المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان: لتهديف الدعم لا ترشيده

  • 2020-12-05
  • 12:51

المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان: لتهديف الدعم لا ترشيده

حوار مع رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان شارل عربيد/ فيديو

  • كريستي قهوجي

وصل الوضع الاقتصادي في لبنان إلى أفق مسدود في ظل غياب الإصلاحات المالية والاقتصادية، وتراجع قيمة العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي، وتراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية في مصرف لبنان ما ستؤدي إلى رفع الدعم بشكل جزئي أو كامل عن المواد الغذائية والمحروقات والأدوية خلال فترة شهرين من اليوم، واستبدالها بسياسة البطاقات التموينية أو التمويلية المخصصة للأسر الأشد فقراً وإدخال البلاد في المزيد من الانهيارات الكارثية.

ومنذ اللحظة الأولى لبداية الأزمة الاقتصادية، تحرّك المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان لمواكبة التطورات حيث عقد العديد من ورش العمل والندوات في محاولة منه للوصول إلى الحلول الممكنة بهدف حماية الأمن الاجتماعي للمواطنين والمحافظة على ما تبقّى من قطاعات اقتصادية شبه مشلولة. وناشد المجلس جميع المسؤولين العمل لإيجاد "طاقة النور" في النفق الطويل الذي يمر به لبنان بهدف تخفيف الأزمات عن كاهل المواطنين.  وفي هذا السياق، يعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان شارل عربيد في مقابلة مع "أولاً- الاقتصاد والاعمال" أن البلاد تمر في وضع اقتصادي صعب في ظل تراكمات سياسية ومالية منذ أكثر من 4 سنوات، بالإضافة إلى ما نتج عن تداعيات جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، مشيراً إلى أن هناك توقفاً كلياً في حركة الانتاج والاستهلاك التي تشكّل أكثر من 70 في المئة من حركة الناتج المحلي.

 

انخفاض الناتج المحلي اللبناني

 

ويتوقع عربيد أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبنان من 53 مليار دولار إلى 20 ملياراً، لافتاً النظر إلى أن هذا التراجع يشكّل تغييراً بنيوياً في الاقتصاد اللبناني، موضحاً أن هذا الملف يبدأ من تصحيح الأزمة السياسية المتعثرة من خلال حصول تغيّر جذري يمكّن لبنان من تنفّس الصعداء اقتصادياً، عبر تشكيل حكومة قادرة وغير تقليدية والذهاب بخطاب موحّد إلى صندوق النقد الدولي للبدء بالعملية الإصلاحية وإعادة تكوين الاقتصاد الوطني.

ويطالب عربيد بمعالجة الوضع الاجتماعي خصوصاً وأن الشعب اللبناني يتجّه من حالة الفقر إلى حالة البؤس، مشدداً على ضرورة تأمين شبكات الأمان الاجتماعي واستمرارية المجتمع.

 

صعوبة في إعادة فتح أبواب المؤسسات

وحول إقفال المصانع والمؤسسات الصناعية، يعتبر أن الاقفال قسري وسط عدم قدرة المؤسسات على الاستمرار بسبب الأزمة مما يؤدي إلى تسريح موظفيها، مشيراً إلى أن معظم المؤسسات بدأت بالاستغناء عن اليد العاملة الأجنبية لخلق فرص لليد العاملة اللبنانية، محذراً من عدم قدرة المؤسسات على إعادة فتح أبوابها مجدداً، مرجعاً السبب إلى عدم قدرتها على البيع والتصدير بسبب غياب الثقة في البلد.

 

إقرأ: 
برغم الجائحة والأزمة الاقتصادية كارفور تفتتح فرعاً جديداً في لبنان

 

وحول رفع الدعم عن المواد الغذائية والمحروقات، يشدد عربيد على ضرورة تهديف عملية الدعم لمن يستحق من الطبقات الفقيرة والأكثر حاجة، وذلك من خلال وضع آليات محددة عبر بطاقات تمويلية أو تموينية لفترة مؤقتة، مضيفاً أن من يستفيد من عملية الدعم الحالية هم الميسورون والأجانب والمهرّبون وبعض الشركات الكبيرة الامر الذي يتكبّد الدولة خسائر جمّة يومياً.

كما يشدد على ضرورة تأمين سياسة اجتماعية واضحة وعقد اجتماعي بالإضافة إلى تحفيز الاقتصاد اللبناني والقيام بإجراءات سريعة بهدف اطلاق الاقتصاد من جديد، مضيفاً أن من له القدرة على الانتاج فليقم بدوره وأن يكون هناك تكافؤ للفرص عند الجميع.

 

مصرف لبنان لا يملك الأموال للإستمرار بعملية الدعم

 

وفي ظل فشل اللجان المشتركة خلال جلسة في مجلس النواب بالتوصل إلى حلول لموضوع ترشيد الدعم وكيفية التعامل مع تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي اللبناني، عقد المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعاً مؤخراً برئاسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حيث لم يتم مناقشة أي طروحات جدية تذكر، واقترح المجتمعون عقد لقاءات مع ممثلين عن الوزارات المعنية بالدعم لوضع خطة متكاملة قائمة على ترشيد الدعم بشكل كبير، بالإضافة إلى توجّه لوقف الدعم نهائياً عن المواد الغذائية واستبدالها ببطاقات تموينية تشمل المحروقات وخفض الدعم عن الأدوية.

 

إقرأ أيضاً: 
مستشفيات لبنان: رفع الدعم سيضاعف الفاتورة الصحية حتى 8 مرات!

 

وفي هذا السياق، يعتبر عربيد أن هذا الاجتماع هو لزوم ما لا يلزم خصوصاً أن مصرف لبنان لا يمتلك الأموال اللازمة للاستمرار بهذه العملية، وبالتالي فإن كل ما جرى في جلسة اللجان المشتركة أو في جلسة المجلس المركزي لمصرف لبنان هو غير جدّي، مضيفاً أن المصرف المركزي يتصرّف على أساس "من لا يملك يعطي من لا يستحق". ويوضح أن مصرف لبنان يدير المحافظ المالية والحسابات المالية للدولة ويضع سياساتها النقدية وهو بالتالي دوره تقني فقط ولا يقوم باستثمارات يجني أموالاً من خلالها.

 

ما هي الحلول المقترحة؟

 

وحول الحلول التي من الممكن أن يقدمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، يوضح أن هناك حلولاً واقتراحات على مستوى الاقتصاد الكلي والتي تتمثل باللجوء الى صندوق النقد الدولي، إعادة إصلاح قطاع المصارف من خلال بناء الثقة به، سن تشريعات وقوانين للإصلاحات من قبل مجلس النواب، وضع لائحة بالإجراءات السريعة المتعلقة بممارسة الأعمال اليومية وهي العلاقة مع الدولة ومع المصارف والعلاقات التعاقدية وتأمين شبكات الأمان الاجتماعية بالإضافة إلى تداعيات انفجار مرفأ بيروت.