقيا بنسبة 0.5 في المئة في العام 2023. ويشكّل استهلاك الوقود الأحفوري نسبة 90 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة، بينما لم تتجاوز مساهمة المصادر المتجدّدة (باستثناء الطاقة الكهرومائية) 6 في المئة من الكهرباء. وبعد التعافي التام من كوفيد، ارتفع استخدام الوقود الأحفوري في الصين إلى مستوى قياسي جديد بنسبة 6 في المئة. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال حصّته من إجمالي الطاقة الأولية تشهد انخفاضاً منذ العام 2011 إلى 81.6 في المئة في العام 2023. وساهمت الصين بنسبة 55 في المئة من إجمالي الزيادات في توليد الطاقة المتجدّدة عالمياً في الماضي، أي أكثر من باقي دول العالم مجتمعة، كما تجاوزت أوروبا -لأول مرة- على أساس حصّة الفرد من الطاقة.

رئيسة معهد الطاقة جولييت دافنبورت أكدت أهمية الطاقة كمحرّك رئيسي للتقدم البشري، ودورها المحوري في بقائنا وازدهارنا. وأوضحت أن العام 2023 شهد ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة كنتيجة لارتفاع متوسّط درجات حرارة الأرض بنسبة تقترب من 1.5 درجة مئوية ليصبح العام الأكثر دفئاً على الإطلاق منذ بدء رصد درجات الحرارة، ممّا أدّى إلى تفاقم تأثيرات تغيّر المناخ على مختلف أنحاء العالم.

وأشارت إلى أنه وفقاً لتقرير المراجعة الإحصائية لهذا العام، شهد العام 2023 ازدياداً ملحوظاً في استخدام الوقود الأحفوري وانبعاثات قياسية من استهلاك الطاقة، ولكنه شهد أيضاً إنتاجاً قياسياً للطاقة المتجدّدة، مدفوعاً بنمو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي باتت أكثر قدرة على المنافسة. 

وأوضح بدوره الرئيس التنفيذي لمعهد الطاقة نيك وايث أنه على الرغم من بطء تقدّم عملية التحوّل، إلا أن المشهد العام للطاقة في العالم يُظهر تنوّعاً ملحوظاً بين مختلف المناطق الجغرافية. ففي حين تُظهر المؤشرات إلى وصول الطلب على الوقود الأحفوري إلى ذروته في الاقتصادات المتقدّمة، لا تزال اقتصادات الجنوب العالمي تسعى إلى الاعتماد على هذه المصادر لدفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحسين نوعية الحياة.

وأضاف نائب الرئيس ورئيس قسم الطاقة والموارد الطبيعية في شركة كيه بي إم جي في المملكة المتحدة سايمون فيرلي أنه على الرغم من أن مساهمة المصادر المتجدّدة قد وصلت إلى مستوى قياسي جديد هذا العام، إلا أن ارتفاع الطلب العالمي المتزايد على الطاقة أدى إلى استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي حافظ على حصّته التي تزيد قليلاً عن 80 في المئة لعام آخر. وأكد أنه مع وصول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات قياسية، بات من الضروري مضاعفة الجهود المبذولة في خفض انبعاثات الكربون، وتوفير التمويل والإمكانات لبناء المزيد من مصادر الطاقة المنخفضة الكربون في دول الجنوب العالمي التي تشهد نمواً متسارعاً في الطلب على الطاقة.

وأشار الشريك والمدير الإداري لمعهد تحول الطاقة في كيرني رومان ديباري إلى أن مؤتمر الأطراف COP28 والخطابات الموجهة من قادة العالم بشأن تحوّل الطاقة تُظهر طموحاً لخفض اعتماد العالم على الوقود الأحفوري. ولفت الانتباه إلى أن هذا الطموح يظل بلا جدوى ما لم يقترن ببذل المزيد من الجهود واتخاذ إجراءات جذرية تؤدّي إلى إحداث تأثير حقيقي وفوري للحدّ من تغيّر المناخ.

 وأضاف قائلاً:" إنه مع اقتراب ارتفاع درجات الحرارة العالمية من 1.5 درجة مئوية، تصبح الحاجة إلى التحرّك أكثر إلحاحاً، آملاً أن يساعد هذا التقرير الحكومات وقادة العالم والمحلّلين على المضي قدماً برؤية واضحة لمواجهة التحديات، واتخاذ زمام المبادرة لتعزيز وتمكين استخدام الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم.