السعودية تدخل المنافسة القوية لاختيار مدير منظمة التجارة العالمية
السعودية تدخل المنافسة القوية لاختيار مدير منظمة التجارة العالمية
صراع الجبابرة والحروب التجارية تعقد مهمة المدير العام الجديد
- رشيد حسن
في مبادرة جريئة قررت المملكة العربية السعودية دخول السباق المحتدم لاختيار المدير العام لمنظمة التجارة العالمية خلفاً للمدير الحالي روبرتو أزيفيدو الذي قرر الاستقالة قبل انتهاء مدته، ورشحت المملكة للمنصب وزير الاقتصاد والتخطيط السابق والمستشار في الديوان الملكي محمد مزيد التويجري لشغل المنصب الدولي الذي باتت له أهمية خاصة بسبب النزاعات المحتدمة بين الكتل التجارية الرئيسية في العالم.
نقاط قوة التويجري خبرته الاقتصادية والمالية
وانفتاح المملكة على العالم
وينضم المرشح السعودي إلى سبعة مرشحين آخرين يتنافسون على المنصب، من أبرزهم وزيرة خارجية كينيا أمينة محمد والتي شغلت في السابق أيضاً منصب وزيرة التجارة، كما ترأست مجلس منظمة التجارة الدولية، ومن المرشحين البارزين أيضاً نغوزي أوجنكو جويلا وزيرة المالية السابقة في نيجيريا والمسؤولة البارزة في البنك الدولي، وقدمت مصر أيضاً مرشحها وهو حميد محمود المسؤول السابق في منظمة التجارة الدولية، ورشحت كوريا الجنوبية وزير تجارتها يو ميونغ هي، كما رشحت المكسيك مفاوضها التجاري السابق جيزوس سياد كوري، وانضم مرشحان أيضاً أحدهما هو وزير التجارة البريطاني ليان فوكس وتيودور أوليانوفشي وزير الخارجية السابق لجمهورية مولدوﭭـا.
تأسست منظمة التجارة العالمية في العام 1995 بهدف التشجيع على زيادة المبادلات التجارية بين دول العالم، ومنع التمييز في التعامل التجاري أو تطبيق السياسات الحمائية الجائرة، وأنشأت المنظمة مجموعة آليات لحل الخلافات بما في ذلك هيئة للتحكيم في الخلافات التجارية مؤلفة من قضاة يتم تعيينهم لتوافق الدول الأعضاء، إلا أن المنظمة تعرضت مع الوقت لانتقادات مختلفة خصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية التي بلغ بها الأمر حد شل عمل المنظمة من خلال معارضة تعيين قضاة جدد في لجنة تحكيم النزاعات، وتطور الموقف السلبي الأميركي من المنظمة في عهد الرئيس ترامب إلى حد التهديد بوقف التعامل معها أو الانسحاب منها. وتسببت الحرب التجارية الأميركية-الصينية وبقية التوترات التجارية في العالم بالمزيد من الوهن في عمل المنظمة التي أنشئت بهدف التشجيع على العولمة وخفض الحواجز من أمام تدفقات السلع والأموال والأشخاص.
منظمة التجارة وصراع الجبابرة
لهذا السبب، فإن التحضير لانتخاب مدير عام جديد للمنظمة الدولية سيسلط الضوء على التحولات التي طرأت على دور المنظمة التحكيمي في مناخات متوترة، ستجعل أي مدير جديد عرضة للضغوط المتقاطعة والمصالح التي تزداد تصادماً، بل سيكون على أي مدير جديد أن ينجح في الإبقاء على علاقات جيدة مع ثلاث كتل تجارية متصارعة هي الصين وأوروبا والولايات المتحدة، وهو أمر يضعف هامش المبادرة الذي تملكه المنظمة ويجعل معالجة النزاعات الكبرى (مثل النزاع الأميركي-الصيني) رهناً بالمفاوضات المباشرة والصفقات التي يمكن للأطراف المعنية عقدها في ما بينها، من دون العودة إلى منظمة التجارية الدولية، أو أي شكل من أشكال التحكيم القانوني.
