كيف تفاعلت البورصات العربية مع الأزمات؟

تشهد البورصات العربية، على غرار العالمية، موجة من الهبوط الحاد عاكسة أزمة إقتصادية هي الأسواء في العصر الحديث. ولكن خلال الأيام القليلة الماضية، أبدت البورصات نوعاً من الاستقرار النسبي وهي قد تمكنت بالفعل من تعويض بعض خسائرها. فهل يمكن اعتبار هذا التحسن نهاية للأزمة الحالية وهل ستتمكن البورصات من الارتداد إلى المستويات التي كانت عليها قبل تفشي فيروس كورونا عالمياً؟ أم أننا ما زلنا في وسط الانخفاض وقد نشهد موجة جديدة من التراجعات؟

لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى موقع "أولاً- الاقتصاد والأعمال" دراسة حول أداء البورصات العربية منذ بداية القرن الحالي، وكيف تأثرت بالأزمات السابقة وكم استمرت موجة الانخفاض ومراحل تطورها؟.

شملت الدراسة 10 بورصات عربية وهي البورصات الخليجية إضافة إلى كل من مصر والأردن والمغرب، وشهدت كل البورصات التي شملتها الدراسة ما لا يقل عن ثلاث أزمات خلال القرن الحالي.

وتراوحت مدة الانخفاض ما بين شهرين وأربع سنين تبعاً لحدة كل أزمة وقدرة البلد على التعاطي معها، فقد نجحت بورصة المغرب مثلاً بتخطي أزمة العام 2004 خلال شهرين فقط، كذلك الحال مع بورصة الكويت في العام 2006 ومسقط في العام 2014. في المقابل، استمرت بورصة البحرين بالانخفاض إلى أكثر من أربع سنوات نتيجة أزمة 2008 العالمية وما لحقها من تداعيات غيّرت أساسيات الاقتصاد البحريني والشركات المدرجة فيه، أما التراجعات في باقي البورصات فقد تراوحت ما بين 7 إلى 10 أشهر خلال أزمة 2008، وهي الأزمة الأقرب إلى تلك التي نشهدها اليوم. وخلال تلك الأزمة هوت مؤشرات البورصات العربية المشمولة بالدراسة بنسب تجاوزت بمعظمها 50 في المئة في حين أن نسب التراجع الحالية لا تزال أقل من ذلك بكثير وهي تقارب نحو 27 في المئة كحد أقصى.

إلى ذلك، ارتبط أداء جميع البورصات الخليجية ارتباطاً وثيقاً بتغير أسعار النفط واستمر التراجع حتى بعد استقرار النفط، ولم يتحسن أداء البورصات إلا بعد تعافي الطلب على النفط وتحسن أسعاره، وهو ما لم يحصل حتى الآن. فخلال العام 2015 مثلاً، استمر تراجع هذه البورصات لمدة تراوحت ما بين 7 و16 شهراً على الرغم من أن سعر النفط لم يصل إلى القاع الذي وصله خلال أزمة كورونا الحالية.

وفي دراسة لمنحى أداء المؤشرات خلال الأزمات وبعدها، يتضح أن هذه المؤشرات لم تتمكن من الارتداد مباشرة بعد انهاء الأزمة بل إن تحسنها تطلب وقتاً طويلاً، وعلى الرغم من أن جميع البورصات تمكنت من الارتفاع مجدداً بعد انتهاء الأزمة فإنها لم تتمكن جميعها من الوصول إلى القمة التي حققتها سابقاً. فقد تمكنت بورصتان فقط، وهما قطر ومصر، من الوصول إلى قمم جديدة أعلى من تلك التي سُجلت قبل حدوث الأزمة السابقة. فمثلاً، ارتفع مؤشر EGX30 إلى أكثر من 18 ألف نقطة خلال العام 2018 وهي أعلى قيمة يصل إليها أما مؤشرات أبو ظبي ومسقط والبحرين فقد تمكنت من العودة إلى مستويات العام 2008 ولكنها بقيت أقل من مستوى العام 2005. في المقابل، لم تتمكن كل من المغرب والأردن ودبي والكويت والسعودية من الوصول مطلقاً إلى المستويات السابقة. فمثلاً، بلغت القمة التي حققها المؤشر السعودي 20 ألف نقطة في العام 2006 أما قمة العام 2008 فكانت نحو 12 ألف نقطة وقمة العام 2014 قاربت 11 ألف نقطة فقط.