المصارف الإماراتية: متانة وتحوط في جبه الجائحة

من ملف:

المصارف العربية بعد الجائحة: الأداء والتوقعات المستقبلية

تمكنت المصارف الاماراتية من تحقيق مؤشرات ايجابية خلال النصف الأول من العام الحالي، مكرسة النجاح المشهود في مسعاها للخروج من الأزمة التي خلفتها جائحة كورونا والتي بلغت ذروتها في شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل 2020، وحققت بذلك استجابة قوية لتعزيز المتانة المالية للقطاع وبما يتعدى المتطلبات التي أوصت بها الجهات الرقابية المحلية والدولية.

وسجلت المصارف الاماراتية، خلال شهر حزيران/يونيو، هدفين ثمينين تمثلا بارتفاع اضافي في الملاءة المالية الى جانب تنمية السيولة، وبذلك تحسن معدل الملاءة المالية للمصارف الاماراتية (Capital Adequacy Ratio) إلى 17.6 في المئة نهاية حزيران/يونيو مقارنة بنحو 16.9 في المئة نهاية آذار/مارس، وتحسن البند الأساسي الأول لكفاية رأس المال (Tier 1 Ratio) بنحو 60 نقطة أساس على صعيد فصلي إلى 16.4 في المئة.

بالتوازي، تظهر بيانات شهر يونيو ارتفاع إجمالي احتياطات المصارف لدى المصرف المركزي (Banks Reserve at The Central Bank) إلى 302 مليار درهم (82 مليار دولار)، وهو الارتفاع الشهري الأول منذ بداية أزمة كورونا في آذار/مارس الماضي.

وقد ترافق ذلك مع عودة السيولة إلى مستوياتها الطبيعية مع تراجع حدة الطلب على التمويل، مقابل ارتفاع الودائع والتي وصلت قيمتها الإجمالية إلى 1.8 تريليون درهم اماراتي مرتفعة بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي. وبلغت نسبة القروض إلى الودائع 88.5 في المئة نهاية النصف الأول من العام الحالي مقارنة بنسبة 87.7 في المئة في الفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يؤشر إلى توافر السيولة لدى الجهاز المصرفي وقدرته على مواصلة التمويل مستقبلاً.

وفي مؤشر على سياسة التحوط التي تتبناها، استمرت المصارف الاماراتية بحجز المزيد من المخصصات تجنباً لامكانية ارتفاع قيمة القروض المتعثرة بسبب الانكماش الاقتصادي الناتج عن اجراءات مكافحة تفشي فيروس كورونا، وقد قاربت القيمة الاجمالية للمخصصات من قبل المصارف المدرجة مستوى 14.7 مليار درهم في النصف الأول من العام، مرتفعة بنحو 146 في المئة على أساس سنوي، وكان هذا الدافع الرئيسي وراء تراجع الأرباح بنحو 39 في المئة على أساس سنوي إلى 14.3 مليار درهم في النصف الأول.

الاقتصاد الاماراتي

تأثر أداء المصارف المحلية بالنشاط الاقتصادي في دولة الامارات والذي شهد تراجعاً ملموساً خلال الربع الثاني بسبب عمليات الإغلاق التي بدأت في مارس واستمرت إلى مايو ضمن الجهود التي تبنتها الحكومة لاحتواء الجائحة.

وكون الاقتصاد الاماراتي يمثل محوراً إقليمياً للتجارة والسياحة والنقل، فقد تضرر جراء الحظر العام الذي فرض على السفر، في حين تقلص الإنتاج الصناعي بسبب اضطرابات سلاسل التوريد، وفرص التصدير المحدودة، وتراجع الطلب المحلي. ووفقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.8 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني، بعد ان كان قد سجل انكماشاً في الربع الأول بنسبة 0.8 في المئة، ويعتبر هذا أسوأ تراجع على الإطلاق يسجله الاقتصاد المحلي.

إلا أنه من المتوقع أن تساعد حزمات التحفيز والمبادرات التي اطلقتها الحكومة الاتحادية وحكومات مختلف الامارات على التعافي واستعادة النمو خلال المرحلة المقبلة والمتوقع ان ينعكس ايجاباً على مستويات الاستهلاك والاستثمار، ويتوقع البنك المركزي الاماراتي ان يسجل الاقتصاد المحلي انكماشاً بنحو 5.8 في المئة خلال العام الحالي.