ومما لاشك فيه أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدّل الكثير من قواعد اللعبة في منظمات العولمة كافة بما في ذلك منظمة التجارة الدولية التي يأخذ عليها انحيازها ضد بلاده في الكثير من النزاعات التجارية التي كانت الولايات المتحدة طرفاً فيها، ويخشى البعض أن تعطل إدارة الرئيس الأميركي عملية الانتخاب نفسها (من خلال فيتو على المرشحين كافة) بسبب نيتها الانسحاب من المنظمة أو إضعاف سلطاتها، وقد اختارت إدارة الرئيس ترامب أسلوب ممارسة الضغوط واستخدام أسلحة الرسوم والإجراءات الحمائية من جانب واحد كبديل عن أسلوب التفاوض المتعدد الأطراف، وأثبتت واشنطن أنها قادرة في النزاعات الكبيرة، مثل نزاعها مع الصين، على تجنيد التأييد من أكثر الدول الغربية الباقية مثل بريطانيا وأستراليا وكندا.
الاحتمالات
تضم منظمة التجارة العالمية 160 دولة ويفترض أن تبدأ مشاورات حثيثة للاتفاق على مرشح تسوية قبل شهر أيلول/سبتمبر المقبل، وهو موعد مغادرة المدير الحالي أزفيدو لمنصبه، وفي حال عدم التوافق على مرشح أكثرية فإن واحداً من نواب المدير الثلاثة سيكلف بمهمات المدير العام، الأمر الذي سيؤدي في حد ذاته إلى جمود عمل المنظمة في المدى المنظور.
وحقيقة الأمر، أن الدول الأعضاء كافة يعتبرون الانتخابات الرئاسية الأميركية حدثاً مفصلياً بالنسبة إلى مستقبل المنظمة، لأن إعادة انتخاب ترامب قد يعني استمرار حالة الجمود والتهميش، بينما قد يوفر فوز المرشح الديمقراطي ظروفاً أكثر إيجابية لاستعادة المنظمة قسطاً من مكانتها ودورها في تنظيم التجارة الدولية.
وفي جميع الأحوال فإن أحد أبرز التحديات التي تواجه المدير الجديد هو إعادة تفعيل الآلية القانونية لفض النزاعات التجارية بين البلدان الأعضاء، وهي آلية عطلتها واشنطن من خلال منع تعيين قضاة أو محكمين جدد في الهيئة التحكيمية للمنظمة.
فرصة السعودية
يعتبر ترشيح المملكة العربية السعودية لمسؤول حكومي بارز لمنصب مدير منظمة التجارة العالمية سابقة مهمة تؤشر إلى مناخ الثقة بالنفس والسعي إلى إثبات وجود المملكة كشريك فاعل في الاقتصاد الدولي من خلال دور أقوى في منظماته ومؤسساته، كما إن المرشح السعودي يعتبر من المرشحين الأقوياء بسبب تجربته الحكومية الغنية خصوصاً في المجال الاقتصادي والمالي، إذ شغل منصب وزير الاقتصاد والتخطيط إلى جانب عضويته في مجلس الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من 2017 إلى 2020 وهو تولى أيضاً رئاسة برنامج التحول الوطني ورئاسة المركز الوطني للتخصيص فضلاً عن عضويته في مجلس إدارة شركة أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة وتوليه قبل ذلك مناصب إقليمية قيادية في بنك (HSBC) الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومصرف JP Morgan في المملكة العربية السعودية.
لكن ترشيح التويجري يستفيد أيضاً من الحياد السعودي وعلاقة الرياض الجيدة بالقوى الثلاث الكبرى المقررة (وهي الولايات المتحدة وأوروبا والصين) كما يستفيد من التحولات الكبرى التي يشهدها اقتصاد المملكة وسياسة الانفتاح الاستثماري والتجاري على العالم التي تعتبر من أبرز عناوين رؤية المملكة 2030 .
كل هذه العوامل تعزز صدقية المملكة كممثل للحرية الاقتصادية والتجارية كما تؤكد أهلية مرشحها لشغل المنصب الحساس لإدارة منظمة التجارة الدولية وسط الظروف الصعبة والتجاذبات غير المسبوقة التي تتعرض لها وكذلك النكسات التي أصابت مناخات التبادل الحر في التجارة الدولية في الفترة الأخيرة.
مؤسسات
أشخاص
الأكثر قراءة
-
المركزي الصيني: 98.5 مليار دولار تسهيلات إقراض متوسط الاجل
-
الخزانة الأميركية تعتزم بيع سندات طويلة الأجل بـ 183 مليار دولار الأسبوع المقبل
-
"جلف كابيتال" قوة استثمارية مؤثرة في الخليج وآسيا
-
ماذا تتضمن نشرة الإحصاءات الزراعية في السعودية لعام 2023؟
-
قطر: شراكة بين وزارة الاتصالات و"ستارتب جرايندر" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال