الشركات العقارية الإماراتية: المعروض السكني يقلّص الأرباح

انخفضت أرباح شركات التطوير العقاري الإماراتية المدرجة بنحو 16 في المئة في العام 2019 لتصل إلى 13.1 مليار درهم (3.6 مليار دولار) نتيجة تراجع الإيرادات وارتفاع التكاليف.

وتراجعت إيرادات القطاع في الإمارات بواقع 7 في المئة إلى 54.9 مليار درهم. وعلى الرغم من تراجع إيرادات شركات دبي بنحو 10 في المئة لتصل إلى 47.5 مليار درهم، إلا أنها ساهمت بنحو 87 في المئة من إجمالي إيرادات القطاع وهذه النسبة تتضمن احتساب مزدوج لإيرادات "إعمار العقارية" وشركاتها التابعة المدرجة أي "إعمار للتطوير" و"إعمار مولز"،  ومع استبعاد هذا الأثر، تنخفض مساهمة شركات دبي إلى 80 في المئة من إيرادات القطاع.

أمّا في أبوظبي فقد ارتفعت إيرادات شركات المدرجة بنحو 15 في المئة إلى 7.4 مليار درهم.

ويعود التراجع في الإيرادات بشكل أساسي إلى ارتفاع المعروض وتفوقه على الطلب خصوصاً القطاع السكني. فقد ارتفع إجمالي الوحدات السكنية المعروضة في دبي بمقدار 83 ألف وحدة ليصل إلى 555 ألف وحدة، وفقاً لتقرير جونغ لانغ لاسال. أما في أبو ظبي، فقد وصل عدد الوحدات المعروضة إلى 261 ألف مع انضمام أربعة آلاف وحدة إلى قائمة المعروضات.

ولم يكن إقرار قانون التملك الحر للمشترين الأجانب ونظام الإقامة الدائمة، كافياً لامتصاص المعروض ما دفع بالشركات إلى تقديم عروض ترويجية أدى إلى تراجع أسعار المبيع بنسب مختلفة فاقت 10 في المئة في بعض الحالات. كما عمد بعض الشركات إلى تقديم تسهيلات في الدفع وإعفاءات من الرسوم السنوية، وهي عوامل أدت إلى تحسن الطلب نوعاً منها، لكنها أدت في الوقت نفسه إلى ارتفاع التكاليف الذي قلّص هوامش الربحية.

استقرار نسبي في أداء الفنادق

وفي مقابل تراجع القطاع السكني، شهد القطاع الفندقي في أبو ظبي تحسناً نسبياً مع ارتفاع عدد النزلاء بنحو 2 في المئة إلى 5.1 مليون شخص وهو ما ساهم برفع نسب الإشغال والذي أثر ايجاباً على إيرادات القطاع. واستقر عدد الفنادق في أبو ظبي عند 168 فندقاً في العام الماضي بإجمالي 33 ألف غرفة، من دون أي تغير عن العام الذي سبقه.

 كذلك، ارتفع عدد النزلاء في فنادق دبي بنحو 5 في المئة إلى 16.7 مليون شخص إلا أن متوسط الاشغال سجل انخفاضاً هامشياً إلى 75 في المئة نتيجة ارتفاع المعروض. ووصل عدد الغرف الفندقية في دبي إلى 126 ألف غرفة، مرتفعاً بنحو 9 في المئة. وتأتي هذه الزيادة استعداداً لإكسبو 2020.

تراجع نسب الاشغال في المكاتب والمراكز التجارية

كذلك، تأثرت إيرادات القطاع سلباً نتيجة تراجع أداء قطاعي المكاتب والمراكز التجارية. وانخفض متوسط إشغال المكاتب إلى 72 في المئة في أبو ظبي و86 في المئة في دبي ما أدى إلى تراجع متوسط الايجار بنسب مرتفعة لامست 13 في المئة، وفقاً لجونغ لانغ لاسال. بدورها انخفضت أسعار الإيجار في المراكز التجارية بنسب وصلت حتى 20 في المئة نتيجة تراجع الطلب وانخفاض متوسط الإشغال.

النتائج الفردية

سجلت ثلاث شركات، من إجمالي تسعة، ارتفاعاً في الأرباح في 2019، في حين تراجع أداء ستة أخرى مع تسجيل ثلاثة منها خسائر سنوية وهي الاتحاد العقارية، داماك ومجموعة الشارقة نتيجة ارتفاع المصاريف التشغيلية.

وسجلت "الدار العقارية" أعلى نسبة نمو في الربحية بلغت 7 في المئة مع اتباع الشركة خطة بيعية تناسب متطلبات السوق وتقديم بعض الحسومات لفترة محدودة مثل ما حصل في أيلول/سبتمبر الماضي عندما أعلنت الشركة عن حسومات لمدة عشرة أيام فقط.

بدورها، ارتفعت أرباح إعمار العقارية بشكل طفيف إلى 6.2 مليار درهم بفضل تحسن العمليات الدولية لا سيما في الهند ومصر والذي عوض عن تراجع مبيعات الوحدات السكانية وقطاع الضيافة محلياً. وساهمت الشركة بنحو 47 في المئة من إجمالي أرباح القطاع.

وتجدر الإشارة، إلى أن العام الماضي كان قد شهد تبايناً واضحاً في أداء الشركات المدرجة في بورصتي أبوظبي ودبي.

نظرة مستقبلية

من المتوقع أن يستمر ارتفاع المعروض في الوحدات السكانية والفنادق خلال العام الحالي على الرغم من تراجع الأسعار، لا سيما أن معظم المشاريع كانت قد أُطلقت قبل عدة سنوات.  ويُعوّل المطورون على ارتفاع الطلب خلال فترة الاكسبو من قبل الأجانب لا سيما مع إقرار قانون التملك الحر للمشترين الأجانب.

وفي حين يؤدي انتشار فيروس كورونا إلى تراجع ملموس في حركة السياحة كما هي الحال في باقي دول العالم والذي سيؤثر سلباً على أداء الشركات خلال الشهور المقبلة، إلا أن بعض المستثمرين يرى فرصاً في القطاع العقاري الإماراتي وذلك لسببين، الأول يتعلق بجاذبية العقار في الإمارات مقارنة بالعديد من دول المنطقة خصوصاً أنها تتمتع باقتصاد متين واستقرار أمني وسياسي، وهي عوامل تجذب المستثمرين. أمّا الثاني فيرتبط بضيق الفرص الاستثمارية في باقي الأصول العالمية مثل السندات والمشتقات المالية والأسهم التي تمر بفترة تذبذب وتراجع واضحة نتيجة الخوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.