حقيقة ما جرى مع موظفي ABC لبنان
حقيقة ما جرى مع موظفي ABC لبنان
وزارة العمل تتحرك.. والخسارة من نصيب العمّال
- أدهم جابر
مجدداً تعود قضية صرف الموظفين اللبنانيين أو تعليق عقودهم أو تخفيض رواتبهم لتطلّ برأسها، فمنذ أشهر يلجأ العديد من الشركات والمؤسسات إلى عمليات صرف للعمّال أو تخفيض رواتبهم تحت ضغط الأزمة الاقتصادية المستمرة، ثم جاء فيروس كورونا ودفع الحكومة اللبنانية إلى إعلان "التعبئة العامة" الأمر الذي وضع الطرفين، الموظفون والشركات، في حال حرجة.
هذه المرة تتعلّق القضية بعشرات العمّال والموظفين في ABC لبنان، وللأخير قصّة خاصة مع موظفيه، يرويها متضررون من زاوية "ضيق الحال" و "قصر اليد". روايات تستند إلى معاناة عشرات العائلات ممن ينشدون الخبز "كفاف يوم" في زمن قحط لم يوفّر قطاعاً إلّا وأربكه حد الإنهاك، متسائلين: كيف يمكن أن يلقى ثقل الأزمة على كاهل من كانت ناقتهم وظيفة وجملهم راتب في آخر الشهر؟.. وفي المقابل للشركة رواية تسرد فصولها انطلاقاً من مشكلات خاصة بها وتحت عنوان: "من ساواك بنفسه ما ظلمك".
قصة، الحبكة فيها ملك إدارة مجمع استقوت في عز أزمة على موظفيها، مستغلة ظاهرة فيروس كورونا لتدرج تحت مظلة انتشاره، قراراتها بالصرف والخصم من الراتب من وجهة نظر بعض العمّال وأنصارهم، وهي قصة يعمّ فيها "العدل" بالنسبة إلى إدارة تؤكد أنها منحت الموظفين أكثر مما ينص عليه القانون، وبين وجهتي النظر تبقى "القطبة" مخفية في طيات ملف متشعب، ذلك أن للعمال ظروفهم وللشركة أيضاً.. فمن يحل العقدة؟
في وزارة العمل
الأربعاء أصدرت وزارة العمل بياناً أوضحت فيه تفاصيل حراكها لمتابعة ملف موظفي ABC، وتضمن موجزاً حول لقاء وزيرة العمل لميا يمين بمحامي الشركة وحيد عون بالإضافة إلى لقاء آخر مع مدير الموارد البشرية في شركة أزاديا AZADEA غروب عبد اللطيف صفي الدين، تمحور البحث مع عون حول ملف الموظفين، ومع صفي الدين حول ملف إقفال شركته لبعض فروعها، وورد في البيان أيضاً أنه تمّ الاتفاق على ضرورة التنسيق مع الوزارة قبل اتخاذ أي قرار يتعلّق بإنهاء عقود العاملين، وهذا بطبيعة الحال ينافي الحقائق حول قيام الشركة باتخاذ إجراءات في حق بعض العاملين، فمع من نسقت الشركة قبل اتخاذ قراراتها، خصوصاً أن البيان كان واضحاً لجهة ضمان حقوق العاملين؟
في معرض الإجابة على السؤال يؤكد محامي الشركة وحيد عون لـ "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" أنه لا حاجة إلى تقديم طلب تشاور مع الوزارة، لأن الشركة لم تقم بعمليات صرف للموظفين والعمّال وإنما خيرتهم بين الاستقالة مع نيلهم كل الحقوق المنصوص عليها بموجب القوانين وبين البقاء في الشركة مع ما تتطلبه الظروف الاقتصادية من إجراءات والتي من بينها تخفيض الراتب، مشيراً إلى أن البعض فضل الخيار الأول وخرج راضياً، أما البعض الآخر فلا يزال على رأس عمله.
من جهته، يجيب مصدر في وزارة العمل مشارك في "النقاشات" الدائرة بين مختلف الأطراف على السؤال نفسه قائلاً: "إن أي شركة تريد اللجوء إلى مثل هذه القرارات عليها أن تتقدّم بطلب تشاور مع وزارة العمل"، مؤكداً ما قاله عون بأن "الشركة لم تتقدم بالطلب المذكور" ، ويضيف لـ "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" أن المؤسف هو قيام بعض الأجراء بالتوقيع على براءات ذمة من دون الرجوع إلى الوزارة أو مجلس العمل التحكيمي فيها، وعلى هذا الأساس لجأت الوزيرة إلى استدعاء محامي ABC لمعرفة تفاصيل ما يجري وكان هدفها الأساسي حماية حقوق الموظفين، ليس عبر منحهم حقوقاً مالية فقط، بل المحافظة على وظائفهم بالدرجة الأولى، وفي الوقت نفسه المحافظة على عمل الشركة، وقد أبلغت الوزيرة المحامي بأن أي قرارات بإنهاء عقود الأجراء، من دون التشاور مع وزارة العمل، سيعدّ صرفاً تعسفياً يتعين على الشركة بموجبه إعادة الحقوق والاعتبار إلى الموظفين.
لكن ماذا لو استغلّ بعض الشركات الأزمة للتحايل على القانون؟ هنا يؤكد المصدر نفسه أن وزارة العمل لا تكتفي بالاستماع إلى ممثلي الشركة فقط، بل يتم بحث بياناتها المالية والتدقيق بتفاصيلها لمعرفة حقيقتها، وإذ يشدّد على أن مثل هذه القضايا لا يحلّ في جلسة واحدة، يستطرد قائلاً: "الإجراءات التحفيزية لمصرف لبنان في خصوص تعليماته للمصارف بمنح الشركات قروضاً بفائدة صفر، والتي هدفت إلى مساعدة الشركات على دفع الرواتب عن 3 أشهر قيد المتابعة من قبل الوزيرة، لأنها تصب في النهاية في مصلحة الأجراء والشركات". وهنا يعلّق عون موضحاً أن الشركة دفعت ما يتوجب عليها إلى الموظفين الذين فضلوا ترك العمل وبمعدّل أكبر من الذي ينص عليه حتّى قانون الصرف التعسفي، كاشفاً أنه في بعض الحالات "دفعنا ما يفوق التعويضات التي قد يطلبها المجلس التحكيمي في وزارة العمل"، أمّا بالنسبة إلى الإجراءات التحفيزية فيؤكد أن الشركة تفكر بالاستفادة من تلك القروض، وإن كانت تفضّل أوّلاً الحصول على مستحقاتها من المستأجرين لدى الشركة والذين لا يدفعون منذ شهور مضت.
احتيال
بين وزارة العمل و"الضمان" ثمة جهة هي المعنية الأساس في حقوق العمّال والموظفين، إنه الاتحاد العمّالي العام الذي لم يلجأ إليه أحد حتى اليوم لبحث القضية فبادر إلى التواصل مع الوزارة والجهات المعنية لمعرفة ما يجري مع موظفي ABC ، ويؤكد رئيس الاتحاد بالإنابة حسن فقيه لـ "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن الاتحاد يتابع الملف، مشيراً إلى أن "بعض الشركات استغل إعلان حالة التعبئة العامة وفسّرها على هواه من أجل صرف العمّال والموظفين، في حين كان الواجب عليه أن يعبّر عن الحد الأدنى من المسؤولية الاجتماعية خصوصاً أن لبنان يعيش أزمتين غير مسبوقتين"، ويكشف فقيه أن هناك شركات عدة لجأت إلى خطوات تجاه عمالها في سعيها للنيل من حقوقهم، إذ قام بعضها بحذف بدلات النقل وآخر بتقليص الرواتب إلى النصف، قائلاً: "نحن نعلم أن هناك أزمة لكن هذا لا يعني أن ندفع بالموظفين إلى حفرة الفقر، باختصار هذا احتيال، خصوصاً أن هناك شركات عمدت إلى استغلال الأوضاع الراهنة لصرف الموظفين القدامى الذين يعتبرون من ذوي الرواتب والمستحقات المالية المرتفعة".
إلى البطالة
ربما تحتاج قضية موظفي ABC إلى جلسات ونقاشات وزارية وغير وزارية عديدة، وربما للقضية جوانب مختلفة، فمن ناحية تعتبر الشركة أنها قامت بما يفرضه القانون عليها وأكثر، ومن ناحية أخرى فقد أصبح الملف لدى وزارة العمل، لكن المحسوم هو أن الخاسر سيكون الموظفون الذين سيتحوّلون، بتعويضات أو من دونها، إلى عاطلين عن العمل في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، مع ما سيترتب على ذلك من مشكلة اجتماعية باتت قاب قوسين أو أدنى من غالبية الشعب اللبناني، وعليه تبقى إجابة واحدة لمصدر معني بالملف: "هناك جهات عدة تتحمّل المسؤولية لكنها مسؤوليات غير فاعلة، لذا، لا تجد الحلول طريقها إلى التنفيذ لا عبر القوانين المرعية الإجراء ولا حتى بالاتفاقات الودية، نحن في ظروف استثنائية والقوانين الموضوعة على صعيد تنظيم علاقات الشركات والأجراء وضعت لمواكبة الأوضاع العادية، وهنا كان يتوجّب على الحكومة اللبنانية أن تتدخل من خلال إجراءات عاجلة وعملية وتشريعات جديدة، كما كان يتوجّب عليها أيضاً متابعة تعميم مصرف لبنان حول قروض الشركات بجدية أكبر، خصوصاً أن هذا التعميم لا يزال حتى الآن حبراً على ورق".
وبغض النظر، فإن ما يزيد الأمر خطورة هو البطالة المتفشية والتي ترتفع يوماً بعد الآخر بسبب الأزمة الاقتصادية وإجراءات كورونا، الأمر الذي دفع بالكثير من الشركات إلى التوقف عن العمل وإعلان الإفلاس مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات مأساوية على الموظفين، وكل ذلك في مقابل فشل الطبقة السياسية في السير بحلول ناجعة تضمن مسار التعافي والإصلاح ووضع حد للفساد المستشري وسوء الإدارة التي أدت إلى خسائر ضخمة تفوق المئة مليار دولار ودين فعلي يفوق 130 مليار دولار وبطالة وفقر، الأمر الذي بات يهدد ما تبقى من "الأمن الاجتماعي" للبنانيين في صميمه...
شركات
مؤسسات
أشخاص
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال