هل تصمد شركات الطيران أمام "كورونا"؟

  • 2020-03-22
  • 16:01

هل تصمد شركات الطيران أمام "كورونا"؟

  • زينة أبو زكي

إنها من دون أدنى شك الأزمة الأثقل وطأة على قطاع الطيران حتى الآن، الذي يعتبر الحلقة الأضعف لناحية التأثر بالتدابير التي تتخذها الحكومات لاحتواء انتشار وباء كورونا. وذلك لطبيعة القطاع من ناحية الازدحام والأماكن المغلقة والتنقل بين دول وبيئات مختلفة، فضلاً عن الوقت الطويل الذي يمضيه المسافر داخل الطائرات والمطارات.

وكان قطاع السفر والطيران أول من تأثر فور انتشار "كورونا" في الصين، ما دعا منظمة الطيران المدني الدولي"إيكاو" التابعة للأمم المتحدة حينها إلى الاعلان عن أن أرباح شركات الطيران العالمية ستسجل "تراجعاً محتملاً ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار". وأضافت أن "نحو 70 شركة طيران ألغت جميع الرحلات الدولية المتّجهة من وإلى البر الرئيسي إلى الصين، وإن 50 شركة طيران أخرى قلّصت عملياتها الجوية ذات الصلة". وأدت هذه الإجراءات " إلى انخفاض بنسبة 80 في المئة في سعة شركات الطيران الأجنبية للمسافرين مباشرة من وإلى الصين، وانخفاض بنسبة 40 في المئة في سعة شركات الطيران الصينية".

ولفتت إيكاو النظر إلى أن الربع الأول من العام الحالي قد يسجل "انخفاضاً بنسبة تتراوح ما بين 39 في المئة و41 في المئة في سعة الركاب، أي أقل بما بين 16,4 و19,6 مليون مسافر، مقارنة بما كانت تتوقّعه شركات الطيران". وأشارت المنظمة إلى أنه "قبل الوباء، كانت شركات الطيران تخطّط لزيادة طاقتها بنسبة 9 في المئة على الرحلات الدولية المتّجهة من وإلى الصين خلال الربع الأول من العام 2020 مقارنة مع العام 2019".

توقف الشركات الأوروبية

مع انتشار فيروس "كورونا" الذي صنفته منظمة الصحة العالمية "بالجائحة"،  شهد قطاع الطيران تدهوراً دراماتيكياً مع توجه عدد من شركات الطيران العالمية إلى تقليص عدد رحلاتها وخفض رواتب كبار موظفيها ومنح البعض الآخر إجازات غير مدفوعة للحد من التكاليف وبالتالي الخسائر، بالإضافة إلى توجه بعض البلدان إلى إغلاق مطاراتها ومرافئها وهو ما سوف يزيد من حجم الكارثة على قطاع النقل برمته.

فبعد الصين بدأت الأزمة تزحف نحو أوروبا حيث أعلنت شركات طيران أوروبية عدة أنها سوف تخفض رحلاتها بنسبة تصل إلى 90 في المئة وسط الانخفاض الحاد في الطلب على السفر جواً بسبب تفشي الفيروس.  وكشفت مجموعة لوفتهانزا الألمانية أنها ستسيّر 5 في المئة من رحلاتها المجدولة حتى 19 نيسان/أبريل المقبل، إذ يبدو أن تأثير تفشي فيروس كورونا على الشركة أكبر من المتوقع. كما لفتت الشركة  إلى أن هناك نحو 700 طائرة من بين أسطولها البالغ 763 طائرة على الأرض حالياً.

من جهتها، أعلنت مجموعة ايرفرانس – كاي أل إم أنها بدورها ستقلّص طاقتها الاستيعابية إلى ما بين 70 و90 في المئة خلال الأشهر المقبلة نتيجة تفشي الوباء المستجد، ما يعني أن الشركة سوف توقف العمل تماماً بأسطولها من طائرات A380 و B747. وأعلنت شركة "آي.إيه.جي" الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية، أنها ستخفض طاقتها الاستيعابية خلال شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو بنسبة 75 في المئة على الأقل. وقال الرئيس التنفيذي للشركة ويلي والش إنه يتوقع أن "يظل الطلب ضعيفاً خلال فترة الصيف".

كما قالت شركة "إيزي جت" البريطانية للطيران المنخفض التكلفة إنها قامت "بإلغاءات أخرى مهمة"، وأشارت الشركة إلى أن تعليق الرحلات "سوف يستمر على أساس متجدد في المستقبل المنظور ويمكن أن يؤدي إلى توقف غالبية أسطول "إيزي جت".

وتوقعت شركة "ريان إير" الإيرلندية للطيران المنخفض التكلفة توقيف معظم أسطولها عبر أوروبا خلال الأيام المقبلة، مع خفض طاقتها بنسبة تصل إلى 80 في المئة خلال الشهرين المقبلين من دون استبعاد التوقف الكامل للاسطول"، كما أعلنت شركة الطيران الاسكندنافية "ساس" أنها ستسرّح مؤقتاً 90 في المئة من العاملين فيها أي نحو 10 آلاف موظف وتوقف معظم رحلاتها، الأمر الذي دفع حكومات كل من بريطانيا، فرنسا، هولندا والمانيا إلى البحث في سبل دعم صناعة الطيران في أوروبا.

انتقال "العدوى" إلى أميركا

ومع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حظر السفر من وإلى أوروبا لمدة ثلاثين يوماً في خطوة لاحتواء انتشار "كورونا" ارتفعت اصوات استغاثة شركات الطيران الأميركية لتطالب الحكومة بمنحها حزمة مساعدات بقيمة 58 مليار دولار بما في ذلك قروض وضمانات قروض وإعفاءات ضريبية. وفي سياق متصل، طالبت "بوينغ" بدعم ومساعدات مالية بقيمة 60 مليار دولار. كما أشارت مصادر إلى أن شركة "إيرباص" سوف تتقدم بطلب مساعدات مالية حكومية إذا استمرت أزمة كورونا لأشهر عدة أخرى.

تدهور الأسهم

وكان من الطبيعي أن يترجم شلل حركة النقل الجوي بانخفاض في الأسهم، وقد وصف أحد الخبراء الوضع بالقول: "يبيع المستثمرون أسهمهم في أي شيء يتحرك". فبحسب مؤشر S&P 500 فإن قطاع الطيران شهد انخفاضاً في أسعار الأسهم بنسبة 45 في المئة، وانخفضت اسهم "يونايتد ايرلاينز" بنسبة 58 في المئة واسهم مجموعة الخطوط الأميركية، "دلتا ايرلاينز" و"ألاسكا ايرلاينز" و"ساوسويست ايرلاينز" بنسبة 33 في المئة، كذلك الأمر بالنسبة إلى أسهم الشركات الأوروبية إذ انخفضت آي أي جي بنسبة 25 في المئة، "رايان اير" 18 في المئة، "إيزي جت" 17 في المئة والنسبة نفسها لمجموعة ا"يرفرانس كي أل أم".

في ظل هذا الانخفاض الحاد في حركة النقل الجوي العالمي وتخبط شركات الطيران التي تواجه أزمة تخطت كل التوقعات، يستعد المسؤولون التنفيذيون لأسوأ السيناريوهات بما في ذلك انخفاض أعمق في الطلب أو تعليق شامل لمعظم الرحلات الجوية التجارية.

ويبقى السؤال ما هو مصير هذه الشركات؟ هل سيكون الإفلاس؟ فحتى لو تدخلت الحكومات وقدمت الدعم وبقي استمرار تفشي فيروس كورونا ستكون الدول عاجزة عن إنقاذ قطاعاتها الاقتصادية بما فيها قطاع النقل. الجواب يبقى بين يدي"كورونا" ووتيرة انتشاره أو انحساره.