استثمارات قطاع الطاقة بين الواقع المطلوب
استثمارات قطاع الطاقة بين الواقع المطلوب
- حنين سلّوم
بعد أشهر عدّة من تفشّي وباء كورونا الذي ساهم في تعطيل الاقتصاد العالمي، بدأت الحكومات تبحث عن الحلول المتاحة للنهوض بالاقتصاد ووضع أسس صلبة ومستدامة للمدى البعيد في آن واحد.
ومن بين أكثر القطاعات تضرّراً نجد قطاع الطاقة بشتّى أجزائه، فإذا بوكالة الطاقة الدوليّة (IEA) والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) تضعا خططاً لتوجيه ومساعدة الحكومات على اتخاذ القرارات الصائبة والمصيريّة في مهلة قصيرة.
وعلى الرغم من إطلاق الوكالتين خططهما بفرق أيّام معدودة وبأهداف متقاربة غير أنّ أحد أبرز الاختلافات كان حجم الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف. وبالحديث عن الاستثمارات، لا يمكننا التغاضي عن ذكر تراجع استثمارات شركات النفط والغاز عالميًّا إثر تراجع أسعار النفط إثر تزامن عوامل عدّة أبرزها تراجع الطلب وارتفاع المعروض. فكيف تبدو استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في قطاع الطاقة بعد انتشار الوباء وهل هي كافية؟
IRENA: استثمارات بقيمة تريليوني دولار سنويّاً في الطاقة المتجدّدة
نشرت الوكالة الدوليّة للطاقة المتجدّدة تقريراً في شهر حزيران/ يونيو تضمّن خطّة للتعافي بعد وباء كورونا للسنوات الثلاث المقبلة (2021 حتّى 2023) وللمدى المتوسّط في العقد القادم حتى سنة 2030، بحسب ما ورد في التقرير، ويمكن للإجراءات التي تتخذها البلاد أن تؤدّي إلى تحول دائم في مزيج الطاقة العالمي بحيث يتم ربط استراتيجيّات التعافي قصيرة الأجل بالأهداف المتوسّطة وطويلة الأمد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) واتفاق باريس المتعلق بالتغير المناخي. وفقاً للوكالة، إنّ التحول في قطاع الطاقة يساهم في بناء اقتصادات ومجتمعات مرنة، فعلى الرغم من تأثّر الطاقة المتجدّدة كبقيّة الاقتصاد غير أنّها أثبتت أنّها أكثر مرونة من أجزاء قطاع الطاقة الأخرى، كما من الممكن أن يؤدي ارتفاع الاستثمار إلى وضع توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة على المسار الصحيح للنمو أسرع بخمس مرات.
فضلاً عن ذلك، إنّ الاستثمار في تحويل الطاقة يساهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل في مرحلة الانتعاش الاقتصادي الممتدّة ما بين 2021 و2023. وقد توقّعت الوكالة أن كل مليون دولار مستثمر في مصادر الطاقة المتجددة سيخلق 25 وظيفة على الأقل، في حين أن كل مليون دولار مستثمر في كفاءة الطاقة سيخلق نحو 10 وظائف. ومقارنة بالخطط الحالية، إن تسريع التحول في قطاع الطاقة واستثمار تريليوني دولار سنويًّا قد يخلق 5.5 مليون وظيفة إضافية بحلول سنة 2023 مضيفاً نحو 1 في المئة إلى الناتج الإجمالي المحلّي ليكون قد وصل إجمالي الاستثمار التراكمي في الطاقة النظيفة خلال هذه الفترة إلى نحو 5.9 تريليونات دولار أميركي مقسّمة كما هو واضح الرسم البياني الدائري التالي:
أمّا على المدى المتوسّط، أي سنة 2030، يُظهر التقرير أنّ زيادة الإنفاق العام والخاص على أساس سنوي على الطاقة النظيفة إلى 4.5 تريليونات دولار يعزز الاقتصاد العالمي أي الناتج الإجمالي المحلّي بنحو 1.3 في المئة إضافية، وقد يخلق نحو 19 مليون وظيفة إضافية مرتبطة بتحويل قطاع الطاقة بحلول سنة 2030. في حال اتباع هذه الخطة، من المتوقّع أن تصل إجمالي الاستثمارات في الطاقة النظيفة إلى 49 تريليون دولار بشكل تراكمي بين عامي 2019 و2030 بينما تصل الأرباح المتراكمة في الناتج الإجمالي المحلّي خلال الفترة نفسها إلى 16 تريليون دولار.
