سد بسري في لبنان مجدداً: هل من بدائل؟
سد بسري في لبنان مجدداً: هل من بدائل؟
البنك الدولي يكرّر مطالبته للحكومة اللبنانية بإجراء حوار مع المعترضين
- كريستي قهوجي
عادت الى الواجهة مجدداً قضية السد المنوي إنشاؤه في مرج بسري لتأمين المياه إلى بيروت في ظل الظروف التي يمرّ بها لبنان وتوقف الأعمال في المرج نتيجة المعارضة الواسعة والاعتصامات المتتالية التي نفّذت داخله ما أدى إلى سحب المتعهد لكل آلياته بعيد انطلاق ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
واحتدت الأزمة بعد إعلان الحكومة اللبنانية، في بداية نيسان/أبريل الحالي، عن الاستمرار في أعمال البناء وموافقتها على الحصول على قرض إضافي من البنك الدولي الذي يموّل المشروع بقيمة 625 مليون دولار، علماً أن القيمة الإجمالية للمشروع تبلغ مليار و200 مليون دولار وتشمل إنشاء محطة للتكرير في منطقة الوردانية جنوب بيروت وأنفاقاً لجر المياه بين بسري والعاصمة.
وعلى الرغم من أن لبنان بلد غني بالمياه إلا أن الحاجة إلى تأمين هذا المورد الأساسي باتت ملحة بسبب النقص الحاد نتيجة الهدر والفساد والمحسوبيات في مؤسسات الدولة من جهة وغياب الخطط والسياسات المائية اللازمة على مدى 30 عاماً من جهة أخرى.
مشروع بسري: مشكلات متنوعة في مواجهة سد واحد
واجه مشروع سد بسري مشكلات عدة أبرزها وجود المرج في منطقة تضم فالقين زلزاليين كبيرين كانا قد تسببا بزلزال مدمر في خمسينات القرن الماضي. وعلى الرغم من الدراسات البيئية والهندسية التي قام بها مجلس الإنماء والإعمار بالتعاون مع مؤسسات دولية والتي أكدت أن بناء السد سيكون سليماً ولن يمس بالفالقين، تخوّف عدد كبير من أهالي منطقة جزين ومن الناشطين البيئيين من تحرك هذين الفالقين مجدداً وتسببهما بكوارث طبيعية في لبنان بشكل كامل. من ناحية أخرى، أظهرت دراسات المجلس التي جرت على كميات المتساقطات لفترة 60 عاماً، أن القدرة الاستيعابية للسد ستبلغ 125 مليون متر مكعب سنوياً من المياه المجمعة، وستكون كافية لجرها إلى بيروت بعد خلطها بمياه بحيرة القرعون عند محطة الوردانية، إلا أن هذه الأمور عززت المخاوف في قدرة السد على استيعاب هذه الكميات خصوصاً مع فشل مشاريع السدود في باقي المناطق. ومع تلوث مياه بحيرة القرعون، باتت الكميات التي ستجمع في سد بسري غير كافية لتغذية مدينة بيروت بشكل كامل.
على الرغم من عدم معارضته لمبدأ إنشاء السدود، يتخوّف نائب منطقة جزين ابراهيم عازار، في ظل غياب التطمينات من المعنيين، من عدم قدرة سد بسري على استيعاب المياه خصوصاً وأن نوعية التربة الموجودة في المرج غير مناسبة لما قد تسببه من سحب للمياه إلى باطن الأرض، بالإضافة إلى نوعية المياه التي ستصل إلى بيروت وهي مختلطة بمياه بحيرة القرعون الملوّثة في ظل عدم القدرة على تنظيفها وتنقيتها، مضيفاً أن موضوع الفوالق الزلزالية يشكل الهاجس الأكبر لدى الناس وسط غياب الدراسات العلمية، لافتاَ النظر إلى أن مشروع السد يهدد شركات الخدمات الموجودة في منطقة جزين خصوصاً وأن المياه التي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية ستحول الى السد.
ويرى عازار في حديث إلى موقع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن مشروع السد لا يزال قائماً من الناحية القانونية نافياً المعلومات عن نية البنك الدولي سحب القرض المخصص له، مشيراً إلى أن مجلس النواب في جلسته الأخيرة أحال مشروع قانون معجل مكرر لوقف العمل بالسد إلى اللجان النيابية لدراسته بعد سقوط صفة العجلة عنه، مضيفاً أن هناك عدداً من النواب أصبحت لديهم هواجس تجاه المشروع ويعملون على إعادة النظر فيه.
وبالتوازي، قام عدد من بلديات المنطقة بسحب موافقته على المشروع الأمر الذي يعتبره عازار قراراً ضاغطاً ومؤثراً على البنك الدولي خصوصاً أن البنك يهمه الرأي العام، مطالباً بتوضيحات علمية حول المشروع وتضمينها تطمينات للأهالي أو توقيف العمل في السد وتحويل المرج إلى محمية طبيعية.
وفي اتصال مع "أولاً-الاقتصاد والأعمال"، يعيد البنك الدولي التأكيد على موقفه السابق الذي أصدره في توصية مطلع الشهر الحالي والذي طلب فيها من الحكومة اللبنانية إطلاق حوار عام وشفاف لمعالجة الاعتراضات التي أثارها المواطنون ومؤسسات من المجتمع المدني حول مشروع سد بسري، معتبراً أن الحوار العام هو السبيل الوحيد لصون شراكة متينة بين الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات التمويلية. ويرى البنك أن المشروع يهدف إلى توفير مياه نظيفة وموثوقة لأكثر من 1.6 مليون شخص يعيشون في منطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان، بما فيهم 460 ألف شخص يعيشون على أقل من 4 دولارات في اليوم ويتكبدون حالياً 3 فواتير مختلفة للحصول على المياه، ومن الواضح أن البنك الدولي لا يرغب في زج نفسه بالنقاشات الداخلية حول الموضوع.
في المقابل، قام عدد كبير من معارضي مشروع السد بتحركات شعبية واسعة للمطالبة بالمحافظة على مرج بسري وتحويله إلى منتزه طبيعي على عكس المحميات الطبيعية التي يمنع الدخول إليها بشكل كامل، كما عمل ناشطون ومؤسسات من المجتمع المدني مع بعض بلديات ومخاتير القرى المجاورة للمرج على رفض هذا المشروع، علماً أن عدداً كبيراً منها قد سحب موافقته عليه بشكل كامل، بحسب ما يفيد الناشط كريم كنعان.
ما هي البدائل عن إنشاء السد؟
من المهم إيجاد بدائل عن مشروع سد بسري لتأمين المياه إلى بيروت وجبل لبنان لتفادي أضرار جسيمة ستلحق بالبيئة في الدرجة الأولى وبالإقتصاد بالدرجة الثانية، حيث يتوجّب على الدولة أن تعالج الهدر الحاصل في مياه الشرب التي يتم نقلها عبر شبكات شركات المياه، إذ إن 60 في المئة منها تذهب هدراً، بالإضافة إلى ضرورة تركيب عدادات ذكية في بيروت الكبرى وفي مناطق الاكتظاظ السكاني. وبحسب كنعان، فقد صدرت دراسات عدة حول النبع الموجود في منطقة جعيتا والتي أشارت إلى أنه يكفي منطقة بيروت بشكل كبير في حال تمت صيانته، بالإضافة إلى وجود عدد من الأنهر الممتدة على طول الساحل ما بين بيروت والجنوب حيث يمكن جر المياه منها إلى العاصمة أو حتى من خلال استغلال المياه الجوفية عبر وضع الدولة يدها على الآبار غير الشرعية الموجودة.
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال