لبنان: "المركزي" والمصارف يسدّان فراغ الدولة

  • 2020-03-25
  • 11:59

لبنان: "المركزي" والمصارف يسدّان فراغ الدولة

  • علي زين الدين

حسناً فعل رياض سلامة، فعندما تعجز الدولة عن المعالجة هو يبادر إلى سد الفراغ. كان المطلوب مبادرة لمساعدة الشركات على توفير السيولة لتمكينها من دفع رواتب للموظفين والمستخدمين، وهذا ما فعله مصرف لبنان، وغداً يأتي من يلوم المصرف على هذا العمل المطلوب، تماماً كما حصل بالأمس عندما وفّر الحوافز للاقتصاد عبر قروض الإسكان والصناعة وغيرها.

وحسناً فعلت جمعية المصارف، أن اطلقت مبادرتها من السراي الحكومية، وقدمت هبة بقيمة 6 ملايين دولار، كمساهمة في تأمين أجهزة طبية واستشفائية لمصلحة المستشفيات الحكومية لمعالجة المصابين بوباء "كورونا"، وقبلها كانت قناة "ام .تي . في" كسبت الرهان التكافلي وجمعت نحو 24 مليار ليرة للغاية ذاتها. وأيضاً يتحرك رجال أعمال وصناعيون وتجار وأطباء وبلديات وأندية وجمعيات لضخ ما أمكن من "إكسير" الضرورات في شرايين المجتمع المنهك مادياً والمسكون بهواجس الوباء والفقر والدولار المتفلت خارج أي قيود.    

في زمن البلاء بالوباء، تحرّكت أغلب الدول، بما تمثّله من ثقل مركزي وقوة التحكم والتدخل، لحماية المجتمعات والحد من التداعيات على الأسواق والمؤسسات الاستراتيجية التي يعوّل عليها في استعادة الحياة الطبيعية بعد اجتياز المرحلة الصعبة التي تضرب العالم من أقصاه إلى أقصاه. لا خلاف على أولويات الأمن الصحي والاجتماعي، ولا اختلاف على منهجيات التصدي والانقاذ عبر الدور المحوري للدولة.

لبنان لا يملك هذا " الترف " لدور الدولة المحوري، وبالأخص في شقه المالي، إذ تكاد موارد الخزينة لا تكفي لسد بند الرواتب والمخصصات للقطاع العام، لكن لا يعيب الحكومة أن تطلب معاونة المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد والبنك الدوليين، التي خصصت برامج بمليارات الدولارات لضخ التمويل المكافئ للاحتياجات الصحية والمعيشية الملحة. إيران لم تخجل بطلب 5 مليارات دولار وتونس طلبت نحو 400 مليون دولار، والعديد من الدول شرعت بإعداد ملفاتها.

بالتوازي، للبلد قطاعه الخاص المبادر، وله هيئات المجتمع المدني الناشط. قوتان تملكان، بالإقدام وبالوعي، قدرة التأثير في جبه تداعيات "الوباء" ومحاصرة أضراره جنباً الى جنب مع وزارة الصحة والكوادر الطبية والتمريضية في المستشفيات الحكومية والخاصة، وتستطيعان بالتكافل والتضامن مع الجهود الحكومية المرتقبة، اعادة تنقية المناخات وتلمس أفضل الخطط للخروج لاحقاً من واقع الإحباط الثقيل الذي سبق " كورونا " وتضاعف معه بضغوطه النفسية والعملانية.

قالها رئيس الحكومة حسان دياب للمصرفيين: "إن ما نمر به اليوم يحتاج إلى تضافر كل الجهود، من دون مزايدات، ولا حسابات. البلد كله يرزح تحت وطأة ضغوط قاسية، ولا يمكن لأي كان أن يحمل وحده عبء هذه الضغوط. حتى الدولة، في ظل إمكاناتها الحاضرة، يصعب عليها القيام بكامل واجباتها تجاه مواطنيها، ولذلك فإن الرهان هو على تكافل المجتمع اللبناني، والتعاون مع الدولة التي لا ملاذ إلا بها، باعتبارها الحاضن الوحيد لجميع أبنائها، من دون تمييز".

وقالها رئيس جمعية المصارف سليم صفير: "يجدد القطاع المصرفي التزامه خدمة الناس والعمل على كل ما يساهم بتخفيف معاناتهم. لا يهزم الوباء الا المناعة، ولا يمكن تجاوز المحن الا بالمناعة الوطنية التي اكتسبها لبنان عبر الأزمنة. فاللبنانيون جميعاً يذكرون أن الأسرة المصرفية ساهمت مرات عدة، في تاريخ لبنان الحديث، في التخفيف من آثار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، كما إنها وقفت إلى جانب الدولة والشعب في كل محنة وأزمة مرت بها البلاد. إن مبادرتنا اليوم هي واجب وطني وليست عملاً خيرياً أو منة من أحد. وليست إلا البداية وسيكون هناك مبادرات أخرى في الأيام القليلة المقبلة".