وأخيراً فقاً للتقرير، إنّ الوظائف في مصادر الطاقة المتجددة وحدها يمكن أن ترتفع ثلاث مرّات لتصل إلى 30 مليون في حلول سنة 2030 وكل مليون دولار أميركي يتم استثماره في مصادر الطاقة المتجددة من المتوقع أن يخلق وظائف أكثر بثلاث مرات من الوقود الأحفوري.
APICORP:173-مليار دولار حجم انخفاض الاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
نشرت الشركة العربيّة للاستثمارات البتروليّة (APICORP) توقّعاتها للاستثمارات في قطاع الطاقة في الشرق الأوسط للفترة الممتّدة بين 2020 و2024. ووفقاً للتقرير، بشهد العالم اليوم أزمة ثلاثيّة على مستوى الصحة، الاقتصاد، والمال وهو ما أدّى إلى تخفيضات حادّة في النفقات الرأسماليّة في قطاع الطاقة لا تقل عن نسبة 20 في المئة خصوصاً أنّه من بين أبرز القطاعات المتضررّة في هذه الأزمة. ووفقا للتقرير، انخفضت حصة القطاع الخاص في استثمارات مشاريع الطاقة إلى 19 في المئة بعدما كانت قد بلغت 22 في المئة في توقعات العام الماضي.
وبعدما أعادت APICORP تقييم الاستثمارات تبيّن أنّ سنة 2020 قد خسرت الاستثمارات الأكبر إثر تفشّي وباء كورونا، فقد تراجعت استثمارات الشرق الأوسط في الطاقة بنحو 60 مليار دولار أميركي في النفط والغاز والكيماويات بينما ارتفعت الاستثمارات في الكهرباء. وفي حين توقّعت الشركة أن تتراجع الاستثمارات خلال 2022، 2023، و2024 أيضاُ إلّا أنّها توقّعت ارتفاعاً في الاستثمارات بنحو 20 مليار دولار سنة 2021. واللافت خلال السنوات الخمسة المقبلة هو ارتفاع الاستثمار في الكهرباء في ظل تراجع في استثمارات الكيماويّات.
وقد حدّدت APICORP الاستثمارات الملزمة (committed) في السنوات الخمس القبلة عند 343 مليار دولار أميركي، 41 في المئة منها في النفط. بينما بلغت الاستثمارات المخطّطة (planned) 32 في المئة منها في الكهرباء. وقد حصدت العراق النسبة الأكبر من الاستثمارات الملزمة بنحو 63 مليار دولار، غير أنّ احتمال التأخير أو الإلغاء على المدى القصير إلى المتوسط محتمل بشكل متزايد، وقد تلتها المملكة بنحو 55 مليار دولار. أمّا بالنسبة الاستثمارات المخطّطة، فقد تصدّرت المملكة بنحو 75 مليار دولار وتلتها الامارات العربيّة بنحو 66 مليار دولار.
وفي حين تراجعت الاستثمارات الملزمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 6 في المئة، ارتفعت في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2.3 في المئة لتعكس بذلك معدّل تنفيذ (execution rate) أعلى في هذه الدول. وأخيراً بما يختص بالطاقة المتجدّدة يبدو أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم تتأثر حتى الآن حيث لم تتغير المزادات المتعلّقة بالطاقة المتجددة بل على العكس قد يتم تسريع إصلاح القطاع بعد كورونا مع المزيد من التوليد الموزع من خلال الألواح الضوئية (PV) وتخزين الكهرباء وتعزيز الشبكة ونشر التكنولوجيا.
الأكثر قراءة
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال
-
صندوق النقد الدولي يحذر من النمو المتسارع للديون العالمية: لإجراءات عاجلة تكبح نموها
-
"بيورهيلث القابضة" الإماراتية تسجل صافي أرباح بقيمة 1.4 مليار درهم في 9 أشهر